الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّابِعُ: إِجَازَةٌ بِمَجْهُولٍ أَوْ لَهُ كَأَجَزْتُكَ كِتَابَ السُّنَنِ وَهُوَ يَرْوِي كُتُبًا فِي السُّنَنِ، أَوْ أَجَزْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ مُشْتَرِكُونَ فِي هَذَا الِاسْمِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ، فَإِنْ أَجَازَ لِجَمَاعَةٍ مُسَمِّينَ فِي الْإِجَازَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَعْرِفْهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ وَلَا أَنْسَابِهِمْ وَلَا عَدَدِهِمْ وَلَا تَصَفُّحِهِمْ صَحَّتِ الْإِجَازَةُ كَسَمَاعِهِمْ مِنْهُ فِي مَجْلِسِهِ فِي هَذَا الْحَالِ، وَأَمَّا أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوُ هَذَا فَفِيهِ جَهَالَةٌ وَتَعْلِيقٌ فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيُّ، وَابْنُ عُمْرُوسٍ الْمَالِكِيُّ، وَلَوْ قَالَ: أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ الْإِجَازَةَ فَهُوَ كَأَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ فُلَانٌ وَأَكْثَرُ جَهَالَةً، وَلَوْ قَالَ أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ الرِّوَايَةَ عَنِّي فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ، لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ: أَجَزْتُ لِفُلَانٍ كَذَا إِنْ شَاءَ رِوَايَتَهُ عَنِّي، أَوْ لَكَ إِنْ شِئْتَ أَوْ أَحْبَبْتَ أَوْ أَرَدْتَ، فَالْأَظْهَرُ جَوَازُهُ.
ــ
[تدريب الراوي]
بِالْإِجَازَةِ، فَشَيْخُ السَّمَاعِ يَرْوِي عَنْ شَيْخِ الْإِجَازَةِ وَشَيْخُ الْإِجَازَةِ يَرْوِيهِ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ بِعَيْنِهِ بِالسَّمَاعِ، كَانَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ السَّمَاعِ عَلَى السَّمَاعِ. انْتَهَى.
وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ يَصْنَعُ ذَلِكَ كَثِيرًا فِي أَمَالِيهِ وَتَخَارِيجِهِ.
قُلْتُ: فَظَهَرَ لِي مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: إِذَا رَوَيْتَ عَنْ شَيْخٍ بِالْإِجَازَةِ الْخَاصَّةِ عَنْ شَيْخٍ بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّةِ وَعَنْ آخَرَ بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّةِ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ بِعَيْنِهِ بِالْإِجَازَةِ الْخَاصَّةِ، كَانَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْإِجَازَةِ الْخَاصَّةِ عَنِ الْإِجَازَةِ الْخَاصَّةِ.
مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ أَرْوِيَ عَنْ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّنْكِزِيِّ، وَقَدْ سَمِعْتُ عَلَيْهِ فَأَجَازَنِي لِي خَاصَّةً، عَنِ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنَّهُ أَدْرَكَ حَيَاتَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ خَاصَّةً، وَأَرْوِيَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَتْحِ الْمَرَاغِيِّ بِالْإِجَازَةِ الْعَامَّةِ عَنِ الْإِسْنَوِيِّ بِالْخَاصَّةِ.
[الرابع الإجازة لمُعَيِّنٍ بمجهول أو بمعين من الكتب]
(الرَّابِعُ إِجَازَةٌ) لِمُعَيَّنٍ (بِمَجْهُولٍ) مِنَ الْكُتُبِ (أَوْ) إِجَازَةٌ بِمُعَيَّنٍ مِنَ الْكُتُبِ (لَهُ) أَيْ لِمَجْهُولٍ مِنَ النَّاسِ، (كَأَجَزْتُكَ كِتَابَ السُّنَنِ وَهُوَ يَرْوِي كُتُبًا فِي السُّنَنِ) أَوْ أَجَزْتُكَ بَعْضَ مَسْمُوعَاتِي (أَوْ أَجَزْتُ مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيَّ وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ مُشْتَرِكُونَ فِي هَذَا الِاسْمِ) وَلَا يَتَّضِحُ مُرَادُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَهِيَ بَاطِلَةٌ) ، فَإِنِ اتَّضَحَ بِقَرِينَةٍ صَحِيحَةٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
(فَإِنْ أَجَازَ لِجَمَاعَةٍ مُسَمِّينَ فِي الْإِجَازَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَعْرِفْهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ وَلَا أَنْسَابِهِمْ وَلَا عَدَدِهِمْ وَلَا تَصَفُّحِهِمْ) وَكَذَا إِذَا سَمَّى الْمَسْئُولَ لَهُ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ (صَحَّتِ الْإِجَازَةُ كَسَمَاعِهِمْ مِنْهُ فِي مَجْلِسِهِ فِي هَذَا الْحَالِ) أَيْ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ أَعْيَانَهُمْ وَلَا أَسْمَاءَهُمْ وَلَا عَدَدَهُمْ (وَأَمَّا أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوِ هَذَا فَفِيهِ جَهَالَةٌ وَتَعْلِيقٌ) بِشَرْطٍ، وَلِذَلِكَ أُدْخِلَ فِي ضَرْبِ الْإِجَازَةِ الْمَجْهُولَةِ، وَالْعِرَاقِيُّ أَفْرَدَهُ كَالْقَسْطَلَانِيِّ بِضَرْبٍ مُسْتَقِلٍّ ; لِأَنَّ الْإِجَازَةَ الْمُعَلَّقَةَ قَدْ لَا يَكُونُ فِيهَا جَهَالَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) لِلْجَهْلِ، كَقَوْلِهِ أَجَزْتُ لِبَعْضِ النَّاسِ (وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ) .
قَالَ الْخَطِيبُ: وَحُجَّتُهُمُ الْقِيَاسُ عَلَى تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ (وَصَحَّحَهُ) أَيْ هَذَا الضَّرْبَ مِنَ الْإِجَازَةِ أَبُو يَعْلَى (ابْنُ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيُّ، وَ) أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ (بْنِ عُمْرُوسٍ الْمَالِكِيُّ)، وَقَالَ: إِنَّ الْجَهَالَةَ تَرْتَفِعُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَشِيئَةِ، وَيَتَعَيَّنُ الْمَجَازُ لَهُ عِنْدَهَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ الْخَطِيبُ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الْفَرَّاءِ يَحْتَجُّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَمَّا أَمَّرَ زَيْدًا عَلَى غَزْوَةِ مُؤْتَةَ: «فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَابْنُ رَوَاحَةَ» ، فَعَلَّقَ التَّأْمِيرَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الدَّامِغَانِيَّ يُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَكَالَةِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ لَهُ، بِخِلَافِ الْمُجَازِ.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اسْتَعْمَلَ ذَلِكَ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ صَاحِبُ " التَّارِيخِ " وَحَفِيدُ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ. فَإِنْ عُلِّقَتْ بِمَشِيئَةٍ مُبْهَمٍ بَطَلَتْ قَطْعًا.
(وَلَوْ قَالَ أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ الْإِجَازَةَ فَهُوَ كَأَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ فُلَانٌ) فِي الْبُطْلَانِ بَلْ (وَأَكْثَرُ جَهَالَةً) وَانْتِشَارًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا يُحْصَرُ عَدَدُهُمْ.
(وَلَوْ قَالَ أَجَزْتُ لِمَنْ يَشَاءُ الرِّوَايَةَ عَنِّي فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْحَالِ) مِنْ حَيْثُ إِنَّ مُقْتَضَى كُلِّ إِجَازَةٍ تَفْوِيضُ الرِّوَايَةِ بِهَا إِلَى مَشِيئَةِ الْمُجَازِ لَهُ، لَا تَعْلِيقَ فِي الْإِجَازَةِ، وَقَاسَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى: بِعْتُكَ إِنْ شِئْتَ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا تَعْيِينُ الْمُبْتَاعِ، بِخِلَافِهِ فِي الْإِجَازَةِ، فَإِنَّهُ مُبْهَمٌ.
قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، قَالَ: نَعَمْ وَزَانَهُ هُنَا أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي إِنْ شِئْتَ الرِّوَايَةَ عَنِّي، قَالَ وَالْأَظْهَرُ الْأَقْوَى هُنَا الْجَوَازُ، لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ، وَحَقِيقَةِ التَّعْلِيقِ انْتَهَى.