الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجَوَّزَتِ الْكَرَّامِيَّةُ الْوَضْعَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَهُوَ خِلَافُ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ، وَوَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ جُمَلًا فَبَيَّنَ جَهَابِذَةُ الْحَدِيثِ أَمْرَهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
ــ
[تدريب الراوي]
وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ أَطْوَلَ النَّاسِ قِيَامًا بِلَيْلٍ، وَأَكْثَرَهُمْ صِيَامًا بِنَهَارٍ، وَكَانَ يَضَعُ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَكَانَ أَبُو بِشْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ الْمَرْوَزِيُّ مِنْ أَصْلَبِ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي السُّنَّةِ وَأَذَبِّهِمْ عَنْهَا، وَأَقْمَعِهِمْ لِمَنْ خَالَفَهَا، وَكَانَ مَعَ هَذَا يَضَعُ الْحَدِيثَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ وَهْبُ بْنُ حَفْصٍ مِنَ الصَّالِحِينَ، مَكَثَ عِشْرِينَ سُنَّةً لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا، وَكَانَ يَكْذِبُ كَذِبًا فَاحِشًا.
[تجويز الكرامية الوضع في الترغيب والترهيب ورد العلماء عليهم]
(وَجَوَّزَتِ الْكَرَّامِيَّةُ) ، وَهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ نُسِبُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ كَرَّامٍ السِّجِسْتَانِيِّ الْمُتَكَلِّمِ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِي الْأَشْهَرِ، (الْوَضْعَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ) ، دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الطَّاعَةِ، وَتَرْهِيبًا لَهُمْ، عَنِ الْمَعْصِيَةِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا لِيُضِلَّ بِهِ النَّاسَ» .
وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ» ، أَيْ قَالَ: إِنَّهُ شَاعِرٌ، أَوْ مَجْنُونٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا نَكْذِبُ لَهُ لَا عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبُ: الْكَذَّابُ الْوَضَّاعُ، لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ كَلَامٌ حَسَنٌ أَنْ يَضَعَ لَهُ إِسْنَادًا.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الرَّأْيِ، فِيمَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ: مَا وَافَقَ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ جَازَ أَنْ يُعْزَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ: (وَهُوَ) وَمَا أَشْبَهَهُ (خِلَافُ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ) الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ، بَلْ بَالَغَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، فَجَزَمَ بِتَكْفِيرِ وَاضِعِ الْحَدِيثِ.
(وَوَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ جُمَلًا) مِنَ الْأَحَادِيثِ يُفْسِدُونَ بِهَا الدِّينَ، (فَبَيَّنَ جَهَابِذَةُ الْحَدِيثِ) ، أَيْ نُقَّادُهُ - بِفَتْحِ الْجِيمِ، جَمْعُ جِهْبِذٍ - بِالْكَسْرِ، وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ - (أَمْرَهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) .
رَوَى الْعُقَيْلِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: وَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ.
مِنْهُمْ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ الَّذِي قُتِلَ وَصُلِبَ فِي زَمَنِ الْمَهْدِيِّ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمَّا أُخِذَ لِيُضْرَبَ عُنُقُهُ، قَالَ: وَضَعْتُ فِيكُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ حَدِيثٍ، أُحَرِّمُ فِيهَا الْحَلَالَ، وَأُحَلِّلُ الْحَرَامَ.
وَكَبَيَانِ ابْنِ سَمْعَانَ النَّهْدِيِّ، الَّذِي قَتَلَهُ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ، وَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ.
قَالَ الْحَاكِمُ: وَكَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الشَّامِيِّ الْمَصْلُوبِ فِي الزَّنْدَقَةِ، فَرَوَى عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا:«أَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ» ، وَضَعَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ، لِمَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْإِلْحَادِ، وَالزَّنْدَقَةِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى التَّنَبِّي.
وَهَذَا الْقِسْمُ مُقَابِلُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْسَامِ الْوَاضِعِينَ، زَادَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ.
وَمِنْهُمْ قِسْمٌ يَضَعُونَ انْتِصَارًا لِمَذْهَبِهِمْ، كَالْخَطَّابِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ وَقَوْمٍ مِنَ السَّالِمِيَّةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ بِسَنَدِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ رَجَعَ عَنْ بِدْعَتِهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: انْظُرُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ، فَإِنَّا كُنَّا إِذَا رَأَيْنَا رَأْيًا جَعَلْنَا لَهُ حَدِيثًا.
وَرَوَى الْخَطِيبُ بِسَنَدِهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ. أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنَ الرَّافِضَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ عَلَى وَضْعِ الْأَحَادِيثِ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الطَّايِكَانِيُّ مِنْ رُءُوسِ الْمُرْجِئَةِ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ.
ثُمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ عَنِ الْمُحَامِلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَيْنَاءِ يَقُولُ: أَنَا وَالْجَاحِظُ، وَضَعْنَا حَدِيثَ فَدَكَ، وَأَدْخَلْنَاهُ عَلَى الشُّيُوخِ بِبَغْدَادَ فَقَبِلُوهُ إِلَّا ابْنَ شَيْبَةَ الْعَلَوِيَّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يُشْبِهُ آخِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَوَّلَهُ، وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ.
وَقِسْمٌ تَقَرَّبُوا لِبَعْضِ الْخُلَفَاءِ وَالْأُمَرَاءِ بِوَضْعِ مَا يُوَافِقُ فِعْلَهُمْ وَآرَاءَهُمْ كَغِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَيْثُ وَضَعَ لِلْمَهْدِيِّ فِي حَدِيثِ «لَا سَبْقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
فَزَادَ فِيهِ " أَوْ جَنَاحٍ "، وَكَانَ الْمَهْدِيُّ إِذْ ذَاكَ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ، فَتَرَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِذَبْحِهَا، وَقَالَ: أَنَا حَمْلَتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا قَامَ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ قَفَاكَ قَفَا كَذَّابٍ، أَسْنَدَهُ الْحَاكِمُ.
وَأَسْنَدَ عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ الْمَهْدِيُّ: أَلَا تَرَى مَا يَقُولُ لِي مُقَاتِلٌ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ وَضَعْتُ لَكَ أَحَادِيثَ فِي الْعَبَّاسِ، قُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا.
وَضَرْبٌ كَانُوا يَتَكَسَّبُونَ بِذَلِكَ، وَيَرْتَزِقُونَ بِهِ فِي قِصَصِهِمْ، كَأَبِي سَعِيدٍ الْمَدَائِنِيِّ.
وَضَرْبٌ امْتُحِنُوا بِأَوْلَادِهِمْ أَوْ رَبَائِبَ أَوْ وَرَّاقِينَ، فَوَضَعُوا لَهُمْ أَحَادِيثَ، وَدَسُّوهَا عَلَيْهِمْ، فَحَدَّثُوا بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرُوا، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُدَّامِيِّ، وَكَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ; ابْتُلِي بِرَبِيبِهِ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ، فَكَانَ يَدُسُّ فِي كُتُبِهِ، وَكَمَعْمَرٍ كَانَ لَهُ ابْنُ أَخٍ رَافِضِيٌّ، فَدَسَّ فِي كُتُبِهِ حَدِيثًا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«نَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: أَنْتَ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا، سَيِّدٌ فِي الْآخِرَةِ، وَمَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَحَبِيبِي حَبِيبُ اللَّهِ، وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي، وَعَدُوِّي عَدُوُّ اللَّهِ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ بَعْدِي» . فَحَدَّثَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ مَوْضُوعٌ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ.
وَضَرْبٌ يَلْجَئُونَ إِلَى إِقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَى مَا أَفْتَوْا بِهِ بِآرَائِهِمْ، فَيَضَعُونَ، وَقِيلَ: إِنَّ الْحَافِظَ أَبَا الْخَطَّابِ بْنَ دَحْيَةَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ الَّذِي وَضَعَ الْحَدِيثَ فِي قَصْرِ الْمَغْرِبِ.