المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (36) * قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا - تفسير العثيمين: الأحزاب

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌ ‌الآية (36) * قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا

‌الآية (36)

* قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36].

* * *

(ما) هذه نافِية، و {كَانَ} فِعْل ماضٍ ناقِصٌ، وخبَرُها:{لِمُؤْمِنٍ} الجارُّ والمَجرور، و {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} ، هذا هو اسمُها مُؤخَّرًا.

يَقول اللَّهُ عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ} ، يَعنِي: هذا أَمْر لا يُمكِن أن يَكون، فهو نَفيٌ للإِمْكان، ولكنه للإِمْكان الشَّرعيِّ دون القدَريِّ، إِذْ إنَّ المُؤمِن أو المُؤمِنة قد يَكون لهُمُ الخِيَرة من أَمْرهم فيما قَضاه اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن شَرْعًا لا يَكون هذا.

يَقول تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} قال المُفَسِّر رحمه الله: ["أن تَكون" بالتاء والياء {لَهُمُ الْخِيَرَةُ}؛ أي: الاختِيارُ {مِنْ أَمْرِهِمْ} خِلافَ أَمْر اللَّهِ ورسولِه].

وقوله تعالى: {لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ} -وكما سَبَق- فيه ذِكْر الذُّكور والإناث، {لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ} ، وقوله تعالى:{إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} ، المُراد بالقَضاء هنا: القَضاء الشَّرعيُّ، إذ إنَّ القَضاء الكونيَّ لا يُمكِن لأَحَد أن يَختار خِلافَه، لا مُؤمِن،

ص: 286

ولا كافِر، لأنَّ القَضاء الكونيِّ لا بُدَّ أن يَقَع، فالمُراد هنا {إِذَا قَضَى اللَّهُ} ، أي: قَضاءً شَرْعيًّا.

وقوله تعالى: {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ} عَطَف رسولَه بالواو؛ لأنَّ قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم الشرعيَّ من قضاء اللَّه تعالى، وقوله تعالى:{إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} : {أَمْرًا} هنا واحِد الأمور؛ يَعنِي: إذا قضَى شأنًا سَواء كان ذلك الشأن أمرًا أو نَهيًا، {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} "أن تَكون لهَمُ الخِيَرةُ" و {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} ، أمَّا على قِراءة التاء، فالأمر فيها ظاهِر؛ لأن اسمَها مُؤنَّث، فأُنِّثَ الفِعْل من أجلها "أن تَكون"، وأمَّا عن قِراءة الياء، فإنَّ الفِعْل يَكون مُذكَّرًا مع أنَّ الاسم مُؤنَّث، ولكن هنا لا يَجِب التأنيثُ لوَجْهَيْن:

الوجهُ الأوَّل: الفَصلُ بين الفِعْل وفاعِله، وهنا بين الفِعْل واسمِه.

والثاني: أنَّ التأنيثَ في الخِيَرة تأنيثٌ مَجازيٌّ، وابنُ مالِك رحمه الله يَقول:

وَإِنَّمَا تَلْزَمُ فِعْلَ مُضْمَرِ

مُتَّصِلٍ أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتِ حِرِ

(1)

وقوله تعالى: {الْخِيَرَةُ} ؛ أي: الاختِيار، أَفادَنا المُفَسِّر رحمه الله أنَّ الخِيَرة هنا اسمُ مَصدَر بمَعنَى الاختِيار، أو بمَعنى التَّخيُّر؛ كالطِّيَرة بمعنى التَّطيُّر، فهي إِذَنِ اسمُ مَصدَر؛ بمَعنى: الاختيار، وإن شِئْت فقُلْ: بمَعنى التَّخيُّر، وقوله تبارك وتعالى:{مِنْ أَمْرِهِمْ} ، قد يَقول قائِل: إنَّ المُتبادِر أن يَقول: (مِن أَمْرِه)، لأنَّ {لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ} مُفرَد، والمُتبادِر أن يَقول:(وما كان لمُؤمِن ولا مُؤمِنة إذا قَضَى اللَّه ورسوله أمرًا أن يَكون له الخِيَرة من أَمْرِهِ)، ولكنه جمَع، لأنَّ (مُؤمِن) و (مُؤمِنة) جاءا مُنكَرًا في سِياق

(1)

الألفية (ص: 25).

ص: 287

النَّفي، فيَكون للعُموم، فعاد الضمير إليه باعتِبار المَعنَى، لا باعتِبار اللَّفْظ.

وقوله تعالى: {مِنْ أَمْرِهِمْ} مَعناه: أي: من شَأْنهم، ويَجوز أن يَكون {مِنْ أَمْرِهِمْ}؛ أي: من أَمْر اللَّه تعالى إيَّاهم، فعلى الأوَّل: يَكون الإضافة من باب إضافة الشَّيء إلى فاعِله، وعلى الثاني: من باب إضافته إلى مَفعوله، وقول المُفَسِّر رحمه الله:[خِلَاف] هذه بالنَّصْب مَفعولٌ للخِيَرة بمَعنى الاختيار، يَعنِي: ما كان لهم أن يَختاروا [خِلافَ أَمْر اللَّهِ ورَسولِه]، فتَبيَّن الآنَ مَعنَى الآية.

فمَعنَى الآية: أنَّ اللَّه تعالى يَقول: لا يُمكِن لمُؤمِن ولا مُؤمِنة، -لا يُمكِن شَرْعًا، فإذا قضَى اللَّه تعالى ورسولُه صلى الله عليه وسلم أَمْرًا أن يُخالِفوا أمرَ اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يَختاروا خِلافَ أمر اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يُمكِن؛ لأنَّ ما في قُلوبهم من الإيمان يَمنَعهم من المُخالَفة، ألَا ترَى إلى قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنى وَهُوَ مُؤْمِنٌ"؛ لأنه لو كان في قَلْبه إيمان حين الزِّنا، ما زنَى، "وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ"

(1)

، فالإِيمان إذا وقَر في القَلْب لا يُمكِن أن يَكونَ صاحِبه مخُالِفًا لأَمْر اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

قال المُفَسِّر رحمه الله: [نَزَلَت في عبد اللَّه بن جَحْش وأُختِه زَينبَ خطَبها النبيُّ صلى الله عليه وسلم لزَيدِ بنِ حارِثةَ، فكَرِها ذلك حين عَلِم بظَنِّهما قَبْلُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خطَبَها لنَفْسه ثُمَّ رَضِيَا للآية].

هكذا ذكَرَ المُفَسِّر رحمه الله أنَّها نزَلَت في هذه القِصَّةِ، وهذ القِصَّةُ ضَعيفة

(2)

؛

(1)

أخرجه البخاري: كتاب المظالم، باب النهبى بغير إذن صاحبه، رقم (2475)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي، رقم (57) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

أخرجها عبد الرزاق في التفسير (3/ 40)، والطبري في التفسير (19/ 113)، والطبراني في المعجم الكبير (24/ 45)، عن قتادة.

ص: 288

لأنها مُعضَلة ومُنقَطِعة، فهي ضعيفة، ونحن لا يُهِمُّنا في الحقيقة سببُ النُّزول -وسبَب النُّزول صَحيح أنَّ فيه فائِدةً، وهو أنه يَكشِف أحيانًا المَعنَى؛ ليُبيِّنه ويُوضِّحه-، لكن المُهِمَّ الحُكْم، وهو أنه لا يُمكِن لمُؤمِن إذا قضَى اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أَمْرًا أن يَخْتار خِلافَ أَمْر اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ؛ لأنهم لا بُدَّ أن يُوافِقوا أمر اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لمِا في قُلوبهم من الإيمان؛ ولهذا كُلَّما هَمَّ المُؤمِن بمَعصية ذكَّرَه إيمانُه باللَّه تعالى فكَفَّ عنها.

ألَا ترى إلى قول النبيِّ عليه الصلاة والسلام في السَّبْعة الذين يُظِلُّهم اللَّه تعالى في ظِلِّه، قال صلى الله عليه وسلم:"وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ"

(1)

، وهذه الدَّعوةُ كانت في مَحلٍّ خالٍ، لا يَطَّلِع عليهما أحَدٌ سِوَى اللَّه تعالى "فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ"، فمَنَعه إيمانه من أن يَفعَل الفاحِشة مع سُهولة أسبابها.

وكذلك أحَدُ الثلاثة الذين انطَبَق عليهم الغارُ حين مَكَّنَتْه ابنةُ عمِّه من نَفْسها، فلمَّا جلَس منها مَجلِس الرَّجُل مع امرأته -وأَعتَقِد في هذه الحالِ أنَّ الرَّغبةَ ستكون شديدةً وقويَّةً، وأنه لا يَفصِمها إلَّا إيمانٌ قَويٌّ، فلمَّا جلَس منها مَجلِس الرجُل مع امرأته، قالت له:"يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ"

(2)

، فقام منها، وهي أحبُّ الناس إليه، هذا من الإيمان بلا شَكٍّ.

إِذَنْ: نحن لا يُهِمُّنا أن تَكون نزَلَت في زَينبَ بنتِ جَحْش رضي الله عنها وأَخيها

(1)

أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، رقم (629)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، رقم (1031)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

أخرجه البخاري: كتاب الإجارة، باب من استأجر أجيرًا فترك الأجير أجره، رقم (2272)، ومسلم: كتاب الرقاق، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة، رقم (2743)، من حديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما.

ص: 289

عبد اللَّه أو في غيرِهما، المُهِمُّ أنَّ حال المُؤمِن تمَنَعه من مخُالَفة أَمْر اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأمَّا ما ذكَره المُفَسِّر فهو يَقول:[إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خطَبَ زَينبَ بِنتَ جَحْشٍ]، وقد خُطِبَت -كما ذكَرَه غيرُه- من قِبَل رِجال شُرَفاءَ وذَوِي جاهٍ، فخَطَبها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فظَنُّوا أنه خطَبَها لنَفْسِه، ثُم بعد ذلك بيَّن لهم أنه خطَبها لزَيدِ بنِ حارِثةَ مَولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان- حَسب ما ذَكَر أهلُ السِّيَر- عَبْدًا لخَديجةَ رضي الله عنها، فوهَبَتْه للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأَعتَقَه

(1)

، فلمَّا عَلِمَا أنه خطَبها لزيدٍ رضي الله عنه امتَنَعا، فلمَّا نزَلَتِ الآية رَضِيَا بذلك، وهذا ليس بغريب على الصحابة، لو صحَّ الحديثُ، ليس بغريب أن يُقدِّموا أمر اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على ما تَهواهُ أَنفُسُهم.

ثُمَّ قال اللَّه تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} .

قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ} : {وَمَنْ} شَرْطية، وعُلِم أنها شَرْطِية من فِعْل الشَرْط؛ لأنه مَجزوم {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ} ، لكنه مَجزوم بحَذْف حَرْف العِلَّة.

وقوله تعالى: {يَعْصِ اللَّهَ} ؛ المَعصية: مخُالَفة الأَمْر، أو إِنْ شِئْت فقُلِ: المَعصية خِلافُ الطاعة، سواءٌ كانت وقوعًا في مَنهيٍّ عنه، أو تَرْكًا لمأمورٍ به، لكن إذا قيل: طاعة ومَعصية، صارَتِ الطاعة فِعلَ المأمور، والمَعصيةُ فِعْل المَحظور، أمَّا إذا قِيل:(مَعصِيَة) وحدَها، أو (طاعة) وحدَها، فإنَّها تَشمَل الأَمْرَين.

قال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} سواءٌ عصاهما جَميعًا، يَعنِي: أَمْر من اللَّه تعالى، وأَمْر من رسوله صلى الله عليه وسلم، وقَعَتْ فيه المَعصِية، أو عصَى اللَّهَ تعالى وحدَه، أو عصَى الرسولَ صلى الله عليه وسلم وحدَه، فإنه قد ضَلَّ ضَلالًا مُبينًا.

(1)

انظر: الاستيعاب (2/ 543)، والإصابة (2/ 495).

ص: 290

ومَعصِيتُهما جميعًا مِثالهُا: قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"

(1)

، فلو خالَف الإنسان في ذلك يَكون قد عصَى اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ الأَمْر هنا من اللَّه تعالى ومن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأَحيانًا يَرِد الأمرُ في القُرآن دون السُّنَّة، فإذا عَصاه الإنسان صار عاصِيًا للَّه تعالى، وأحيانًا يَرِد في السُّنَّة دون القُرآن، فإذا عَصاه الإنسان صار عاصِيًا للرَّسول صلى الله عليه وسلم.

ولكن لِتَعلَم أنَّ مَعصية الرسول عليه الصلاة والسلام مَعصية للَّه تعالى؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يَتكَلَّم عمَّن أَرسَلَه، فإذا عصَيْتَه فقَدْ عَصَيْت من أَرسَلَه، فلو أن رجُلًا أَتاك وقال: إن فُلانًا أَرسَلَني إليك. وقال: ليَفعَلْ كذا وكذا. فخالَفْتَ الرسولَ فتكون مخُالِفًا في الواقِع للمُرسِل؛ ولهذا قال اللَّه عز وجل: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80].

فعلى هذا يَكون {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} سواءً على سَبيل الانفِراد أو على سبيل الاشتِراك.

وقوله تعالى: {فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} ، هذا جوابُ الشَّرْط، وقُرِن بالفاء؛ لأنَّها اقتَرَنَت في {فَقَدْ} ، وهناك ضوابِطُ لجواب الشَّرْط الذي يَجِب اقترانُه بالفاء، ذُكِرَت في بيتٍ:

اسْمِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ وَبِـ (مَا)

وَ (قَدْ) وَبِـ (لَنْ) وَبِالتَّنْفِيسِ

فإذا كان جوابُ الشَّرْط أحَدَ هذه الأشياءِ السَّبْعة فإنه يَقتَرِن بالفاء وجوبًا،

(1)

أخرجه البخاري: كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، رقم (7288)، ومسلم: كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، رقم (1337)، من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.

ص: 291

ولا يَشِذُّ عن هذه القاعِدةِ إلَّا أَمْرٌ نادِر كقول الشاعِر

(1)

:

مَنْ يَفْعَلِ الحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا

. . . . . . . . . . . .

ولم يَقُلْ: فاللَّهُ يَشكُرُه. لكن هذا نادِر أو ضَرورة.

وهنا مَعَنا من الأشياءِ السَّبْعة: (قد).

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} ، قال المُفَسِّر رحمه الله:[بَيّنًا] ونحن تَكلَّمنا من قبلُ أنَّ (أَبان) الرُّباعية تَكون مُتعَدِّية، وتَكون لازِمة، وإذا كانت لازِمةً فهي بمَعنَى (بانَ)، وإذا كانت مُتعَدِّيةً فهي بمَعنى (أَظهَر)، وهنا قال تعالى:{ضَلَالًا مُبِينًا} هل تَصلُح بمَعنَى (أَظهَر) بمَعنَى: ضَلالًا مُظهَرًا؟ الجوابُ: لا تَصلُح.

إِذَنْ: فهي من (أَبان) اللازِمِ الذي يَكون منه الاسمُ على (بَيِّن) لا على (مُبين)، وقُلْنا: لا على (مُبين) بمَعنَى (مُظهِر)، فما هو (المُبين) بمَعنى (مُظهِر)؟ الجوابُ: مثل قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} [يس: 69]، هذا من المُتعَدِّي يَقينًا، لأن القُرآن مُظهِر للحَقائِق؛ ولهذا قال بعده:{لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس: 70].

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} قال المُفَسِّر رحمه الله: [فزَوَّجها النبيُّ صلى الله عليه وسلم لزَيدٍ، ثُمَّ وقَع بَصَرُه عليها بعد حِين فبَلَغ في نَفْسه حُبُّها، وفي نَفْس زيدٍ كَراهَتُها، ثُمَّ قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: أُريدُ فُراقَها. فقالَ: "أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ"،

(1)

اختلف في قائله، فنسبه سيبويه في الكتاب (3/ 64 - 65) لحسان بن ثابت، ونسبه ابن هشام في مغني اللبيب (ص: 80) لعبد الرحمن بن حسان، ونسبه جماعة لكعب بن مالك كما في خزانة الأدب (9/ 51).

ص: 292

كما قال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} ]، هذا الذي ذكَرَه المُفَسِّر رحمه الله ذُكِرَ عن بعض المُفسِّرين من السَّلَف والخَلَف، لكنه كما قال ابنُ كَثيرٍ رحمه الله:"أَقوالٌ يَنبَغي أن يَضرِب الإنسانُ عنها صَفْحًا"

(1)

؛ لأنها أقوالٌ باطِلة، لا تَليق بمَقام النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ القِصَّة إذا قرَأَها الإنسان يَتَصوَّر أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان عاشِقًا من العُشَّاق.

وما أَشبَهَ هذه القِصةَ الباطِلةَ بقِصَّة داودَ عليه الصلاة والسلام

(2)

، التي ذكَروا فيها: أن داودَ طلَبَ من أحَد جُنوده أن يَتزَوَّج امرأتَه، ولكنه أَبَى، فاحْتَال عليه بحيلة، قال: فأَرسَلَه مع الجيْش لأَجْل أن يُقتَل فيَتزَوَّج امرأتَه! وهل هذا يُمكِن أن يَقَع من نَبيٍّ من أنبياء اللَّه تعالى؟ ! أبدًا، وهذه لو قال قائِل: إنَّها وقَعَت من أحَد السُّوقة من الناس. لقيل: ما أَظلَمَ هذا الرجُلَ! وما أَجهَلَه! فكيف بنَبيٍّ من أنبياء اللَّه تعالى؟

فالرَّسولُ صلى الله عليه وسلم هل يُمكِن أن يَتصوَّر أحَدٌ أنه عَشِق هذه المرأةَ؟ ويُلاحَظ الآنَ أن بعض الناس -حتى بعض المُفسِّرين والعِياذُ باللَّه- صار يَتلَفَّظ بهذا اللَّفظِ، يَقول: الرسولُ عَشِق المَرأةَ زينبَ! ولكن هذا قول باطِل، وسيَأتي -إن شاءَ اللَّه تعالى- في الكلام على تَفسير الآية بَيانُ مَعنى الآية، وأن مَعناها ناصِع واضِح.

ولم يَكُن الرسول عليه الصلاة والسلام قال له: "أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ"، وأنه أَخفَى حُبَّها؛ وذلك: لأن اللَّه تعالى قال في نفس الآية: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} ، فبَيَّن اللَّه تعالى أنه سيُبدِي ما أَخفاه في نَفْسه، لو كان الذي أَخفاه النبيُّ عليه الصلاة والسلام في نَفْسه الحُبَّ لكان اللَّه تعالى يُبديه، لكن ما الذي أَبدَى اللَّه تعالى؟ الذي أَبدَى اللَّه تعالى تَزويجه، أنه زوَّجه إيَّاها، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام أَخفَى

(1)

تفسير ابن كثير (6/ 378).

(2)

أخرجها الطبري في تفسيره (20/ 64 - 66)، وانظر: تفسير ابن كثير (7/ 51).

ص: 293

في نفسه ما أَعلَمه اللَّه تعالى أنه سيَتَزَوَّجها، بدون أن يَكون هناك حُبٌّ وعَلاقة، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام عَلِم بما أَعلَمه اللَّه تعالى أنه سيَتَزَوَّجها، فلمَّا جاء هذا الرجُلُ يَستَشيره قال صلى الله عليه وسلم له:"اتَّقِ اللَّهَ" لا تُطلّقِ المرأةَ، فعاتَب اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم، لماذا قال له: اتَّقِ اللَّه وأَمسِكها! وقد عَلِم أنَّ اللَّه تعالى سيُزوِّجه إيَّاها، فالمَسأَلة واضِحة ليس فيها أيُّ إشكال.

ولكن المُشكِل أنَّ بعض المُفسِّرين يَأخُذون عن بعضٍ مِن غَيْر تمَحيص، ومِن غَيْر أن يَكون هناك تَرَوٍّ في المَسأَلة، حتى إنَّ بعض الناس اعتَذَر وقال:(إِنَّ محَبَّة الإنسانِ للمَرْأة ولو كانت عند زَوْجٍ آخَرَ أَمرٌ لا يُنكَر، إنَّما الذي يُنكَر أن يُحاوِل التَّوصُّل إلى هذه المَرأةِ بطريق غيرِ شَرعيٍّ، وأمَّا أن يَقَع في نَفْسه محَبَّة امرأةٍ عند زَوْج فهذا لا بَأسَ به، وهو أَمْر جِبِلِّيٌّ قد تَدْعو إليه الجِبِلَّة والطبيعة).

وهذا وإن كانتِ المَسأَلة تَحتاج إلى نظَر في هذا القولِ: وهو أنَّ مَحبَّة الإنسان لزوجة غيره إمَّا أن تَكون مَحبَّة للجِنْس، أو مَحبَّة للشَّخْص، فإن كان مَحبَّة للجِنْس فهذا أمر جائِز، أي: جِنْس هذا الطِّرازِ من النساء، وهذا المُراد بقَوْلي:(الجنس)، فإن كان محَبَّة للجِنْس يَعنِي: أنه يَرغَب مثل هذه المرأةِ فهذا لا بأسَ به، والإنسان دائِمًا إذا سمِع مثَلًا من امرأةِ رجُلٍ أنها امرأةٌ صالحِة قانِتة حافِظة للغَيْب بما حَفِظ اللَّه تعالى يُحِبُّها ويُحبُّ أن يَكون له مِثْلُها.

وأمَّا إذا كان حُبًّا شخصيًّا فعِندي أن في جَواز ذلك نظَرًا، وأنَّ الإنسان يَجِب عليه أن إذا تَعلَّقَت نَفْسُه بامرأة تَعلُّقًا شخصيًّا أو محَبَّة شَخْصية يَجِب عليه أن يُحاوِل التَّخلُّص من هذا؛ لأنَّها مُشكِلة، فالمَحبَّة -في الحقيقة- جذَّابة، المَحبَّة كأنها رِشًا من حديد يَجذِب الإنسان، فإذا تَعلَّق قلبه بامْرَأة فإن الغالِب أن يُحاوِل الوصول إليها؛

ص: 294

فإن لم تَكُن مُزوَّجة فيُمكِن أن يَخطِبها، وإن كانت مُزوَّجة فمُشكِلة.

فالذي أَرَى في هذه المَسأَلةِ أنه إذا أَحبَّها محَبَّةَ جِنْس -بمعنى: أَحَبَّ جِنْس هذه المَرأةِ- فهذا لا شَكَّ أنَّه ليس فيه مانِع، ولا يَحصُل فيه مَفسَدة، وأمَّا إذا أَحبَّها مَحبَّة شَخْصية فإنَّ الأمر خَطير.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ مُقتَضَى الإيمان ألَّا يُخالِف المُؤمِن أَمْر اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ. . .} إلى آخِره.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّه كلَّما قَوِيَ الإيمان قَوِيَتِ المُوافَقة؛ وجهُهُ: أنَّ الحُكم المُرتَّب على وَصْف يَقوَى بقُوَّته، ويَضعُف بضَعْفه. وعليه فتَحصُل الفائِدة الثالِثة:

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّه كلَّما نَقَص الإيمان وضَعُف كثُرَت المُخالَفة؛ ولهذا قال أَهلُ العِلْم رحمهم الله: إنَّ الإيمان يَزيدُ بالطاعة، ويَنقُص بالمَعصِية.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَ ما قَضاه الرسول صلى الله عليه وسلم من الأُمور فهو كما قَضاه اللَّه تعالى؛ لقوله تعالى: {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} .

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ الخَيْر كلَّ الخَيْر فيما قَضاه اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} يَعني: لا يَختارُون غَيرَه؛ لأنهم يَرَوْن أنَّ الخَيْر فيما قَضاه اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ المَعْصية ضَلال؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} .

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّه كلَّما كانتِ المَعصيةُ أكبَرَ أو أكثَرَ كان الضلال أبيَنَ وأَوْضَحَ؛

ص: 295

وجهُهُ: ما أَشَرْنا إليه من قبلُ أنَّ الحُكْم المُرتَّب على وَصْف يَزيد بزِيادته ويَنقُص بنُقْصانه.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: أنَّ مَعصية الرسول عليه الصلاة والسلام كمَعصية اللَّه تعالى؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} ، فإذا أَتانا آتٍ ونَهَيْناه عن أَمْر جاء به النهيُ في السُّنَّة، وقال: هذا ليس في القُرآن. نَقول: ما في السُّنَّة كما في القُرآن، وقد تَوقَّع النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك فقال:"يُوشِكُ أَحَدُكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي، فَيَقُوُل لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي الْكِتَابِ اتَّبَعْنَاهُ، أَلا وَإِنِّي أُؤتيتُ الْكِتَابَ وَمثْلَهُ مَعَهُ"

(1)

،

وهذا الذي تَوقَّعه النبيُّ عليه الصلاة والسلام وقَعَ، بل صرَّحوا بأنه لا احتِجاجَ إلَّا بما جاء في القُرآن، قال تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} ، وقال تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: جَواز تَشريك اللَّه تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام بالواو في الأَحْكام الشَّرْعية؛ تُؤخَذ من قوله تبارك وتعالى: {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ} ، وقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} بخِلاف الأُمور الكَوْنية، فإنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لا يُشرَّك مع اللَّه تعالى بالواو؛ ولهذا لمَّا قال له الرجُلُ: ما شاء اللَّهُ وشِئْتَ. قال صلى الله عليه وسلم: "أَجَعَلْتَني للَّهِ نِدًّا، بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ"

(2)

.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: إثباتُ رِسالة النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ} ، وقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ، ورِسالة النبيِّ صلى الله عليه وسلم عامَّة لجميع البَشَر منذُ

(1)

أخرجه الإمام أحمد (4/ 130)، وأبو داود: كتاب السنة، باب في لزوم السنة، رقم (4604)، من حديث المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه.

(2)

أخرجه الإمام أحمد (5/ 393)، وابن ماجه: كتاب الكفارات، باب النهي أن يقال: ما شاء اللَّه وشئت، رقم (2118)، من حديث حذيفة رضي الله عنه.

ص: 296

بُعِث إلى أن تَقوم الساعةُ؛ ولهذا قال اللَّه تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ، والخاتَمُ لا شيءَ بعدَه.

وكانت شَريعة الرسول صلى الله عليه وسلم لِكَوْنها عامَّة شامِلة إلى يوم القِيامة- صالحِة لكل زَمان ومَكان وأُمَّة، ومَعنَى كَونِها صالحِةً: أنَّ العمَل بها لا يُنافِي المَصالِح في أيّ زَمان أو مَكان، بل هو عَيْنُ المَصلَحة، وليس كما فعَلَه بعض النَّاس وتَصرَّف بهذه العِبارةِ، حيث زعَمَ أنَّ الإسلام صالِح لكل زَمان ومَكان، بمَعنَى: أنَّه خاضِع لكل زَمان ومَكان، فجعَلوا الشَّرْع تابِعًا لا مَتبوعًا، وقالوا: إنَّ العَصْر إذا اقتَضَى -في زَعْمِهم- المَصلَحة فإنَّ الشَّرْع لا يُعارِضه، وبنَوْا على ذلك استِحْسان ما استَحْسَنوه من الأمور التي لا شَكَّ في تَحريمها، كتَجويز الرّبا، وأنَّ هذا يُنمِّي الاقتِصاد، ويُقوِّي الأُمَّة، وكتَجويز التَّأمينات التي هي المَيْسِر حقيقةً، والتي قرَنها اللَّه تعالى بالخَمْر والأنصاب والأَزْلام. . إلى غير ذلك ممَّا يَرَوْن أنَّه داخِل في مُسمَّى الدِّين الإسلامي بحُجَّة أنَّ الإسلام صالِح لكل زَمان ومَكان.

ونحن نَقول: صالِح. ولا نَقول: خاضِع. فاعمَلْ أنت بالإسلام في أيّ زَمان أو مَكان أو أُمَّة، وانظُرْ هل يُنافي المَصالِح أو يُنمِّي المَصالِح؟ قال تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} .

* * *

ص: 297