الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنين وخمسين وخمسمائة
فيها كان انفساخ الهدنة بين الفرنج وبين المصريين، فشرع الصالح في النفقة على العساكر وعربان البلاد للغارة على بلاد الفرنج. فأخرج سريةً في سابع عشر جمادى الأولى وأتبعها بأخرى في رابع عشر جمادى الآخرة؛ فوصلت الأولى إلى غزة ونهبت أطرافها، ثم سارت إلى عسقلان فأسرت وغنمت وعادت مظفرة غانمة. ثم ندب سرية ثالثة، فمضت إلى الشريعة فأبلت بلاءً حسنا وعادت ومؤيدة. وسير المراكب الحربية فانتهت إلى بيروت وأوقعت بمراكب الفرنج وأسرت منهم وغنمت. وسير عسكراً في البر إلى بلاد الشوبك فعاثوا فيها وغاروا ورجعوا بالغنائم في رجب ومعهم كثير من الأسرى. ثم سير الأسطول إلى عكا فأسروا نحواً من سبعمائة نفس بعد حروب كثيرة، وعاد الأسطول في رمضان. وجهز سريةً فغارت على بلاد الفرنج وعادت بالغنائم في رمضان. ثم بدأت سرية في أول ذي القعدة وأردفها بأخرى في خامسه فوصلت غاراتهم إلى أعمال دمشق وعادوا غانمين.
وفيها قدم رسول نور الدين محمود صاحب دمشق.
وفيها كسرت مراكب للفرنج فيها الحجاج منهم على ثغر الإسكندرية، فقبض عليهم نائب الثغر وجهزهم.
وفي سلخ ذي الحجة قبض الصالح على الأمير ناصر الدولة ياقوت والي قوص وعلى أولاده واعتقلهم من أجل أنه بلغه عنه أنه كاتب أخت الظافر وقصد القيام على الصالح وأخذ الوزارة. وكان ناصر الدولة في ولاية قوص من أيام عباس، ولما استدعى أهل القصر طلائع من الأشمونين لم يجسر على الحركة حتى كتب إلى ناصر الدولة يعلمه بذلك ويستدعيه ليكون له الأمر، فأعاد جوابه يظهر الزهد في ذلك وأنه تركه من أيام الخليفة عن قدرة، ظناً منه أن طلائع لا يصلح ولا يتم له ما يريد من مقاومة عباس؛ فخاب رجاؤه. ولم يزل به الصالح حتى أودعه السجن، ولم يزل به حتى مات فيه في رجب من الآتية.
وفيها أحضر إلى القاهرة رجل كامل الأعضاء سريع الحركة، طوله من رأسه إلى قدمه أربعة أشبار، وله عدة أولاد؛ فدخل على الصالح حتى رآه.
في هذه السنة زلزلت الشام زلازل عظيمة أخربت حصن شيزر، وأكثر حماة وبعض كفر طاب وأفامية؛ وزلزلت في حلب وغيرها من البلاد؛ وكانت بدمشق خفيفة لم تخرب شيئا، ودامت مدة بأرض الشمال.
وفيها سقطت دار بخط سوق وردان من مدينة مصر هلك بها جماعة من سكانها، من جملتهم امرأة ترضع ولداً أخرجت من تحت الردم ميتة، وأخرج الطفل ابنها في ثاني يوم وهو حي، فسلم إلى من ترضعه، وعاش حتى بلغ مبالغ الرجال.
واتفق أيضا في هذه السنة أن السديد أبا النقباء صالحاً كان يخدم في عمالة الرباع السلطانية بمصر، ومما يجري فيها دار ابن معشر عند فم السد الذي يفتح كل سنة عند كسر الخليج إذا كان وفاء النيل، فإذا كان قرب الوفاء رسم بمرمة هذا الدار، فرممت وأسكنت في موسم الخليج، فيتحصل من أجرتها في يوم وليلة ما يتحصل من أجرة سنة كاملة. فرمها في هذه السنة وأسكنها على العادة، وسكن في بيت تحتاني منها، فامتلأت جميعها حتى لم يبق فيها ما يسع أحداً، فسقطت وهلك جميع من فيها إلا هو، فإنه أخرج بعد يومين من تحت الردم فيه رمق فبرأ وعاش مدة طويلة، ثم طلع يوما وهو عجل إلى منزل سكناه بحارة الروم من القاهرة اندقت ساقه في درجة وحدث بها خدش يسير فمات منه.