الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست وخمسمائة
فيها حفر البحر المعروف ببحر أبي المنجا، فابتدئ في حفره في يوم الثلاثاء السادس من شعبان، وأقام الحفر فيه سنتين. وكان أبو المنجا يهوديا وكان يشارف على الأعمال الشرقية؛ فلما عرض على الأفضل ما أنفقه فيه استعظمه وقال: غرمنا هذا المال جميعه والاسم لأبي المنجا. فغير اسمه ودعي بالبحر الأفضلي، فلم يتم ذلك ولا عرف إلا بأبي المنجا.
وفيها أعلن شمس الخلافة أسد، والي عسقلان، بالخلاف، فعهد إلى صاحب الترتيب والقاضي فأخرجهما على أنه يرسلهما إلى الباب في خدمة عرضت له؛ وإلى العسكر الذي كان يخاف شوكته؛ فأوهمهم أنه يسيرهم إلى بلاد العدو. فلما حصلوا خارج الثغر أمرهم بالمسير إلى باب سلطانهم؛ وكان قد سير قبل ذلك العسكر من الباب على جهة البدل. فلما علم أسد المذكور بوصولهم إلى مدينة الفرما أنفذ إليهم يخيفهم ويشعرهم أن العدو قد تعداهم، فامتنعوا من التوجه إلى عسقلان.
فلما بلغ الأفضل ذلك عزم على أن يسير بنفسه إليه. ثم رأى أن إعمال الحيلة أنجع؛ فخادعه وأنفذ الكتب إليه يطمئنه ويصوب رأيه فيما فعله في صاحب الترتيب والبدل، ولم يغير مكاتبته عن حالها، ولا تعرض لإقطاعاته ورسومه وأصحابه؛ وسير في الباطن من يستفسد الكنانية والرجال المذكورة ويبذل لهم الأموال في أخذه. ولم يزل يدبر عليه حتى اقتنصت المنية مهجته؛ وذلك أن أهل بيروت أنكروا أمره، فوثب عليه طائفة وهو راكب، فجرحوه، وانهزم إلى داره فتبعوه وأجهزوا عليه، ونهبوا داره وماله، وتخطفوا
بعض دور الشهود والعامة. فبادر صاحب السيارة إلى البلد وملكه، وبعث برأس شمس الخلافة إلى الأفضل، فسر بذلك وأحسن إلى القادمين به.
وكان قدوم الرأس في يوم الأربعاء رابع المحرم، صحبة ثلاثة من الكنانية، فخلع عليهم؛ وطيف بالرأس، وزينت البلد سبعة أيام.
وفيه خلع على ولده مختار ولقب شمس الخلافة، وأنعم عليه بجميع مال أبيه. وسير بدله مؤيد الملك خطلخ، المعروف برزيق، والياً على الثغر.
وفيها وصل يانس الناسخ من الشام، فاستخدم في خزانة الكتب الأفضلية بعشرة دنانير في الشهر وثلاث رزم كسوة في السنة، والهبات والرسوم.
وفيها كتب إلى عسقلان بمطالبة من نهب دار شمس الخلافة وماله بما أخذه، فقبض على جماعة وحملوا إلى مصر فاعتقلوا بها.
وفيها تسلم نواب طغتكين صور من عز الملك أنوشتكين الأفضلي خوفاً من بغدوين أن يأخذها، وقام بأمرها مسعود؛ فاستقرت بيد الأتراك وأقروا بها الدعوة المصرية والسكة على حالها. وكتب طغتكين إلى الأفضل بأن بغدوين قد جمع لينزل على صور، وأن أهلها استنجدوني، فبادرت لحمايتها، ومتى وصل من مصر أحد سلمتها إليه. فكتب يشكره على ما فعل. وتقدم بتجهيز الأسطول إلى صور بالغلة معونة لها.