الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«صلى الله عليه وسلم تسليما» ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وكأنه أخذ شيئا مما أكتبه فنظر فيه وقال: هذا جيد.
وقد روى أبو موسى في كتابه عن جماعة من أهل الحديث أنهم رؤوا بعد موتهم، فأخبروا أن اللَّه غفر لهم بكتابتهم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث.
وقال عباس العنبري وعلي بن المديني: ما تركنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث سمعناه وربما عجلنا، فنبيض الكتاب في كل حديث، حتى نرجع إليه.
الموطن الثالث والعشرون [من مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: عند تبليغ العلم إلى الناس مثل التذكير، والقصص، وإلقاء الدرس إلى الناس، وتعليم المتعلم، في أول ذلك، وآخره]
روى إسماعيل في كتابه من طريق أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا حسين بن على الجعفي عن جعفر بن برقان، قال: كتب عمر بن عبد العزيز:
أما بعد فإن أناسا قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة، وإن القصاص قد أحدثوا من الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك كتابي هذا أن تكون صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم والنبيين، ودعاؤهم للمسلمين عامة، ويدعوا ما سوى ذلك. فاستحبت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن، لأنه موطن تبليغ العلم الّذي جاء به، ونشره في أمته وإلقائه إليهم، وهو أيضا موطن دعوتهم إلى سننه وطريقته، وهذا من أفضل الأعمال وأنفعها للعبد في الدنيا والآخرة، قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [ (1) ]، وقال تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا
[ (1) ] فصلت: 33.
إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [ (1) ] ، سواء كان المعنى أنا ومن اتبعني يدعو إلى اللَّه على بصيرة، أو كان الوقف عند قوله: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [ (2) ] فالقولان متلازمان، فإنه أمره- سبحانه وتعالى أن يخبر أن سبيله الدعوة إلى اللَّه، فمن دعا إلى اللَّه- تعالى- فهو على سبيل رسوله وهو على بصيرة، وهو من أتباعه، ومن دع إلى غير ذلك فليس على سبيله، ولا هو على بصيرة، ولا هو من أتباعه، فالدعوة إلى اللَّه تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أممهم، والناس تبع لهم، وقد أمر اللَّه- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ ما أنزل إليه وضمن له حفظه وعصمته من الناس، وهكذا المبلغون عنه من أمته لهم من حفظ اللَّه- تعالى- لهم وعصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه، وتبليغهم شريعته، وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثا، فتبليغ سنته إلى أمته أفضل من تبليغ السهام إلى نحو الأعداء، لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم، كما قال عمر بن الخطاب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب (الحوادث والبدع) : الحمد للَّه الّذي امتنّ على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويحيون بكتاب اللَّه من مات من أهل العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وضال تائه قد هدوه، وبذلوا دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس فيهم، يقتلونهم في سالف الدهر وإلى يومنا هذا، فما نسيهم ربك وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [ (3) ] جعل قصصهم هدى، وأخبر عن مقالتهم فلا تقمر عنهم، فإنّهم في منزلة رفيعة، وإن أصابتهم الوضيعة.
وقال عبد اللَّه بن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: إن لك عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا من أوليائه يذب عنها، وينطق بها، ويكفي في
[ (1) ] يوسف: 108.
[ (2) ] يوسف: 108.
[ (3) ] مريم: 64.