الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة
فيها توجه العسكر، في ثالث صفر، لقتال لواتة وقد تجمعوا وعقدوا الأمر لرجل قدم من المغرب وادعى أنه ولد نزار بن المستنصر. فسار إليهم العسكر وواقعهم على الحمامات وانهزم منهم العسكر؛ فجهز الحافظ عسكراً آخر، ودس إلى مقدمي لواتة مالا جزيلا، ووعدهم بالإقطاعات؛ فغدروا بابن نزار وقتلوه، وبعثوا برأسه إلى الحافظ. ورجعت العساكر في ربيع الأول.
وفيها صرف القاضي المكين الموفق في الدين أبو الطاهر إسماعيل بن سلامة الأنصاري عن القضاء، لسبع خلون من المحرم؛ واستقر على الدعوة الموفق الأمير كمال الدين، واستخدم في وظيفة القضاء؛ وكان كريم الأخلاق، حليما، عليه سكينة ووقار، مليح الشيبة، ظريف الهيئة.
وفيها توفى أبو الفضائل يونس بن محمد بن الحسن المقدسي القرشي، المعروف بجوامرد، خطيب القدس.
وفيها بلغ النيل تسعة عشر ذراعاً وأربعة أصابع، ففاض الماء حتى
بلغ إلى الباب الجديد أول الشارع، خارج باب زويلة، فكان الناس يتوجهون من مصر إلى القاهرة على ناحية المقابر لامتلاء الطريق بالمياه. فلما بلغ الحافظ ذلك أظهر له الحزن والانقطاع، فسأله بعض خواصه عن ذلك، فأخرج له كتاباً وقال: انظر هذا السطر، فإذا فيه: إذا وصل الماء الباب الجديد انتقل الإمام عبد المجيد. ثم قال: هذا الكتاب الذي نعلم منه أحوالنا وأحوال دولتنا، وما يأتي بعدها. فاتفق أنه لم تنسلخ هذه السنة حتى مرض الحافظ مرضة الموت.
وفيها انقرضت دولة بني باديس. وذلك أن الغلاء اشتد بإفريقية من سنة سبع وثلاثين وخمسمائة إلى سنة اثنتين وأربعين حتى أكل الناس بعضهم بعضاً، وخلت القرى، ولحق كثير من الناس بجزيرة صقلية. فاغتنم رجار متملكها الفرصة وبعث جرج، مقدم أسطوله، على نحو مائتين وخمسين شينيا، فنزل على المهدية ثامن صفر سنة اثنتين وأربعين، وبها الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس؛ ففر بأخف حمله وتبعه الناس. فدخل جرج المهدية بغير مانع، واستولى على قصر الأمير حسن، وأخذ منه ذخائر نفيسة وحظايا بديعات.
وعزم حسن على المجيء إلى مصر، فقبض عليه يحيى بن العزيز، صاحب بجاية، ووكل به وبأولاده، وأنزله في بعض الجزائر، فبقى حتى ملك عبد المؤمن بن علي بجاية في سنة سبع وأربعين، فأحسن إلى الأمير حسن وأقره في خدمته. فلما ملك المهدية تقدم إلى نائبه بها أن يقتدي برأي حسن ويرجع إلى قوله.
فكانت عدة من ملك من بني باديس بن زيرى بن مناد تسعة، ومدتهم، من سنة إحدى وستين وثلثمائة إلى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، مائة واثنتان وثمانون سنة.
وفيها بعث رجار بن رجار ملك جزيرة صقلية إلى المهدية أسطوله، مائتين وخمسين من الشواني، مع جرجي بن ميخائيل، فجد في حصارها حتى أخذها في صفر منها، وملك سوسة وصفاقس؛ وملك رجار بونة.