الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثُ: التَّعْلِيقُ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْحُمَيْدِيُّ وَغَيْرُهُ فِي أَحَادِيثَ مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَسَبَقَهُمْ بِاسْتِعْمَالِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، صُورَتُهُ أَنْ يُحْذَفَ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْنَادِ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ، وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيقِ الْجِدَارِ أَوِ الطَّلَاقِ لِقَطْعِ الِاتِّصَالِ، وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْضُهُمْ فِي حَذْفِ كُلِّ الْإِسْنَادِ كَقَوْلِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوْ عَطَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ كَذَا، وَهَذَا التَّعْلِيقُ لَهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَوْعِ الصَّحِيحِ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا التَّعْلِيقَ فِي غَيْرِ صِيغَةِ الْجَزْمِ كَيُرْوَى عَنْ فُلَانٍ كَذَا، أَوْ يُقَالُ عَنْهُ، وَيُذْكَرُ، وَيُحْكَى، وَشِبْهِهَا بَلْ خَصُّوا بِهِ صِيغَةَ الْجَزْمِ، كَقَالَ، وَفَعَلَ، وَأَمَرَ، وَنَهَى، وَذَكَرَ، وَحَكَى، وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ فِيمَا سَقَطَ وَسَطُ إِسْنَادِهِ.
ــ
[تدريب الراوي]
، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ قِيلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ: إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ سَوَاءٌ قَالَ: كَيْفَ هَذَا سَوَاءٌ؟ لَيْسَ هَذَا بِسَوَاءٍ.
فَإِنَّمَا فَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ ; لِأَنَّ عُرْوَةَ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ لَمْ يُسْنِدْ ذَلِكَ إِلَى عَائِشَةَ، وَلَا أَدْرَكَ الْقِصَّةَ، فَكَانَتْ مُرْسَلَةً، وَأَمَّا اللَّفْظُ الثَّانِي فَأَسْنَدَ ذَلِكَ إِلَيْهَا بِالْعَنْعَنَةِ، فَكَانَتْ مُتَّصِلَةً انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ
كَثُرَ اسْتِعْمَالُ أَنَّ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فِي الْإِجَازَةِ، وَهَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِي عَنْ فِي الْمَشَارِقَةِ، أَمَّا الْمَغَارِبَةُ فَيَسْتَعْمِلُونَهَا فِي السَّمَاعِ وَالْإِجَازَةِ مَعًا، وَهَذَانِ الْفَرْعَانِ (ق 75 \ أ) حَقُّهُمَا أَنْ يُفْرَدَا بِنَوْعٍ يُسَمَّى الْمُعَنْعَنَ كَمَا صَنَعَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَغَيْرُهُ.
[الثالث حكم التعليق الذي يذكره البخاري والحميدي وصورته]
(الثَّالِثُ: التَّعْلِيقُ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْحُمَيْدِيُّ، وَغَيْرُهُ) مِنَ الْمَغَارِبَةِ (فِي أَحَادِيثَ مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَسَبَقَهُمْ بِاسْتِعْمَالِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، صُورَتُهُ أَنْ يُحْذَفَ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْنَادِ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ) عَلَى التَّوَالِي بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَيُعْزَى الْحَدِيثُ إِلَى مَنْ فَوْقِ الْمَحْذُوفِ مِنْ رُوَاتِهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْضَلِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، فَيُجَامِعُهُ فِي حَذْفِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَيُفَارِقُهُ فِي حَذْفِ وَاحِدٍ، وَفِي اخْتِصَاصِهِ بِأَوَّلِ السَّنَدِ.
(وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيقِ الْجِدَارِ أَوِ الطَّلَاقِ لِقَطْعِ الِاتِّصَالِ) فِيهِمَا.
(وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْضُهُمْ فِي حَذْفِ كُلِّ الْإِسْنَادِ، كَقَوْلِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَوْ عَطَاءٌ، أَوْ غَيْرُهُ كَذَا) ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ لِأَنَّ مَوْضُوعَ كُتُبِهِمْ بَيَانُ مَا فِي الْأَسَانِيدِ مِنِ اخْتِلَافٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَهَذَا التَّعْلِيقُ لَهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ) إِذَا وَقَعَ فِي كِتَابٍ الْتُزِمَتْ صِحَّتُهُ، (كَمَا تَقَدَّمَ فِي) الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ (نَوْعِ الصَّحِيحِ.
وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا التَّعْلِيقَ فِي غَيْرِ صِيغَةِ الْجَزْمِ، كَيُرْوَى عَنْ فُلَانٍ كَذَا، أَوْ يُقَالُ عَنْهُ، وَيُذْكَرُ وَيُحْكَى وَشِبْهِهَا، بَلْ خَصُّوا بِهِ صِيغَةَ الْجَزْمِ، كَقَالَ وَفَعَلَ، وَأَمَرَ، وَنَهَى، وَذَكَرَ، وَحَكَى) ، كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي غَيْرِ الْمَجْزُومِ بِهِ، مِنْهُمُ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ حَيْثُ أَوْرَدَ فِي الْأَطْرَافِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ ذَلِكَ مُعَلِّمًا عَلَيْهِ عَلَامَةَ التَّعْلِيقِ.
بَلِ الْمُصَنِّفُ نَفْسُهُ أَوْرَدَ فِي الرِّيَاضِ حَدِيثَ عَائِشَةَ: «أُمِرْنَا أَنْ نُنْزِلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» ، وَقَالَ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا، فَقَالَ: وَذُكِرَ عَنْ عَائِشَةَ.
(وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ فِيمَا سَقَطَ وَسَطُ إِسْنَادِهِ) ; لِأَنَّ لَهُ اسْمًا يَخُصُّهُ مِنَ الِانْقِطَاعِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
وَالْإِرْسَالِ، وَالْإِعْضَالِ.
أَمَّا مَا عَزَاهُ الْبُخَارِيُّ لِبَعْضِ شُيُوخِهِ بِصِيغَةِ: قَالَ فُلَانٌ، وَزَادَ فُلَانٌ، وَنَحْوُ فُلَانٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ التَّعْلِيقِ، عَنْ شُيُوخِ شُيُوخِهِ وَمَنْ فَوْقَهُمْ (ق 75 \ ب) ، بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَنْعَنَةِ مِنَ الِاتِّصَالِ بِشَرْطِ اللِّقَاءِ وَالسَّلَامَةِ مِنَ التَّدْلِيسِ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ.
قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ جَعَلَهُ قِسْمًا مِنَ التَّعْلِيقِ ثَانِيًا، وَأَضَافَ إِلَيْهِ قَوْلَ الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ لِي فُلَانٌ، وَزَادَنَا فُلَانٌ، فَوَسَمَ كُلَّ ذَلِكَ بِالتَّعَلُّقِ.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ هَاهُنَا هُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ خَالَفَ ذَلِكَ فِي نَوْعِ الصَّحِيحِ، فَجُعِلَ مِنْ أَمْثِلَةِ التَّعْلِيقِ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ: قَالَ عَفَّانُ كَذَا، وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ كَذَا، وَهُمَا مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ ; وَالَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، كَابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالْمِزِّيِّ أَنَّ لِذَلِكَ حُكْمَ الْعَنْعَنَةِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ هُنَا: وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيُّ، وَهُوَ أَعْرَفُ بِالْبُخَارِيِّ: كُلُّ مَا قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ لِي فُلَانٌ، أَوْ قَالَ لَنَا، فَهُوَ عَرْضٌ وَمُنَاوَلَةٌ.