الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة
في المحرم جهز الصالح أربعة آلاف وأمر عليهم شمس الخلافة أبا الأشبال ضرغاماً للغارة على بلاد الفرنج، فساروا في صفر إلى تل العجول وحاربوا الفرنج في النصف منه، فانهزموا من المسلمين هزيمة قبيحة عليهم. وسير عسكراً في آخر في شعبان، فواقعوا الفرنج على العريش وعادوا ظافرين بعدة غنائم ما بين خيول وأموال.
وفيها قدم رسول الملك العادل محمود بن زنكي؛ وقدمت رسل الفرنج يسألون في الصلح؛ ورسول صاحب قسطنطينية يسأل إسعافه بمراكب نجدةً له على صاحب صقلية.
وفيها خرجت من القاهرة سرية إلى بيت جبرين وعادت غانمة. وسار الأسطول في يوم الجمعة ثالث عشري ربيع الآخر فانثنى إلى تنيس في الثامن من شعبان وأقعل منه إلى بلاد الفرنج.
وفي سادس عشري ربيع الآخر قدم أسطول الاسكندرية وقد امتلأت أيدي الغزاة بالغنائم. وفي ربيع الآخر سار عسكر إلى وادي موسى فنزل على حصن الدميرة وحاصره ثمانية أيام، وتوجه إلى الشوبك وأغار على ما هنالك؛ وأقام أميران على الحصار وعاد بقية العسكر.
وفي التاسع من جمادى الأولى سار عسكر إلى القدس فخرب وعاد بالغنائم. وورد الخبر بوقعة كانت على طبرية كسر فيها الفرنج وانهزموا، فأخذ الصالح في النفقة على طوائف العسكر، وكان جملة ما أنفقه فيها مائة ألف دينار. فلما تكامل تجهيزهم سير خمس شوال في الخامس من شعبان، فتوجهت لسواحل الشام، وظفرت بمراكب من مراكب الفرنج وعادت بكثير من الغنائم والأسرى في الثاني والعشرين من رمضان. وخرج العسكر في البر وقد ورد الخبر بحركة متملك العريش يريد الغارة على أطراف البلاد، فلما بلغه سير العسكر لم يتحرك، ورجع العسكر.
وجهز رسول محمود بن زنكي بجواب رسالته ومعه هدية فيها من الأسلحة وغيرها ما قيمته ثلاثون ألف دينار، ومن العين ما مبلغه سبعون ألف دينار تقويةً له على جهاد الفرنج. وكتب إلى الصالح كتابا ضمنه قصيدة يحرضه فيها على قتال الفرنج، فوصلت إليه في سادس عشر من شهر رمضان، ولبس نور الدين خلعة الملك الصالح طلائع؛ وانقضت السنة في تجهيز العساكر في البر والبحر ومسيرها وعودها بالغنائم الكثيرة والأسارى العديدة، منهم أخو القمص صاحب قبرص، فأكرمه الصالح وبعث به إلى ملك القسطنطينية. وكثرت الغنائم من الفرنج بالقاهرة حتى امتلأت الأيدي بها.
وقال الصالح في هذه الغزوات عدة قصائد مطولة.
وفيها مات القاضي المفضل كافي الكفاة محمود بن القاضي الموفق إسماعيل بن حميد القاضي، المعروف بابن قادوس، في سابع المحرم؛ فحضر الصالح إلى داره بمصر ومشى في جنازته حتى صلى عليه، ومضى إلى تربته عند مسجد الأقدام بالقرافة. وكان من أماثل المصريين وأعيان كتابهم، مقدماً عند الملوك. وله ديوان شعر.