الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ستين وخمسمائة
فيها ركب البرنس أرناط، صاحب الكرك والشوبك، البحر إلى عسقلان وخرج منها إلى الكرك، وجمع عسكره وأقام ينتظر شيركوه؛ فعلم بذلك شيركوه، فمر من خلف الموضع الذي فيه أرناط، فلم يعلم به ونجا وأمن منه. ووصل إلى دمشق فضعف أمر عسكر مصر عند نور الدين وهون عليه أمرهم، وحرضه على قصدهم، وأكثر من التحدث في أمر مصر.
وفيها عاد شاور إلى القاهرة؛ وخرج يحيى بن الخياط على شاور وحشد ونزل الجيزة يوم الأربعاء بعد أن حاصر الكامل بن شاور في طنبدي، ورحل عن الجيزة، فكسروا يوم السبت سابع عشر صفر. وقبض شاور على ابن فحل ابن أبي كامل وقتلا ليلة الاثنين تاسع عشره. وتتبع من كان يكاتب شيركوه أو يواده؛ وتشدد في طلب أصحاب ضرغام. وكان قد استفسد جماعةً من أصحاب شيركوه، منهم خشترين الكردي فأقطعه شطنوف.
وفيها فر الشريف المحنك من شاور ولحق بنور الدين. وذلك أنه كان بعثه ضرغام إلى نور الدين في صرف رأيه عن نجدة شاور فوجد نور الدين مائلاً معه لأمور، منها: أنه تقرب إليه بذم مذهب الفاطميين، ووعده ملك مصر، وعرض له الأموال الكثيرة؛ فبالغ الشريف في الحط على شاور مع نور الدين، فأنفذه إليه. فلما اجتمعا عتبه شاور على ما كان منه، وقال له: أنت تعلم أيها الشريف أن سبب قيامي على آل رزيك إنما كان لأجل ضرغام وإخوته من الأمراء واتبعت غرضهم فيما نقموه على ابن الصالح؛ ولما حصلت بالقاهرة رفعت من أقدارهم وزدت في أرزاقهم، وبلغتهم أمانيهم، فلم يكن لهم إلا إزالتي ثم قتلهم أولادي ونهب أموالي وتشتت جماعتي، وما زال السيف في خاصتي وغلماني؛ فهل تعلم لي ديناً إليهم؟ فقال له الشريف: أنت تعلم أيها الأمير أن ابنك طياً كان قد تعدى طوره وتجاوز حده حتى تعاظم عليك ونفذ أمره دون أمرك؛ وأنه بعد قتل رزيك بن الصالح أطلق لسانه في الأمراء ومد يده إلى أموالهم ونسائهم، وبهتهم في المجالس، وصاح عليهم في المواكب حتى حقدوا عليه، وشكوه إليك فلم تشكهم؛ وعامل أصحابك وغلمانك الناس بكل قبيح فمالت عنك قلوب الخاصة والعامة. فسكت عنه، وما زال في نفسه منه حتى تمكن من البلاد فأخذ يتطلبه، ففر منه.