الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَسْنَدَ الْخَطِيبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: أَعْرِفُ مَكَانَ مِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَحْفَظُ سَبْعِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِي، وَأَحْفَظُ أَرْبَعَةَ آلَافِ حَدِيثٍ مُزَوَّرَةً.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ أَبِي لِدَاوُدَ بْنِ عَمْرٍو الضَّبِّيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ: كَانَ يُحَدِّثُكُمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ بِحِفْظِهِ؟ قَالَ نَعَمْ، مَا رَأَيْتُ مَعَهُ كِتَابًا قَطُّ، قَالَ لَهُ لَقَدْ كَانَ حَافِظًا؟ كَمْ كَانَ يَحْفَظُ؟ قَالَ شَيْئًا كَثِيرًا، قَالَ: أَكَانَ يَحْفَظُ عَشَرَةَ آلَافٍ؟ قَالَ: عَشَرَةَ آلَافٍ وَعَشَرَةَ آلَافٍ وَعَشَرَةَ آلَافٍ، فَقَالَ أَبِي: هَذَا كَانَ مِثْلَ وَكِيعٍ.
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَحْفَظُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ بِإِسْنَادِهِ وَلَا فَخْرَ، وَأَحْفَظُ لِلشَّامِيِّينَ عِشْرِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ: كَانَ عِنْدَ هُشَيْمٍ عِشْرُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ. وَقَالَ الْآجُرِيُّ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ يَحْفَظُ عَشَرَةَ آلَافِ حَدِيثٍ.
[الفائدة الثَّالثةُ أول من صنف في الاصطلاح]
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مِنْ أَوَّلِ مَنْ صَنَّفَ فِي
الِاصْطِلَاحِ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، فَعَمِلَ كِتَابَهُ " الْمُحَدِّثَ الْفَاصِلَ " لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْ، وَالْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ لَكِنَّهُ لَمْ يُهَذَّبْ وَلَمْ يُرَتَّبْ، وَتَلَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، فَعَمِلَ عَلَى كِتَابِهِ مُسْتَخْرَجًا، وَأَبْقَى فِيهِ أَشْيَاءَ لِلْمُتَعَقِّبِ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فَعَمِلَ فِي قَوَانِينِ الرِّوَايَةِ كِتَابًا سَمَّاهُ:" الْكِفَايَةَ " وَفِي آدَابِهَا كِتَابًا سَمَّاهُ: " الْجَامِعَ لِآدَابِ الشَّيْخِ وَالسَّامِعِ "، وَقَلَّ فَنٌّ مِنْ فُنُونِ الْحَدِيثِ إِلَّا وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ كِتَابًا مُفْرَدًا، فَكَانَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ نُقْطَةَ: كُلُّ مَنْ أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ الْمُحَدِّثِينَ بَعْدَهُ عِيَالٌ عَلَى كُتُبِهِ، ثُمَّ جَمَعَ مِمَّنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ كِتَابَهُ " الْإِلْمَاعَ "، وَأَبُو حَفْصٍ الْمَيَانَجِيُّ جُزْءَ " مَا لَا يَسَعُ الْمُحَدِّثَ جَهْلُهُ " وَغَيْرَ ذَلِكَ.
إِلَى أَنْ جَاءَ الْحَافِظُ الْإِمَامُ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ الصَّلَاحِ الشَّهْرُزُورِيُّ نَزِيلُ دِمَشْقَ فَجَمَعَ لَمَّا وَلِيَ تَدْرِيسَ الْحَدِيثِ بِالْمَدْرَسَةِ الْأَشْرَفِيَّةِ كِتَابَهُ الْمَشْهُورَ، فَهَذَّبَ فُنُونَهُ وَأَمْلَاهُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَاعْتَنَى بِتَصَانِيفِ الْخَطِيبِ الْمُفَرَّقَةِ فَجَمَعَ شَتَاتَ مَقَاصِدِهَا، وَضَمَّ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا نُخَبَ فَوَائِدَ، فَاجْتَمَعَ فِي كِتَابِهِ مَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهِ؛ فَلِهَذَا عَكَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَا يُحْصَى كَمْ نَاظِمٍ لَهُ، وَمُخْتَصِرٍ وَمُسْتَدْرِكٍ عَلَيْهِ، وَمُقْتَصِرٍ، وَمُعَارِضٍ لَهُ، وَمُنْتَصِرٍ.
قَالَ: إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ تَرْتِيبُهُ عَلَى الْوَضْعِ الْمُنَاسِبِ: بِأَنْ يَذْكُرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَتْنِ وَحْدَهُ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّنَدِ وَحْدَهُ، وَمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مَعًا؛ وَمَا