الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثُ: إِذَا رُوِيَ الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَحْصُلَ مِنْ مَجْمُوعِهَا حُسْنٌ، بَلْ مَا كَانَ ضَعْفُهُ لِضَعْفِ حِفْظِ رَاوِيهِ الصَّدُوقِ الْأَمِينِ زَالَ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَصَارَ حَسَنًا، وَكَذَا إِذَا كَانَ ضَعْفُهَا لِإِرْسَالٍ زَالَ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَأَمَّا الضَّعْفُ لِفِسْقِ الرَّاوِي فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مُوَافَقَةُ غَيْرِهِ.
ــ
[تدريب الراوي]
وَجَلَالَتِهِ، فَحَدِيثُهُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ حَسَنٌ، فَلَمَّا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ كَوْنُهُ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ حَكَمْنَا بِصِحَّتِهِ، وَالْمُتَابَعَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ لِمُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بَلْ لِأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ أَيْضًا الْأَعْرَجُ، وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَأَبُوهُ وَغَيْرُهُمْ.
وَمَثَّلَ غَيْرُ ابْنِ الصَّلَاحِ بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي ذِكْرِ خَيْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ أُبَيًّا هَذَا ضَعَّفَهُ - لِسُوءِ حِفْظِهِ - أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، لَكِنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَخُوهُ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ فَارْتَقَى إِلَى دَرَجَةِ الصِّحَّةِ.
[حُكْمُ حَدِيثٍ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ]
(الثَّالِثُ: إِذَا رُوِيَ الْحَدِيثُ مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَحْصُلَ مِنْ مَجْمُوعِهَا) أَنَّهُ (حَسَنٌ بَلْ مَا كَانَ ضَعْفُهُ لِضَعْفِ حِفْظِ رَاوِيهِ الصَّدُوقِ الْأَمِينِ زَالَ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ) ، وَعَرَفْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ حَفِظَهُ وَلَمْ يَخْتَلَّ فِيهِ ضَبْطُهُ، (وَصَارَ) الْحَدِيثُ (حَسَنًا) بِذَلِكَ، كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ (ق 58 \ أ) بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ تَزَوَّجَتْ عَلَى نَعْلَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَجَازَ» .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ، عَنْ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي حَدْرَدٍ، فَعَاصِمٌ ضَعِيفٌ لِسُوءِ حِفْظِهِ، وَقَدْ حَسَّنَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ لِمَجِيئِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ.
(وَكَذَا إِذَا كَانَ ضَعْفُهَا لِإِرْسَالٍ) ، أَوْ تَدْلِيسٍ، أَوْ جَهَالَةِ رِجَالٍ، كَمَا زَادَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (زَالَ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ) وَكَانَ دُونَ الْحَسَنِ لِذَاتِهِ.
مِثَالُ الْأَوَّلِ يَأْتِي فِي نَوْعِ الْمُرْسَلِ، وَمِثَالُ الثَّانِي مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَرْفُوعًا:«إِنَّ حَقًّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْتَسِلُوا يَوْمَ الْجُمْعَةِ، وَلْيَمَسَّ أَحَدُهُمْ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالْمَاءُ لَهُ طِيبٌ» .
فَهُشَيْمٌ مَوْصُوفٌ بِالتَّدْلِيسِ، لَكِنْ لَمَّا تَابَعَهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ، وَكَانَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
لِلْمَتْنِ شَوَاهِدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَغَيْرِهِ حَسَّنَهُ.
(وَأَمَّا الضَّعْفُ لِفِسْقِ الرَّاوِي) ، أَوْ كَذِبِهِ، (فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مُوَافَقَةُ غَيْرِهِ) لَهُ، إِذَا كَانَ الْآخَرُ مِثْلَهُ ; لِقُوَّةِ الضَّعْفِ وَتَقَاعُدِ هَذَا الْجَابِرِ.
نَعَمْ يَرْتَقِي بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ، عَنْ كَوْنِهِ مُنْكَرًا أَوْ لَا أَصْلَ لَهُ. صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، قَالَ: بَلْ رُبَّمَا كَثُرَتِ الطُّرُقُ حَتَّى أَوْصَلَتْهُ إِلَى دَرَجَةِ الْمَسْتُورِ وَالسَّيِّئِ الْحِفْظِ، بِحَيْثُ إِذَا وُجِدَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ فِيهِ ضَعْفٌ قَرِيبٌ مُحْتَمَلٌ ارْتَقَى بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ إِلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ.
1 -
خَاتِمَةٌ
مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي الْمَقْبُولِ: الْجَيِّدُ، وَالْقَوِيُّ، وَالصَّالِحُ وَالْمَعْرُوفُ، وَالْمَحْفُوظُ، وَالْمُجَوَّدُ، وَالثَّابِتُ.
فَأَمَّا الْجَيِّدُ: فَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ لَمَّا حَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ (ق 58 \ ب)، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ أَصَحَّهَا: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: عِبَارَةُ أَحْمَدَ أَجْوَدُ الْأَسَانِيدِ، كَذَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ.
قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ يَرَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالصَّحِيحِ، كَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْجَوْدَةَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الصِّحَّةِ.
وَفِي " جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ " فِي الطِّبِّ: هَذَا حَدِيثٌ جَيِّدٌ حَسَنٌ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ، لَا