الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ظهور بركته صلى الله عليه وسلم في فرس أبي طلحة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه حتى صار لا يجاريه فرس بعد أن كان قطوفا بطيئا
فخرّج البخاري [ (1) ] من حديث غندر نا شعبة، قال: سمعت قتادة عن أنس ابن مالك- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- كان فزع بالمدينة، فاستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرسا لنا يقال له: مندوب، فقال: ما رأينا من فزع وإن وجدناه لبحرا، ذكره في الجهاد في باب اسم الفرس والحمار، وخرّجه في كتاب الهبة [ (2) ] من
[ (1) ](فتح الباري) : 4/ 73، كتاب الجهاد، باب (46) اسم الفرس والحمار، حديث رقم (2857) .
وقوله: «باب اسم الفرس والحمار» ، أي مشروعية تسميتهما، وكذا غيرهما من الدواب بأسماء تخصها غير أسماء أجناسها، قد اعتنى من ألف في السيرة النبويّة بسرد ما ورد في الأخبار من خيله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من دوابه، وفي الأحاديث الواردة في هذا الباب ما يقوى قول من ذكر أنساب بعض الخيول العربية الأصيلة، لأن الأسماء توضع للتمييز بين أفراد الجنس.
(فتح الباري) .
[ (2) ](المرجع السابق) : 5/ 301، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب (33) من استعار من الناس الفرس، حديث رقم (2627) . قوله:«من استعار من الناس الفرس» والبخاري أضاف العارية إلى الهبة، لأنها هبة المنافع، والعارية بتشديد التحتانية ويجوز تخفيفها. قال الأزهري:
مأخوذة من عار إذا ذهب وجاء، ومنه سمى العيار لأنه يكثر الذهاب والمجيء وقال الجوهري:
منسوب إلى العار، لأن طلبها عار، وتعقب بوقوعها من الشارع في مثل ذلك لبيان الجواز، وهي في الشرع هبة المنافع دون الرقبة، ويجوز توقيتها، وحكم العارية إذا تلفت في يد المستعير أن يضمنها إلا فيما إذا كان ذلك من الوجه المأذون فيه، هذا قول الجهور []، عن المالكية والحنفية: إن لم يتعد لم يضمن.
قوله: «كان فزع بالمدينة» أي خوف من عدو، قوله:«من أبي، قيل» سمي بذلك من الندب، وهو الرهن عند السباق، وقيل: لندب كان في جسمه، وهو أثر الجرح.
قوله: «إن وجدناه لبحرا»
قال الأصمعي: يقال للفرس بحر إذا كان واسع الجري، أو لأنه جريه لا ينفذ كما لا ينفذ البحر (فتح الباري) مختصرا.
حديث آدم، عن شعبة، عن قتادة قال: سمعت أنسا يقول: كان فزع بالمدينة، واستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرسا من أبي طلحة، يقال له: المندوب، فركب فلما رجع قال: ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرا، ترجم عليه باب من استعار من الناس الفرس والدابة.
وخرّجه أيضا في باب مبادرة الإمام عند الفزع [ (1) ] من حديث يحيى، عن شعبة، حدثني قتادة عن أنس بن مالك- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: كان بالمدينة فزع فركب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة، فقال: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا.
وخرّج مسلم في المناقب [ (2) ] من حديث وكيع، حدثنا شعبة عن قتادة، عن أنس، قال: كان بالمدينة فزع فاستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة، يقال له:
مندوب، فركب، فقال: ما رأينا من فزع وإن وجدناه لبحرا، وخرجه من حديث محمد بن جعفر، وخالد بن الحارث عن شعبة بهذا الإسناد [ (3) ] .
[ (1) ](فتح الباري) : 6/ 151- 152، كتاب الجهاد والسير، باب (116) مبادرة الإمام عند الفزع، حديث رقم (2968) .
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 15/ 74، كتاب الفضائل، باب (11) في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه في الحرب، حديث رقم (49) .
[ (3) ](المرجع السابق) : الحديث الّذي يلي الحديث السابق، بدون رقم، قال الإمام النووي: وفيه فوائد: منها بيان شجاعته صلى الله عليه وسلم من شدة عجلته في الخروج الى العدو قبل الناس كلهم، بحيث كشف الحال ورجع قبل وصول الناس، وفيه بيان عظيم بركته صلى الله عليه وسلم ومعجزته في انقلاب الفرس سريعا بعد أن كان يبطأ، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: وجدناه بحرا أي واسع الجرى. وفيه جواز سبق الإنسان وحده في كشف أخبار العدو ما لم يتحقق الهلاك، وفيه جواز العارية وجواز الغزو على الفرس المستعار لذلك وفيه استحباب تقلد السيف في العنق، واستحباب تبشير الناس بعدم الخوف إذا ذهب، ووقع في هذا الحديث تسميه هذا الفرس مندوبا، قال القاضي: وقد كان في أفراس النبي صلى الله عليه وسلم مندوب، فلعله صار إليه بعد أبي طلحة، هذا كلام القاضي، قال الإمام النووي:
ويحتمل أنهما فرسان اتفقا في الاسم.
وخرّج البخاري [ (1) ] ومسلم [ (2) ] من حديث حماد بن زيد عن ثابت، عن أنس ابن مالك- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس.
وقال البخاري: الناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم راجعا، وقد سبقهم إلى الصوت.
وقال البخاري: فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق الناس إلى الصوت، وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا، وهو على فرس لأبي طلحة ما عليه سرج، في عنقه سيف، قال: وجدنا بحرا، وإنه لبحر، قال: وكان فرسا ثبطا، لم يذكر البخاري: وكان فرسا ثبطا.
وخرّج البخاري في كتاب الجهاد [ (3) ] في باب إذا فزعوا في الليل من حديث حماد يعنى ابن زيد، عن ثابت، عن أنس، قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، قال: وقد فزع أهل المدينة ليلة، فسمعوا صوتا، قال: فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم على فرس لأبي طلحة عرى وهو متقلد سيفه، فقال: لم تراعوا، لم تراعوا، ثم
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: وجدته بحرا يعنى الفرس.
وخرّج في باب الحمائل [ (4) ] وتعليق السيف بالعنق، هذا الحديث بهذا الإسناد، ولفظه عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأشجع الناس،
[ (1) ](فتح الباري) : 6/ 118، كتاب الجهاد والسير، باب (82) الحمائل وتعليق السيف بالعنق، حديث رقم (2908) . مقصود المصنف من هذه التراجم أن يبين زي السلف في آلة الحرب، وما سبق استعماله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ليكون أطيب للنفس وأنفى للبدعة.
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 15/ 73، كتاب الفضائل، باب (11) في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه للحرب، حديث رقم (2307) .
[ (3) ](فتح الباري) : 6/ 201، كتاب الجهاد، باب (165) إذا فزعوا بالليل، حديث رقم (3040) ، أي ينبغي لأمير العسكر أن يكشف الخبر بنفسه أو بمن يند به لذلك.
[ (4) ] سبق تخريجة.
ولقد فزع أهل المدينة، فخرجوا نحو الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استبرأ الخبر وهو على فرس لأبي طلحة عري، وفي عنقه السيف، وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا، ثم
قال: وجدناه بحرا،
وقال: إنه لبحر، وذكره في باب الشجاعة في الحرب [ (1) ] ، وفي باب ركوب الفرس العري [ (2) ] .
وخرج البخاري من حديث يزيد بن زريع حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن أهل المدينة فزعوا مرة، فركب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة كان يقطف [ (3) ] ، أو كان فيه قطاف [ (4) ] ، فلما رجع
قال: وجدنا فرسكم هذا بحرا،
وكان بعد ذلك لا يجاري.
ذكره في كتاب الجهاد، وترجم عليه باب الفرس القطوف، وخرجه أيضا في باب السرعة والركض في الفزع من حديث جرير بن حازم عن محمد، عن أنس بن مالك قال: فزع الناس، فركب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرسا لأبي طلحة بطيئا، وخرج يركض وحده، فركب الناس يركضون خلفه،
فقال: لم تراعوا إنه لبحر فما سبق بعد ذلك اليوم.
[ (1) ] حديث رقم (2820) .
[ (2) ] حديث رقم (2866) .
[ (3) ] حديث رقم (2867)، القطوف: أي البطيء المشي.
[ (4) ] حديث رقم (2969) .