الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّابِعَةُ: عَلَيْهِ مُقَابَلَةُ كِتَابِهِ بِأَصْلِ شَيْخِهِ وَإِنْ إِجَازَةً، وَأَفْضَلُهَا أَنْ يُمْسِكَ هُوَ وَشَيْخُهُ كِتَابَيْهِمَا حَالَ التَّسْمِيعِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْظُرَ مَعَهُ مَنْ لَا نُسْخَةَ مَعَهُ لَا سِيَّمَا إِنْ أَرَادَ النَّقْلَ مِنْ نُسْخَتِهِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَ مِنْ غَيْرِ أَصْلِ الشَّيْخِ إِلَّا أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ حَالَ السَّمَاعِ، وَالصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نَظَرُهُ وَلَا مُقَابَلَتُهُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَكْفِي مُقَابَلَةُ ثِقَةٍ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ، وَيَكْفِي مُقَابَلَتُهُ بِفَرْعٍ قُوبِلَ بِأَصْلِ الشَّيْخِ وَمُقَابَلَتُهُ بِأَصْلِ الشَّيْخِ الْمُقَابَلِ بِهِ أَصْلَ الشَّيْخِ، فَإِنْ لَمْ يُقَابِلْ أَصْلًا فَقَدْ أَجَازَ لَهُ الرِّوَايَةَ مِنْهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَآبَاءُ بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْبَرْقَانِيُّ، وَالْخَطِيبُ إِنْ كَانَ النَّاقِلُ صَحِيحَ النَّقْلِ، قَلِيلَ السَّقْطِ، وَنَقَلَ مِنَ الْأَصْلِ، وَبَيَّنَ حَالَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَمْ يُقَابِلْ، وَيُرَاعِي فِي كِتَابِ شَيْخِهِ مَعَ مَنْ فَوْقَهُ مَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِهِ، وَلَا يَكُنْ كَطَائِفَةٍ إِذَا رَأَوْا سَمَاعَهُ لِكِتَابٍ سَمِعُوا مِنْ أَيِّ نُسْخَةٍ اتَّفَقَتْ، وَسَيَأْتِي فِيهِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ آخَرُ فِي أَوَّلِ النَّوْعِ الْآتِي.
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ حَمْزَةُ الْكَتَّانِيُّ: كُنْتُ أَكْتُبُ عِنْدَ ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ دُونَ السَّلَامِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لِي: مَا لَكَ لَا تُتِمُّ الصَّلَاةَ عَلَيَّ.
(وَ) يُكْرَهُ (الرَّمْزُ إِلَيْهِمَا فِي الْكِتَابَةِ) بِحَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ، كَمَنْ يَكْتُبُ صَلْعَمْ (بَلْ يَكْتُبُهُمَا بِكَمَالِهِمَا) وَيُقَالُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ رَمَزَهُمَا بِصَلْعَمٍ قُطِعَتْ يَدُهُ.
[الرابعة يجب مقابلة كتابه بأصل شيخه وإن أجازه]
(الرَّابِعَةُ: عَلَيْهِ) وُجُوبًا كَمَا قَالَ عِيَاضٌ: (مُقَابَلَةُ كِتَابِهِ بِأَصْلِ شَيْخِهِ وَإِنْ إِجَازَةً) ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ قَالَا: مَنْ كَتَبَ وَلَمْ يُعَارِضْ كَمَنْ دَخَلَ الْخَلَاءَ وَلَمْ يَسْتَنْجِ، وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِابْنِهِ هِشَامٍ: كَتَبْتَ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ عَرَضْتَ كِتَابَكَ؟ قَالَ لَا، قَالَ لَمْ تَكْتُبْ، أَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ "، وَقَالَ الْأَخْفَشُ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
إِذَا نَسَخَ الْكِتَابَ وَلَمْ يُعَارِضْ ثُمَّ نَسَخَ وَلَمْ يُعَارِضْ خَرَجَ أَعْجَمِيًّا، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَفِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثَانِ مَرْفُوعَانِ، أَحَدُهُمَا: مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «كُنْتُ أَكْتُبُ الْوَحْيَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا فَرَغْتُ قَالَ اقْرَأْ، فَأَقْرَؤُهُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ سَقْطٌ أَقَامَهُ» ، ذَكَرَهُ الْمَرْزُبَانِيُّ فِي كِتَابِهِ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: ذَكَرَهُ السَّمْعَانِيُّ فِي أَدَبِ الْإِمْلَاءِ، مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:«كَتَبَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: كَتَبْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: عَرَضْتَ، قَالَ: لَا؟ قَالَ: لَمْ تَكْتُبْ، حَتَّى تَعْرِضَهُ فَيَصِحَّ» .
قَالَ وَهَذَا أَصْرَحُ فِي الْمَقْصُودِ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ. انْتَهَى.
قُلْتُ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ مَوَثَّقُونَ.
(وَأَفْضَلُهَا أَنْ يُمْسِكَ هُوَ وَشَيْخُهُ كِتَابَيْهُمَا حَالَ التَّسْمِيعِ) ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ أَنْقَصُ رُتْبَةً، وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ الْجَارُودِيُّ: أَصْدَقُ الْمُعَارَضَةِ مَعَ نَفْسِكَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ مَعَ أَحَدٍ غَيْرَ نَفْسِهِ، وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ، حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهُوَ مَذْهَبٌ مَتْرُوكٌ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْظُرَ مَعَهُ) فِيهِ (مَنْ لَا نُسْخَةَ مَعَهُ) مِنَ الطَّلَبَةِ حَالَ السَّمَاعِ، (لَا سِيَّمَا إِنْ أَرَادَ) النَّقْلَ (مِنْ نُسْخَتِهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَا يَجُوزُ) لِلْحَاضِرِ بِلَا نُسْخَةٍ (أَنْ يَرْوِيَ مِنْ غَيْرِ أَصْلِ الشَّيْخِ إِلَّا أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ حَالَ السَّمَاعِ) .
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا مِنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ التَّشْدِيدِ، (وَالصَّوَابُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ السَّمَاعِ (نَظَرُهُ، وَ) أَنَّهُ (لَا) يُشْتَرَطُ (مُقَابَلَتُهُ بِنَفْسِهِ بَلْ تَكْفِي مُقَابَلَةُ ثِقَةٍ) لَهُ (أَيَّ وَقْتٍ كَانَ) حَالَ الْقِرَاءَةِ أَوْ بَعْدَهَا، (وَيَكْفِي مُقَابَلَتُهُ بِفَرْعٍ قُوبِلَ بِأَصْلِ الشَّيْخِ وَمُقَابَلَتُهُ بِأَصْلِ أَصْلِ الشَّيْخِ الْمُقَابَلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
بِهِ أَصْلَ الشَّيْخِ) ; لِأَنَّ الْغَرَضَ مُطَابَقَةُ كِتَابِهِ لِأَصْلِ شَيْخِهِ، فَسَوَاءٌ حَصَلَ ذَلِكَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، (فَإِنْ لَمْ يُقَابِلْ) كِتَابَهُ بِالْأَصْلِ وَنَحْوِهِ (أَصْلًا فَقَدْ أَجَازَ لَهُ الرِّوَايَةَ مِنْهُ) ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ (الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ) الْإِسْفَرَايِنِيُّ. (وَآبَاءُ بَكْرٍ) بِلَفْظِ الْجَمْعِ فِي أَبَاءِ، وَهُمْ (الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَالْبَرْقَانِيُّ، وَالْخَطِيبُ) بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: (إِنْ كَانَ النَّاقِلُ) لِلنُّسْخَةِ (صَحِيحَ النَّقْلِ، قَلِيلَ السَّقْطِ، وَ) إِنْ كَانَ (نَقَلَ مِنَ الْأَصْلِ، وَ) إِنْ (بَيَّنَ حَالَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَمْ يُقَابِلْ) .
ذَكَرَ الشَّرْطَ الْأَخِيرَ فَقَطِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَهُوَ مَعَ الثَّانِي الْخَطِيبُ، وَالْأَوَّلُ ابْنُ الصَّلَاحِ.
وَأَمَّا الْقَاضِي عِيَاضٌ فَجَزَمَ بِمَنْعِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُقَابَلَةِ وَإِنِ اجْتَمَعَتِ الشُّرُوطُ.
(وَيُرَاعِي فِي كِتَابِ شَيْخِهِ مَعَ مَنْ فَوْقَهُ مَا ذَكَرْنَا) أَنَّهُ يُرَاعِيهِ (فِي كِتَابِهِ وَلَا يَكُنْ كَطَائِفَةٍ) مِنَ الطَّلَبَةِ (إِذَا أَرَادُوا سَمَاعَهُ) أَيِ الشَّيْخِ (لِكِتَابٍ سَمِعُوا) عَلَيْهِ ذَلِكَ الْكِتَابَ (مِنْ أَيِّ نُسْخَةٍ اتَّفَقَتْ وَسَيَأْتِي فِيهِ خِلَافٌ وَكَلَامٌ آخَرُ فِي أَوَّلِ النَّوْعِ الْآتِي) .