الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثَةُ: يُعْرَفُ ضَبْطُهُ بِمُوَافَقَتِهِ الثِّقَاتِ الْمُتْقِنِينَ غَالِبًا، وَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ النَّادِرَةُ فَإِنْ كَثُرَتِ اخْتَلَّ ضَبْطُهُ، وَلَمْ يُحْتَجَّ بِهِ.
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مُتَّصِلًا مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَمْرٍو وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ لَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُقَوِّي الْمُرْسَلَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَرَوَاهُ الثِّقَاتُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْعُذْرِيِّ، ثَنَا الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَهُ.
ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ إِنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ لَوْ كَانَ خَبَرًا، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْخَبَرِ ; لِوُجُودِ مَنْ يَحْمِلُ الْعِلْمَ وَهُوَ غَيْرُ عَدْلٍ وَغَيْرُ ثِقَةٍ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَحْمَلٌ إِلَّا عَلَى الْأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَمْرٌ لِلثِّقَاتِ بِحَمْلِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا يُقْبَلُ عَنْهُمْ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ: لِيَحْمِلْ هَذَا الْعِلْمَ، بِلَامِ الْأَمْرِ.
وَذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَوَائِدِ رِحْلَتِهِ، أَنَّ بَعْضَهُمْ ضَبَطَهُ - بِضَمِّ الْيَاءِ، وَفَتْحِ الْمِيمِ - مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَرَفْعِ مِيمِ الْعِلْمِ - وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ - مِنْ " عَدُولَةٍ "، وَآخِرُهُ تَاءٌ فَوْقِيَّةٌ، فَعُولَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، أَيْ كَامِلٌ فِي عَدَالَتِهِ، أَيْ أَنَّ الْخَلَفَ هُوَ الْعَدُولَةُ، وَالْمَعْنَى إِنْ هَذَا الْعِلْمَ يُحْمَلُ، أَيْ يُؤْخَذُ، عَنْ كُلِّ خَلَفٍ عَدْلٍ، فَهُوَ أَمْرٌ بِأَخْذِ الْعِلْمِ عَنِ الْعُدُولِ، وَالْمَعْرُوفُ فِي ضَبْطِهِ فَتْحُ يَاءِ يَحْمِلُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، وَنَصْبُ " الْعِلْمَ " مَفْعُولَهُ، وَالْفَاعِلُ عُدُولُهُ جَمْعُ عَدْلٍ.
[الثالثة كيف يعرف ضبط الراوي]
(الثَّالِثَةُ: يُعْرَفُ ضَبْطُهُ) ، أَيِ الرَّاوِي (بِمُوَافَقَةِ الثِّقَاتِ الْمُتْقِنِينَ) الضَّابِطِينَ، إِذَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
اعْتُبِرَ حَدِيثُهُ بِحَدِيثِهِمْ، فَإِنْ وَافَقَهُمْ فِي رِوَايَتِهِمْ (غَالِبًا) ، وَلَوْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، فَضَابِطٌ، (وَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ) لَهُمْ (النَّادِرَةُ، فَإِنْ كَثُرَتْ) مُخَالَفَتُهُ لَهُمْ، وَنَدَرَتِ الْمُوَافَقَةُ، (اخْتَلَّ ضَبْطُهُ، وَلَمْ يُحْتَجَّ بِهِ) فِي حَدِيثِهِ.
فَائِدَةٌ
ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ: أَنَّ الْوَهْمَ تَارَةً يَكُونُ فِي الْحِفْظِ، وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْقَوْلِ، وَتَارَةً فِي الْكِتَابَةِ.
قَالَ: وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَأَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَوَهِمَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، إِنَّمَا رَوَوْهُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، كَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْهُمُ النَّاسُ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ أَحَدِ شُيُوخِ مُسْلِمٍ فِيهِ.
قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَهْمٌ وَقَعَ مِنْهُ فِي حَالِ كِتَابَتِهِ، لَا فِي حِفْظِهِ: أَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا حَدِيثَ أَبِي مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ ثَنَّى بِحَدِيثِ جَرِيرٍ، وَذَكَرَ الْمَتْنَ وَبَقِيَّةَ الْإِسْنَادِ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِحَدِيثِ وَكِيعٍ، ثُمَّ رَبَّعَ بِحَدِيثِ شُعْبَةَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَتْنَ وَلَا بَقِيَّةَ الْإِسْنَادِ عَنْهُمَا، بَلْ قَالَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِ جَرِيرٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا، فَلَوْلَا أَنَّ إِسْنَادَ جَرِيرٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ عِنْدَهُ وَاحِدٌ، لَمَا جَمَعَهُمَا فِي الْحَوَالَةِ عَلَيْهِمَا.