الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُمَا أَصَحُّ الْكُتُبِ بَعْدَ الْقُرْآنِ، وَالْبُخَارِيُّ أَصَحُّهُمَا وَأَكْثَرُهُمَا فَوَائِدَ، وَقِيلَ: مُسْلِمٌ أَصَحُّ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ.
ــ
[تدريب الراوي]
(ثُمَّ) تَلَا الْبُخَارِيَّ فِي تَصْنِيفِ الصَّحِيحِ: (مُسْلِمُ) بْنُ الْحَجَّاجِ تِلْمِيذُهُ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اعْتَرَضَ هَذَا بِقَوْلِ أَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ: كُنْتُ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ فِي تَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَتَيْنِ، وَهَذَا تَصْحِيفٌ إِنَّمَا هُوَ خَمْسِينَ بِزِيَادَةِ الْيَاءِ وَالنُّونِ؛ لِأَنَّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ كَانَ عُمْرُ مُسْلِمٍ سَنَةً، بَلْ لَمْ يَكُنِ الْبُخَارِيُّ صَنَّفَ إِذْ ذَاكَ، فَإِنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ.
[تفضيل صحيح البخاري على صحيح مسلم]
(وَهُمَا أَصَحُّ الْكُتُبِ بَعْدَ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَمَّا مَا رُوِّينَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ كِتَابًا أَكْثَرَ صَوَابًا مِنْ كِتَابِ مَالِكٍ، وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ: مَا بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ أَصَحُّ مِنْ مُوَطَّأِ مَالِكٍ، فَذَلِكَ قَبْلَ وُجُودِ الْكِتَابَيْنِ.
(وَالْبُخَارِيُّ أَصَحُّهُمَا) أَيِ الْمُتَّصِلُ فِيهِ دُونَ التَّعَالِيقِ وَالتَّرَاجِمِ (وَأَكْثَرُهُمَا فَوَائِدَ) لِمَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِنْبَاطَاتِ الْفِقْهِيَّةِ، وَالنُّكَتِ الْحِكَمِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(وَقِيلَ مُسْلِمٌ أَصَحُّ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ) وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ اتِّصَالًا وَأَتْقَنُ رِجَالًا، وَبَيَانُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الَّذِينَ انْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِالْإِخْرَاجِ لَهُمْ دُونَ مُسْلِمٍ أَرْبَعُمِائَةٍ وَبِضْعَةٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
وَثَلَاثُونَ رَجُلًا، الْمُتَكَلَّمُ فِيهِمْ بِالضَّعْفِ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ رَجُلًا، وَالَّذِينَ انْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِالْإِخْرَاجِ لَهُمْ دُونَ الْبُخَارِيِّ سِتُّمِائَةٍ وَعِشْرُونَ، الْمُتَكَلَّمُ فِيهِمْ بِالضَّعْفِ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَسِتُّونَ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّخْرِيجَ عَمَّنْ لَمْ يُتَكَلَّمْ فِيهِ أَصْلًا أَوْلَى مِنَ التَّخْرِيجِ عَمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْكَلَامُ قَادِحًا.
ثَانِيهَا: إِنَّ الَّذِينَ انْفَرَدَ بِهِمُ الْبُخَارِيُّ مِمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِ لَمْ يُكْثِرْ مِنْ تَخْرِيجِ أَحَادِيثِهِمْ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ نُسْخَةٌ كَثِيرَةٌ أَخْرَجَهَا كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا إِلَّا تَرْجَمَةَ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِخِلَافِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ أَكْثَرَ تِلْكَ النُّسَخِ كَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَسُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ، وَالْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
ثَالِثُهَا: إِنَّ الَّذِينَ انْفَرَدَ بِهِمُ الْبُخَارِيُّ مِمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِمْ أَكْثَرُهُمْ مِنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ لَقِيَهُمْ وَجَالَسَهُمْ وَعَرَفَ أَحْوَالَهُمْ، وَاطَّلَعَ عَلَى أَحَادِيثِهِمْ عَرَفَ جَيِّدَهَا مِنْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مُسْلِمٍ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَنْ تَفَرَّدَ بِتَخْرِيجِ حَدِيثِهِ مِمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَنْ عَصْرِهِ مِنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُحَدِّثَ أَعْرَفُ بِحَدِيثِ شُيُوخِهِ
[وَبِصَحِيحِ حَدِيثِهِمْ مِنْ ضَعِيفِهِ] مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَنْهُمْ.
رَابِعُهَا: إِنَّ الْبُخَارِيَّ يُخَرِّجُ عَنِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الْبَالِغَةِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ، وَيُخَرِّجُ عَنْ طَبَقَةٍ تَلِيهَا فِي التَّثَبُّتِ وَطُولِ الْمُلَازَمَةِ اتِّصَالًا وَتَعْلِيقًا، وَمُسْلِمٌ يُخَرِّجُ عَنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ أُصُولًا كَمَا قَرَّرَهُ الْحَازِمِيُّ.
خَامِسُهَا: إِنَّ مُسْلِمًا يَرَى أَنَّ لِلْمُعَنْعَنِ حُكْمَ الِاتِّصَالِ إِذَا تَعَاصَرَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ اللُّقَى، وَالْبُخَارِيُّ لَا يَرَى ذَلِكَ حَتَّى يَثْبُتَ كَمَا سَيَأْتِي، وَرُبَّمَا أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الَّذِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْبَابِ أَصْلًا، إِلَّا لِيُبَيِّنَ سَمَاعَ رَاوٍ مِنْ شَيْخِهِ لِكَوْنِهِ أَخْرَجَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُعَنْعَنًا.
سَادِسُهَا: إِنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي انْتُقِدَتْ عَلَيْهِمَا نَحْوُ مِائَتَيْ حَدِيثٍ وَعَشَرَةِ أَحَادِيثَ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا، اخْتَصَّ الْبُخَارِيُّ مِنْهَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَانِينَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا قَلَّ الِانْتِقَادُ فِيهِ أَرْجَحُ مِمَّا كَثُرَ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: مِنْ أَخَصِّ مَا يُرَجَّحُ بِهِ كِتَابُ الْبُخَارِيِّ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَجَلُّ مِنْ مُسْلِمٍ، وَأَصْدَقُ بِمَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَدَقَائِقِهِ، وَقَدِ انْتَخَبَ عِلْمَهُ وَلَخَّصَ مَا ارْتَضَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَجَلُّ مِنْ مُسْلِمٍ فِي الْعُلُومِ، وَأَعْرَفُ بِصِنَاعَةِ الْحَدِيثِ، وَأَنَّ مُسْلِمًا تِلْمِيذُهُ وَخِرِّيجُهُ، وَلَمْ يَزَلْ يَسْتَفِيدُ مِنْهُ وَيَتْبَعُ آثَارَهُ، حَتَّى قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَوْلَا الْبُخَارِيُّ مَا رَاحَ مُسْلِمٌ وَلَا جَاءَ.
1 -
تَنْبِيهٌ
عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ شَيْخِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ قَالَ: مَا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ كِتَابٌ أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ مُسْلِمٍ، فَهَذَا وَقَوْلُ مَنْ فَضَّلَ مِنْ شُيُوخِ الْمَغْرِبِ كِتَابَ مُسْلِمٍ عَلَى كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ يَتَرَجَّحُ بِأَنَّهُ لَمْ يُمَازِجْهُ غَيْرُ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَعْدَ خُطْبَتِهِ إِلَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ مَسْرُودًا غَيْرَ مَمْزُوجٍ بِمِثْلِ مَا فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، فَهَذَا لَا بَأْسَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ أَرْجَحُ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِ الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ أَصَحُّ صَحِيحًا فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى مَنْ يَقُولُهُ. اهـ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ: قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَصْرِيحَهُ بِأَنَّ كِتَابَ مُسْلِمٍ أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، خِلَافَ مَا يَقْتَضِيهِ إِطْلَاقُ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَفِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لَهُ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي نَفْيَ الْأَصَحِّيَّةِ عَنْ غَيْرِ كِتَابِ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ، أَمَّا إِثْبَاتُهَا لَهُ فَلَا؛ لِأَنَّ إِطْلَاقَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الْمُسَاوَاةَ، كَمَا فِي حَدِيثِ:«مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ» ، فَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَصْدَقُ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنَ الصِّدِّيقِ، بَلْ نَفَى أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ أَصْدَقُ مِنْهُ، فَيَكُونَ فِيهِمْ مَنْ يُسَاوِيهِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُرْفَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مَاشٍ عَلَى قَانُونِ اللُّغَةِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ: مَا بِالْبَصْرَةِ أَعْلَمُ - أَوْ قَالَ أَثْبَتُ - مِنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، أَمَّا مِثْلُهُ فَعَسَى، قَالَ: وَمَعَ احْتِمَالِ كَلَامِهِ ذَلِكَ فَهُوَ مُنْفَرِدٌ، سَوَاءٌ قَصَدَ الْأَوَّلَ أَوِ الثَّانِيَ.
قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ أَبِي سَعِيدٍ الْعَلَائِيِّ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ أَبَا عَلِيٍّ لَمْ يَقِفْ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي بَعِيدٌ، فَقَدْ صَحَّ عَنْ بَلَدِيِّهِ وَشَيْخِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَا فِي هَذِهِ الْكُتُبِ كُلِّهَا أَجْوَدُ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ. وَصَحَّ عَنْ بَلَدِيِّهِ وَرَفِيقِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْرَمِ أَنَّهُ قَالَ: قَلَّمَا يَفُوتُ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا مِنَ الصَّحِيحِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ كَلَامِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ قَدَّمَ صَحِيحَ مُسْلِمٍ لِمَعْنًى آخَرَ غَيْرِ مَا يَرْجِعُ إِلَى مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ مِنَ الشَّرَائِطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الصِّحَّةِ، بَلْ لِأَنَّ مُسْلِمًا صَنَّفَ كِتَابَهُ فِي بَلَدِهِ بِحُضُورِ أُصُولِهِ فِي حَيَاةِ كَثِيرٍ مِنْ مَشَايِخِهِ، فَكَانَ يَتَحَرَّزُ فِي الْأَلْفَاظِ وَيَتَحَرَّى فِي السِّيَاقِ، بِخِلَافِ الْبُخَارِيِّ، فَرُبَّمَا كَتَبَ الْحَدِيثَ مِنْ حِفْظِهِ، وَلَمْ يُمَيِّزْ أَلْفَاظَ رُوَاتِهِ؛ وَلِهَذَا رُبَّمَا يَعْرِضُ لَهُ الشَّكُّ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: رُبَّ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ بِالْبَصْرَةِ فَكَتَبْتُهُ بِالشَّامِ، وَلَمْ يَتَصَدَّ مُسْلِمٌ لِمَا تَصَدَّى لَهُ الْبُخَارِيُّ مِنِ اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ وَتَقْطِيعِ الْأَحَادِيثِ، وَلَمْ يُخْرِجِ الْمَوْقُوفَاتِ.
قَالَ: وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ الْمَغَارِبَةِ، فَلَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَقْيِيدُ الْأَفْضَلِيَّةِ بِالْأَصَحِّيَّةِ، بَلْ أَطْلَقَ بَعْضُهُمُ الْأَفْضَلِيَّةَ، فَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَبِي مَرْوَانَ الطُّبْنِيِّ - بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، ثُمَّ نُونٍ - قَالَ: كَانَ بَعْضُ شُيُوخِي يُفَضِّلُ صَحِيحَ مُسْلِمٍ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. قَالَ: وَأَظُنُّهُ عَنَى ابْنَ حَزْمٍ.
فَقَدْ حَكَى الْقَاسِمُ التُّجِيبِيُّ فِي فَهْرَسَتِهِ عَنْهُ ذَلِكَ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ إِلَّا الْحَدِيثُ السَّرْدُ، وَقَالَ مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ الْقُرْطُبِيُّ مِنْ أَقْرَانِ الدَّارَقُطْنِيِّ: لَمْ يَصْنَعْ أَحَدٌ مِثْلَ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَهَذَا فِي حُسْنِ الْوَضْعِ وَجَوْدَةِ التَّرْتِيبِ لَا فِي الصِّحَّةِ.