الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصنهاجية الأولى، التي خلفت الأغالبة على مملكة القيروان، ومدت ظلها على شرق الجزائر حينا من الدهر».
3 -
وتأثر بالحركة الإصلاحية للأفغاني ومحمد عبده، واقتفى أثرهما، وسلك طريق الشيخ عبده في التربية والتعليم، والإصلاح الديني واللغوي. وأعجب بحركة (المنار) والشيخ رشيد رضا، وبعض تلاميذه يقولون: إنه سمع من الشيخ محمد عبده حينما زار الجزائر ودرس بها بعض الدروس، حين عودته من المنفى في باريس.
4 -
وتأثر بابن تيمية وسلفيته، ويعتبره بحق المجدد الواعي والمصلح في شيخوخة الفكر الإسلامي.
5 -
وتأثر وأثر في كثير من زملائه المخلصين العاملين معه مثل: الشيخ البشير الإبراهيمي، والشيخ الطيب العقبي، والشيخ العربي التبسي، والشيخ مبارك الميلي وغيرهم.
6 -
فضلا عن أن نفسه كانت خيرة، وهمته عالية، وعقله مستنيرا، وقلمه سيالا، ومعلوماته وفيرة ومنظمة، وبديهته حاضرة، وذكاءه وقادا.
7 -
واتخذ من القرآن الكريم، والسنة الشريفة نبراسا ومنهاجا، وتملكه الفضل والنبل، وأسره الخير والفضل.
إمكانياته وجهوده:
إمكانياته كبيرة، وجهوده عظيمة، أعطى الجزائر الكثير، واكتفى بالقليل قوتا ومتاعا، ومن جوانب جهوده، ما يلي:
1 -
كان في الحق عاصفة لا تهدأ إلاّ إذا انتصر العدل، وفي الخير نفحة لا تسكن إلاّ إذا تنفس الإحسان.
2 -
وهو مدرس ماهر، لا يكل ولا يمل، يدرس من بعد صلاة الفجر إلى صلاة العشاء مع قسط ضئيل للراحة والصلاة والغداء، ثم يعظ الناس في مسجده بعد صلاة العشاء إلى ما شاء الله، لأنه أشفق على ينبوع الثقافة الإسلامية أن يصد تياره ما تراكم فيه من غثاء وحطام، فانبرى بالتدريس والإصلاح ليجعل للإسلام النقي الواضح قولا في كل مسألة، ورأيا في كل معضلة، وتوجيها في كل قصد.
ودرس في الجامع الأخضر في قسنطينة من سنة 1913م حتى لقي ربه في إبريل سنة 1940م.
3 -
وهو كاتب ممتع، وسلفي النزعة في كتابته، ومهذب في كتاباته، قليل السخرية بالأعداء والمبغضين، ولكن قلمه فيهم أمضى من السنان، وأسلوبه من السهل الممتنع، تدرج أسلوبه حتى
بلغ منزلة رفيعة، له بصر بالأدب وباع في اللغة وفقهها، محب للأدب القديم والحديث، يرتجل الشعر على البديهة ولكن شعره أقل جودة بكثير من نثره.
وصفه شاعر الجزائر المجيد الشيخ محمد العيد بقوله:
يراعك في التحرير أمضى من الظبا
…
وأقضى من الأحكام أيان يشهر
قبست من القرآن مشعل حكمة
…
ينار به السر اللطيف ويبصر
ولا يتكلم ولا يدرس إلاّ بالعربية الفصحى، غير متكلف فيها، ولا متقعر.
4 -
وهو فقيه من الطراز الأول، خبير بمذهب مالك، متفقه على غيره من المذاهب ويمقت التعصب لمذهب معين، وله فتاوى عظيمة، تحس منها أنه إهاب مليء علما منظما.
5 -
وهو مفسر ممتاز، له استقلاليته في الفهم والرأي، يقرأ التفاسير، ثم يجعل من عقله مصفاة لها، فلا يخرج منها إلاّ ما صح ونفع، ولاءم العصر، وصدق الخبر، مع حسن عرض، واستنباط واع، واستنتاج للعبرة، وحث على سنة، وإخماد لبدعة، في أسلوب عصري، وتطويل غير ممل، وإيجاز غير مخل.
فسر القرآن الكريم كله في خمس وعشرين سنة، أي ما يوازي مدة نزوله، واشتغل بتأليف الرجال عن تأليف الكتب، فلم يبق من تفسيره سوى هذا القدر الباقي في مجالس التذكير، مما كان ينشر في مجلة الشهاب، وهناك فرق كبير بين التفسير الخاص لطلابه، والعام في الوعظ والإرشاد، وما كان يكتب في مجالس التذكير ليقرأه العام والخاص. وهكذا اجتمعت عنده عدة الجهاد والاجتهاد، وأنار الله بصيرته، فأحيا شريعة، وأقام مجتمعا، وأنقذ شرفا وأمة ولغة.
6 -
وهو محدث بصير، شرح موطأ مالك رضي الله عنه كله، ولم يبق من هذا الشرح أيضا إلاّ ما جمعناه في كتاب بعنوان:"من هدي النبوة" وهذا يشهد له بطول الباع، والفهم التام لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
7 -
وهو أديب ذواقة، يعشق الأدب القديم والحديث، وينقده، ويعطي لطلابه وزائريه زبدة ما قرأ، ويوازن بين شعر وشعر، وينشر الملح والطرائف وله باب في الشهاب بعنوان "من أحسن القصص والأدب" جمع فيه بين كل طريف وظريف.
8 -
وهو صحفي وقور، هادئ رزين، يختار الموضوع، ويحدد المشكلة ويصف الدواء ويهتم بمصالح المسلمين في جميع أنحاء الدنيا، ومشاكل بلاده في المقام الأول، ويقرأ الصحافة المحلية والأجنبية ويشيد بالصحافة الإسلامية، ويحمل على الباطل في غير هوادة، وينتصف للحق أينما كان.
وأصدر المجلات الآتية: "المنتقد"، و"السنة"، و"الصراط"، و"الشريعة"، و"البصائر"، وأنشأ "الشهاب". وكان قوياً في الحق، ولم يطق الاستعمار ذلك، فعطل كل صحفه، وبقيت الشهاب طويلاً حتى جاءت الحرب العالمية الثانية.
9 -
وهو مرب من الطراز الأول: أسس المدارس الابتدائية الحرة العربية في طول البلاد وعرضها، ودعا إلى تعليم البنت الجزائرية، وأخذ بيد تلاميذه وأبنائه، وعين النابهين منهم في المدارس المذكورة بأجر ضئيل يفي أو لا يفي بضروريات الحياة. ويحث المواطنين على احترامهم، ومساعدتهم، وكان لوالده فضل كبير في هذا الميدان.
10 -
وأسس النوادي في العواصم الجزائرية لنشر الثقافة والتربية الدينية والوطنية.
11 -
وأسس "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" وانتخب رئيساً لها طول حياته، تقديراً لخدماته وجهوده، وكفاءته.
12 -
ونقى الدين من البدع والخرافات والأباطيل، وحمل على البدع حملة شعواء ولم تأخذه في الحق لومة لائم، حتى عاد للدين صفاؤه ونقاؤه.
13 -
ونشر الكتب السلفية القيمة، وعمل على إحياء الكتب العربية القديمة، واحتفل باللغة العربية لتحيا رغم أنف الاستعمار.
14 -
وأسس جمعية التجار المسلمين، والجمعيات الاقتصادية لإنعاش الاقتصاد والمحافظة على الثورة ودعا أبناء الوطن إلى ولوج باب التجارة بشتى الطرق.
15 -
وأسس "الميتم الإسلامي": (جمعية رعاية الأيتام) والجمعيات الخيرية لإنقاذ الطفولة والنشء من التشرد والضياع.
16 -
واشتغل بالسياسة، وخاض حقلها في براعة وذكاء، وناهض الاستعمار وما مالأه طول حياته رغم المغريات والمرهبات. وكان يحتج باسمه الخاص في أحرج المواقف، وباسم جمعية العلماء في المواقف العادية، حفظا للجمعية وصونا لها من القلاقل، وتفاديا لها من الغلق والكيد والبطش.
17 -
وأنشأ مطبعة عربية في قسنطينة طبعت صحفه ومجلاته، وما يحييه ويختار من كتب ومنشورات.
18 -
وعني بتأسيس الكشافة الإسلامية، والمنظمات القومية.
19 -
وأنشأ جمعية الشباب الفني للموسيقى والفنون الجميلة!!
20 -
وهو خطيب مفوه، شبهه بعضهم بـ "ميرانت، وميرابو".
21 -
وجعل معهده فرعاً لجامع الزيتونة، واعترفت له الزيتونة بذلك تقديراً لعلمه وفضله وجهوده.
22 -
وأرسل طلابه إلى الأزهر، أو إلى جامعة الزيتونة أو إلى جامعة القرويين في المغرب، فعادوا علماء عاملين في الجزائر.