الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد
وهذا وإن فيه إبراهيم بن يحيى فقد وثقه الشافعيّ وابن الأنفهاني وابن عدي وابن عقدة وضعفه آخرون.
وأما المقدمة الثانية:
فبيانها ما
روى البخاريّ في (صحيحه) من حديث مالك بن الحويرث وفيه: وصلوا كما رأيتموني أصلي.
الدليل الثالث:
حديث فضالة بن عبيد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أو لغيره:
إذا صلّى أحدكم فيبدأ بحمد اللَّه والثناء عليه ثم ليصل على النبي ثم ليدع بما شاء. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
فإن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر هذا المصلي بالإعادة، أجيب بأنه قد تقدم جوابه فإن قيل: إن هذا الدعاء كان بعد الصلاة لا فيها بدليل ما
خرجه الترمذيّ في جماعة من حديث رشدين بن سعد، ولفظه: فبينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قاعدا إذ دخل عليه رجل فصلى فقال: اللَّهمّ اغفر لي وارحمني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صليت فاحمد اللَّه بما هو أهله ثم صل عليّ ثم ادعه.
أجيب بأن رشدين ضعفه أبو زرعة وغيره فلا يكون حجة مع استقلاله فكيف إذا خالف الثقات الأثبات؟ لأن كل من روى هذا الحديث، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته، ثم إن رشدين لم يقل في حديثه إن هذا الداعي دعا بعد انقضاء الصلاة، ولا يدل لفظه على ذلك بل قال: فصلى فقال: اللَّهمّ اغفر لي وارحمني وهذا لا يدل على أنه قال بعد فراغه من الصلاة، بل نفس الحديث دليل على قولنا فإنه
قال: إذا صلى أحدكم فيبدأ بتحميد اللَّه.
والمعلوم إنه لم يرد بذلك بعد الفراغ من الصلاة بل الدخول فيها ويؤيده أن عامة أدعيه النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت في الصلاة لا بعدها كحديث أبى هريرة، وعليّ، وأبى موسى، وعائشة، وابن عائشة، وحذيفة، وعمار، وغيرهم، ولم ينقل أحد منهم أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو بعد صلاته في حديث صحيح، ولما سأله أبو بكر الصديق- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-[عن ما كان] يدعو به في صلاته لم يقل خارج الصلاة وكذا لم يقل لهذا الداعي: بعد سلامك من الصلاة، لا سيما والمصلي يناجي ربه تعالى مقبلا عليه، فدعاؤه ربه تعالى في هذه الحال أنسب من دعائه له تعالى بعد انصرافه عنه وفراغه من مناجاته،
وقد قال صلى الله عليه وسلم: فاحمد
اللَّه بما هو أهله،
وهذا إنما أراد به التشهد وقت القعود، ولهذا
قال: إذا صليت فاقعد
يعنى في التشهد فأمره بحمد اللَّه والثناء عليه والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم فإن قيل: إن الّذي أمره أن يصلي عليه فيه بعد تحميد اللَّه غير معين، فلم قلتم:
أنه بعد التشهد؟ وأجيب بأنه ليس في الصلاة موضع يشرع فيه الثناء على اللَّه تعالى، ثم الصلاة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم الدعاء إلا في التشهد آخر الصلاة، وذلك لا يشرع في القيام، ولا في الركوع، ولا في السجود، فلم أنه إنما أراد آخر الصلاة حال جلوسه في التشهد، وإن قيل: إنه أمره بالدعاء عقب الصلاة والدعاء ليس بواجب وكذا الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، أجيب بأنه لا يستحيل أن يأمر بشيئين فيقوم الدليل على عدم وجوب أحدهما ويبقى الآخر على الوجوب، ثم إن هذا المذكور من الحمد والثناء واجب. قيل: الدعاء فإنه هو التشهد. قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم به، وأخبر الصحابة أنه فرض عليهم، ولم يكن اقتران الأمر بالدعاء به مسقطا لوجوبه، فكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فقولكم الدعاء لا يجيب غير مسلم، فإن من الدعاء ما هو واجب، وهو الدعاء بالتوبة والاستغفار من الذنوب، والهداية والعفو وغير ذلك.
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من لم يسأل اللَّه يغضب عليه،
فالغضب لا يكون إلا بترك واجب أو فعل محرم. وإن قيل: لو كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرضا في الصلاة لم يؤخر بيانها إلى هذا الوقت حتى يرى رجلا يفعلها فيأمره بها، ولو كان العلم بوجوبها مستفادا بمثل هذا الحديث أجيب بأنه لم نقل قط أنها وجبت على الأمة إلا بهذا الحديث، بل هذا المصلى قد كان تركها فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بما هو مستقر من شرعه، وهذا كحديث المسيء في صلاته، فإن وجوب الركوع، والسجود، والطمأنينة على الأمة، لم يكن مستفادا من حديثه، وتأخر بيان النبي صلى الله عليه وسلم لذلك إلى حين صلاة هذا الأعرابي، وإنما أمره أن يصلى الصلاة التي شرعها لأمته قبل هذا، وإن قيل: إن أبا داود والترمذيّ قالا في حديث فضالة ولغيره محرف «أو» ولو كان هذا واجبا على مكلف لم يكن ذلك له أو لغيره، أجيب بأن الرواية الصحيحة التي رواها ابن خزيمة وابن حبان إنما هي: فقال له ولغيره بالواو وكذا رواه الإمام أحمد والدارقطنيّ والبيهقيّ. ثم إن «أو» هذه ليست للتخيير حتى يصح الاعتراض بل