الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الْمُنَاوَلَةُ، هِيَ ضَرْبَانِ
مَقْرُونَةٌ بِالْإِجَازَةِ، وَمُجَرَّدَةٌ، فَالْمَقْرُونَةُ أَعْلَى أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ مُطْلَقًا، وَمِنْ صُوَرِهَا أَنْ يَدْفَعَ الشَّيْخُ إِلَى الطَّالِبِ أَصْلَ سَمَاعِهِ أَوْ مُقَابَلًا بِهِ، وَيَقُولُ: هَذَا سَمَاعِي أَوْ رِوَايَتِي عَنْ فُلَانٍ فَارْوِهِ أَوْ أَجَزْتُ لَكَ رِوَايَتَهُ عَنِّي، ثُمَ يُبْقِيهِ مَعَهُ تَمْلِيكًا أَوْ لِيَنْسَخَهُ أَوْ نَحْوَهُ، وَمِنْهَا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ الطَّالِبُ سَمَاعَهُ فَيَتَأَمَّلَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ عَارِفٌ مُتَيَقِّظٌ ثُمَّ يُعِيدَهُ إِلَيْهِ وَيَقُولَ: هُوَ حَدِيثِي أَوْ رِوَايَتِي فَارْوِهِ عَنِّي أَوْ أَجَزْتُ لَكَ رِوَايَتَهُ، وَهَذَا سَمَّاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَرْضًا، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ تُسَمَّى عَرْضًا فَلْيُسَمَّ هَذَا عَرْضَ الْمُنَاوَلَةِ وَذَاكَ عَرْضَ الْقِرَاءَةِ، وَهَذِهِ الْمُنَاوَلَةُ كَالسَّمَاعِ فِي الْقُوَّةِ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَلْقَمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَأَبِي الْمُتَوَكِّلِ، وَمَالِكٍ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَجَمَاعَاتٍ آخَرِينَ.
وَالصَّحِيحُ أَنَهَا مُنْحَطَّةٌ عَنِ السَّمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْبُوَيْطِيِّ، وَالْمُزَنِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
قَالَ الْحَاكِمُ: وَعَلَيْهِ عَهِدْنَا أَئِمَّتَنَا وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ.
وَمِنْ صُوَرِهَا أَنْ يُنَاوِلَ الشَّيْخُ الطَّالِبَ سَمَاعَهُ وَيُجِيزَهُ لَهُ، ثُمَّ يُمْسِكَهُ الشَّيْخُ، وَهَذَا دُونَ مَا سَبَقَ، وَتَجُوزُ رِوَايَتُهُ إِذَا وَجَدَ الْكِتَابَ أَوْ مُقَابَلًا بِهِ مَوْثُوقًا بِمُوَافَقَتِهِ مَا تَنَاوَلَتْهُ الْإِجَازَةُ كَمَا يُعْتَبَرُ فَيَ الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَلَا يَظْهَرُ فِي هِذِهِ الْمُنَاوَلَةِ كَبِيرُ مَزِيَّةٍ عَلَى الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ فِي مُعَيَّنٍ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ: لَا فَائِدَةَ فِيهَا، وَشُيُوخُ الْحَدِيثِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَرَوْنَ لَهَا مَزِيَّةً مُعْتَبَرَةً، وَمِنْهَا أَنْ يَأْتِيَهُ الطَّالِبُ بِكِتَابٍ وَيَقُولَ: هَذَا رِوَايَتُكَ فَنَاوِلْنِيهِ وَأَجِزْ لِي رِوَايَتَهُ فَيُجِيبَهُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِيهِ وَتَحَقُّقٍ لِرِوَايَتِهِ فَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنْ وَثِقَ بِخَبَرِ الطَالِبِ وَمَعْرِفَتِهِ اعْتَمَدَهُ وَصَحَّتِ الْإِجَازَةُ كَمَا يَعْتَمِدُهُ فِي الْقِرَاءَةِ، فَلَوْ قَالَ: حَدِّثْ عَنِّيَ بِمَا فِيهِ إِنْ كَانَ مِنْ حَدِيثِي مَعَ بَرَاءَتِي مِنَ الْغَلَطِ كَانَ جَائِزًا حَسَنًا.
ــ
[تدريب الراوي]
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ قُلْنَا الْإِجَازَةُ إِخْبَارٌ لَمْ يَضُرَّ الرَّدُّ وَلَا الرُّجُوعُ، وَإِنْ قُلْنَا إِذْنٌ وَإِبَاحَةٌ ضَرَّا، كَالْوَقْفِ وَالْوَكَالَةِ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعْرَّضَ لِذَلِكَ.
فَائِدَةٌ
قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الشُّمُنِّيُّ: الْإِجَازَةُ فِي الِاصْطِلَاحِ إِذْنٌ فِي الرِّوَايَةِ لَفْظًا أَوْ خَطًّا، يُفِيدُ الْإِخْبَارَ الْإِجْمَالِيَّ عُرْفًا، وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ، الْمُجِيزُ وَالْمُجَازُ لَهُ وَالْمُجَازُ بِهِ وَلَفْظُ الْإِجَازَةِ.
[القسم الرَّابِعُ الْمُنَاوَلَةُ هِيَ ضَرْبَانِ]
[الأول مَقْرُونَةٌ بِالْإِجَازَةِ]
(الْقِسْمُ الرَّابِعُ) مِنْ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ (الْمُنَاوَلَةُ) وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْعِلْمِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا وَقَالَ: لَا تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ وَأَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ: احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى صِحَّةِ الْمُنَاوَلَةِ، فَكَذَلِكَ الْعَالِمُ إِذَا نَاوَلَ التِّلْمِيذَ كِتَابًا جَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ مَا فِيهِ، قَالَ: وَهُوَ فِقْهٌ صَحِيحٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهَا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى» .
وَفِي مُعْجَمِ الْبَغَوِيِّ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ: قَالَ كُنَّا إِذَا أَكْثَرْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَتَانَا بِمَجَالٍ لَهُ فَأَلْقَاهَا إِلَيْنَا، وَقَالَ: هَذِهِ أَحَادِيثُ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَتَبْتُهَا وَعَرَضْتُهَا (هِيَ ضَرْبَانِ مَقْرُونَةٌ بِالْإِجَازَةِ وَمُجَرَّدَةٌ) عَنْهَا، (فَالْمَقْرُونَةُ) بِالْإِجَازَةِ (أَعْلَى أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ مُطْلَقًا) وَنَقَلَ عِيَاضٌ الِاتِّفَاقَ عَلَى صِحَّتِهَا.
(وَمِنْ صُوَرِهَا) وَهُوَ أَعْلَاهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ (أَنْ يَدْفَعَ الشَّيْخُ إِلَى الطَّالِبِ أَصْلَ سَمَاعِهِ أَوْ) فَرْعًا (مُقَابَلًا بِهِ، وَيَقُولَ) لَهُ: (هَذَا سَمَاعِي أَوْ رِوَايَتِي عَنْ فُلَانٍ) ، أَوْ لَا يُسَمِّيهِ، وَلَكِنَّ اسْمَهُ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ الْمُنَاوَلِ، (فَارْوِهِ) عَنِّي، (أَوْ أَجَزْتُ لَكَ رِوَايَتَهُ عَنِّي، ثُمَّ يُبْقِيهِ مَعَهُ تَمْلِيكًا أَوْ لِيَنْسَخَهُ) ، وَيُقَابِلُ بِهِ وَيَرُدُّهُ (أَوْ نَحْوَهُ.
وَمِنْهَا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى الشَّيْخِ (الطَّالِبُ سَمَاعَهُ) أَيْ سَمَاعَ الشَّيْخِ أَصْلًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
أَوْ مُقَابَلًا بِهِ (فَيَتَأَمَّلَهُ) الشَّيْخُ (، وَهُوَ عَارِفٌ مُتَيَقِّظٌ ثُمَّ يُعِيدَهُ إِلَيْهِ) أَيْ يُنَاوِلَهُ لِلطَّالِبِ (وَيَقُولَ) لَهُ (هُوَ حَدِيثِي أَوْ رِوَايَتِي) عَنْ فُلَانٍ أَوْ عَمَّنْ ذَكَرَ فِيهِ (فَارْوِهِ عَنِّي، أَوْ أَجَزْتُ لَكَ رِوَايَتَهُ وَهَذَا سَمَّاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَرْضًا) وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ تُسَمَّى عَرْضًا، فَلْيُسَمَّ هَذَا عَرْضَ الْمُنَاوَلَةِ، وَذَلِكَ عَرْضَ الْقِرَاءَةِ.
وَهَذِهِ الْمُنَاوَلَةُ كَالسَّمَاعِ فِي الْقُوَّةِ) وَالرُّتْبَةِ، (عِنْدَ الزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ) مِنَ الْمَدَنِيِّينَ، (وَمُجَاهِدٍ) الْمَكِّيِّ، (وَالشَّعْبِيِّ، وَعَلْقَمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ) النَّخَعِيَّانِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، (وَأَبِي الْعَالِيَةِ) الْبَصْرِيِّ، (وَأَبِي الزُّبَيْرِ) الْمَكِّيِّ، (وَأَبِي الْمُتَوَكِّلِ) الْبَصْرِيِّ، (وَمَالِكٍ) مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، (وَابْنِ وَهْبٍ، وَابْنِ الْقَاسِمِ) ، وَأَشْهَبَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، (وَجَمَاعَاتٍ آخَرِينَ) مِنَ الشَّامِيِّينَ وَالْخُرَاسَانِيِّينَ، وَحَكَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ مَشَايِخِهِ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَأَرْفَعُ مَنْ حُكِيَ عَنْهُ مِنَ الْمَدَنِيِّينَ ذَلِكَ، أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَعِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَمِنْ دُونِهِ الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ عَلْقَمَةَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
وَمِنْ دُونِهِمْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ.
وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمَ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَنَافِعٌ الْجُمَحِيُّ، وَدَاوُدُ الْعَطَّارُ، وَمُسْلِمٌ الزِّنْجِيُّ.
وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَبُو بُرْدَةَ الْأَشْعَرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ الْأَسَدِيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَإِسْرَائِيلُ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَزُهَيْرٌ، وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ.
وَمِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَتَادَةُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَكَهْمَسُ، وَزِيَادُ بْنُ فَيْرُوزَ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدَعَانَ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ.
وَمِنَ الْمِصْرِيِّينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
[عَبْدِ] الْحَكَمِ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ بَكِيرٍ، وَيُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو.
وَنَقَلَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي مُقَدِّمَةِ جَامِعِ الْأُصُولِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ جَعَلَهَا أَرْفَعَ مِنَ السَّمَاعِ ; لِأَنَّ الثِّقَةَ بِكِتَابِ الشَّيْخِ مَعَ إِذْنِهِ فَوْقَ الثِّقَةِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ، وَأَثْبَتُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
لِمَا يَدْخُلُ مِنَ الْوَهْمِ عَلَى السَّامِعِ وَالْمُسْمِعِ.
(وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مُنْحَطَّةٌ عَنِ السَّمَاعِ وَالْقِرَاءَةِ وَهُوَ قَوْلُ) سُفْيَانَ (الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْبُوَيْطِيِّ، وَالْمُزَنِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ) بْنِ رَاهَوَيْهِ، (وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى) ، وَأَسْنَدَهُ الرَّامَهُرْمُزِيُّ عَنْ مَالِكٍ.
(قَالَ الْحَاكِمُ: وَعَلَيْهِ عَهِدْنَا أَئِمَّتَنَا وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ) .
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اعْتَرَضَ ذِكْرُ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْقُنْيَةِ مِنْ أَصْحَابِهِ نَقَلَ عَنْهُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُحَدِّثَ إِذَا أَعْطَاهُ الْكِتَابَ وَأَجَازَ لَهُ مَا فِيهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ وَلَمْ يَعْرِفْهُ لَمْ يَجُزْ.
قَالَ: وَالْجَوَابُ أَنَّ الْبُطْلَانَ عِنْدَهُمَا لَا لِلْمُنَاوَلَةِ وَالْإِجَازَةِ، بَلْ لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ، إِنْ كَانَ لِلْمُجَازِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِتَتَّفِقَ الضَّمَائِرُ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إِذَا عَرَفَ مَا أُجِيزَ لَهُ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ لِلشَّيْخِ فَسَيَأْتِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا إِنْ كَانَ الطَّالِبُ مَوْثُوقًا بِخَبَرِهِ.
قُلْتُ: وَمِمَّا يَعْتَرِضُ بِهِ فِي ذِكْرِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَى عَنْهُ فِي " الْمَدْخَلِ " قَالَ: فِي الْعَرْضِ يَقُولُ: قَرَأْتُ وَقُرِئَ، وَفِي الْمُنَاوَلَةِ يَتَدَيَّنُ بِهِ وَلَا يُحَدِّثُ.
(وَمِنْ صُوَرِهَا: أَنْ يُنَاوِلَ الشَّيْخُ الطَّالِبَ سَمَاعَهُ وَيُجِيزَهُ لَهُ، ثُمَّ يُمْسِكَهُ الشَّيْخُ) عِنْدَهُ وَلَا يُبْقِيَهُ عِنْدَ الطَّالِبِ (وَهَذَا دُونَ مَا سَبَقَ) لِعَدَمِ احْتِوَاءِ الطَّالِبِ عَلَى مَا يَحْمِلُهُ وَغَيْبَتُهُ عَنْهُ، (وَتَجُوزُ رِوَايَتُهُ) عَنْهُ (إِذَا وَجَدَ) ذَلِكَ (الْكِتَابَ) الْمُنَاوَلَ لَهُ مَعَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ بِسَلَامَتِهِ مِنَ التَّغْيِيرِ (أَوْ) وَجَدَ فَرْعًا (مُقَابَلًا بِهِ مَوْثُوقًا بِمُوَافَقَتِهِ مَا تَنَاوَلَتْهُ الْإِجَازَةُ) ، كَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ (فِي الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ)(وَلَا يَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْمُنَاوَلَةِ كَبِيرُ مَزِيَّةٍ عَلَى الْإِجَازَةِ الْمُجَرَّدَةِ) عَنْهَا (فِي مُعَيَّنٍ) مِنَ الْكُتُبِ.
(وَ) قَدْ (قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ: لَا فَائِدَةَ فِيهَا) .
وَعِبَارَةُ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْهُمْ: وَعَلَى التَّحْقِيقِ فَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى الْإِجَازَةِ لِلشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ مِنَ التَّصَانِيفِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إِجَازَتِهِ إِيَّاهُ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ بِكِتَابِ الْمُوَطَّأِ وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ حَاضِرٌ إِذِ الْمَقْصُودُ تَعْيِينُ مَا أَجَازَهُ.