الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العاضد لدين الله أبو محمد عبد الله
بن الأمير يوسف ابن الحافظ لدين الله أبي الميمون عبد المجيد
ولد يوم الثلاثاء لعشر بقين من المحرم سنة ست وأربعين وخمسمائة؛ وبويع عند انتقال الفائز يوم الجمعة قبل الصلاة لثلاث عشرة بقيت من رجب سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وعمره يومئذ تسع سنين وستة أشهر وسبعة أيام.
وذلك أنه لما مات الخليفة الفائز ركب الصالح بن رزيك إلى القصر بثياب الحزن، واستدعى زمام القصر، وسأله عمن يصلح في القصر للخلافة؛ فقال: ههنا جماعة. فقال: عرفني بأكبرهم. فسمى له واحداً، فأمر بإحضاره. فتقدم إليه أمير يقال له على ابن مزيد وقال له سراً: لا يكن عباس أحزم منك رأياً حيث اختار الصغير وترك الكبير واستبد بالأمر. فمال إلى قوله، وقال للزمام: أريد منك صغيراً. فقال: عندي ولد الأمير يوسف بن الحافظ واسمه عبد الله، وهو دون البلوغ. فقال: علي به. فأحضر إليه بعمامة لطيف وثوب مفرط، وهو مثل الوحش، أسمر، كبير العينين، عريض الحاجبين
أخنس الأنف، منتشر المنخرين، كبير الشفتين. فأجلسه الصالح في البادهنج، وكان عمره إحدى عشرة سنة. ثم أمر صاحب خزانة الكسوة أن يحضر بذلة ساذجة خضراء، وهي لبس ولي العهد إذا حزن على من تقدمه، وقام وألبسه إياها.
وأخذوا في تجهيز الفائز؛ فلما أخرج تابوته صلى عليه وحمل إلى التربة. وأخذ الصالح بيد عبد الله وأجلسه إلى جانبه، وأمر أن تحمل إليه ثياب الخلافة، فألبسها؛ وبايعه، ثم بايعه الناس؛ ونعته بالعاضد لدين الله. وذلك يوم الجمعة الثامن عشر من شهر رجب سنة خمس وخمسين. وأبوه أحد الأخوين اللذين قتلهما الوزير عباس.
ولما بويع العاضد ركب وحملت على رأسه المظلة؛ وركب الصالح بين يديه، وخرج من التربة قاصداً قصره. وكانت عادة الخلفاء أنه إذا ورد البشير إلى أخص أهل من يبايع يعطى ألف دينار؛ فلما بويع العاضد حضر المبشر إلى عمته فأعطته نزراً، فلما راجعها في الزيادة أبت عليه؛ فسئلت في السبب فقالت: هذا قاطع الخلفاء. وهكذا كان.
واستقر العاضد اسماً والصالح معنىً، فتمكن وقويت حرمته، واستولى على الدولة وتمكن منها، ونقل جميع أموال القصر إلى دار الوزارة، وأساء السيرة باحتكار الغلات، فوقع الغلاء وارتفعت الأسعار؛ وأكثر من قتل أمراء الدولة.
وفيها ولي الصالح شاور بن مجير بن سوار بن عشائر بن شاس السعدي الصعيد، فظهرت كفايته واستمال الرعية.
وفيها بعث العاضد بالخلع إلى نور الدين محمود صاحب دمشق، فلبسها.
وفيها توفى بمصر أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن عمر بن قاسم، المعروف بنفطويه الحضرمي، المقرئ الأديب؛ رحل فسمع ببغداد وميافارقين وبمصر.
وتوفي بعيذاب الإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الحباب السعدي، أخو القاضي الجليس؛ رحل فسمع ببغداد وغيرها، وصنف كتاب مساوئ الخمر؛ وكتاب الحجة لسلف هذه الأمة في تسمية الصديق وارد على من أنكر ذلك؛ وكتاب تهذيب المقتبس في أنباء أهل الأندلس. وكان من الصالحين.
وتوفي أبو جعفر أحمد بن محمد بن كوار بن المختار بن الغرناطي بمصر، وكان من أعيان غرناطة، وله معرفة جيدة بالنحو؛ وكتب عن السلفي.