الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَامِسُ: الْإِجَازَةُ لِلْمَعْلُومِ كَأَجَزْتُ لِمَنْ يُولَدُ لِفُلَانٍ. وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي صِحَّتِهَا فَإِنْ عَطَفَهُ عَلَى مَوْجُودٍ كَأَجَزْتُ لِفُلَانٍ وَمَنْ يُولَدُ لَهُ أَوْ لَكَ وَلِعَقِبِكَ مَا تَنَاسَلُوا فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ، وَفَعَلَ الثَّانِيَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَجَازَ الْخَطِيبُ الْأَوَّلَ، وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ الْفَرَّاءِ، وَابْنِ عُمْرُوسٍ، وَأَبْطَلَهَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ: الشَّافِعِيَّانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيْرُهُ، وَأَمَّا الْإِجَازَةُ لِلطِّفْلِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَصَحِيحَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَالْخَطِيبُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
ــ
[تدريب الراوي]
وَكَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي " مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ "، وَأَيَّدَ الْبُطْلَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: وَصَّيْتُ بِهَذِهِ لِمَنْ يَشَاءُ، أَوْ وَكَّلْتُ فِي بَيْعِهَا مَنْ شَاءَ أَنْ يَبِيعَهَا، قَالَ: وَإِذَا بَطَلَ فِي الْوَصِيَّةِ مَعَ احْتِمَالِهَا مَا لَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرُهَا فَهُنَا أَوْلَى.
(وَلَوْ قَالَ أَجَزْتُ لِفُلَانٍ كَذَا إِنْ شَاءَ رِوَايَتَهُ عَنِّي أَوْ لَكَ إِنْ شِئْتَ أَوْ أَحْبَبْتَ أَوْ أَرَدْتَ فَالْأَظْهَرُ جَوَازُهُ) كَمَا تَقَدَّمَ.
[الخامس الإجازة للمعدوم]
(الْخَامِسُ الْإِجَازَةُ لِلْمَعْدُومِ كَأَجَزْتُ لِمَنْ يُولَدُ لِفُلَانٍ، وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي صِحَّتِهَا فَإِنْ عَطَفَهُ عَلَى مَوْجُودٍ كَأَجَزْتُ لِفُلَانٍ وَمَنْ يُولَدُ لَهُ أَوْ لَكَ) وَلِوَلَدِكَ (وَلِعَقِبِكَ مَا تَنَاسَلُوا فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ) مِمَّا إِذَا أَفْرَدَهُ بِالْإِجَازَةِ قِيَاسًا عَلَى الْوَقْفِ.
(وَفَعَلَ الثَّانِي مِنَ الْمُحَدِّثِينَ) الْإِمَامُ (أَبُو بَكْرِ) عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ أَبِي دَاوُدَ) السِّجِسْتَانِيُّ فَقَالَ: وَقَدْ سُئِلَ الْإِجَازَةَ، قَدْ أَجَزْتُ لَكَ وَلِأَوْلَادِكَ وَلِحَبَلِ الْحَبَلَةِ، يَعْنِي الَّذِينَ لَمْ يُوَلِّدُوا بَعْدُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَتَأْكِيدِ الْإِجَازَةِ، وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِ هَذَا الْقِسْمِ الْقَسْطَلَانِيُّ فِي الْمَنْهَجِ.
(وَأَجَازَ الْخَطِيبُ الْأَوَّلَ) أَيْضًا، وَأَلَّفَ فِيهَا جُزْءًا وَقَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَجَازُوا الْوَقْفَ عَلَى الْمَعْدُومِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ مَوْجُودًا.
قَالَ: وَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ أَجَازَنِي فُلَانٌ وَمَوْلِدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ يُقَالُ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ وَقَفَ عَلَى فُلَانٍ وَمَوْلِدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ: وَلِأَنَّ بُعْدَ أَحَدِ الزَّمَانَيْنِ مِنَ الْآخَرِ كَبُعْدِ أَحَدِ الْوَطَنَيْنِ مِنَ الْآخَرِ (وَحَكَاهُ) أَيِ الصِّحَّةَ فِيمَا ذَكَرَ (عَنِ ابْنِ الْفَرَّاءِ) الْحَنْبَلِيِّ، (وَابْنِ عُمْرُوسٍ) الْمَالِكِيِّ، وَنَسَبَهُ عِيَاضٌ لِمُعْظَمِ الشُّيُوخِ (وَأَبْطَلَهَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ الشَّافِعِيَّانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيْرُهُ) لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي حُكْمِ الْإِخْبَارِ جُمْلَةٌ بِالْمُجَازِ، فَكَمَا لَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ لِلْمَعْدُومِ لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ لَهُ، أَمَّا إِجَازَةُ مَنْ يُوجَدُ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ إِجْمَاعًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
(وَأَمَّا الْإِجَازَةُ لِلطِّفْلِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَصَحِيحَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْخَطِيبُ)، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ سِنٌّ وَلَا غَيْرُهُ (خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) حَيْثُ قَالَ: لَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ، وَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ لِأَبِي الطِّيبِ قَالَ يَصِحُّ أَنْ يُجِيزَ لِلْغَائِبِ وَلَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ، قَالَ الْخَطِيبُ: وَعَلَى الْجَوَازِ كَافَّةُ شُيُوخِنَا، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّهَا إِبَاحَةُ الْمُجِيزِ لِلْمُجَازِ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ، وَالْإِبَاحَةُ تَصِحُّ لِلْعَاقِلِ وَلِغَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: كَأَنَّهُمْ رَأَوُا الطِّفْلَ أَهْلًا لِتَحَمُّلِ هَذَا النَّوْعِ لِيُؤَدِّيَ بِهِ بَعْدَ حُصُولِ الْأَهْلِيَّةِ لِبَقَاءِ الْإِسْنَادِ، وَأَمَّا الْمُمَيِّزُ فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الْإِجَازَةِ لَهُ.
1 -
تَنْبِيهٌ:
أَدْمَجَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ مَسْأَلَةَ الطِّفْلِ فِي ضَرْبِ الْإِجَازَةِ لِلْمَعْدُومِ، وَأَفْرَدَهَا الْقَسْطَلَانِيُّ بِنَوْعٍ، وَكَذَا الْعِرَاقِيُّ وَضَمَّ إِلَيْهَا الْإِجَازَةَ لِلْمَجْنُونِ وَالْكَافِرِ وَالْحَمْلِ.
فَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَالْإِجَازَةُ لَهُ صَحِيحَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْخَطِيبِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَقَالَ لَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ سَمَاعَهُ صَحِيحٌ، قَالَ وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ الْإِجَازَةَ لِلْكَافِرِ، إِلَّا أَنَّ شَخْصًا مِنَ الْأَطِبَّاءِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّيِّدِ سَمِعَ الْحَدِيثَ فِي حَالِ يَهُودِيَّتِهِ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيِّ، وَكَتَبَ اسْمَهُ فِي الطَّبَقَةِ مَعَ السَّامِعِينَ، وَأَجَازَ الصُّورِيُّ لَهُمْ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ بِحُضُورِ الْمِزِّيِّ، فَلَوْلَا أَنَّهُ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مَا أَقَرَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ هَدَى اللَّهُ هَذَا الْيَهُودِيَّ إِلَى الْإِسْلَامِ وَحَدَّثَ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَصْحَابُنَا.
قَالَ: وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ أَوْلَى بِالْإِجَازَةِ مِنَ الْكَافِرِ، وَيُؤَدِّيَانِ إِذَا زَالَ الْمَانِعُ، قَالَ: وَأَمَّا الْحَمْلُ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ نَقْلًا إِلَّا أَنَّ الْخَطِيبَ قَالَ: لَمْ نَرَهُمْ أَجَازُوا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْلُودًا فِي الْحَالِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ إِذَا وَقَعَ يَصِحُّ أَوْ لَا، قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنَ الْمَعْدُومِ، قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ شَيْخَنَا الْعَلَائِيَّ سُئِلَ لِحَمْلٍ مَعَ أَبَوَيْهِ فَأَجَازَ وَاحْتَرَزَ أَبُو الثَّنَاءِ الْمَنْبِجِيُّ فَكَتَبَ: أَجَزْتُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ.
قَالَ: وَمَنْ عَمَّمَ الْإِجَازَةَ لِلْحَمْلِ وَغَيْرِهِ أَعْلَمُ وَأَحْفَظُ وَأَتْقَنُ: إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَعَلَّهُ مَا تَصَفَّحَ أَسْمَاءَ الِاسْتِدْعَاءِ حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ فِيهِ حَمْلٌ أَمْ لَا، إِلَّا أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ لَا يُجِيزُونَ إِلَّا بَعْدَ تَصَفُّحِهِمْ، قَالَ وَيَنْبَغِي بِنَاءُ الْحُكْمِ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْحَمْلَ هَلْ يُعْلَمُ أَوْ لَا؟ فَإِنْ قُلْنَا يُعْلَمُ وَهُوَ الْأَصَحُّ صَحَّتِ الْإِجَازَةُ لِلْمَعْدُومِ انْتَهَى.
وَذَكَرَ وَلَدُهُ الْحَافِظُ وَلِيُّ الدِّينِ أَبُو زُرْعَةَ فِي فَتَاوِيهِ الْمَكِّيَّةِ وَهِيَ أَجْوِبَةُ أَسْئِلَةٍ سَأَلَهُ