الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ حَدِيثَيْنِ دَائِرَةً
، نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَاسْتَحَبَّ الْخَطِيبُ أَنْ تَكُونَ غُفْلًا، فَإِذَا قَابَلَ نَقَطَ وَسَطَهَا، وَيُكْرَهُ فِي مِثْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ فُلَانٍ كِتَابَةُ عَبْدٍ آخَرَ السَّطْرِ وَاسْمِ اللَّهِ مَعَ ابْنِ فُلَانٍ أَوَّلَ الْآخَرِ. وَكَذَا يُكْرَهُ رَسُولُ آخِرَهُ وَاللَّهِ مَعَ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهُ. وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَافِظَ عَلَى كِتَابَةِ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَسْأَمَ مِنْ تِكْرَارِهِ وَمَنْ أَغْفَلَهُ حُرِمَ حَظًّا عَظِيمًا.
وَلَا يَتَقَيَّدُ فِيهِ بِمَا فِي الْأَصْلِ إِنْ كَانَ نَاقِصًا، وَكَذَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى كَعَزَّ وَجَلَّ وَشِبْهِهِ، وَكَذَا التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمِ عَلَى الصَحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ وَسَائِرِ الْأَخْيَارِ، وَإِذَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَانَتِ الْعِنَايَةُ بِهِ أَشَدَّ، وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصَّلَاةِ أَوِ التَّسْلِيمِ وَالرَّمْزِ إِلَيْهِمَا فِي الْكِتَابَةِ، بَلْ يَكْتُبُهُمَا بِكَمَالِهِمَا.
ــ
[تدريب الراوي]
آخِرَهُ) مُرَادَهُ بِتِلْكَ الرُّمُوزِ.
(وَاكْتَفَى كَثِيرُونَ بِالتَّمْيِيزِ بِحُمْرَةٍ، فَالزِّيَادَةُ تُلْحَقُ بِحُمْرَةٍ، وَالنَّقْصُ يُحَوِّقُ عَلَيْهِ بِحُمْرَةٍ، مُبَيِّنًا اسْمَ صَاحِبِهَا أَوَّلَ الْكِتَابِ أَوْ آخِرَهُ) .
هَذَا الْفَرْعُ كُلُّهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الضَّرْبِ وَالْمَحْوِ، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا لِلْمُنَاسَبَةِ مَعَ الِاخْتِصَارِ.
[الثَّالِثَةُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ حَدِيثَيْنِ دَائِرَةً]
(الثَّالِثَةُ: يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ حَدِيثَيْنِ دَائِرَةً) لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا (نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ) كَأَبِي الزِّنَادِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ وَابْنِ جَرِيرٍ.
(وَاسْتَحَبَّ الْخَطِيبُ أَنْ تَكُونَ) الدَّارَاتُ (غُفْلًا، فَإِذَا قَابَلَ نَقَطَ وَسَطَهَا) أَيْ نَقَطَ وَسَطَ كُلِّ دَائِرَةٍ عَقِبَ الْحَدِيثِ الَّذِي يَفْرُغُ مِنْهُ، أَوْ خَطَّ فِي وَسَطِهَا خَطًّا، قَالَ: وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُعْتَدُّ مِنْ سَمَاعِهِ إِلَّا بِمَا كَانَ كَذَلِكَ، أَوْ فِي مَعْنَاهُ.
(وَيُكْرَهُ فِي مِثْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فُلَانٍ) وَكُلِّ اسْمٍ مُضَافٍ إِلَى اسْمِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
اللَّهِ تَعَالَى: (كِتَابَةُ عَبْدِ آخِرَ السَّطْرِ وَاسْمِ اللَّهِ مَعَ ابْنِ فُلَانٍ أَوَّلَ الْآخَرِ) .
وَأَوْجَبَ اجْتِنَابَ مِثْلِ ذَلِكَ ابْنُ بَطَّةَ وَالْخَطِيبُ، وَوَافَقَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ.
(وَكَذَا يُكْرَهُ) فِي رَسُولِ اللَّهِ أَنْ يُكْتَبَ (رَسُولُ آخِرَهُ وَاللَّهِ مَعَ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَهُ وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ) مِنَ الْمُوهِمَاتِ وَالْمُسْتَشْنَعَاتِ، كَأَنْ يُكْتَبَ قَاتِلُ مِنْ قَوْلِهِ:«قَاتِلُ ابْنِ صَفِيَّةَ فِي النَّارِ» ، فِي آخِرِ السَّطْرِ وَابْنِ صَفِيَّةَ فِي أَوَّلِهِ، أَوْ يُكْتَبَ فَقَالَ، مِنْ قَوْلِهِ فِي «حَدِيثِ شَارِبِ الْخَمْرِ فَقَالَ عُمَرُ: أَخْزَاهُ اللَّهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ» ، آخِرَهُ، وَعُمَرُ وَمَا بَعْدَهُ، أَوَّلَهُ.
وَلَا يُكْرَهُ فَصْلُ الْمُتَضَايِفَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ كَسُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، يُكْتَبُ سُبْحَانَ آخِرَ السَّطْرِ وَاللَّهِ الْعَظِيمِ أَوَّلَهُ، مَعَ أَنَّ جَمْعَهُمَا فِي سَطْرٍ وَاحِدٍ أَوْلَى.
(وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَافِظَ عَلَى كِتَابَةِ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّمَا ذُكِرَ (وَلَا يَسْأَمَ مِنْ تَكْرَارِهِ) ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْثَرِ الْفَوَائِدِ الَّتِي يَتَعَجَّلُهَا طَالِبُ الْحَدِيثِ، (وَمَنْ أَغْفَلَهُ حُرِمَ حَظًّا عَظِيمًا) فَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ: إِنَّهُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ، لِكَثْرَةِ مَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
يَتَكَرَّرُ ذِكْرُهُ فِي الرِّوَايَةِ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَوْرَدُوا فِي ذَلِكَ حَدِيثَ:«مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَهُوَ مِمَّا يَحْسُنُ إِيرَادُهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى ذِكْرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ لَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، فَإِنَّ لَهُ طُرُقًا تُخْرِجُهُ عَنِ الْوَضْعِ، وَتَقْتَضِي أَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الْجُمْلَةِ، فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ وَالدَّيْلَمِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ، وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَالْأَصْبِهَانِيُّ فِي تَرْغِيبِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي " تَارِيخٍ أَصْبَهَانَ " مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ فِي " مَحَاسِنِ الِاصْطِلَاحِ " هُنَا عَنْ فَضْلِ الصَّلَاةِ لِلتُّجِيبِيِّ قَالَ: جَاءَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ:«إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَاءَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَبِأَيْدِيهِمُ الْمَحَابِرُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ جِبْرِيلَ فَيَسْأَلُهُمْ مَنْ أَنْتُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُونَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، فَيَقُولُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ طَالَمَا كُنْتُمْ تُصَلُّونَ عَلَى نَبِيِّي فِي دَارِ الدُّنْيَا» . وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْخَطِيبُ عَنِ الصُّورِيِّ عَنِ ابْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الرَّقِّيِّ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ، وَقَالَ إِنَّهُ مَوْضُوعٌ، وَالْحَمْلُ فِيهِ عَلَى الرَّقِّيِّ، قُلْتُ: لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ هَذِهِ عَنْ أَنَسٍ أَوْرَدَهَا الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي مُخْتَصَرِ الْمَوْضُوعَاتِ.
تَنْبِيهٌ:
يَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ عِنْدَ ذِكْرِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِلِسَانِهِ وَبَنَانِهِ، ذَكَرَهُ التُّجِيبِيُّ (وَلَا يَتَقَيَّدُ فِيهِ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ كِتَابَةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم (بِمَا فِي الْأَصْلِ إِنْ كَانَ نَاقِصًا) بَلْ يَكْتُبُهُ وَيَتَلَفَّظُ بِهِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لَا كَلَامٌ يَرْوِيهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي نُطْقًا لَا خَطًّا، فَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَمَالَ إِلَى صَنِيعِ أَحْمَدَ، ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ: أَنْ يَتْبَعَ الْأُصُولَ وَالرِّوَايَاتِ، وَإِذَا ذَكَرَ الصَّلَاةَ لَفْظًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ فِي الْأَصْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصْحَبَهَا قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. كَرَفْعِ رَأْسِهِ عَنِ النَّظَرِ فِي الْكِتَابِ وَيَنْوِي بِقَلْبِهِ أَنَّهُ الْمُصَلِّي لَا حَاكٍ لَهَا عَنْ غَيْرِهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
وَقَالَ عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ وَابْنُ الْمَدِينِيُّ: مَا تَرَكْنَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ حَدِيثٍ سَمِعْنَاهُ، وَرُبَّمَا عَجَّلْنَا فَنُبَيِّضُ الْكِتَابَ فِي حَدِيثٍ حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْهِ.
(وَكَذَا) يَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَى (الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى، كَعَزَّ وَجَلَّ) ، وَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، (وَشِبْهِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَصْلِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ: (وَكَذَا التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى الصَحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ وَسَائِرِ الْأَخْيَارِ) .
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ عز وجل وَنَحْوُهُ فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنْ كَانَ عَزِيزًا جَلِيلًا، وَلَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الصَحَابَةِ اسْتِقْلَالًا وَيَجُوزُ تَبَعًا، (وَإِذَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَانَتِ الْعِنَايَةُ بِهِ) فِي الْكِتَابِ (أَشَدَّ) وَأَكْثَرَ، (وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصَّلَاةِ أَوِ التَّسْلِيمِ) هُنَا. وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ شُرِعَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ، كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56](الْأَحْزَابِ: 56) ، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي خَطِّ الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ.