الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعنى:
هذه المخلوقات كلها عاجزة في نفسها مفتقرة- ابتداء ودواماً- إلى خالقها، فاهربوا من شرها إلى خالقها، فهو الذي ينجيكم من شرها ويهديكم إلى خيرها، ولا تغتروا بشيء منها، فإنها لاتملك حفظاً لنفسها فكيف تملكه لغيرها.
إنني أحذركم الهلاك إذا اغتررتم بها، وقطعتكم عن خالقها ولم تهربوا إلى الله منها، وقد أبنت لكم مصدر الهلاك وطريق النجاة.
نكتة التنويع:
جاءت الثلاث آيات الأول كما يكون قولها من الله.
وجاءت هذه الآية كما يكون قولها من النبي صلى الله عليه وسلم تنويعاً للخطاب وتفنناً، فإنه لما كان في هذه الآية، هو المقصود حول أسلوب الكلام من الإخبار إلى الأمر؛ تجديداً لنشاط [[السامع]]، وبعثاً لاهتمام المخاطبين، وحَثًّا لهم وتوكيداً عليهم.
وفيه تنبيه على أن ما يقوله النبي- صلى اله عليه وآله وسلم- مثل ما يقوله الله في وجوب الإيمان والامتثال.
بيان وتوحيد:
هذا العالم بسمائه وأرضه وأزواجه، هو فتنة للإنسان بما فيه من لذائذ ومن جمال، وما فيه من قوة وما فيه من سلطان.
وقد ركبت في الإنسان شهواته وأهواؤه، وسلط عليه الشيطان يغويه ويزين له.
فكل هذا العالم إذا ذهب فيه الإنسان مع أهوائه وشهواته تحت إغواء الشيطان وتزيينه، فإنه يحط إلى أسفل سافلين، ويصير عبداً لأهوائه وشهواته وشيطانه، ولكل ما فتنه من العالم وذهب بلبه، وقد ينتهي به ذلك إلى عبادته من دون خالقه.
فالعالم بهذا الاعتبار شر وبلاء وهلاك يجب الفرار والهروب منه، ولا يكون هذا الفرار منه إلاّ إلى خالقه بالإيمان به، والتصديق لرسله، والدخول تحت شرعه، فبذلك يعرف الإنسان كيف يجعل حداً لأهوائه وشهواته، وكيف يضبطها بنطاق الشرع وزمامه، وكيف يدفع عنه كيد شيطانه، وكيف يتناول سماء العالم وأرضه وأزواجه بيد الشرع، فيعرف ما فيها من نعمة وحكمة، فيستغلها بهداية الشرع مفرقاً علمياً وعملياً بين منافعها ومضارها، فيعظم بها انتفاعه ويزداد فيها اطلاعه واكتشافه، فتتضاعف عليه منها الخيرات والبركات، ويزداد علمه وعرفانه، ويقوى يقينه وإيمانه، ويعظم لله بره وشكرانه.
فيكون له ذلك العالم جنة الدنيا، وقنطرة لجنة الأخرى، ويفوز من الدارين بالمبتغى. كل هذا بفراره من المخلوقات إلى خالقها، فسلم من شرها، وفاز بخيرها.