الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{لزاماً} ملازماً، وأصل اللزام مصدر لازم واختير هنا للتنبيه على أن بين المكذبين والعذاب ملازمة من الطرفين: فهم بتكذيبهم قد ألزموا أنفسهم العذاب فلازمهم العذاب.
جواب {لولا} محذوف لدلالة ما تقدم، وتقدير الكلام: لولا دعاؤكم ما عبأ بكم. وجملة {فقد كذبتم} واقعة موقع التعليل لكلام مقدر تقديره- والله أعلم-: لا يعبأ بكم فقد كذبتم، أي لأنكم قد كذبتم، فالفاء تعليلية. وأما جملة {فسوف يكون} فمتسببة عما قبلها، فالفاء فيها سببية. وضمير {يكون} عائد على العذاب المفهوم من المقام.
المعنى:
قل للذين أرسلت إليهم: ما يبالي بكم ربي، ولا يعبأ بكم، ولا يكون لكم عنده وزر، لولا إيمانكم وعبادتكم.
فإذا كذبتم وكفرتم، فهو لا يعبأ بكم، وسوف يكون العذاب ملازماً لكم بسبب تكذيبكم.
تحرير في المخاطب:
المخاطبون هم الذين كذبوا، ثم إن ما لحقهم بسبب التكذيب من العذاب الملازم فهو خاص بهم، وبالمكذبين أمثالهم. وما كان موجهاً لهم من جهة أنهم عباد- وهو أن الله لا يعبأ بهم لولا دعاؤهم- فهو عالم لجميع العباد لمماثلتهم لهم في العبودية لله، واستغناء الله عنهم، وفرض العبادة عليهم، وعدم التقدير لهم إلاّ بها.
تفسير أثري:
أخرج البخاري في كتاب التفسير، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
"خمس قد مضين: الدخان، والقمر، والروم، والبطشة، واللزام". ورواه في مواضيع أخرى من صحيحه (1).
وعني بالدخان المذكور، في قوله تعالى:{يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]. وبالقمر المذكور في قوله تعالى: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1].
وبالبطشة المذكورة، في:{يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} [الدخان: 16]. وباللزام المذكور في هذه الآية.
وفسر ابن مسعود البطشة الكبرى بيوم بدر، وفسر اللزام به أيضاً (2). فهي في الحقيقة أربع وعدها خمسا باعتبار الوصفين البطش والملازمة.
(1) أخرجه البخاري بهذا اللفظ في كتاب التفسير (تفسير سورة الفرقان، باب 4، حديث 4767) و (تفسير سورة الدخان، باب 1 و6، حديث 4820 و4825). وأخرجه أيضاً بأطول من هذا في تفسير سورة الدخان، باب 5، حديث 4824، وتفسير سورة يوسف، باب 4، حديث 4693.
(2)
انظر تفسير الطبري (9/ 428 - الأثر رقم:26573).