الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الشَّاذُّ
هُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ: مَا رَوَى الثِّقَةُ مُخَالِفًا لِرِوَايَةِ النَّاسِ لَا أَنْ يَرْوِيَ مَا لَا يَرْوِي غَيْرُهُ، قَالَ الْخَلِيلِيُّ: وَالَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ، أَنَّ الشَّاذَّ مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ يَشِذُّ بِهِ ثِقَةٌ، أَوْ غَيْرُهُ، فَمَا كَانَ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ فَمَتْرُوكٌ، وَمَا كَانَ عَنْ ثِقَةٍ تُوُقِّفَ فِيهِ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ مَا انْفَرَدَ بِهِ ثِقَةٌ وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ بِمُتَابِعٍ.
وَمَا ذَكَرَاهُ مُشْكِلٌ بِأَفْرَادِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ كَحَدِيثِ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، وَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي الصَّحِيحِ، فَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ: فَإِنْ كَانَ بِتَفَرُّدِهِ مُخَالِفًا أَحْفَظَ مِنْهُ وَأَضْبَطَ، كَانَ شَاذًّا مَرْدُودًا وَإِنْ لَمْ يُخَالِفِ الرَّاوِي، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا حَافِظًا مَوْثُوقًا بِضَبْطِهِ كَانَ تَفَرُّدُهُ صَحِيحًا، وَإِنْ لَمْ يُوثَقْ بِضَبْطِهِ، وَلَمْ يَبْعُدْ عَنْ دَرَجَةِ الضَّابِطِ كَانَ حَسَنًا، وَإِنْ بَعُدَ كَانَ شَاذًّا مُنْكَرًا مَرْدُودًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاذَّ الْمَرْدُودَ: هُوَ الْفَرْدُ الْمُخَالِفُ وَالْفَرْدُ الَّذِي لَيْسَ فِي رُوَاتِهِ مِنَ الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ مَا يُجْبَرُ بِهِ تَفَرُّدُهُ.
ــ
[تدريب الراوي]
وَقَدْ أَفْرَدَ الْخَطِيبُ كِتَابًا فِي أَسْمَاءِ الْمُدَلِّسِينَ ثُمَّ ابْنُ عَسَاكِرَ.
1 -
فَائِدَةٌ
اسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّ التَّدْلِيسَ غَيْرُ حَرَامٍ، بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَّا الْمِقْدَادَ، قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَوْلُهُ فِينَا ; يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّ الْبَرَاءَ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا.
[النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ الشَّاذُّ]
(النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الشَّاذُّ، وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ: مَا رَوَى الثِّقَةُ مُخَالِفًا لِرِوَايَةِ النَّاسِ، لَا أَنْ يَرْوِيَ) الثِّقَةُ (مَا لَا يَرْوِي غَيْرُهُ) ، هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ.
(قَالَ) الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى (الْخَلِيلِيُّ: وَالَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاذَّ مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ يَشِذُّ بِهِ ثِقَةٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَمَا كَانَ) مِنْهُ (عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ فَمَتْرُوكٌ) لَا يُقْبَلُ، (وَمَا كَانَ عَنْ ثِقَةٍ تُوُقِّفَ فِيهِ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ) .
فَجُعِلَ الشَّاذُّ مُطْلَقَ التَّفَرُّدِ لَا مَعَ اعْتِبَارِ الْمُخَالَفَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
(وَقَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ مَا انْفَرَدَ بِهِ ثِقَةٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ بِمُتَابِعٍ) لِذَلِكَ الثِّقَةِ.
قَالَ: وَيُغَايِرُ الْمُعَلَّلَ بِأَنَّ ذَلِكَ وُقِفَ عَلَى عِلَّتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى جِهَةِ الْوَهْمِ فِيهِ، وَالشَّاذُّ لَمْ يُوقَفْ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ كَذَلِكَ.
فَجَعَلَ الشَّاذَّ تَفَرُّدَ الثِّقَةِ، فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْخَلِيلِيِّ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَبَقِيَ مِنْ كَلَامِ الْحَاكِمِ: وَيَنْقَدِحُ فِي نَفَسِ النَّاقِدِ أَنَّهُ غَلِطَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: وَهَذَا الْقَيْدُ لَا بُدَّ مِنْهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا يُغَايِرُ الْمُعَلَّلَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، قَالَ: وَهَذَا عَلَى هَذَا أَدَقُّ مِنَ الْمُعَلَّلِ بِكَثِيرٍ، فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْحُكْمِ بِهِ إِلَّا مَنْ مَارَسَ الْفَنَّ غَايَةَ الْمُمَارَسَةِ، وَكَانَ فِي الذُّرْوَةِ مِنَ الْفَهْمِ الثَّاقِبِ وَرُسُوخِ الْقَدَمِ فِي الصِّنَاعَةِ.
قُلْتُ: وَلِعُسْرِهِ لَمْ يُفْرِدْهُ أَحَدٌ بِالتَّصْنِيفِ، وَمِنْ أَوْضَحِ أَمْثِلَتِهِ مَا أَخْرَجَهُ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ غَنَّامٍ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:(ق 80 \ ب) فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ، وَآدَمُ كَآدَمَ وَنُوحٌ كَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ، وَعِيسَى كَعِيسَى، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.
وَلَمْ أَزَلْ أَتَعَجَّبُ مِنْ تَصْحِيحِ الْحَاكِمِ لَهُ، حَتَّى رَأَيْتُ الْبَيْهَقِيَّ قَالَ: إِسْنَادُهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
صَحِيحٌ، وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ بِمَرَّةٍ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ، (وَمَا ذَكَرَاهُ) ; أَيِ الْخَلِيلِيُّ وَالْحَاكِمُ (مُشْكِلٌ) ، فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ (بِأَفْرَادِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ) الْحَافِظِ (كَحَدِيثِ «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ) ، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ فَرْدٌ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ عَلْقَمَةُ عَنْهُ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، ثُمَّ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ.
(وَ) كَحَدِيثِ (النَّهْيِ، عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ) ، وَهِبَتِهِ، تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
(وَغَيْرِ ذَلِكَ) مِنَ الْأَحَادِيثِ الْأَفْرَادِ (مِمَّا) أُخْرِجَ (فِي الصَّحِيحِ) ، كَحَدِيثِ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ» . تَفَرَّدَ بِهِ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
فَكُلُّ هَذِهِ مُخَرَّجَةٌ فِي الصَّحِيحِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ، تَفَرَّدَ بِهِ ثِقَةٌ.
وَقَدْ قَالَ مُسْلِمٌ: لِلزُّهْرِيِّ نَحْوُ تِسْعِينَ حَرْفًا يَرْوِيهِ، وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَغَيْرُهُ مِنْ مَذَاهِبِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ الَّذِي قَالَاهُ، وَحِينَئِذٍ (فَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ) الثِّقَةُ (بِتَفَرُّدِهِ مُخَالِفًا أَحْفَظَ مِنْهُ، وَأَضْبَطَ) .
عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ: لِمَا رَوَاهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحِفْظِ لِذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: لِمَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ لِمَزِيدِ ضَبْطٍ، أَوْ كَثْرَةِ عَدَدٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ. (كَانَ) مَا انْفَرَدَ بِهِ (شَاذًّا مَرْدُودًا) .
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَمُقَابِلُهُ يُقَالُ لَهُ: الْمَحْفُوظُ.
قَالَ: مِثَالُهُ. مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَوْسَجَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا إِلَّا مَوْلًى هُوَ أَعْتَقَهُ» ، الْحَدِيثَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
وَتَابَعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى وَصْلِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ (ق 81 \ أ) ، وَخَالَفَهُمْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، فَرَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَوْسَجَةَ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْمَحْفُوظُ حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: فَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ، وَمَعَ ذَلِكَ رَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ رِوَايَةَ مَنْ هُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْهُ، قَالَ: وَعُرِفَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ: أَنَّ الشَّاذَّ مَا رَوَاهُ الْمَقْبُولُ مُخَالِفًا لِمَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي حَدِّ الشَّاذِّ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي الْمَتْنِ: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَلْيَضْطَجِعْ عَنْ يَمِينِهِ» .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: خَالَفَ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ فِي هَذَا، فَإِنَّ النَّاسَ إِنَّمَا رَوَوْهُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا مِنْ قَوْلِهِ: وَانْفَرَدَ عَبْدُ الْوَاحِدِ مِنْ بَيْنِ ثِقَاتِ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا اللَّفْظِ.
(وَإِنْ لَمْ يُخَالِفِ الرَّاوِيَ) بِتَفَرُّدِهِ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا رَوَى أَمْرًا لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، فَيُنْظَرُ فِي هَذَا الرَّاوِي الْمُنْفَرِدِ، (فَإِنْ كَانَ عَدْلًا، حَافِظًا مَوْثُوقًا بِضَبْطِهِ، كَانَ تَفَرُّدُهُ صَحِيحًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
وَإِنْ لَمْ يُوثَقْ بِضَبْطِهِ، وَ) لَكِنْ (لَمْ يَبْعُدْ عَنْ دَرَجَةِ الضَّابِطِ، كَانَ) مَا انْفَرَدَ بِهِ (حَسَنًا، وَإِنْ بَعُدَ) مِنْ ذَلِكَ (كَانَ شَاذًّا مُنْكَرًا مَرْدُودًا.
وَالْحَاصِلُ إِنَّ الشَّاذَّ الْمَرْدُودَ هُوَ الْفَرْدُ الْمُخَالِفُ، وَالْفَرْدُ الَّذِي لَيْسَ فِي رُوَاتِهِ مِنَ الثِّقَةِ، وَالضَّبْطِ مَا يُجْبَرُ بِهِ تَفَرُّدُهُ) ، وَهُوَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ يُجَامِعُ الْمُنْكَرَ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.
1 -
تَنْبِيهٌ
مَا تَقَدَّمَ مِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْخَلِيلِيِّ وَالْحَاكِمِ بِأَفْرَادِ الصَّحِيحِ، أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا إِنَّمَا ذَكَرَا تَفَرُّدَ الثِّقَةِ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا تَفَرُّدُ الضَّابِطِ الْحَافِظِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا أَطْلَقَا الثِّقَةَ فَشَمِلَ الْحَافِظَ وَغَيْرَهُ.
وَالثَّانِي أَنَّ حَدِيثَ النِّيَّةِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عُمَرُ، بَلْ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، كَمَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ (ق 81 \ ب) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
بَلْ ذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مِنْدَهْ أَنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَةَ عَشَرَ أُخَرُ مِنَ الصَّحَابَةِ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ، وَهِلَالُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَعُتْبَةُ بْنُ النُّدَّرِ، وَعُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ.
وَزَادَ غَيْرُهُ: أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَسَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، وَالنُّوَاسَ بْنَ سَمْعَانَ، وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، وَصُهَيْبَ بْنَ سِنَانٍ، وَأَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَغُزَيَّةَ بْنَ الْحَارِثِ، أَوِ الْحَارِثَ بْنَ غُزَيَّةَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَأُمَّ حَبِيبَةَ، وَصَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ.
وَذَكَرَ ابْنُ مَنْدَهْ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ غَيْرُ عَلْقَمَةَ، وَعَنْ عَلْقَمَةَ غَيْرُ مُحَمَّدٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ غَيْرُ يَحْيَى.
وَأَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ رَوَاهُ غَيْرُ ابْنِ دِينَارٍ.
فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمُفْرَدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي " الْكَامِلِ "، حَدَّثَنَا عِصْمَةُ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
فَهْدٍ، ثَنَا مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يُونُسَ يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَدِيثَ الْأَعْمَالِ لَمْ يَصِحَّ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ حَدِيثِ عُمَرَ، وَلَمْ يَرِدْ بِلَفْظِ حَدِيثِ عُمَرَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَعَلِيٍّ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
فَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَقَدْ صَرَّحُوا بِتَغْلِيطِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ الَّذِي رَوَاهُ، عَنْ مَالِكٍ، وَمِمَّنْ وَهَّمَهُ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِي أَرْبَعِينَ عَلَوِيَّةً بِإِسْنَادٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، فِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ.
وَحَدِيثُ أَنَسٍ رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي أَوَّلِ أَمَالِيهِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ: غَرِيبٌ جِدًّا، وَالْمَحْفُوظُ حَدِيثُ عُمَرَ، (ق 82 \ أ) .
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الرَّشِيدُ الْعَطَّارُ فِي جُزْءٍ لَهُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
وَسَائِرُ أَحَادِيثِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ إِنَّمَا هِيَ فِي مُطْلَقِ النِّيَّةِ كَحَدِيثِ: «يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» ، وَحَدِيثِ:«لَيْسَ لَهُ مِنْ غَزَاتِهِ إِلَّا مَا نَوَى» ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَهَكَذَا يَفْعَلُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ، حَيْثُ يَقُولُ، وَفِي الْبَابِ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَإِنَّهُ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ الْمُعَيَّنَ، بَلْ يُرِيدُ أَحَادِيثَ أُخَرَ يَصِحُّ أَنْ تُكْتَبَ فِي الْبَابِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ عَمَلٌ صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَفْهَمُونَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ سَمَّى مِنَ الصَّحَابَةِ يَرْوُونَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ يَكُونُ حَدِيثًا آخَرَ يَصِحُّ إِيرَادُهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ، وَلَمْ يَصِحَّ مِنْ طَرِيقٍ عَنْ عُمَرَ إِلَّا الطَّرِيقَ الْمُتَقَدِّمَةَ.
قَالَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ: لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، وَلَا عَنْ عُمَرَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ، وَلَا عَنْ عَلْقَمَةَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ، وَلَا عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ النَّهْيِ، فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ وَالْعِلَلِ: أَخْطَأَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ تَفَرَّدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ عَقِبَ مَا أَوْرَدَهُ: مَا أَسْمَعُهُ إِلَّا مِنْ عِصْمَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فَهْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ مُظْلِمُ الْأَمْرِ لَهُ مَنَاكِيرُ.
نَعَمْ حَدِيثُ الْمِغْفَرِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ مَالِكٌ بَلْ تَابَعَهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، رَوَاهَا الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ.
وَأَبُو أُوَيْسِ بْنُ أَبِي عَامِرٍ، رَوَاهَا ابْنُ عَدِيٍّ فِي " الْكَامِلِ "، وَابْنُ سَعْدٍ فِي