المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ست وخمسين وخمسمائة - اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء - جـ ٣

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌المستعلى بالله أبو القاسم

- ‌سنة ثمان وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وأربعمائة

- ‌سنة تسعين وأربعمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة اثنين وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وأربعمائة

- ‌الآمر بأحكام الله أبو علي المنصور

- ‌سنة ست وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وأربعمائة

- ‌سنة خمسمائة

- ‌سنة إحدى وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسمائة

- ‌سنة أربع وخمسمائة

- ‌سنة خمس وخمسمائة

- ‌سنة ست وخمسمائة

- ‌سنة سبع وخمسمائة

- ‌سنة تسع وخمسمائة

- ‌سنة عشر وخمسمائةسنة إحدى عشرة وخمسمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وخمسمائة

- ‌سنة خمس عشرة وخمسمائة

- ‌سنة ست عشرة وخمسمائة

- ‌سنة سبع عشرة وخمسمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وخمسمائة

- ‌سنة تسع عشرة وخمسمائة

- ‌سنة عشرين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وخمسمائة

- ‌الحافظ لدين الله أبو الميمون عبد المجيد

- ‌سنة خمس وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة ست وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وخمسمائة

- ‌سنة أربعين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وخمسمائة

- ‌الظافر بأمر الله أبو المنصور إسماعيل

- ‌سنة خمس وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة ست وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وخمسمائة

- ‌الفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى

- ‌سنة خمسين وخمسمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة اثنين وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وخمسمائة

- ‌العاضد لدين الله أبو محمد عبد الله

- ‌سنة ست وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وخسمين وخمسمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وخمسمائة

- ‌سنة ستين وخمسمائة

- ‌سنة احدى وستين وخمسمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وخمسمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وخمسمائة

- ‌سنة أربع وستين وخمسمائة

- ‌سنة خمس وستين وخمسمائة

- ‌سنة ست وستين وخمسمائة

- ‌سنة سبع وستين وخمسمائة

- ‌ذكر طرف من ترتيب الدولة الفاطمية

- ‌ذكر ما عيب عليهم

- ‌ذكر ما صار إليه أولادهم

الفصل: ‌سنة ست وخمسين وخمسمائة

‌سنة ست وخمسين وخمسمائة

فيها عقد العاضد على ابنة الصالح ابن رزيك في مستهله بعدما امتنع من ذلك فحبسه الصالح حتى أجاب. وقصد الصالح بزواجه ابنته أن يرزق منه ولداً فيجتمع لبني رزيك الخلافة مع الملك.

وفيها قدم حسين بن نزار بن المستنصر إلى برقة من بلاد المغرب، ودعا إلى نفسه، فاجتمع عليه قوم كثير وتلقب بالمستنصر؛ وعزم على المسير إلى أذخ القاهرة، فخدعه الأمير عز الدين حسام بن فضة بن رزيك ووعده بالقيام بدعوته، وما زال يتلطف به حتى صار عنده في خيمته، فقبض عليه وحمله إلى القاهرة، فقتل في شهر رمضان.

وفيها قتل الملك الصالح فارس المسلمين نصير الدين، أبو الغارات طلائع بن رزيك. وذلك أنه لما ثقلت وطأته وكثرت مضايقته لأهل القصر، أخذت السيدة العمة ست القصور، وهي أخت الظافر الصغرى، في العمل على قتله، ورتبت مع قوم من السودان الأقوياء أن يقيموا منهم في باب السرداب من الدهليز المظلم الذي يدخل منه إلى القاعة جماعةً، ويقيموا آخرين في خزانة هناك وأرسلت إلى ابن الراعي، وإلى الأمير المعظم بن قوام الدولة صاحب الباب وقررت معه أن يخلى الدهاليز من الناس

ص: 246

حتى لا يبقى بها أحد. فأعدوا في حجرة في دهليز القصر، وردوا عليهم طرف الضبة.

فلما كان في يوم الاثنين التاسع عشر من شهر رمضان ركب الصالح على عادته للسلام على الخليفة، فلما انفصل من خدمة السلام بقاعة الذهب وخرج إلى الدهاليز عرض له أستاذ يقال له عنبر الريفي، وأوقفه، وذكر له حديثاً طويلا؛ فتقدم رزيك ابن الصالح، فخرج رجلان وثبا على الصلاح، ووقعت الصيحة، فعثر الصالح بأذياله، فتقدم إليه ابن الراعي وطعنه بسيف قطع أحد وريديه، وضربه العبيد بالسيوف فقطعوا عذيته ونزلت في لحمه وشلت سلسلة ظهره. فوضع يده على جرحه وأنشد:

إن كان عندك يا زمان بقيّةٌ

ممّا تهين به الكرام فهاتها

وضرب رزيك بن طلائع في عضده الأيمن. وتكاثروا على الصالح فسقط على وجهه منكبّاً واستفرغ بالدّم فأدركه الأمير ابن الزبد وألبسه منديل ضرغام بن سوار، وكان

ص: 247

قد نزع منديله عن رأسه، وحمل حتى أركب على فرسه، وهو لا يفيق. وبقي حسين ابن أبي الهيجاء في القصر يقاتل السودان حتى قتل منهم خمسين رجلاً.

ولما ركب الصالح وشدوا جرحه تطلعت السيدة العمة من القصور فرأته راكباً، فقالت: رحنا والله. فلما صار إلى داره كان إذا أفاق يقول: رحمك الله يا عباس، وبعث إلى العاضد يعتب عليه كيف رضي بقتله مع حسن أثره في إقامته خليفة؛ فأقسم أنه لم يعلم بذلك ولا رضى به. وأنشد عند موته:

وما ظفروا لمّا قتلت بطائل

فعشت شهيداً ثم متّ شهيدا

فلما كان ثلث ليلة الثلاثاء، العشرين من شهر رمضان، مات ودفن بالقاهرة، ثم نقل منها بعد ذلك إلى القرافة، والعاضد راكب والجند يمشون خلف تابوته.

ومولده في سنة خمس وتسعين. وكانت وزارته سبع سنين وستة أشهر تنقص أياماً. وكان فاضلا. سمحاً في العطاء، سهلا في اللقاء، محباً لأهل الفضائل، جيد الشعر وخطه دون شعره. ويقال إنه من المغرب، وقد قصد أبوه زيارة قبر علي بن أبي طالب بالنجف فرأى أمام المشهد علياً وأخبره عن طلائع أنه يلي مصر، فقدمها، وما يزال يترقى في الخدم حتى نال ما نال.

ص: 248

وأنشد له ابن خلكان:

كم ذا يرينا الدّهر من أحداثه

غيراً وفينا الصّدّ والإعراض

ننسى الممات وليس يجري ذكره

فينا، فتذكرنا به الأمراض

وكان لأهل العلم عنده نفاق ويرسل إليهم العطايا الكثيرة. بلغه أن أبا محمد ابن الدهان النحوي البغدادي المقيم بالموصل قد شرح بيتاً من شعره وهو:

تجنّب سمعي ما يقول العواذل

وأصبح لي شغلٌ من الغزو شاغل

فجهز له هدية سنية ليرسلها إليه، فقتل قبل إرسالها. وبلغه أن إنساناً من أعيان الموصل قد أثنى عليه فأرسل إليه كتاباً يشكره ومعه هدية.

وكان وافر العقل رضي النفس، بصيراً بالتجارب عالماً بأيام الناس، بصيرا بالعلوم الأدبية، محبباً إلى الناس لإظهاره الفضل والدين وإنكاره الظلم والفساد. إلا أنه كان من غلاة الإمامية مخالفاً لما عليه مذهب العاضد وأهل الدولة. فلما بايع للعاضد وركب من القصر سمح ضجةً عظيمةً، فقال: ما الخبر؟ فقيل إنهم يفرحون بالخليفة. فقال: كأني بهؤلاء الجهلاء وهم يقولون ما مات الأول حتى استخلف هذا؛ وما علموا أنني كنت من ساعة أستعرضهم استعراض الغنم.

وجرى من بعض الأمراء في مجلس السمر عنده انتقاص بعض السلف، وكان الفقيه عمارة جالساً فقام وخرج معتذراً بحصاة تعتاده، وانقطع في منزله ثلاثة أيام، ورسول الصالح يرد إليه كل يوم بالطبيب، ثم ركب إليه بعد ذلك وهو في بستان مع جلسائه

ص: 249

في خلوة، فاستوحش من غيبته، فأعلمه أن لم يكن به وجع ولكنه كره ما جرى في حق السلف، فإن أمر السلطان فقطع ذلك حضرت وإلا كان في الأرض سعة وفي الملوك كثرة. فعجب الصالح من ذلك. وقال: سألتك بالله ما تعتقد في أبي بكر وعمر؟ فقال: أعتقد أنه لولاهما لم يكن سبق للإسلام حرمة ولا علا له راية، وما من مسلم إلا ومحبتهما واجبة عليه. ثم قرأ:" ومَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيم إِلَاّ من سَفِهَ نَفْسَهُ " فضحك الصالح، وكان هذا من رياضته، فإنه مخالف لمذهبه مخالفة لا يحتملها مثله إلا أنه مرتاضا حصيفاً قد لقي الفقهاء وسمع كلامهم.

وبعث يوماً إلى عمارة ثلاثة أكياس من مال ورقعةً بخطه فيها هذه الأبيات يدعوه فيها إلى مذهبه:

قل للفقيه عمارةٍ: يا خير من

أضحى يؤلّف خطبةً وكتابا

اسمع نصيحة من دعاك إلى الهدى

قل حطّةٌ، وادخل إلينا البابا

تلق الأئمّة شافعين، ولا تجد

إلاّ لدينا سنّة وكتابا

وعلىّ أن يعلو محلّك في الورى

وإذا شفعت إليّ كنت مجابا

وتعجّل الآلاف، وهي ثلاثة

صلةً، وحقّك لا تعدّ ثوابا

فأجابه عمارة:

حاشاك من هذا الخطاب خطابا

يا خير أملاك الزّمان نصابا

لكن إذا ما أفسدت علماؤكم

معمور معتقدي وصار خرابا

ودعوتم فكري إلى أقوالكم

من بعد ذاك، أطاعكم وأجابا

ص: 250

فاشدد يديك على صفاء محبّتي

وامنن عليّ، وسدّ هذا البابا

وهو الذي بنى الجامع خارج باب زويلة؛ ووقف ثلثي المقس على الأشراف، وتسعة قراريط على أشراف المدينة، وقيراطاً على بني معصوم إمام مشهد عليّ الذي بشره بالمنام. ويقال إنه من ولد جبلة بن الأيهم الغساني.

وكان أبوه يسمى أسد رزيك وقدم مع أمير الجيوش بدر إلى مصر؛ وتوفى سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.

ومن العجب أنه ولي الوزارة في التاسع عشر، وقتل في التاسع عشر، وزالت دولتهم في التاسع عشر. وهو أول من خوطب بالملك في ديار مصر ونعت به.

ومن عجيب الاتفاق أن عمارة أنشد مجد الإسلام رزيك بن الصالح بدار سعيد السعداء في ليلة السادس عشر من شهر رمضان أبياتا منها:

أبوك الّذي تسطو الّليالي بحدّه

وأنت يمينٌ إن سطا، وشمال

لرتبته العظمى، وإن طال عمره

إليك مصيرٌ واجب ومآل

تخالسك الّلحظ المصون، ودونها

حجابٌ شريف لا انقضى وحجال

ص: 251

فانتقل الملك إليه بعد ثلاثة أيام.

قال عمارة: ودخلت على الصالح قبل قتله بثلاثة أيام، فناولني رقعة فيها بيتان من شعره وهما:

نحن في غفلةٍ ونومٍ وللمو

ت عيونٌ يقظانةٌ لا تنام

قد رحلنا إلى الحمام سنيناً

ليت شعري، متى يكون الحمام!

فكان آخر عهدي به.

ومما رثاه عمارة به قوله:

أفي أهل ذا النّادي عليمٌ أُسائله

فإني، لما بي، ذاهب العقل ذاهله

سمعت حديثاً أحسد الصّمّ عنده

ويذهل واعيه، ويخرس قائله

فقد رابني من شاهد الحال أنّني

أرى الدّست منصوباً وما فيه كافله

وأنّى أرى فوق الوجوه كآبةً

تدلّ على أنّ الوجوه ثواكله

دعوني، فما هذا بوقت بكائه

سيأتيكم طلّ البكاء ووابله

ولم لا نبكّيه ونندب فقده

وأولادنا أيتامه وأرامله

أيكرم مثوى ضيفكم وغريبكم

فيسكن، أم تطوى ببينٍ مراحله

فيا ليت شعري بعد حسن فعاله

وقد غاب عنّا، ما بنا الدّهر فاعله!

قال عمارة: وكانت أحوال الصالح تارةً له وتارةً عليه؛ فما هو عليه فرط العصبية في المذهب، وجمع المال واحتجانه، والميل على الجند وإضعافهم والقص من أطرافهم. وأما التي له فلم تكن مجالس أنسه تنقضي إلا بالمذاكرة في أنواع العلوم الشرعية والأدبية، وفي مذاكرة وقائع الحروب مع أمراء دولته. وكان مرتاضاً قد سمر أطراف المعالي وتميز عن أخلاق الملوك الذين ليس عندهم إلا خشونة مجردة.

ص: 252

وكان شاعراً يحب الأدب وأهله، ويكثر من جليسه، ويبسط من أنيسه. وكان كرمه أقرب من الجزيل منه إلى الهزيل وصنف كتاباً سماه: الاعتماد في الرد على أهل العناد. وله قصيدة سماها: الجوهرية في الرد على القدرية ولما مات الصالح خرج ولده المنصور وهو مجروح وجلس في مرتبة أبيه، وبعث إلى العمة ست القصور من أهل القصور فسلمت إليه، فخنقها بمنديل ورميت قدامه، فبعثت السيدة العمة أختها إلى سيف الدين حسين بن أبي الهيجاء، صهر الصالح، وحلفت له أنها لم تدر ما جرى على الصالح وأن فاعل ذلك أصحاب أختها المقتولة. وحضر إليها مجد الإسلام أبو شجاع رزيك بن الصالح فخلع عليه الوزارة، فإن الصالح أوصى بها إليه وجعل من حسين بن أبي الهيجاء الكردي مدبر أمره، ونعت بالسيد الأجل مجد الإسلام الملك العادل الناصر أمير الجيوش؛ وفسح له في أخذ من ارتاب به في قتل أبي، فأخذ ابن قوام الدولة وقتله وولده والأستاذ الذي شغل الصالح بالحديث.

واستحسن الناس سيرته، وسامح الناس بما عليهم من البواقي الثابتة في الدواوين. وأسقط من رسوم الظلم مبالغ عظيمة، وقام عن الحاج بما يستأديه منهم أمير الحرمين؛ وسير على يد الأمير محمد بن شمس الخلافة نحواً من خمسة عشر ألف دينار إلى قاسم ابن هاشم، أمير الحرمين، برسم إطلاق الحاج. وظفر بقتلة أبيه ظفراً عجيباً بعد تشتتهم في البلاد.

ص: 253

وكان زفاف أخته إلى العاضد في وزارته فحمل معها بيوت الأموال. ونقل تابوت أبيه إلى القرافة.

وسير إلى والي الإسكندرية بحمل عبد الرحيم بن علي البيساني، الملقب بالقاضي الفاضل، واستخدمه بين يديه في ديوان الجيش.

وترامت الحال في أيامه بالأمير عز الدين حسام، قريبه، وعظم صيته، واستولى على تدبير كثير من أموره، وعظم غلمان أبيه. وكان فارساً شجاعا، له مواقف معروفة.

وكان أبوه الصالح قد ولى شاور بن مجير بن نزار السعدي قوص، ثم ندم على ولايته وأراد عوده من الطريق، ففاته، وحصل بها؛ وطلب منه في كل شهر أربعمائة دينار، وقال لا بد لقوص من وال، وأنا ذلك؛ والله لا أدخل القاهرة، ومتى صرفني دخلت النوبة. فتركه.

ولما جرح وأشرف على الوفاة كان يعد لنفسه ثلاث غلطات، إحداها ولاية شاور الصعيد الأعلى، والثانية بناء الجامع على باب زويلة، فإنه مضرة على القاهرة، والثالثة خروجي بالعساكر إلى بلبيس وتأخيري إرسالها إلى بلاد الفرنج؛ وكان قد أنفق على هذه العساكر مائتي ألف دينار.

وأوصى ابنه رزيك ألا يتعرض لشاور بمساءة ولا يغير عليه حاله فإنه لا تأمن عصيانه والخروج عليك. فلما استمر رزيك بن الصالح في الوزارة حسنت له بطانته صرف شاور عن قوص ليتم الأمر له، وأشار عليه سيف الدين حسين بن أبي الهيجاء بإبقائه، فقال ما أنا آبي ولا لي طمع فيما آخذه منه ولكن أريده يطأ بساطي. فقيل له: ما يدخل أبداً. فلم يقبل، وخلع على الأمير نصير الدين شيخ الدولة ابن الرفعة بولاية قوص.

ص: 254

فيما خرج ملك النوبة إلى أسوان في اثنى عشر ألف فارس وقتل من المسلمين عالما عظيماً.

فيها مات بالقاهرة، في يوم الأربعاء لاثنتي عشرة خلت من رجب، القاضي أبو الحجاج يوسف بن عبد الجبار بن شبل بن علي الصويبي؛ وصويب قبيلة بن جذام. ولد بالقدس يوم الجمعة تاسع ذي القعدة سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، وقدم مصر بعد أخذ الفرنج القدس فنشأ بها واشتغل بالعلم، وتولى خزانة الكتب في سنة أربع وعشرين وخمسمائة، وولي قضاء فوة وعملها في محرم سنة سبع وأربعين.

ومات بالصعيد كنز الدولة أبو الطليق يوسف، وولى بعده رئاسة قبائله أخوه أبو العز فتوح في حادي عشر محرم.

ص: 255