الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا مُسْنَدُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمَسَانِيدِ، فَلَا تَلْتَحِقُ بِالْأُصُولِ الْخَمْسَةِ، وَمَا أَشْبَهَهَا فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا، وَالرُّكُونِ إِلَى مَا فِيهَا.
ــ
[تدريب الراوي]
التَّفَقُّهَ مَقَاصِدُ جَلِيلَةٌ، وَلِأَبِي دَاوُدَ فِي حَصْرِ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ وَاسْتِيعَابِهَا مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ فِي فُنُونِ الصِّنَاعَةِ الْحَدِيثِيَّةِ مَا لَمْ يُشَارِكْهُ غَيْرُهُ، وَقَدْ سَلَكَ النَّسَائِيُّ أَغْمَضَ تِلْكَ الْمَسَالِكِ وَأَجَلَّهَا.
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: انْحَطَّتْ رُتْبَةُ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ لِإِخْرَاجِهِ حَدِيثَ الْمَصْلُوبِ وَالْكَلْبِيِّ وَأَمْثَالِهِمَا.
[وجه عدم التحاق المسانيد بالأصول الخمسة]
(وَأَمَّا مُسْنَدُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمَسَانِيدِ) .
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: كَمُسْنَدِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَالدَّارِمِيِّ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَأَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ الْبَزَّارِ، فَهَؤُلَاءِ عَادَتُهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا فِي مُسْنَدِ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَا رَوَوْهُ مِنْ حَدِيثِهِ، غَيْرَ مُقَيَّدِينَ بِأَنْ يَكُونَ مُحْتَجًّا بِهِ أَوْ لَا، (فَلَا تَلْتَحِقُ بِالْأُصُولِ الْخَمْسَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا) .
قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: مِنَ الْكُتُبِ الْمُبَوَّبَةِ كَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ (فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا وَالرُّكُونِ إِلَى مَا فِيهَا) لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَلَى أَبْوَابٍ إِنَّمَا يُورِدُ أَصَحَّ مَا فِيهِ لِيَصْلُحَ لِلِاحْتِجَاجِ.
1 -
[تَنْبِيهَاتٌ]
الْأَوَّلُ: اعْتُرِضَ عَلَى التَّمْثِيلِ بِمُسْنَدِ أَحْمَدَ بِأَنَّهُ شَرَطَ فِي مُسْنَدِهِ الصَّحِيحَ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ، وَالَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: أَنَّهُ سُئِلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
عَنْ حَدِيثٍ فَقَالَ: انْظُرُوهُ فَإِنْ كَانَ فِي الْمُسْنَدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، فَهَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ حُجَّةٌ، بَلْ مَا لَيْسَ فِيهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، قَالَ: عَلَى أَنَّ ثَمَّ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ مُخَرَّجَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَيْسَتْ فِيهِ، مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ أُمِّ زَرْعٍ، قَالَ: وَأَمَّا وُجُودُ الضَّعِيفِ فِيهِ فَهُوَ مُحَقَّقٌ، بَلْ فِيهِ أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ جَمَعْتُهَا فِي جُزْءٍ، وَلِعَبْدِ اللَّهِ ابْنِهِ فِيهِ زِيَادَاتٌ فِيهَا الضَّعِيفُ وَالْمَوْضُوعُ. انْتَهَى.
وَقَدْ أَلَّفَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كِتَابًا فِي رَدِّ ذَلِكَ سَمَّاهُ: " الْقَوْلُ الْمُسَدَّدُ فِي الذَّبِّ عَنِ الْمُسْنَدِ " قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: فَقَدْ ذَكَرْتُ فِي هَذِهِ الْأَوْرَاقِ مَا حَضَرَنِي مِنَ الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ، وَهِيَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ ذَبًّا عَنْ هَذَا التَّصْنِيفِ الْعَظِيمِ الَّذِي تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَالتَّكْرِيمِ، وَجَعَلَهُ إِمَامُهُمْ حُجَّةً يُرْجَعُ إِلَيْهِ وَيُعَوَّلُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ.
ثُمَّ سَرَدَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي جَمَعَهَا الْعِرَاقِيُّ وَهِيَ تِسْعَةٌ، وَأَضَافَ إِلَيْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا أَوْرَدَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَهِيَ فِيهِ، وَأَجَابَ عَنْهَا حَدِيثًا حَدِيثًا.
قُلْتُ: وَقَدْ فَاتَهُ أَحَادِيثُ أُخَرُ أَوْرَدَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَهِيَ فِيهِ، وَجَمَعْتُهَا فِي جُزْءٍ سَمَّيْتُهُ " الذَّيْلَ الْمُمَهَّدَ " مَعَ الذَّبِّ عَنْهَا، وَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي كِتَابِهِ تَعْجِيلِ الْمَنْفَعَةِ: فِي رِجَالِ الْأَرْبَعَةِ: لَيْسَ فِي الْمُسْنَدِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
حَدِيثٌ لَا أَصْلَ لَهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَوْ أَرْبَعَةً، مِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ «الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ زَحْفًا» ، قَالَ: وَالِاعْتِذَارُ عَنْهُ أَنَّهُ مِمَّا أَمَرَ أَحْمَدُ بِالضَّرْبِ عَلَيْهِ فَتُرِكَ سَهْوًا، أَوْ ضُرِبَ وَكُتِبَ مِنْ تَحْتِ الضَّرْبِ، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ " تَجْرِيدِ زَوَائِدِ مُسْنَدِ الْبَزَّارِ ": إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ لَمْ نَعْزُهُ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَانِيدِ.
وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ: مُسْنَدُ أَحْمَدَ أَصَحُّ صَحِيحًا مِنْ غَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: لَا يُوَازِي مُسْنَدَ أَحْمَدَ كِتَابٌ مُسْنَدٌ فِي كَثْرَتِهِ وَحُسْنِ سِيَاقَاتِهِ، وَقَدْ فَاتَهُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّا، بَلْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْنِ.
وَقَالَ الْحُسَيْنِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّذْكِرَةِ فِي رِجَالِ الْعَشَرَةِ: عِدَّةُ أَحَادِيثِ الْمُسْنَدِ أَرْبَعُونَ أَلْفًا بِالْمُكَرَّرِ.
الثَّانِي: قِيلَ وَإِسْحَاقُ يُخْرِجُ أَمْثَلَ مَا وَرَدَ عَنْ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ عَنْهُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا فِيهِ صَحِيحًا، بَلْ هُوَ أَمْثَلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَرَكَهُ، وَفِيهِ الضَّعِيفُ.
الثَّالِثُ: قِيلَ وَمُسْنَدُ الدَّارِمِيِّ لَيْسَ بِمُسْنَدٍ بَلْ هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
الْأَبْوَابِ. وَقَدْ سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ بِالصَّحِيحِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَمْ أَرَ لِمُغَلْطَاي سَلَفًا فِي تَسْمِيَةِ الدَّارِمِيِّ صَحِيحًا، إِلَّا قَوْلَهُ إِنَّهُ رَآهُ بِخَطِّ الْمُنْذِرِيِّ، وَكَذَا قَالَ الْعَلَائِيُّ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: لَيْسَ دُونَ السُّنَنِ فِي الرُّتْبَةِ، بَلْ لَوْ ضُمَّ إِلَى الْخَمْسَةِ لَكَانَ أَمْثَلَ مِنِ ابْنِ مَاجَهْ، فَإِنَّهُ أَمْثَلُ مِنْهُ بِكَثِيرٍ.
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: اشْتُهِرَ تَسْمِيَتُهُ بِالْمُسْنَدِ كَمَا سَمَّى الْبُخَارِيُّ كِتَابَهُ بِالْمُسْنَدِ لِكَوْنِ أَحَادِيثِهِ مُسْنَدَةً، قَالَ: إِلَّا أَنَّ فِيهِ الْمُرْسَلَ وَالْمُعْضَلَ وَالْمُنْقَطِعَ وَالْمَقْطُوعَ كَثِيرًا، عَلَى أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي تَرْجَمَةِ الدَّارِمِيِّ أَنَّ لَهُ الْجَامِعَ وَالْمُسْنَدَ وَالتَّفْسِيرَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَلَعَلَّ الْمَوْجُودَ الْآنَ هُوَ الْجَامِعُ وَالْمُسْنَدُ فَقَطْ.
الرَّابِعُ: قِيلَ: وَمُسْنَدُ الْبَزَّارِ يُبَيِّنُ فِيهِ الصَّحِيحَ مِنْ غَيْرِهِ.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ إِلَّا قَلِيلًا، إِلَّا أَنَّهُ يُتَكَلَّمُ فِي تَفَرُّدِ بَعْضِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَمُتَابَعَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ.
[فَائِدَةٌ]
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: يُقَالُ: إِنَّ أَوَّلَ مُسْنَدٍ صُنِّفَ مُسْنَدُ الطَّيَالِسِيِّ، قِيلَ: وَالَّذِي حَمَلَ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ عَصْرِ أَبِي دَاوُدَ عَلَى أَعْصَارِ مَنْ صَنَّفَ