الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجه آخر:
وهو أن الله تعالى ذكر لنا عبادتهم؛ لنعرف العبادة الشرعية كيف تكون؛ فذكرها مع الخوف والطمع، فعرفنا أن العبادة وضعت في الشرع على ذلك.
ووجه ثالث:
وهو أنه تعالى ذكر لنا صفاتهم وعبادتهم؛ لنقتدي بهم فيها، فعلم أن العبادة التي يدعونا ربنا إليها هي العبادة خوفاً وطمعاً.
2 -
ومثل هذه الآية:
ووجه الدليل منها كالتي قبلها.
وتزيد عليها ببيان صريح دعائهم وطلبهم الوقاية من النار، وغفران وتكفير السيئات.
3 -
ومثلها قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65].
ووجه الدليل منها كالتي قبلها.
4 -
ومثلها قوله تعالى:
ووجه الدليل منها مثل ما تقدم وتزيد ببيان أن خوف اليوم العبوس لا ينافي الإطعام لوجه الله.
5 -
ومثلها قوله تعالى:
ووجه الدليل كما تقدم، وفيها أيضاً بيان أن خوف سوء الحساب لا ينافي الصبى ابتغاء وجه الله تعالى.
6 -
ومثلها قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 57 - 61]، ووجه الدليل كما تقدم.
ومعنى الآية: أنهم يعطون ما أعطوا من أعمال البر والطاعات، وقلوبهم خائفة من أنهم راجعون إلى ربهم، فيخافون ألا تقبل منهم. ففيها بيان أنهم كانوا يعملون راجين قبول الأعمال، خائفين من عدم قبولها.
فهؤلاء هم الكمل من عباد الله، وهذه هي عبادتهم في صريح هذه الآيات الكريمة التي ذكرت فيها صفاتهم.
وكلها بكثرتها وصراحتها دالة دلالة قطعية لما قلناه: من أن العبادة الشرعية موضوعة على رجاء الثواب والخوف من العقاب؛ إذ ذلك هو أظهر مظاهر العبودية بذلها وخضوعها، وضعفها وحاجتها وفقرها، وحالتها المباينة غاية المباينة لمقام الربوبية، مقام ذي الجلال والإكرام.
ولا تجد في القرآن العظيم، آية واحدة دالة دلالة صريحة على ذكر عبادة- هكذا- دون خوف أو طمع.
7 -
ونزيد على الآيات المتقدمة، آية دالة على حال عبادة المعصومين عليهم الصلاة والسلام، وهي قوله تعالى:{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82].
ووجه الدليل في الآية: أن إبراهيم عليه السلام أخبر عن نفسه بصيغة المضارع، المفيد للتجدد، أنه يطمع من الله أن يغفر له خطيئته؛ فدل ذلك على أنه كان في عبادته طامعاً. ومعلوم أنه معصوم، وأنه مؤمن من العذاب، وأن ما سماه خطيئة هو بالنسبة إلى مقامه الرفيع من باب:"حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ"(1).
ومع ذلك كله فالمقصود من الدليل حاصل، وهو أنه خاف المؤاخذة- المؤاخذة اللائقة بمقامه- وطمع في الغفران، وكانت عبادته على الطمع والخوف.
ولا يقال: إنه كان معلماً للناس؛ لأنه إخبار عن نفسه، وخبره صدق ثابت، فلا بد أن يكون كما أخبر.
(1) نص حديث ذكره القاري في الأسرار المرفوعة [ص:186]. والشوكاني في الفوائد المجموعة [ص:250]. والعجلوني في كشف الخفا (428/ 1) والألباني في السلسلة الضعيفة [ص:100].