الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وخمسين وخمسمائة
فيها خرج إسماعيل، المعروف بروق، من القاهرة في ليلة الخميس حادي عشر المحرم، ولحق بأخيه طرخان والي الإسكندرية وقد جمع لحرب الصالح، فخرج إليه المظفر عز الدين حسام والأمير مجد الخلافة أسد الدين ورد على عسكر، ولحقهم المظفر سيف الدين حسين.
وقد برز إسماعيل من الإسكندرية في جموعه وخيم على دمنهور، وتلقب بالملك الهادي؛ فطرقه العسكر، فهرب واختفى بالجيزة، فقبض عليه في سابع عشره. وعاد العسكر في ثالث عشريه، فهرب طرخان من معتقله في رابع ربيع الآخر، وظفر به في سادسه، فصلب على باب زويلة. ثم ضربت رقبة إسماعيل في ثامنه، وصلب إلى جانب أخيه.
وكان أبو طرخان فرانا، فترقى طرخان في أيام الفتن حتى ولاه الصالح الإسكندرية في سنة ثلاث وخمسين. وقال الشعراء في صلبه عدة قصائد.
وفيها مات الخليفة الفائز بنصر الله ليلة الجمعة لثلاث عشرة بقيت من رجب؛ ومولده يوم الجمعة لتسع بقين من المحرم سنة أربع وأربعين وخمسمائة، فكان عمره إحدى عشرة سنة وستة أشهر وستة أيام، منها مدة خلافته ست سنين وخمسة أشهر وستة عشر يوماً.
ولم يلتذ بالخلافة ولا رأى فيها خيراً؛ فإن أباه لما قتل وبكر عباس إلى القصر وفحص عن الخليفة الظافر وقتل أخويه وابن عمه لينفي عن نفسه وابنه التهمة، دعي إلى القصر واستدعى ابن الظافر هذا وحمله على كتفه وله من العمر نحو الخمس سنين، ووقف به في صحن القاعة وأمر الأمراء فدخلوا عليه. فلما مثلوا بالقاعة قال لهم: هذا ولد مولاكم وقد قتل أبوه وعماه، والواجب إخلاص الطاعة لهذا الطفل. فقالوا بأجمعهم: سمعنا وأطعنا، وصاحوا صيحة اضطرب منها الطفل وداخله من تلك الصيحة، مع ما شاهده من رؤية عمه والخدام وهم في دمائهم، ما خبل عقله، وبال على كتف عباس، فسيروه إلى أمه؛ وأقام مختلاً يصرع وجدته تكفله.
وركب في الأعياد مغرراً به؛ وخطب عنه قاضي القضاة وهو معه على المنبر. وقطع الخليج في أيامه في الليل واعتذر عن ذلك بأن النيل عدا وقطع الجسر، إلى غير ذلك من التحويزات.
ثم وزر الصالح بعد عباس واستبد بجميع الأمور وليس له معه أمر ولا نهي، ولا تعود كلمة. فدبرت عمة الفائز في قتل الصالح، وفرقت في ذلك نحو خمسين ألف دينار. فبلغ ذلك الصالح، فأمسكها وقتلها بالأستاذين والصقالبة سراً، والفائز في واد آخر من الاضطراب والاختلال. ونقل كفالته إلى عمته الصغرى، وطيب قلبها، وراسلها.