الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي إكرام صديقهما جاء في الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله، وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه. قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم الأعراب، وإنهم يرضون باليسير. فقال عبد الله: إن أبا هذا كان وداً لعمر بن الخطاب. واني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
«إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه» (2).
هذا، وإن من راض نفسه على هذه الأخلاق الكريمة والمعاملة الحسنة والأقوال الطيبة التي أمر بها مع والديه- يحصل له من الارتياض عليها كمال أخلاقي مع الناس أجمعين. وكان ذلك من ثمرات امتثال أمر الله وطاعة الوالدين.
والله يوفقنا ويهدينا سواء السبيل، إنه المولى الكريم رب العالمين.
صلاح النفوس وإصلاحها
{رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)} [الإسراء: 25].
الشرح والمعنى:
صلاح الشيء: هو كونه على حالة اعتدال في ذاته وصفاته، بحيث تصدر عنه أو به أعماله المرادة منه على وجه الكمال.
وفساد الشيء هو كونه على حالة اختلال في ذاته أو صفاته، بحيث تصدر عنه أو به تلك الأعمال على وجه النقصان.
اعتبر هذا في البدن، فإن له حالتين: حالة صحة، وحالة مرض.
والأولى هي حالة صحته باعتدال مزاجه، فتقوم أعضاؤه بوظائفها وينهض هو بأعماله.
(1) أخرجه أبو داود في الأدب باب 120. والترمذي في البر باب5. وابن ماجه في الأدب باب. 2. وأحمد في المسند (3/ 498).
(2)
أخرجه مسلم في البر (حديث 11 و12) وأبو داود في الأدب باب 120. والترمذي في البر باب 5. وأحمد في المسند (2/ 88،91،97،111).
والثانية هي حالة فساده باختلال مزاجه، فتتعطل أعضاؤه أو تضعف كلها أو بعضها عن القيام بوظائفه، ويقعد هو أو يثقل عن أعماله.
هذا الذي تجده في البدن هو نفسه تجده في النفس: فلها صحة، ولها مرض، حالة صلاح وحالة فساد.
(والإصلاح) هو إرجاع الشيء إلى حالة اعتداله، بإزاء ما طرأ عليه من فساد.
(والإفساد) هو إخراج الشيء عن حالة اعتداله بإحداث اختلال فيه.
فإصلاح البدن بمعالجته بالحمية والدواء، وإصلاح النفس بمعالجتها بالتوبة الصادقة.
وإفساد البدن بتناول ما يحدث به الضرر، وإفساد النفس بمفارقة المعاصي والذنوب. وهكذا تعتبر النفوس بالأبدان في باب الصلاح والفساد، في كثير من الأحوال، غير أن الاعتناء بالنفوس أهم وألزم، لأن خطرها أكبر وأعظم.
إن المكلف المخاطب من الإنسان هو نفسه، وما البدن إلاّ آلة لها ومظهر تصرفاتها، وإن صلاح الإنسان وفساده إنما يقاسان بصلاح نفسه وفسادها. وإنما رقيه وانحطاطه باعتبار رقي نفسه وانحطاطها، وما فلاحه إلاّ بزكائها، وما خيبته إلاّ بخبثها. قال تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10،9].
وفي الصحيح: «ألا وإن في الجسد مضغة (1) إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» (2).
وليس المقصود من القلب مادته وصورته، وإنما المقصود النفس الإنسانية المرتبطة به.
وللنفس ارتباط بالبدن كله، ولكن القلب عضو رئيسي في البدن، ومبعث دورته الدموية، وعلى قيامه بوظيفته تتوقف صلوحية البدن، لارتباط النفس به. فكان حقيقاً لأن يعبر به عن النفس على طريق المجاز.
وصلاح القلب- بمعنى النفس- بالعقائد الحقة، والأخلاق الفاضلة، وإنما يكونان بصحة العلم، وصحة الإرادة، فإذا صلحت النفس هذا الصلاح صلح البدن كله، بجريان الأعضاء كلها في الأعمال المستقيمة. وإذا فسدت النفس من ناحية العقد، أو ناحية الخلق، أو ناحية العلم، أو ناحية الإرادة
…
فسد البدن، وجرت أعمال الجوارح على غير وجه السداد.
(1) المضغة: القطعة من اللحم، سميت لذلك لأنها تمضغ في الفم لصغرها.
(2)
أخرجه من حديث النعمان بن بشير: البخاري في الإيمان باب 39. ومسلم في المساقاة (حديث 107) وابن ماجة في الفتن باب 14. والدارمي في البيوع باب1. وتمام الحديث كما في البخاري: «الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس؛ فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه. ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله محارمه. ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».
فصلاح النفس هو صلاح الفرد، وصلاح الفرد هو صلاح المجموع والعناية الشرعية متوجهة كلها إلى إصلاح النفوس: إما مباشرة وإما بواسطة.
فما من شيء مما شرعه الله تعالى لعباده من الحق والخير والعدل والإحسان إلاّ وهو راجع عليها بالصلاح.
وما من شيء نهى الله تعالى عنه من الباطل والشر والظلم والسوء إلّا وهو عائد عليها بالفساد.
فتكميل النفس الإنسانية هو أعظم المقصود من إنزال الكتب، وإرسال الرسل، وشرع الشرائع.
وهذه الآيات الثمان عشرة قد جمعت من أصول الهداية ما تبلغ به النفوس- إذا تمسكت به- غاية الكمال.
قد أمر تعالى في الآيات المتقدمة بعبادته والإخلاص له.
وأمر ببر الوالدين، والإحسان إليهما في الظاهر والباطن.
كما أمر بغير ذلك في الآيات اللاحقة. ووضع هذه الآية أثناء ذلك، وهي متعلقة بالنفس وصلاحها .. لينبه الخلق على أصل الصلاح الذي منه يكون، ومنشؤه الذي منه يبتدىء. فإذا صلحت النفس قامت بالتكاليف التي تضمنتها هذه الآيات الجامعة لأصول الهداية، وهذا هو وجه ارتباط هذه الآية بما قبلها وما بعدها، الذي يكون قبل التدبر خفياً.
ونظير هذه الآية في موقعها ودلالتها على ما به يسهل القيام بأعباء التكاليف- قوله تعالى:
{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238].
فقد جاءت أثناء آيات أحكام الزوجية آمرة بالمحافظة على الصلوات، تنبيهاً للعباد على أن المحافظة عليها على وجهها، تسهل القيام بأعباء تكاليف تلك الآيات، لأنها تزكي النفس بما فيها من ذكر وخشوع وحضور وانقطاع إلى الله تعالى، وتوجه إليه، ومناجاة له.
وهذا كله تعرج به النفس في درجات الكمال.
والنفوس الزكية الكاملة تجد في طاعة خالقها لذة وأنساً تهون معهما أعباء التكليف.
ثم إن العباد بنقص الخلقة وغلبة الطبع .. معرضون للتقصير في ظاهرهم وباطنهم في صور أعمالهم ودخائل أنفسهم- وخصوصاً في باب الإخلاص- فذكروا بعلم ربهم بما في نفوسهم في قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ} ليبالغوا في المراقبة فيتقنوا أعمالهم في صورها ويخلصوا بها له. وهذه المراقبة هي الإحسان الذي هو عبادتك الله كأنك تراه (1).
(1) كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس، فأتاه رجل فقال: ما=
وذكر اسم الرب لأنه المناسب لإثبات صفة العلم، فهو الرب الذي خلق النفوس، وصورها ودبرها. ولا يكون ذلك إلاّ بعلمه بها في جميع تفاصيلها وكيف يخفى عليه شيء وهو خلقها؟ {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الحبير} [الملك: 14].؟!.
والصالحون في قوله تعالى: {إن تكونوا صالحين} ، هم الذين صلحت أنفسهم فصلحت أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم (1).
وصلاح النفس وهو صفة لها .. خفي كخفائها؟ وكما أننا نستدل على وجود النفس وارتباطها بالبدن بظهور أعمالها في البدن، كذلك نستدل على اتصافها بالصلاح وضده بما نشاهده من أعمالها:
فمن شاهدنا منه الأعمال الصالحة- وهي الجارية على سنن الشرع، وآثار النبي صلى الله عليه وآله وسلم حكمنا بصلاح نفسه، وأنه من الصالحين.
ومن شاهدنا منه خلاف ذلك حكمنا بفساد نفسه، وأنه ليس منهم.
ولا طريق لنا في معرفة صلاح النفوس وفسادها إلاّ هذا الطريق. وقد دلنا الله تعالى عليه في قوله تعالى:
فذكر الأعمال، ثم حكم لأهلها بأنهم من الصالحين. فأفادنا: أن الأعمال هي دلائل الصلاح، وأن الصلاح لا يكون إلاّ بها، ولا يستحقه إلاّ أهلها.
= الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث. قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان. قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: متى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمَة ربتها، وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان، في خمس لا يعلمهم إلاّ الله. ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عنده علم الساعة. ثم أدبر، فقال: ردوه! فلم يروا شيئاً. فقال: هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم». أخرجه البخاري في الإيمان باب 37، وهذا لفظه. ومسلم في الإيمان (حديث 1 و5 و6 و7) وأبو داود في السنة باب 16. والترمذي في الإيمان باب 4. والنسائي في الإيمان باب 5 و6. وابن ماجة في المقدمة باب 9. وأحمد في المسند (2/ 107،132).
(1)
ربط الطبري الصلاح في هذه الآية بما تقدم قبلها من أمره بالإحسان إلى الوالدين، فقال في تفسيره (8/ 65): «وقوله: إن تكونوا صالحين؟ يقول: إن انتم أصلحتم نياتكم فيهم وأطعتم الله فيما أمركم به من البر بهم والقيام بحقوقهم عليكم بعد هفوة كانت منكم أو زلة في واجب لهم عليكم مع القيام بما ألزمكم في غير ذلك من فرائضه، فإنه كان للأوابين بعد الزلة والتائبين بعد الهفوة غفورا لهم".
ثم إن العباد يتفاوتون في درجات الصلاح على حسب تفاوتهم في الأعمال. ويكون لنا أن نقضي بتفاوتهم في الظاهر بحسب ما نشاهد. ولكن ليس لنا أن نقضي بين أهل الأعمال الصالحة في تفاوتهم عند الله في الباطن؟ فندعي أن هذا أعلى درجة في صلاحه عند الله تعالى من هذا، لأن الأعمال قسمان: أعمال الجوارح، وأعمال القلوب، وهذه أصل لأعمال الجوارح.
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «التقوى ههنا» ، ويشير إلى صدره ثلاث مرات (1). فمنازل الصالحين عند ربهم لا يعلمها إلاّ الله.
(والأوابون) في قوله تعالى: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} . هم الكثيرو الرجوع إلى الله تعالى.
والأوبة في كلام العرب هي الرجوع، قال عبيد:
وَكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يَؤُوبُ
…
وَغَائِبُ الْمَوْتِ لَا يَؤُوبُ
والتوبة، هي الرجوع عن الذنب ولا يكون إلّا بالإقلاع عنه، واعتبر فيها الشرع الندم على ما فات، والعزم على عدم العود، وتدارك ما يمكن تداركه. فيظهر أن الأوبة أعم من التوبة: فتشمل من رجع إلى ربه تائباً من ذنبه، ومن رجع إليه يسأله ويتفرع إليه أن يرزقه التوبة من الذنوب.
فنستفيد من الآية الكريمة: سعة باب الرجوع إلى الله تعالى. فإن تاب العبد، فذاك هو الواجب عليه، والمخلِّص له- بفضل الله- من ذنبه. وإن لم يتب فليدم الرجوع إلى الله تعالى بالسؤال والتضرع، والتعرض لمظان الإجابة وخصوصاً في سجود الصلاة، فقمين (2) - إن شاء الله تعالى- أن يستجاب له.
وشر العصاة هو الذي ينهمك في المعصية، مصراً عليها، غير مشمر منها، ولا سائل من ربه - بصدق وعزم- التوبة منها، ويبقى معرضاً عنه ربه كما أعرض هو عنه، ويصر على الذنب حتى يموت قلبه. ونعوذ بالله من موت القلب فهو الداء العضال الذي لا دواء له.
وجاء لفظ "الأوابين" جمعاً لأواب، وهو فعّال من أمثلة المبالغة، فدل على كثرة رجوعهم إلى الله. وأفاد هذا طريقة إصلاح النفوس بدوام علاجها بالرجوع إلى الله: ذلك أن النفوس- بما
(1) جزء من حديث أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب (حديث رقم 32) والترمذي في البر والصلة (باب 18) وأحمد في المسند (2/ 277،360) من حديث أبي هريرة. واخرجه أحمد في المسند (3/ 135) من حديث أنس بن مالك. وتمام الحديث كما رواه مسلم: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره. التقوى ههنا- ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه» .
(2)
قمين: جدير.
ركب فيها من شهوة، وبما فطرت عليه من غفلة، وبما عرضت له من شؤون الحياة، وبما سلط عليها من قرناء السوء من شياطين الإنس والجن، لا تزال- إلاّ من عصم الله- في مقارفة ذنب، ومواقعة معصية صغيرة أو كبيرة، من حيث تدري ومن حيث لا تدري. وكل ذلك فساد يطرأ عليها، فيجب إصلاحها بإزالة نقصه، وإبعاد ضرره عنها. وهذا الإصلاح لا يكون إلاّ بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى.
ولما كان طروء الفساد متكرراً فالإصلاح بما ذكر يكون دائماً متكرراً.
والمداومة على المبادرة إلى إصلاح النفس من فسادها، والقيام في ذلك، والجد فيه، والتصميم عليه، هو من جهاد النفس الذي هو أعظم الجهاد.
ومن معنى هذه الآية قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]. وهم الذين كلما أذنبوا تابوا، والتوبة طهارة للنفس من دَرَنِ المعاصي.
(والغفور) في قوله تعالى: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} . هو الكثير المغفرة، لأنه على وزن فعول، وهو من أمثلة المبالغة الدالة على الكثرة. والمغفرة سترة للذنب وعدم مؤاخذته به.
ولما ذكر من وصف الصالحين كثرة رجوعهم إليه، ذكر من أسمائه الحسنى ما يدل على كثرة مغفرته ليقع التناسب في الكثرة من الجانبين، ومغفرته أكبر. وليعلم أن كثرة الرجوع إليه يقابله كثرة المغفرة منه، فلا يفتأ العبد راجعاً راجياً للمغفرة، ولا تقعده كثرة ما يذنب عن تجديد الرجوع، ولا يضعف رجاءه في نيل مغفرة الغفوركثرة الرجوع.
وقد أكد الكلام بـ"إن" لتقوية الرجاء في المغفرة. وجيءَ بلفظة كان، لتفيد أن ذلك هو شأنه مع خلقه من سابق، وهذا مما يقوي الرجاء فيه في اللاحق؛ فقد كان عباده يذنبون ويتوبون إليه، ويغفر لهم، ولا يزالون كذلك، ولا يزال تبارك وتعالى لهم غفوراً.
وإنما احتيج إلى هذا التأكيد في تقوية رجاء المذنب في المغفرة، ليبادر الرجوع على كل حال، لأن العبد مأخوذ بأمرين يضعفان رجاءه في المغفرة:
أحدهما كثرة ذنوبه التي يشاهدها فتحجبها كثرتها عن رؤية مغفرة الله تعالى، التي هي أكبر وأكثر.
والآخر رؤيته لطبعه البشري؛ وطبع بني آدم من المنع عند كثرة السؤال، كما قال شاعرهم - أي البشر- لأن الشاعر العربي عبر عن طبع بشري:
سأَلْنَا فَأَعْطَيْتُمْ وَعُدْنَا فَعُدْتُمْ
…
وَمَنْ أَكْثَرَ التِّسْآلَ يَوْماً سَيُحْرَمِ (1)
(1) البيت لزهير بن أبي سلمى، وهو البيت الأخير من معلقته، ومطلعها:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
…
بحومانة الدراج فالمتثلمِ
انظر ديوانه ([ص:112]- طبعة دار الكتب العلمية).