الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما استئذان الحمي على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإرسالها إلي أهل قباء لتكون كفّارة لهم
فخرّج البيهقي [ (1) ] والإمام أحمد [ (2) ] من حديث يعلي بن عبيد، قال: حدثنا الأعمش عن جعفر [ (3) ] بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أم طارق مولاة سعد، قالت: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلي سعد فاستأذن، فسكت سعد وأعاد فسكت سعد، فأرسلني سعد إليه أنه لم يمنعنا أن نأذن لك إلا أنا أردنا أن تزيدنا، قالت:
فسمعت صوتا على الباب يستأذن ولا أري شيئا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من أنت؟
قالت: أنا أم ملدم [ (4) ]، قال: لا مرحبا بك ولا أهلا، أتهدين إلي قباء؟ قالت: نعم، قال: فاذهبي إليهم.
ولهما من طريق يعلي قال: حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر ابن عبد اللَّه- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: إن أهل قباء أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن الحمى قد اشتدت علينا فقال: إن شئتم أن ترفع عنكم رفعت، وإن شئتم كانت طهورا، قالوا: بل تكون لنا طهورا [ (5) ] .
ومن حديث يحيى بن المغيرة قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: أتت الحمى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنت عليه، فقال: من أنت؟
قالت: أم ملدم، قال أتريدين أهل قباء؟ قالت: نعم قال: فحموا ولقوا منها شدة فاشتكوا إليه فقالوا: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقينا من الحمى، قال: إن شئتم دعوت اللَّه فكشفها عنكم، وإن شئتم كانت لكم طهورا [قالوا: بل تكون لنا طهورا] .
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 158، باب ما جاء في استئذان الحمى على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإرساله إياها إلى أهل قباء لتكون لهم كفارة، وظهور ما ظهر في ذلك من آثار النبوة.
[ (2) ](مسند أحمد) : 7/ 522- 523، حديث رقم (26586) ، من حديث أم طارق- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها.
[ (3) ] في (الأصل) : «جبير» ، وما أثبتناه من (الدلائل) و (المسند) .
[ (4) ] اسم الحمى.
[ (5) ](دلائل البيهقي) : 6/ 158- 159.
ومن طريق الإمام أحمد قال: حدثني أبى [ (1) ] ، حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان المدائني، حدثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان المهدي، عن سلمان الفارسيّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: استأذنت الحمى على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا الحمى أبرئ اللحم وأمصّ الدم، قال اذهبي إلي أهل قباء، فأتتهم وجوههم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد اصفرت وجوههم، فشكوا الحمى إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ما شئتم إن شئتم دعوت اللَّه- عز وجل فكشفها عنكم، وإن شئتم تركتموها، فأسقطت ذنوبكم، قالوا: بل ندعها يا رسول اللَّه [ (2) ] .
ومن حديث قرة بن حبيب الغنوي قال: حدثنا إياس بن أبي تميمة، عن عطاء بن أبي هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: جاءت الحمى إلي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول اللَّه ابعثني إلي أحب قومك، أو إلى أحب أصحابك إليك، شك قرة، فقال: اذهبي إلى الأنصار، قال: فذهبت فصبت عليهم فصرعتهم، فجاءوا إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول اللَّه: قد أتت الحمى علينا فادع اللَّه لنا بالشفاء قال: فدعا لهم، فكشف عنهم، فاتبعته امرأة فقالت: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ادع اللَّه [لي] إني لمن الأنصار، وإن أبي لمن الأنصار فادع اللَّه لي كما دعوت لهم. فقال: أيما أحب إليك؟ أن أدعو لك فيكشف عنك أو تصبرين و [تجب] لك الجنة؟ قالت: لا- واللَّه- يا رسول اللَّه بل أصبر ثلاثا، ولا أجعل من اللَّه بجنته خطرا ابدا،
قال البيهقي: [واللَّه تعالى أعلم][ (3) ] يحتمل أن يكون هذا في قوم آخرين من الأنصار.
وخرّجه البخاري في (الأدب المفرد) من حديث قرة به، ولفظه: عن أبي هريرة قال: جاءت الحمى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ابعثني إلى آثر أهلك عندك، فبعثها إلى الأنصار فبقيت عليهم ستة أيام ولياليها فاشتد ذلك عليهم، فأتهم في ديارهم، فشكوا ذلك إليه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يدخل دارا دارا، وبيتا بيتا
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 159.
[ (2) ](المرجع السابق) : 6/ 159- 160.
[ (3) ](المرجع السابق) : 160، وما بين الحاصرتين تصويبات وزيادات للسياق منه.
يدعو لهم بالعافية، فلما رجع تبعته امرأة منهم، فقالت: والّذي بعثك بالحق إني لمن الأنصار وإن أبي لمن الأنصار فادع اللَّه لي كما دعوت للأنصار. قال: ما شئت! إن شئت دعوت اللَّه أن يعفو عنك، وإن شئت صبرت ولك الجنة.
قالت: بلي، أصبر ولا أجعل إلي الجنة خطرا [ (1) ] .
تم بحمد اللَّه تعالى الجزء الحادي عشر ويليه الجزء الثاني عشر وأوله: وأما ذهاب الحمى عن عائشة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها بدعاء علّمها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
[ (1) ] راجع التعليق السابق.