الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وتسعين وأربعمائة
فيها مات الخليفة أبو القاسم أحمد المستعلى بالله بن المستنصر في ليلة السابع عشر من صفر، وعمره سبع وعشرون سنة وشهر واحد وتسعة وعشرون يوماً، ومدة خلافته سبع سنين وشهر واحد وعشرون يوماً.
نقش خاتمه الإمام المستعلى بالله.
وفي أيامه اختلت دولتهم وضعف أمرهم، وانقطعت من أكثر مدن الشام دعوتهم؛ وانقسمت البلاد الشامية بين الأتراك الواصلين من العراق وبين الفرنج؛ فإنهم، خذلهم الله، دخلوا بلاد الشام، ونزلوا على أنطاكية في ذي القعدة سنة تسعين وأربعمائة وتسلموها في سادس عشر رجب سنة إحدى وتسعين؛ وأخذ وامعرة النعمان في سنة اثنتين وتسعين؛ وأخذوا الرملة ثم بيت المقدس في شعبان؛ ثم استولوا على كثير من بلاد الساحل، فملكوا قيسارية في سنة أربع وتسعين بعد ما ملكوا عدة بلاد.
وفي أيامه أيضاً افترقت الإسماعيلية فصاروا فرقتين: نزارية، تعتقد إمامة نزار وتطعن في إمامة المستعلى، وترى أن ولد نزار هم الأئمة من بعده يتوارثونها بالنص؛ والفرقة المستعلوية، ويرون صحة إمامة المستعلى ومن قام بعده من الخلفاء بمصر. وبسبب ذلك حدثت فتن وقتل الأفضل فيما يقال وقتل الآمر، كما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
ولم يكن للمستعلى سيرة فتذكر، فإن الأفضل كان يدبر أمر الدولة تدبير سلطنة وملك لا تدبير وزارة.
وخلف المستعلى من الأولاد ثلاثة، هم الأمير أبو علي المنصور، والأمير جعفر، والأمير عبد الصمد.
وكانت قضاة مصر في خلافته أبو الحسن ابن الكحال، ثم عزل بابن عبد الحاكم المليجي، ثم ولى أبو الطاهر محمد بن رجاء، ثم أبو الفرج محمد بن جوهر بن ذكا، ومات المستعلى وهو قاض.
وقيل إن المستعلى مات مسموماً، وقيل بل قتل سراً.
وكان المستنصر قد عقد نكاحه على ست الملك ابنة أمير الجيوش بدر، فمات قبل أن يبني عليها، وكان أمير الجيوش قد جهزها جهازاً عظيما وأكثر من شراء الجواهر العظيمة القدر لها، فلما مات انتهب أولاده ذلك وتفرقوه.
وفيها أخذ صنجيل، أحد ملوك الفرنج، طرابلس، فصار للفرنج القدس وفلسطين إلا عسقلان؛ ولهم من بلاد الشام يافا، وأرسوف، وقيسارية، وحيفا، وطبرية، والأردن، ولاذقية، وأنطاكية؛ ولهم من الجزيرة الرها، وسروج. ثم ملكوا جبيل، ومدينة عكا، وأفامية، وسرمين من أعمال حلب؛ وبيروت، وصيدا، وبانياس، وحصن الأثارب.