الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة عشرين وخمسمائة
فيها جهز الآمر المنتضى بن مسافر الغنوي بخلع سنية وتحف مصرية وثلاثين ألف دينار للأمير البرسقي، صاحب الموصل؛ فلما كان في أثناء الطريق سمع بموته، فرجع بما معه إلى الآمر.
وفيها قدم الأمير الرئيس مهران بن عبد الرحيم، مصنف سيرة الفرنج الخارجين على بلاد الإسلام في هذه السنين، برسالة من صاحب حلب.
وفي شوال كان بدء أمر الراهب. وذلك أن راهباً من النصارى، يعرف بأبي نجاح ابن فنا، كتب إلى الآمر رقعة في الكتاب النصارى من الأقباط يذكر أنهم قد أخذوا أموال الدولة واستولوا عليها، وضمن أنه يحقق في جهاتهم ما يملأ بيوت الأموال. فتقدم الخليفة بأن يمكن من الدواوين ويساعد على ما يخرجه من الحسبانات، ولقب بالأب القديس الروحاني النفيس أبي الآباء سيد الرؤساء مقدم دين النصرانية، وسيد البطريركية، ثالث عشر الحواريين.
وكان الآمر لما انفرد بالأمر بعد القبض على وزيره المأمون وبقي بغير وزير دانت له الدنيا. وكان معظماً كثير الجود إلى الحد الذي لا مزيد عليه؛ فكثر الخير في تلك الأيام، وفرح الناس بالفوائد، وتردد المسافرون والتجار، وجلبت البضائع، وزاد الحاصل في الخزائن من كل صنف مضافاً إلى ما كان فيها، وحسنت السيرة في الرعية؛ وأباح للناس
والجنود ما كان الأفضل حظره عليهم من الملبوس والتجمل؛ فما برح الناس في خيرات دارة ونعم متزايدة إلى أن تمكن الراهب من الدواوين واشتد في مطالبة النصارى وضمن في جهاتهم الأموال، وحملها أولاً فأولاً؛ وكان قد حصل لهم في أيام الأفضل والمأمون ما يزيد عن الوصف. فلما تمكن الراهب من النصارى واستطاب ما تحصل منهم ابتدأ يعمل في المسلمين معاملي الديوان من المشارفين والضمناء والعمال.
فيها ركب الآمر لينظر جوسق البغدادي أبي الحسن علي بن محمد بن سعدون بالقرافة، فإنه كان من أحسن جواسق القرافة وأفخرها بناء؛ فلما قرب منه سقط عن فرسه إلى الأرض فهنئ بالسلامة، وقيل في ذلك عدة أشعار.