الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تعليم اللَّه تعالى له جواب ما يسأله عنه السائلون في مقامه فيه الّذي قام صلى الله عليه وسلم
فخرّج البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة [ (1) ] ، وفي كتاب العلم [ (2) ] في باب الغضب في الموعظة والتعليم، وخرّج مسلم [ (3) ] كلاهما من حديث أبي أسامة عن بريد بن أبي بردة، عن أبي موسى- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها، فلما أكثر عليه غضب، ثم قال للناس: سلوا عما شئتم، فقام رجل فقال: من أبي يا رسول اللَّه؟ قال: أبوك حذافة، فقام آخر، فقال: من أبي يا رسول اللَّه، قال: أبوك سالم مولى شيبة، فلما رأى عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ما في وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
[ (1) ] حديث رقم (7291) باب (3) ما يكره من كثرة السؤال، وتكلف ما لا يعنيه.
[ (2) ] حديث رقم (92) .
[ (3) ] حديث رقم (2360) باب (37) توقيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤاله، قال الإمام النووي: مقصود أحاديث الباب أنه صلى الله عليه وسلم نهاهم عن إكثار السؤال، والابتداء بالسؤال عما لا يقع، وكره ذلك لمعان:
منها: أنه ربما كان في الجواب ما يكره السائل ويسوؤه، ولهذا أنزل اللَّه- تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، كما صرح به في الحديث في سبب نزولها.
ومنها: أنه ربما كان سببا لتحريم شيء على المسلمين فيلحقهم به المشقة، وقد بين هذا
بقوله صلى الله عليه وسلم: أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين، فحرم عليهم من أجل مسألته.
ومنها: أنهم ربما أحفوه صلى الله عليه وسلم بالمسألة والحفوة المشقة والأذى، فيكون ذلك سببا لهلاكهم.
(مسلم بشرح النووي) .
من الغضب، قال: يا رسول اللَّه إنا نتوب إلى اللَّه، وخرّج مسلم في المناقب من حديث ابن وهب، قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب [ (1) ] .
وخرّج البخاريّ [ (2) ] في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة من حديث شعيب عن الزهري، ومن حديث عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن الزهري، قال:
أخبرني أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس، فصلى الظهر، فلما سلّم قام على المنبر، فذكر الساعة، وذكر أن بين يديها أمورا عظاما، ثم قال: من أحب أن يسأل عن شيء، فليسأل عنه، فو اللَّه لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا.
قال أنس: فأكثر الناس البكاء حين سمعوا ذلك من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأكثر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يقول: سلوني، قال أنس: فقام إليه رجل، فقال: أين مدخلي يا رسول اللَّه؟ قال: النار، فقام عبد اللَّه بن حذافة، فقال: من أبي يا رسول اللَّه؟ قال: أبوك حذافة، قال: ثم أكثر أن يقول: سلوني، قال: فبرك عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- على ركبتيه، فقال: رضينا باللَّه ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا.
قال: فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: والّذي نفسي بيده لقد عرضت على الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط، وأنا أصلى، فلم أر كاليوم في الخير والشر.
وزاد هشام بعقبه، قال ابن شهاب: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، قال: قالت أم عبد اللَّه بن حذافة لعبد اللَّه بن حذافة: ما سمعت بابن قط
[ (1) ]
عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب قالا: كان أبو هريرة يحدث أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم،
حديث رقم (1337) .
[ (2) ](فتح الباري) : 13/ 329، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب (3) ما يكره من كثرة السؤال، ومن تكلف ما لا يعنيه، وقوله تعالى: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، حديث رقم (7294) .
أعق منك! أأمنت أن تكون أمك قارفت بعض ما يقارف نساء أهل الجاهلية، فتفضحها على أعين الناس؟ قال عبد اللَّه بن حذافة: واللَّه لو أحلقنى بعبد أسود للحقته.
ولم يذكر مسلم في حديثه قوله، فقام إليه رجل، فقال: أين مدخلي يا رسول اللَّه؟ قال: النار،
ولا ذكر البخاري قوله حين سمعوا ذلك من رسول اللَّه.
وخرّج مسلم من حديث عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، ومن حديث أبي اليمان قال: أخبرنا شعيب كلاهما، عن الزهري، عن أنس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، وحديث عبيد اللَّه معه غير أن شعيبا قال: عن الزهري، قال: أخبرنا عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، قال: حدثني رجل من أهل العلم أن أم عبد اللَّه قالت مثل حديث يونس.
وذكره البخاري [ (1) ] أيضا في كتاب الصلاة في باب وقت الظهر بعد الزوال [وقال جابر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالهاجرة][ (2) ] من حديث أبي اليمان، قال:
أخبرني شعيب عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك، وذكر الحديث بنحو ما تقدم، وقال فيه: فذكر أن فيها أمورا عظاما، وقال: فقام عبد اللَّه بن حذافة السهمي، وقال: وبمحمد نبيا، ولم يذكر فيه سؤال الرجل له، والّذي نفسي بيده ولا ذكر الزيادة التي زادها مسلم بعقبة.
وذكره البخاري [ (3) ] أيضا في كتاب العلم في باب من برك على ركبتيه عند العالم والمحدث، ولفظه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج، فقام عبد اللَّه بن حذافة، فقال: من أبي، فقال: أبوك حذافة، ثم أكثر أن يقول: سلوني،
فبرك عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- على ركبتيه فقال: رضينا باللَّه ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، فسكت.
[ (1) ] حديث رقم (540) .
[ (2) ] ما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (صحيح البخاري) .
[ (3) ] حديث رقم (93) .
وخرّج مسلم [ (1) ] في المناقب من حديث النضر بن شميل، قال شعبة: حدثنا موسى بن أنس، عن أنس بن مالك قال: بلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء، فخطب، فقال: عرضت عليّ الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، قال: فما أتى على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه، قال: فغطوا رءوسهم وله خنين، قال: فقام عمر، فقال: رضينا باللَّه ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا.
قال: فقام ذلك الرجل، فقال: من أبي؟ قال: أبوك فلان، قال: فنزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [ (2) ] .
وخرّجه أيضا من حديث روح بن عبادة [ (3) ] قال: حدثنا شعبة، قال:
أخبرني موسى بن أنس، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رجل: يا رسول اللَّه من أبي؟ قال: أبوك فلان، قال: فنزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ تمام الآية.
وخرجه البخاري [ (4) ] في التفسير من حديث منذر بن الوليد بن عبد الرحمن ابن الجارود أخبرنا أبي، حدثنا شعبة، عن موسى بن أنس، عن أنس، قال: خطب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط، قال: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، قال: فغطى أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين، فقال رجل: من أبي؟ قال: فلان، فنزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، رواه أبو النضر وروح ابن عبادة، عن شعبة، ذكره في تفسير سورة المائدة.
[ (1) ] باب (37) توقيرة صلى الله عليه وسلم، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، أو ما لا يتعلق به تكليف، حديث رقم (2359) .
[ (2) ] المائدة: 101.
[ (3) ] حديث رقم (135) من الباب السابق.
[ (4) ] تفسير سورة المائدة، باب (12) لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، حديث رقم (4621) .
وخرّج في كتاب الاعتصام [ (1) ] من حديث روح بن عبادة، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني موسى بن أنس، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رجل: يا رسول اللَّه من أبي، قال: أبوك فلان، قال: ونزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ الآية.
وخرّج مسلم [ (2) ] في المناقب من حديث عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك أن الناس سألوا نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة، فحرج ذات يوم، فصعد المنبر، فقال: سلوني، لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم، فلما سمع ذلك القوم، أرموا ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر.
قال أنس: فجعلت ألتفت يمينا وشمالا، فإذا كل رجل لاف رأسه في ثوبه يبكى، فأنشأ رجل من المسجد كان يلاحى، فيدعى لغير أبيه، قال: يا نبي اللَّه، من أبى؟ قال: أبوك حذافة، ثم أنشأ عمر بن الخطاب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، فقال: رضينا باللَّه ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا عائذا باللَّه من سوء الفتن.
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لم أر كاليوم قط في الخير والشر، إني صورت لي الجنة والنار، فرأيتهما دون هذا الحائط.
وخرّجه أيضا من حديث خالد يعني ابن الحارث [ (3) ] ، ومحمد بن بشار حدثنا محمد بن أبي عدي كلاهما عن هشام.
وفي حديث معتمر قال: سمعت أبي، قالا جميعا: حدثنا قتادة عن أنس بهذه القصة.
وخرّج البخاري [ (4) ] في كتاب الدعاء في باب التعوذ من الفتن من حديث هشام، عن قتادة، عن أنس قال: سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة،
[ (1) ] باب (3) ما يكره من كثرة السؤال ومن تكلف ما لا يعنيه، وقوله تعالى: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ حديث رقم (7295) .
[ (2) ] باب (37) توقيره صلى الله عليه وسلم، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، ألا يتعلق به بتكليف، حديث رقم (137) .
[ (3) ] الحديث الّذي يلي حديث رقم (137) ، بدون رقم.
فغضب، فصعد المنبر فقال: لا تسألوني اليوم عن شيء إلا بينته لكم، فجعلت انظر يمينا وشمالا، فإذا كل رجل لاف رأسه في ثوبه يبكى، فإذا رجل كان إذا لاحى يدعى إلى غير أبيه، فقال: يا نبي اللَّه من أبي؟ قال: أبوك حذافة، ثم أنشأ عمر، فقال: رضينا باللَّه ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، نعوذ باللَّه من سوء الفتن.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأيت في الخير والشر كاليوم قط صورت لي الجنة والنار، حتى رأيتهما وراء الحائط.
وكان قتادة يذكر هذا الحديث عند هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ.
وفي حديث سعيد حدثنا قتادة أن أنسا حدثهم عن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم بهذا، وقال:
عائذا باللَّه من سوء الفتن، أو قال: أعوذ باللَّه من سوء الفتن.
ومن حديث معتمر عن أبيه قال قتادة: أن أنسا حدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، وقال: عائذا باللَّه من شر الفتن.
وذكره البخاري [ (1) ] أيضا في كتاب الصلاة في باب رفع البصر إلى الإمام من حديث محمد بن سنان حدثنا فليح، حدثنا هلال بن علي عن أنس بن مالك، قال: صلى لنا النبي صلى الله عليه وسلم ثم رقى، فأشار بيده قبل قبلة المسجد، ثم قال: لقد رأيت الآن منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار ممثلتين في قبلة هذا الجدار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ثلاثا، وذكره في كتاب الرقاق [ (2) ] .
قال أبو نعيم فأظهر صلى الله عليه وسلم نعمة اللَّه- تعالى- لديه في تعليمه إياه جواب سؤال السائلين لو سألوه في مقامه ذلك، فلو سئل لورد جواب مسألتهم حسب ما سبق من اللَّه له الوعد به.
[ () ](4) حديث رقم (6362) . وقولة: إذا لاحى بمهملة خفيفة أي خاصم، وفي الحديث: أن غضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يمنع من حكمه، فإنه لا يقول إلا الحق في الغضب والرضا، وفيه فهم عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وفضل عمله. (فتح الباري) .
[ (1) ] حديث رقم (749) .
[ (2) ] باب (18) القصد والمداومة على العمل، حديث رقم (6468) .