الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّادِسُ: إِذَا قَالَ الْمُسْمِعُ عِنْدَ السَّمَاعِ: لَا تَرْوِ عَنِّي أَوْ رَجَعْتُ عَنْ إِخْبَارِكَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ غَيْرَ مُسْنِدٍ ذَلِكَ إِلَى خَطَأٍ أَوْ شَكٍّ وَنَحْوِهِ لَمْ تَمْتَنِعْ رِوَايَتُهُ، وَلَوْ خَصَّ بِالسَّمَاعِ قَوْمًا فَسَمِعَ غَيْرُهُمْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ جَازَ لَهُمُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ أُخْبِرُكُمْ وَلَا أُخْبِرُ فُلَانًا لَمْ يَضُرَّ، قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْإِجَازَةُ، وَهِيَ أَضْرُبٌ ; الْأَوَّلُ: أَنْ يُجِيزَ مُعَيَّنًا لِمُعَيَّنٍ كَأَجَزْتُكَ الْبُخَارِيَّ أَوْ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ فَهْرَسَتِي، وَلِهَذَا أَعْلَى أَضْرُبِهَا الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْمُنَاوَلَةِ، وَالصَّحِيحُ الْذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الطَّوَائِفِ، وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ جَوَازُ الرِّوَايَةِ وَالْعَمَلِ بِهَا.
وَأَبْطَلَهَا جَمَاعَاتٌ مِنَ الطَّوَائِفِ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَمُتَابِعِيهِمْ: لَا يُعْمَلُ بِهَا، كَالْمُرْسَلِ، وَهَذَا بَاطِلٌ.
ــ
[تدريب الراوي]
شَخْصِهِ عَمَّنْ يَسْمَعُهُ، وَكَانَ السَّلَفُ يَسْمَعُونَ مِنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُنَّ يُحَدِّثْنَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.
[السادس خص الشيخ للسماع قوما فسمع غيرهم بغير إذنه هل يجوز لهم الرواية]
(السَّادِسُ: إِذَا قَالَ الْمُسْمِعُ بَعْدَ السَّمَاعِ لَا تَرْوِ عَنِّي أَوْ رَجَعْتُ عَنْ إِخْبَارِكَ) أَوْ مَا أَذِنْتُ لَكَ فِي رِوَايَتِهِ عَنِّي (وَنَحْوِ ذَلِكَ غَيْرَ مُسْنِدٍ ذَلِكَ إِلَى خَطَأٍ) مِنْهُ فِيمَا حَدَّثَ بِهِ (أَوْ شَكٍّ) فِيهِ (وَنَحْوِهِ لَمْ تَمْتَنِعْ رِوَايَتُهُ) فَإِنْ أَسْنَدَهُ إِلَى نَحْوِ مَا ذُكِرَ امْتَنَعَتْ (وَلَوْ خَصَّ بِالسَّمَاعِ قُومًا فَسَمِعَ غَيْرُهُمْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ جَازَ لَهُمُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ: أُخْبِرُكُمْ وَلَا أُخْبِرُ فُلَانًا لَمْ يَضُرَّ) ذَلِكَ فُلَانًا فِي صِحَّةِ سَمَاعِهِ (قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ) الْإِسْفَرَايِنِيُّ، جَوَابًا لِسُؤَالِ الْحَافِظِ أَبِي سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ:
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُتَحَمِّلِ بِالسَّمَاعِ سَمِيعًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ الْأَصَمُّ بِنَفْسِهِ.
[القسم الثَّالِثُ الْإِجَازَةُ وهي على أضرب]
[الأول إجازة معين لمعين]
(الْقِسْمُ الثَّالِثُ) مِنْ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ (الْإِجَازَةُ، وَهِيَ أَضْرُبٌ) تِسْعَةٌ وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ سَبْعَةً
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
(الْأَوَّلُ: أَنْ يُجِيزَ مُعَيَّنًا لِمُعَيَّنٍ: كَأَجَزْتُكَ) أَوْ أَجَزْتُكُمْ أَوْ أَجَزْتُ فُلَانًا الْفُلَانِيَّ (الْبُخَارِيَّ أَوْ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ فَهْرَسَتِي) أَيْ جُمْلَةُ عَدَدِ مَرْوِيَّاتِي.
قَالَ صَاحِبُ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ: الصَّوَابُ أَنَّهَا - بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وُقُوفًا وَإِدْمَاجًا - وَرُبَّمَا وَقَفَ عَلَيْهَا بَعْضُهُمْ بِالْهَاءِ وَهُوَ خَطَأٌ، قَالَ: وَمَعْنَاهَا جُمْلَةُ الْعَدَدِ لِلْكُتُبِ: لَفْظَةٌ فَارِسِيَّةٌ
(وَهَذَا أَعْلَى أَضْرُبِهَا) أَيِ الْإِجَازَةِ (الْمُجَرَّدَةِ عَنِ الْمُنَاوَلَةِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الطَّوَائِفِ) أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ (وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ جَوَازُ الرِّوَايَةِ وَالْعَمَلِ بِهَا) ، وَادَّعَى أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ وَعِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهَا، وَقَصَرَ أَبُو مَرْوَانَ الطِّبْنِيُّ الصِّحَّةَ عَلَيْهَا.
(وَأَبْطَلَهَا جَمَاعَاتٌ مِنَ الطَّوَائِفِ) مِنَ الْمُحَدِّثِينَ كَشُعْبَةَ، قَالَ: لَوْ جَازَتِ الْإِجَازَةُ لَبَطَلَتِ الرِّحْلَةُ، وَإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ الْوَائِلِيِّ، وَأَبِي الشَّيْخِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
الْأَصْبَهَانِيِّ، وَالْفُقَهَاءِ: كَالْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَالْمَاوَرْدِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الْخُجَنْدِيِّ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي طَاهِرٍ الدَّبَّاسِ الْحَنَفِيِّ، وَعَنْهُمْ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَكْذِبَ عَلَيَّ ; لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يُبِيحُ رِوَايَةَ مَا لَمْ يَسْمَعْ.
(وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ) وَحَكَاهُ الْآمِدِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إِنَّهَا بِدْعَةٌ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَقِيلَ:. إِنْ كَانَ الْمُجِيزُ وَالْمُجَازُ عَالِمَيْنِ بِالْكِتَابِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.
(وَقَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَمُتَابِعِيهِمْ لَا يَعْمَلُ بِهَا) أَيْ بِالْمَرْوِيِّ بِهَا (كَالْمُرْسَلِ) مَعَ جَوَازِ التَّحْدِيثِ بِهَا (وَهَذَا بَاطِلٌ) ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِجَازَةِ مَا يَقْدَحُ فِي اتِّصَالِ الْمَنْقُولِ بِهَا وَفِي الثِّقَةِ بِهَا، وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَكْسُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِهَا دُونَ التَّحْدِيثِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَفِي الِاحْتِجَاجِ لِتَجْوِيزِهَا غُمُوضٌ، وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ: إِذَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
جَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ مَرْوِيَّاتِهِ فَقَدْ أَخْبَرَهُ بِهَا جُمْلَةً، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِهَا تَفْصِيلًا، وَإِخْبَارُهُ بِهَا غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى التَّصْرِيحِ قَطْعًا كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ حُصُولُ الْإِفْهَامِ وَالْفَهْمِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالْإِجَازَةِ الْمُفْهِمَةِ.
وَقَالَ الْخَطِيبُ فِي " الْكِفَايَةِ ": احْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِجَوَازِهَا بِحَدِيثِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ سُورَةَ بَرَاءَةٌ فِي صَحِيفَةٍ وَدَفَعَهَا لِأَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ بَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَلَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِ وَلَا هُوَ أَيْضًا حَتَّى وَصَلَ إِلَى مَكَّةَ فَفَتَحَهَا وَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ» .
وَقَدْ أَسْنَدَ الرَّامَهُرْمُزِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْكَرَابِيسِيَّ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ كُتُبَهُ فَأَبَى، وَقَالَ: خُذْ كُتُبَ الزَّعْفَرَانِيِّ فَانْسَخْهَا فَقَدْ أَجَزْتُ لَكَ، فَأَخَذَهَا إِجَازَةً. أَمَّا الْإِجَازَةُ الْمُقْتَرِنَةُ بِالْمُنَاوَلَةِ فَسَتَأْتِي فِي الْقِسْمِ الرَّابِعِ.
تَنْبِيهٌ:
إِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ فَالْمُتَبَادَرُ إِلَى الْأَذْهَانِ أَنَّهَا دُونَ الْعَرْضِ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَحَكَى الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ مَذَاهِبَ.
ثَانِيهَا - وَنَسَبَهُ لِأَحْمَدَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْمَالِكِيِّ -: أَنَّهَا عَلَى وَجْهِهَا خَيْرٌ مِنَ السَّمَاعِ الرَّدِيءِ. قَالَ: وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ تَفْضِيلَ الْإِجَازَةِ عَلَى السَّمَاعِ مُطْلَقًا.
ثَالِثُهَا: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ. حَكَى ابْنُ عَاتٍ فِي رَيْحَانَةِ النَّفْسِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْإِجَازَةُ عِنْدِي وَعِنْدَ أَبِي وَجَدِّي كَالسَّمَاعِ.