الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصدقات «1» ، ويقومان بتصفيتها وتوزيعها على ما ورد في الآية الكريمة* إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ «2» .
أبلى الزبير بلاء عظيما في معارك الإسلام الخالدة، وفي اليرموك على وجه التحديد، استشهد سنة 36 هـ، في وقعة الجمل، قتله ابن جرموز بوادي السباع «3» . منصرفا تاركا للقتال طالبا للنجاة من الفتن، فأخذ ابن جرموز سيفه بعد أن قتله وأخبر عليا رضي الله عنه فبشره بالنار، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(بشر قاتل ابن صفية بالنار)«4» ، فقال ابن جرموز متهكما: يا ويلنا إن قاتلناكم ويا ويلنا إن قاتلنا معكم فنحن في النار «5» . وكان الإمام علي رضي الله عنه يقول: (والله إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من أهل هذه الآية: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (47)«6» .
12 - زيد بن ثابت الأنصاري
«7» :
هو زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي، كاتب الوحي للنبي
(1) ينظر: التنبيه والإشراف: 245؛ وتاريخ الخميس: 2/ 181.
(2)
سورة التوبة، من الآية (60).
(3)
وادي السباع على سبعة فراسخ من البصرة أو حوالي 42 كم. الإصابة: 1/ 546.
(4)
المستدرك على الصحيحين للحاكم: 3/ 414.
(5)
مرآة الجنان: 1/ 98.
(6)
سورة الحجر، الآية (47).
(7)
ينظر ترجمته في: المعارف: 260؛ والاستيعاب: 1/ 532؛ وتهذيب الكمال: 10/ 24؛ وتقريب التهذيب: 1/ 222؛ والاستبصار: 71؛ ومرآة الجنان: 1/ 121؛ وتذكرة الحفاظ: 1/ 30؛ والإصابة: 1/ 561.
صلى الله عليه وسلم. قتل أبوه في يوم بعاث قبل الهجرة بخمس سنين «1» ، وعند ما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة كان زيد صبيا ذكيا نجيبا، وكان عمره إحدى عشرة سنة.
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم خط اليهود، فأجاد الكتابة وحفظ القرآن الكريم وأتقنه، وكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم، كما كتب زيد مغانم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتولاها معيقيب ابن فاطمة الدوسي «2» .
ثم كتب الكتب إلى الملوك وأجاب عنها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يترجم من الفارسية والرومية والقبطية والحبشية، وكان قد تعلمها في المدينة من أهل هذه الألسن، كما جاء في حديث:(يا زيد تعلم كتابة يهود، فإني ما آمنهم على كتابي)«3» . وفي حديث آخر عن زيد بن ثابت قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (إني أكتب إلى قوم أخاف أن يزيدوا علي أو ينقصوا فتعلم السريانية فتعلمتها في سبعة عشر يوما)«4» . وروي عنه أيضا أنه قال: (كنت إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذه على فخذي فما وجدت شيئا أثقل منها. ثم سري فقال لي:
اكتب، فكتبت في كتف «لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون» «5» ، فقام عمرو بن أم مكتوم فقال: كيف بمن لا يستطيع؟ فما انقضى كلامه حتى غشيت
(1) يوم بعاث: اليوم الذي كانت فيه الحرب بين الأوس والخزرج قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بخمس سنين، وبعاث اسم موضع من نواحي المدينة تابع لبني النضير. ينظر:
تاريخ الخميس: 1/ 297؛ والإصابة: 1/ 561.
(2)
تاريخ الأمم والملوك: 2/ 421؛ والتنبيه والإشراف: 246؛ والإصابة: 1/ 561.
(3)
المستدرك على الصحيحين للحاكم: 1/ 147، وقال: هذا حديث صحيح. وينظر:
الإصابة: 1/ 561.
(4)
صحيح ابن حبان، ذكر زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه: 16/ 84؛ وينظر:
الإصابة: 1/ 561.
(5)
سورة النساء، الآية (95).
رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة، ثم سري عنه فقال: اكتب غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ «1» .
واستصغر يوم بدر، وكان أفرض الصحابة، وأحد أصحاب الفتوى كما روى ذلك ابن سعد بإسناد صحيح، قال: كان زيد بن ثابت أحد أصحاب الفتوى وهم ستة: عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم «2» .
وأوضح ابن عبد البر أن زيدا كان ألزم الصحابة لكتابة الوحي مع أنه كان يكتب كثيرا من الرسائل، وسبقت الإشارة إلى أن أبي بن كعب كان أول من كتب للنبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار، فإذا لم يكن حاضرا دعا زيد بن ثابت، وكانا يتناولان الكتابة في الوحي، كما كتبا كتبه صلى الله عليه وسلم إلى الناس «3» .
وانتدب في زمن الصديق رضي الله عنه لجمع القرآن، ثم عينه عثمان رضي الله عنه لكتابة المصحف وثوقا بحفظه، ودينه وأمانته وحسن كتابته وكتب بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهم جميعا، كما كتب لهما معيقيب الدوسي معه «4» .
وقرأ عليه القرآن جماعة من الصحابة والتابعين، منهم: ابن عباس وأبو عبد الرحمن السلمي، وحدث عنه ابنه خارجة، وأنس بن مالك، وابن عمر، وعبيد بن السباق، وعطاء بن يسار وغيرهم، وكان ابن عباس يأتي بابه وينتظر خروجه ليسمع منه العلم، فإذا ركب أخذ بركابه، فيقول: ما هذا يا ابن عباس؟
(1) صحيح البخاري، باب قوله لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ
…
، رقم الحديث (2627): 3/ 1042؛ وينظر: صحيح البخاري بشرح فتح الباري 9/ 26.
(2)
الطبقات الكبرى لابن سعد: 2/ 351.
(3)
ينظر: الاستيعاب: 1/ 30؛ والإصابة: 1/ 562؛ وتاريخ الأمم والملوك: 2/ 242.
(4)
ينظر: الاستيعاب: 1/ 533؛ والإصابة: 1/ 543.