الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المائة من خصائصه صلى الله عليه وسلم: وجوب حب أهل بيته
روى البخاري [ (1) ] في كتاب قرابة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وفي مناقب الحسن والحسين من طريق شعبة عن واقد بن محمد، سمعت أبي يحدث عن ابن عمر
[ (1) ](فتح الباري) : 7/ 119، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب مناقب الحسن والحسين- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، حديث رقم (3751) .
قوله «مناقب الحسن والحسين» ، كأنه جمعهما لنا وقع لهما من الاشتراك في كثير من المناقب، وكان مولد الحسن في رمضان سنة ثلاث من الهجرة عند الأكثر، وقيل بعد ذلك، ومات بالمدينة مسموما سنة خمسين، ويقال قبلها، ويقال بعدها. وكان مولد الحسين في شعبان سنة أربع في قول الأكثر وقتل يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق، وكان أهل الكوفة لما مات معاوية واستخلف يزيد كاتبوا الحسين بأنهم في طاعته، فخرج الحسين إليهم، قبله عبيد اللَّه بن زياد إلى الكوفة، فخذل الناس عنه فتأخروا رغبة ورهبة، وقتل ابن عمه مسلم بن عقيل، وكان الحسين قد قدمه قبله ليبايع له الناس، ثم جهز إليه عسكرا فقاتلوه إلى أن قتل هو وجماعة من أهل بيته، والقصة مشهورة فلا نطيل بشرحتها.
فقد روى الترمذي وابن حبان- من طريق هانئ بن هانئ- عن على قال: الحسن أشبه برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما بين الرأس إلى الصدر، والحسين أشبه بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك
ووقع في رواية عبد الأعلى عن معمر عند الإسماعيلي في رواية الزهري هذه، وكان أشبههم وجها بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو يؤيد حديث على هذا واللَّه أعلم، والذين يشبهون بالنبيّ صلى الله عليه وسلم غير الحسن والحسين: جعفر بن أبي طالب وابنه عبد اللَّه بن جعفر، وقثم بالقاف ابن العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ومسلم بن أبي طالب، ومن غير بنى هاشم:
السائب بن يزيد المطلبي الجد الأعلى للإمام الشافعيّ، وعبد اللَّه بن عامر بن كريز العبشمي، وكابس بن ربيعة بن عدي، فهؤلاء عشرة نظم منهم أبو الفتح بن سيد الناس خمسة، وأنشدنا محمد بن الحسن المقري عنه.
بخمسة أشبهوا المختار من مضر
…
يا حسن ما خولوا من شبهه الحسن
بجعفر وابن عم المصطفى قثم
…
وسائب وأبى سفيان والحسن
-
عن أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: ارقبوا محمدا في أهل بيته.
وخرّج الحاكم [ (1) ] من طريق إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا أبى عن حميد بن قيس المكيّ، عن عطاء بن أبى رياح وغيره من أصحاب ابن عباس عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: يا بنى عبد المطلب إني سألت اللَّه لكم ثلاثا: أن يثبت قائمكم، وأن يهدى ضالكم، وأن يعلم جاهلكم وسألت اللَّه أن يجعلكم نجداء ورحماء، فلو أن رجلا صفن بين الركن والمقام فصلى وصام، ثم لقي اللَّه- وهو مبغض لأهل بيت محمد صلى الله عليه وسلم دخل النار،
قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
ومن حديث صالح بن محمد قال: حدثنا يحيى بن معين، حدثنا هشام بن يوسف، حدثني عبد اللَّه بن سليمان النوفلي، عن محمد بن على بن عبد اللَّه بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى
[ () ] وزادهم شيخنا أبو الفضل بن الحسين الحافظ اثنين، وهما الحسين وعبد اللَّه بن عامر بن كريز، ونظم ذلك في بيتين وأنشدنا هما وهما:
وسبعة شبهوا بالمصطفى فما
…
لهم بذلك قدر قد زكا ونما
سبطا النبي أبو سفيان سائبهم
…
وجعفر وابنه ذو الجود مع قثما
وزاد فيهم بعض أصحابنا ثامنا وهو عبد اللَّه بن جعفر، ونظم ذلك في بيتين أيضا، وقد زدت فيهما مسلم بن عقيل، وكابس بن ربيعة، فصاروا عشرة، ونظمت ذلك في بيتين وهما:
شبه النبي لعشر سائب وأبى
…
سفيان والحسنين الطاهرين هما
وجعفر وابنه ثم ابن عامر هم
…
ومسلم كابس يتلوه مع قثما
وقد وجدت بعد ذلك أن فاطمة ابنته عليها السلام كانت تشبهه.
[ (1) ](المستدرك) : 3/ 161، كتاب معرفة الصحابة، حديث رقم (4712)، وقال الحافظ الذهبي في (التخليص) : على شرط مسلم.
عنه- قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أحبوا اللَّه لما يغذوكم به من نعمة، وأحبوني لحب اللَّه، وأحبوا أهل بيتي،
قال: حديث صحيح الإسناد [ (1) ] .
ومن حديث محمد بن فضيل الضبيّ، حدثنا أبان بن تغلب، عن جعفر ابن إياس عن أبى نضرة، عن أبى سعيد الخدريّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: والّذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله اللَّه النار.
قال: حديث صحيح على شرط مسلم [ (2) ] .
ومن حديث مفضل بن صالح، عن أبي إسحاق، عن حنش بن المعتمر الكتاني قال: سمعت أبا ذر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وهو آخذ بثياب الكعبة: من عرفني فأنا من عرفني، ومن أنكرنى فأنا أبو ذر، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إلا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك،
قال: حديث صحيح الإسناد [ (3) ] .
وخرجه من حديث عبد اللَّه بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن إسحاق، عن حنش بن المعتمر، قال: رأيت أبا ذر وهو آخذ بعضادتي الكعبة، وهو يقول: من عرفني فقد عرفني، ومن أنكرنى فأنا أبو ذر الغفاريّ، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثل حطة لبني إسرائيل.
ومن حديث إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن علي بن الحسين، قال: حدثني عمى علي بن جعفر، حدثني الحسين بن زيد عن عمر ابن علي عن أبيه على بن الحسين، قال: خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وأثنى عليه، ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأولون بعمل ولا يدركه الآخرون، وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعطيه رايته فيقاتل وجبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتى يفتح اللَّه عليه، وما ترك على ظهر الأرض صفراء ولا بيضاء إلا ستمائة
[ (1) ](المرجع السابق) : حديث رقم (4716)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : صحيح.
[ (2) ](المرجع السابق) : حديث رقم (4717) ، وسكت الحافظ الذهبي عنه في (التلخيص) .
[ (3) ](المرجع السابق) : حديث رقم (4720) ، ومفضل بن صالح واه.
درهم فضلت من عطائه، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله، ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، أنا ابن النبي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن الوصي، وأنا النذير، وأنا ابن الداعي إلى اللَّه بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذين كان جبريل- عليه السلام ينزل علينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذين افترض اللَّه مودتهم على كل مسلم، فقال اللَّه- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً [ (1) ] ، فاقتراف الحسنة مودتنا- أهل البيت [ (2) ] .
ويروى عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- انه قال: لما نزلت قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا: يا رسول اللَّه، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما [ (3) ] .
قال كاتبه: قد جاء في الحض على حب أهل البيت أحاديث كثيرة:
صحاح، وحسان، وضعيفة، وحبهم مما يجب على أهل الإسلام إلا أن الشيعة العلوية سيّما الطائفة الإمامية دخلت عليهم شياطين الجن أولا بحب أهل البيت والمبالغة في حبهم، فرأوا أن ذلك من أسنى القربات، وكذلك هو في نفس الأمر لوقفوا عند هذا الحد الشرعي إلا أنهم تحدّوا من حب أهل البيت إلى طريقين فمنهم من تعدى إلى بغض الصحابة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم، وسبهم وانتقاصهم بشنعاء هم بها أحق من الصحابة وأخروهم عما هو لهم، وتخيلوا أن أهل البيت أولى بالخلافة الدنياوية، وكان منهم من العظائم القبيحة
[ (1) ] الشورى: 32.
[ (2) ](المستدرك) : 3/ 188- 189، كتاب معرفة الصحابة، حديث رقم (4802)، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : ليس بصحيح.
[ (3) ] ونحوه ما
أخرجه الحاكم في (المستدرك) على شرط البخاري ومسلم، ووافقه الحافظ الذهبي في (التلخيص) : لما نزلت هذه الآية: نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ [آل عمران: 91]، دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- فقال:«اللَّهمّ هؤلاء أهلي» .
ما كان، وطائفة زادت في الاعتداء والتعدي، فتركت الصحابة، وقدحت في رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وفي جبريل عليه السلام وفي اللَّه عز وجل، حيث لم يذعن على مرتبتهم للناس حتى لا يجهلونهم، فكان الأصل في حبهم لأهل البيت صحيحا، ولكن الغلو في ذلك أخرجهم عن الحد، فانعكس أمرهم إلى الضد، وقال: اللَّه تعالى: لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ [ (1) ] .
وقال علي بن أبي طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: يهلك فىّ رجلان: محب مفرط، ومبغض مفرط،
وفي رواية لهلك فىّ رجلان: محب مطري، ومبغض مفترى.
وعن حسن بن الحسن بن الحسن بن عليّ، أنه قال لرجل يغلو فيهم:
ويحكم! أحبونا للَّه فإن أطعنا اللَّه فأحبونا وإن عصينا اللَّه فأبغضونا فو اللَّه لو كان اللَّه نافعا أحدا بقرابته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بغير طاعة اللَّه، لنفع بذلك أباه وأمه، قولوا فينا الحق فإنه أبلغ فيما تريدون ونحن نرضي به منكم.
وقال الزبير بن بكار: حدثني عبد اللَّه بن إبراهيم بن قدمة الجمحيّ، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، قال: قدم المدينة قوم من أهل العراق، فجلسوا إلى فذكروا أبا بكر وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فمسوا منهما، ثم ابتركوا في عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ابتراكا، فقلت لهم: أخبرونى أنتم من المهاجرين الأولين الذين قال اللَّه- تعالى- فيهم: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [ (2) ] ؟ قالوا: لسنا منهم، قلت: فأنتم من الذين قال اللَّه- تعالى- فيهم: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ (3) ]، قالوا:
[ (1) ] النساء: 171، المائدة:77.
[ (2) ] الحشر: 8.
[ (3) ] الحشر: 9.
لسنا منهم، قال: قلت لهم: أما أنتم فقد تبرأتم عن أن تكونوا منهم، وأنا أشهد أنكم لستم من الفرقة الثالثة التي قال اللَّه- عز وجل: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [ (1) ] ، قوموا- لا قرب اللَّه دوركم- فأنتم مستترون بالإسلام ولستم من أهله.
وحدثني محمد بن يحيى قال: أخبرنى بعض أصحابنا، قال: قال رجل لعلى بن الحسين: كيف كان منزل أبى بكر وعمر- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما- من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: منزلهما اليوم.
وقيل: لعمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: هل فيكم أهل البيت إنسان مفترضة طاعته؟ فقال: لا. واللَّه ما هذا فينا، من قال هذا، فهو كذاب، وذكرت له الوصية، فقال: واللَّه لمات أبي فما أوصى بحرفين، قاتلهم اللَّه- إن هم إلا يناكلون بنا.
[ (1) ] الحشر: 10.