الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(567) مسند أبي بَرْزَةَ
واسمه نَضلة بن عُبيد. كذا سمّاه البخاري ومسلم. وقال محمد بن سعد: اسمه عبد اللَّه بن نضلة. وقيل: نضلة بن عبد اللَّه. وقال أبو بكر البَرقي: أهل النسب يقولون: نضلة بن عبد اللَّه، وبعض المحدِّثين يقول: عبيد بن نضلة. والقول (1) الأوّل أصّح (2).
(6483)
الحديث الأول: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن جَميل بن مُرّة، عن أبي الوضيء قال:
كُنا في سفر ومعنا أبو برزة، فقال أبو برزة: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا"(3).
(6484)
الحديث الثاني: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن أبي عديّ عن سليمان وهو التّيمي عن أبي عثمان عن أبي بَرزة قال:
كانت راحلةٌ أو ناقةٌ أو بعيرٌ عليها بعضُ متاع القوم، وعليها جاريةٌ، فأخذوا بين جبلين، فتضايقَ بهم الطريقُ، فأبصَرَتْ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: حَلْ حَلْ، اللهمّ الْعَنْها. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَن صاحبُ هذه الجارية؟ لا تَصْحَبْنا راحلةٌ أو ناقةٌ أو بعيرٌ - عليها لعنةُ اللَّه عز وجل".
(1) في المخطوطة: قال المصنف. فهذا اختيار ابن الجوزي.
(2)
ينظر الطبقات 4/ 223، 7/ 6، 259، والآحاد 4/ 327، ومعرفة الصحابة 5/ 2682، ومعجم الصحابة 3/ 158، والاستيعاب 3/ 513، والتهذيب 7/ 336، والإصابة 3/ 526.
وجعل الحميدي مسنده مع المقدّمين بعد العشرة (73). وله حديث متّفق عليه، وحديثان للبخاري، وأربعة لمسلم. وفي التلقيح 366 أن أحاديثه ستّة وأربعون.
(3)
المسند 4/ 425 ورجاله ثقات. وأبو الوضيء هو عبّاد بن نُسيب ومن طريق حمّاد أخرجه ابن ماجه 2/ 736 (2182)، وأبو داود 3/ 273 (3457) مع قصّة طويلة. . وصحّحه الألباني. والحديث عند الشيخين عن ابن عمر وحكيم بن حزام - الجمع 2/ 225 (1345) 3/ 385 (2867).
انفرد بإخراجه مسلم (1).
(6485)
الحديث الثالث: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر قالا: حدّثنا عوف قال: حدّثني أبو المِنهال قال:
انطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي، فقال له أبي: حدِّثْنا كيف كان رسول اللَّه يصلّي المكتوبة. قال: كان يصلّي الهَجير التي تَدْعونها الأولى حين تَدْحَضُ الشمس، ويصلّي العصرَ ويرجعُ أحدُنا إلى رَحله بالمدينة والشمس حيّة. قال: فنسيتُ ما قال في المغرب. وكان يستحبُّ أن يؤخِّر العشاء، وكان يكره النّومَ قبلها والحديثَ بعدها، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف أحدُنا جليسَه، وكان يقرأ بالستين إلى المائة.
أخرجاه في الصحيحين (2).
(6486)
الحديث الرابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعلى قال: أخبرنا الحجّاج بن دينار عن أبي هاشم الواسطي عن رُفَيع أبي العالية عن أبي بَرزة الأسلمي قال:
لما كان بأخَرةٍ، كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا جلس في المجلس فأراد أن يقوم قال:"سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلّا أنت، أستغفِرٌك وأتوب إليك". فقالوا: يا رسول اللَّه، إنّك تقول الآن كلامًا ما كنتَ تقولُه فيما خلا. فقال:"هذه كفّارة ما يكون في المجلس"(3).
(6487)
الحديث الخامس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن الأزرق بن قيس قال:
كان أبو برزة بالأهواز على حَرْف (4) نهر، وقد جعل اللِّجامَ في يده وجعل يصلّي،
(1) المسند 4/ 420. ومن طريق سليمان عن أبي عثمان النهدي أخرجه مسلم 4/ 2005 (2596). وابن عديّ من رجال الشيخين.
(2)
4/ 420، 423. ومن طريق يحيى أخرجه البخاري 2/ 72 (599) وينظر أطرافه 2/ 22 (541) وأخرجه مسلم 1/ 1447 (647) من طريق سيّار بن سلامة أبي المنهال.
(3)
المسند 4/ 420 وساقه لحاكم شاهدًا على حديث صحّحه 1/ 537 ومن طريق الحجّاج أخرجه أبو داود 4/ 365 (4859)، وأبو يعلى 13/ 421 (7426) ولم يذكر آخره. وقال عنه الألباني حسن صحيح. وساق محقّق أبي يعلى الخلاف حول حجّاج بن دينار، وصحّح إسناده.
(4)
تروى "جُرُف" و"حَرف".
فجعلَت دابَتُه تَنْكُصُ وجعل يتأخّرُ معها، فجعلَ رجلٌ من الخوارج يقول: اللهمّ اخْزِ هذا الشيخ، كيف يصلّي. فلما صلّى قال: قد سَمِعْتُ مقالَتَكم، غزوتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ستًّا أو سبعًا أو ثمانيًا، فشَهِدْتُ أمرَه وتيسيرَه، فكان رجوعي مع دابّتي أهونَ عليّ من تركها فتَنْزِعُ إلى مألَفها. فيشقُّ عليّ.
وصلّى أبو بَرزة العصرَ ركعتين.
انفرد بإخراجه البخاري (1).
(6488)
الحديث السادس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث وعفّان ويونس قالوا: حدّثنا مهدي بن ميمون قال: حدّثنا جابر أبو الوازع قال: سمعت أبا برزة يقول:
بعث رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلًا إلى حيٍّ من أحياء العرب، فضربوه وسبُّوه، فرجع إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فشكا ذلك إليه، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لو أهلَ عمانَ أتيتَ ما ضربوك ولا سبُّوك".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(6489)
الحديث السابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا أبو الأشهب عن أبي الحكم البُناني عن أبي بَرزة:
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ ممّا أخشى عليكم شهواتِ الغَيِّ في بطونكم وفروجكم، ومُضِلّاتِ الهوى"(3).
(6490)
الحديث الثامن: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي وسليمان ابن داود قالا: حدّثنا شعبة عن علي زيد عن المغيرة بن أبي برزة عن أبيه قال:
(1) المسند 4/ 420 ومن طريق شعبة أخرجه البخاري 3/ 81 (1211) من طريق شعبة ولم يذكر صلاته العصر ركعتين.
(2)
المسند 4/ 420، 423، 424 وعن مهدي عن جابر بن عمرو الراسبي، أبي الوازع، في مسلم 4/ 1971 (2544) وشيوخ أحمد في هذا الحديث ثقات.
(3)
المسند 4/ 420، والسنّة لابن أبي عاصم 1/ 44 (14) ورجاله رجال صحيح، إلا أن أبا الحكم علي بن الحكم من رجال البخاري، مات بعد سنة 130 هـ، ولم تذكر له رواية عن أبي برزة المتوفّى حوالي سنة 65 هـ. وجعله ابن كثير في الجامع 13/ 347 (10688) ممّا تفرّد به. وصحّح محقّق السنّة إسناده.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أسلمُ سالَمَها اللَّهُ، وغِفارُ غَفَرَ اللَّه لها. ما أنا قُلْته، ولكنّ اللَّه قاله"(1).
(6491)
الحديث التاسع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج قال: أخبرنا شعبة عن أبي حمزة جارهم قال: سمعت حميد بن هلال يحدّث عبد اللَّه بن مُطَرّف عن أبي برزة قال:
كان أبغَض النّاس - أو أبغض الأحياء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثقيفٌ وبنو حنيفة (2).
(6492)
الحديث العاشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود بن عامر شاذان قال: أخبرنا أبو بكر يعني ابن عيّاش عن الأعمش عن سعيد بن عبد اللَّه بن جريج عن أبي برزة الأسلمي قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا معشرَ من آمنَ بلسانه ولم يدخل الإيمانُ قلبَه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتّبعوا عوراتهم، فإنّه من يتّبعْ عوراتِهم يتَّبع اللَّهُ عورتَه، ومن يتَّبع اللَّه عورتَه يفضحْه في بيته"(3).
(6493)
الحديث الحادي عشر: حدّثنا عبد اللَّه قال: حدّثنا عبد اللَّه بن محمد بن أبي شيبة قال: حدّثنا محمد بن فُضيل عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص قال: أخبرني ربُّ هذه الدار أبو هلال قال: سمعت أبا برزة قال:
(1) المسند 4/ 420، 424 ومن طريق سليمان بن داود أخرجه أبو يعلى 13/ 432 (7438) وضعّف المحقّق إسناده من أجل علي بن زيد، ابن جدعان، ونقل توثيق ابن حبّان للمغيرة. وجوّد الهيثمي إسناده - المجمع 10/ 49. والحديث صحيح لغيره: رواه الشيخان عن ابن عمر، ورواه مسلم عن جابر وأبي هريرة وخُفاف. ووردت العبارة الأخيرة في حديث أبي هريرة. ينظر الجمع 2/ 250، 389 (1377، 1636)، 3/ 184، 400 (2414، 2893).
(2)
المسند 4/ 420 وقال الحاكم 4/ 480: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. ومن طريق شعبة أخرجه أبو يعلى 13/ 417 (7421) وعند الحاكم وأبي يعلى زيادة "بنو أميّة" وحسّنه محقّق أبي يعلى من أجل أبي حمزة عبد الرحمن بن عبد اللَّه، جار شعبة. قال الهيثمي 10/ 74: رجالهم -أحمد وأبي يعلى والطبراني- رجال الصحيح، غير عبد اللَّه بن مطرّف بن الشّخّير، وهو ثقة. وجعل ابن حجر جار أبي حمزة مقبولًا، وابن الشّخّير صدوقًا. التقريب 1/ 342، 315.
(3)
المسند 4/ 420، وسنن أبي داود 4/ 270 (4880) ومسند أبي يعلى 13/ 420 (7424) وحسّن محقق أبي يعلى إسناده، وقال الألباني: حسن صحيح.
كنّا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، فسَمعَ رجلين يتغنّيان، وأحدُهما يجيبُ الآخر، وهو يقول:
لا يزالُ حوارِيَّ تلوح عظامُه (1)
…
زوى الحربَ عنه أن يُجَنّ فيُقبرا
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "انظُروا من هما" فقالوا: فلان وفلان. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "اللهمّ ارْكُسْهما رَكسًا، ودُعَّهما إلى النّار دَعًّا"(2).
(6494)
الحديث الثاني عشر: حدّثنا أحمد قال [حدّثنا محمد بن جعفر] قال: حدّثنا عوف عن مُساوِر بن عُبيد قال:
أتيتُ أبا برزة فقلت: هل رجم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، رجمَ رجلًا منّا يُقال له ماعز ابن مالك (3).
(6495)
الحديث الثالث عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد ابن سلمة قال: أخبرنا الأزرق بن قيس عن شريك بن شهاب قال:
كنتُ أتمنّى أن ألقى رجلًا من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُني عن الخوارج، فلقيتُ أبا برزة في يوم عرفة في نفرٍ من أصحابه، فقلت: يا أبا برزة حدِّثنا بشيء سَمِعتَه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقوله في الخوارج. فقال: أُحدِّثُك بما سَمِعَت أُذُناي ورأت عيناي:
أُتِيَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بدنانير، فكان يَقْسِمها وعنده رجل أسود، مطمومُ الشعر، عليه ثوبان أبيضان، بين عينيه أثرُ السّجود، فتعرّض لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأتاه من قِبَل وجهه فلم يُعطه شيئًا، فأتاه من قبل يمينه فلم يُعْطِه شيئًا، فأتاه من قِبَل شماله فلم يُعْطِه شيئًا (4). ثم أتاه من خلفه فلم يُعْطِه شيئًا. فقال: واللَّه يا محمّد ما عَدَلْتَ منذُ اليوم في القسمة.
(1) شطر غير مستقيم. وقد ذكر محقّق أبي يعلى روايات هذا الشطر في المصادر، قال: وأحسنها رواية البّزار، وهو كما قال:
تركت حواريا تلوحُ عظامه
…
. . . . . . . . .
(2)
المسند 4/ 421 عن أحمد وابنه عبد اللَّه عن أبي بكر بن أبي شيبة. وهو من طريق محمد بن فضيل في مسند أبي يعلى 1/ 429 (7436). وأعلّه الهيثمي في المجمع 8/ 124 بيزيد بن أبي زياد، والأكثر على تضعيفه. وضعّف إسناده محقق أبي يعلى.
(3)
المسند 4/ 423. ورجاله ثقات غير مساور، وثّقه ابن حبّان. التعجيل 398. ومن طريق عوف أخرجه أبو يعلى 13/ 426 (7431) وجوّد إسناده المحقّق.
(4)
سقط من طبعة الميمنة "فأتاه من قبل يمينه. . . . شيئًا" واستدركت في طبعة عالم الكتب.
فغضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا، ثم قال:"واللَّه لا تَجِدون بعدي أحدًا أعدلَ عليكم مني" قالها ثلاثًا.
ثم قال: "يخرجُ من قِبَل المشرق رجالٌ كأنّ هذا منهم، هَدْيُهم هكذا، يقرءون القرآن لا يُجاوِزُ تراقِيَهم، يمرُقون من الدّين كما يمرُقُ السَّهْمُ من الرَّمِيّة، لا يرجعون إليه" ووضع يده على صدره. "سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون حتى يخرُجُ آخرُهم، فإذا رأيتُموهم فاقتلوهم -قالها ثلاثًا- شرُّ الخلق والخليقة" قالها ثلاثًا (1).
(6496)
الحديث الرابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد - يعني ابن سلمة عن ثابت عن كِنانة بن نُعيم العدويّ عن أبي بَرزة الأسلميّ.
أن جُلَيْبِيبًا كان امرأً يدخلُ على النساء، يَمُرُّ بهنّ ويلاعِبُهنّ، فقلت لامرأتي: لا تُدْخِلْن عليكن جُلَيْبيبًا، فإنّه إنّ دخَلَ عليكنّ لأفعلَنّ ولأفعلَنّ. قال: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيَّمٌ لم يزوِّجْها حتى يَعْلَمَ: هل لنبيِّ اللَّه صلى الله عليه وسلم فيها حاجةٌ أم لا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار: "زَوِّجْني ابنَتَك" قال: نعم، وكرامةً يا رسول اللَّه ونُعمةَ عين. قال:"إنّي لستُ أريدُها لنفسي" قال: فلمن يا رسول اللَّه؟ قال: "لجُلَيبيب" فقال: يا رسول اللَّه، أشاوِر أمّها. فأتى أمَّها. فقال: رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطُبُ ابنتك. فقالت: نعم، ونعمة عين. فقال: إنّه ليس يخطُبُها لنفسه، إنّما يخطُبُها لجُليبيب. فقالت: أجليبيب إنيه (2)! لا، لعَمْرُ اللَّه، لا نُزَوِّجُه. فلما أراد أن يقومَ ليأتيَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ليُخْبِرَه بما قالت أمّها، قالت الجارية: من خطبَني إليكم؟ فأخبَرْتها أمُّها. فقالت: أتَرُدُّونَ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرَه، ادفعوني، فإنّه لن يُضَيِّعَني. فانطلَق أبوها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبره. قال: شأنَك بها، فزوَّجَها جُلَيْبيبًا.
قال: فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزاة له، قال: فلما أفاء اللَّهُ عليه قال لأصحابه: "هل تفقِدون من أحد؟ " فقالوا: نفقِدُ فلانًا ونفقِدُ فلانًا. قال: "انظُروا، هل تفقِدون من أحد؟ " قالوا: لا. قال: "لكنّي أفقِد جُليبيًا" قال: "فاطلبوه". فطلبوه. فوجدوه إلى جنب سبعة،
(1) المسند 4/ 421 وشريك بن شهاب، روى له النسائي، وهو مقبول - التقريب 1/ 243. ومع ذلك جعل الحاكم إسناده صحيحًا على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي 2/ 146. ومن طريق حمّاد أخرجه النسائي 7/ 119، وقال: شريك بن شهاب ليس بذلك المشهور، وضعّفه الألباني.
(2)
وردت العبارة في المسند ثلاث مرات. وهي كلمة تقولها العرب للإنكار. ينظر النهاية 1/ 78. وفي الجمع: "الأُبنة".
قد قتلهم ثم قتلوه، فقالوا: يا رسول اللَّه، ها هو ذاك إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه، فأتاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:"قتل سبعة وقتلوه، هذا منّي وأنا منه" مرّتين أو ثلاثًا. ثم وضعَه في قبره، ولم يذكر أنّه غسله.
قال ثابت: فما كان في الأنصار أيِّمٌ أنفقَ منها. وحدَّث إسحق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة ثابتًا قال: هل تعلم ما دعا لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: "اللهمّ صُبَّ عليها الخير صبًّا، ولا تجعل عيشَها كَدًّا كدًّا". قال: فما كان في الأنصار أيِّمٌ أنفقّ منها.
قال أبو عبد الرحمن (1): ما حدّثَ به في الدنيا أحد إلا حمّاد بن سلمة.
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(6497)
الحديث الخامس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا عيينة عن أبيه عن أبي برزة الأسلمي قال:
خرجتُ يومًا أمشي، فإذا أنا بالنبيّ صلى الله عليه وسلم متوجّهًا، فظنَنْتُه يريدُ حاجة، فجعلتُ أخنُسُ عنه وأعارضُه، فرآني، فأشار إليّ فأتَيْتُه، فأخذ بيدي، فانطلقْنا نمشي جميعًا، فإذا نحن برجلٍ يصلّي، يُكثِرُ الرُّكوع والسُّجود، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أتُراه مرائيًا؟ " فقلت: اللَّه ورسوله أعلم. فأرسل يدي ثم طبّقَ بين كفَّيه فجمعهما، وجعل يرفَعُهما بحيال منْكبَيْه ويَضَعُهما، ويقول:"عليكم هَديًا قاصدًا" ثلاث مرّات - فإنّه من يُشادَّ الدِّين يَغْلِبْه" (3).
(1) وهو عبد اللَّه بن أحمد. وفي آخره: ما أحسنه من حديث.
(2)
المسند 4/ 422 أخرج مسلم في صحيحه 4/ 1918 (2472) من طريق حمّاد قول النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد الغزاة "هل تفقدون من أحد. . . " إلى دفن جليبيب. وذكر الحميدي في الجمع 1/ 568 (944) قال: أخرجه البرقاني بطوله من حديث حمّاد بن سلمة بإسناده كما أخرجه مسلم. . . وذكره.
(3)
المسند 4/ 422. وعيينة بن عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني، صدوق، وأبوه ثقة، روى لهما البخاري في الأدب، وأصحاب السنن - التقريب 1/ 466، 332. فإسناد الحديث صحيح. ولكن الإمام أحمد ذكر في آخر الحديث: وقال يزيد ببغداد: بُريدة الأسلميّ. وقد كان قال: عن أبي برزة، ثم رجع إلى بريدة. قال: حدّثنا وكيع ومحمد بن بكر، قالا: بُريدة الأسلمي. ثم رواه 5/ 350 في مسند بريدة من طريق إسماعيل ابن عليّة عن عينيه. فالصحيح في الحديث أنّه لبريدة الأسلمي.
والحديث في السنّة لابن أبي عاصم 1/ 69 (99) من طريق يزيد. وفيه أنّه عن بريدة. وفي 1/ 97 (101) من أبي عبد الرحمن المقرىء عن عينيه، لكنه عن أبي برزة. وفي شرح المشكل 3/ 262 (1235) من طريق عينيه، جعله عن بريدة، وصحّح المحقّقون إسناده. والحديث صحّح إسناده الحاكم 1/ 312 عن بريدة، ووافقه الذهبي.
(6498)
الحديث السادس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد قال: حدّثنا شدّاد أبو طلحة قال: حدّثنا جابر بن عمرو أبو الوازع عن أبي بَرْزة قال:
قلتُ: يا رسول اللَّه، مُرْني بعمل أعْمَلُه. قال:"أمِطِ الأذى عن الطريق، فهو لك صدفة".
قال: وقتلتُ عبد العُزَّى بن خطَل وهو مُتَعَلِّقٌ، بسِتر الكعبة، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة:"الناسُ آمِنون غيرَ عبد العُزّى بن خَطَل".
وسمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ لي حوضًا ما بين أيلةَ إلى صنعاء، عَرْضُه كطوله، فيه ميزابان ينثعبان من الجنّة، أحدُهما من وَرِق، والآخر من ذهب، أحلى من العسل، وأبردُ من الثلج، وأبيضُ من اللبن، مَن شَرِبَ منه لم يظمأ حتى يدخلَ الجنّة، فيه أباريقُ عددَ نجوم السماء"(1).
* طريق لبعضه:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن مطر عن عبد اللَّه بن بُريدة الأسلمي قال:
شكّ عُبيد اللَّه بن زياد في الحوض، فأرسل إلى أبي بَرزة فأتاه، فقال له جُلساء عبيد اللَّه: إنما أرسل إليك الأميرُ ليسألَك عن الحوض: هل سَمِعْتَ من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيه شيئًا؟ قال:
(1) المسند 4/ 424 وأبو سعيد مولى بني هاشم روى له البخاري، وأبو طلحة شدّاد بن سعيد، وأبو الوازع جابر، روى لهما مسلم، وجعلهم ابن حجر صدوقين. ينظر التقريب 1/ 341، 240، 84.
وهذا الحديث بجمع أحاديث:
فإماطة الأذى أخرجه مسلم 4/ 2021، 2022 (2618) من طريق شدّاد أبي طلحة عن أبي الوازع.
أما قصة ابن خَطَل فوثّق الهيثمي رجال أحمد بعد أن ذكر الحديث - المجمع 6/ 178. وقد ورد في الصحيحين من حديث أنس: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ابن خطل، وهو متعلّق بأستار الكعبة. ينظر الجمع 2/ 483 (1851)، وكشف المشكل 3/ 188. وفي قاتله ينظر الفتح 4/ 16.
أما حديث الحوض فأخرجه ابن أبي عاصم في السنّة 1/ 489 (739)، والحاكم 1/ 76، وابن حبّان 14/ 371 (6458) من طريق شدّاد أبي طلحة عن جابر أبي الوازع. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، فقد احتجّ بحديثين عن الوارع عن أبي برزة، ووافقه الذهبي.
نعم، سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يذكره، فمن كذَّب به فلا سقاه اللَّه منه (1).
(6499)
الحديث السابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن بن موسى قال: حدّثنا سُكين بن عبد العزيز عن سيّار بن سلامة أبي المنهال الرياحي قال:
دخلْت مع أبي على أبي بَرزة الأسلمي، وإن في أُذُني يومئذٍ لقُرْطَين. قال: وإنّي لغلام. قال: فقال أبو بَرزة: إني أحمدُ اللَّه أنّي أصبحتُ لائمًا لهذا الحيِّ عن قريش، فلانٌ هاهنا يقاتِلُ على الدنيا، وفلانٌ هاهنا يقاتل على الدّنيا - يعني عبد الملك بن مروان. قال: حتى ذكر ابنَ الأزرق. قال: ثم قال: إنّ أحبَّ النّاس إليَّ لهذه العصابةُ المُلْبِدة، الخميصةُ بطونُهم من أموال النّاس، والخفيفةُ ظهورُهم من دمائهم.
قال: وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الأُمراء من قريش، الأمراء من قريش، الأمراء من قريش. لي عليهم حقٌّ، ولهم عليكم حقٌّ، ولكم عليهم حقّ (2)، ما فعلوا ثلاثًا: ما حكَموا فعدَلوا، واستُرْحِموا فرَحموا، وعاهدوا فوَفُوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة اللَّه والملائكةِ والناس أجمعينَ"(3).
المُلبَدة: التي لا تنهض لخصومة. يقال: لَبِد بالأرض: لزِق بها (4).
(6500)
الحديث الثامن عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن أبي عدي عن داود بن أبي هند عن عبد اللَّه بن قيس عن الحارث بن أُقيش قال:
(1) المسند 4/ 419 ورجاله ثقات، عدا مطر الورّاق، كثير الخطأ. التقريب 2/ 587. وقد أخرج الحديث ابن أبي عاصم 1/ 476 (720) وصحّح المحقّق إسناده وروى ابن أبي عاصم قبله وبعده أحاديث في شكّ عبيد اللَّه ابن زياد في الحوض، وسؤاله عددًا من الصحابة عنه، وأحاديث أخر في حوض النبيّ صلى الله عليه وسلم.
(2)
"ولكم عليهم حقّ" ليست في المسند.
(3)
المسند 4/ 424. وقد روى البخاري 13/ 68 (7112) بإسناده عن عوف عن أبي المنهال: لما كان ابن زياد ومروان بالشام، وثَبَ ابن لزبير بمكّة ووثب القرّاء بالبصرة، فانطلقت إلى أبي برزة الأسلمي. . . وذكر قول أبي برزة: إني احتسبتُ عندَ اللَّه أنّي أصبحت ساخطًا على أحياء من قريش. وذكر بعض الذين يقاتلون على الدنيا. وينظر الجمع 1/ 565 (941)، والفتح 13/ 37.
وقد أخرج أبو يعلى الحديث بتمامه من طريق سكين 6/ 323 (3645). قال الهيثمي 5/ 691: رجال أحمد رجال الصحيح، خلا سكين بن عبد العزيز وهو ثقة. ونقل محقّق أبي يعلى الكلام والخلاف في سكين، وصحّح إسناد الحديث.
(4)
يقال: لبد بالأرض، وألبد.
كُنّا عند أبي برزة ليلةً، فحدّث ليلئذٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"ما من مُسْلِمَين يموتُ لها أربعةُ أفراط إلّا أدخلَهما اللَّهُ الجنّة بفضل رحمته". قالوا: يا رسول اللَّه، وثلاثةٌ؟ قال:"وثلاثة" قالوا: واثنان؟ قال: "واثنان".
قال: "وإنّ من أُمّتي لم يعظُمُ للنّار حتى يكونَ إحدى زواياها، وإنّ من أُمّتي من يدخُلُ الجنّة بشفاعته مثلُ مُضَرَ"(1).
* * * *
(1) المسند 4/ 212 في مسند الحارث بن أُقيش. ينظر الحديث رقم (1344) مسند الحارث (74).