الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسخ تلاوته دون حكمه «1» .
وقد أقر كبار علماء الشيعة هذا النسخ مستدلين بهذه الرواية خلافا للخوئي، منهم:
1 -
أبو علي الطبرسي، قال:
…
أن يكون معنى التأخير أن ينزل القرآن فيعمل به ويتلى، ثم يؤخر بعد ذلك بأن ينسخ فيرفع تلاوته البتة ويمحى
…
ولا يعمل بتأويله، مثل ما روي عن زر بن حبيش أن أبيا قال له: كم تقرءون الأحزاب؟
قال: بضعا وسبعين آية. قال: قد قرأتها ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أطول من سورة البقرة «2» .
2 -
أبو جعفر الطوسي، إذ قال: قد جاءت أخبار متضافرة بأنه كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها وعددها، وذكر منها أن سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة في الطول «3» .
الرواية السادسة:
ما جاء في سورتي الخلع والحفد في مصحف ابن عباس وأبي بن كعب في رواية ابن الضريس «4» : (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق)«5» .
(1) الإتقان: 2/ 53.
(2)
مجمع البيان: 1/ 409.
(3)
التبيان: 1/ 394.
(4)
ابن الضريس: هو محمد بن أيوب بن يحيى بن ضريس أبو عبد الله البجلي الرازي، الحافظ المحدث المصنف المعمر الثقة، روى عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، وقال: هو ثقة، (ت 294 هـ). ينظر: سير أعلام النبلاء: 13/ 449.
(5)
الإتقان: 1/ 143؛ وأوردها عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ينظر: مصنف عبد الرزاق، رقم (4978): 3/ 114.
وقال السيوطي: أخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي إسحاق، قال:
أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد في خراسان، فقرأ بهاتين السورتين: إنا نستعينك ونستغفرك «1» .
وأخرج البيهقي وأبو داود في المراسيل عن خالد بن أبي عمران أن جبريل نزل بذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة مع قوله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ «2» ، لما قنت يدعو على مضر «3» .
وأشار السيوطي إلى هذه الرواية في موضع آخر، وذلك عند الضرب الثالث: ما نسخ تلاوته دون حكمه، حيث قال: ومما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه،
سورتا القنوت في الوتر، وتسمى سورتي الخلع والحفد «4» .
وأوردها الخوئي في كتابه (البيان) متهما أهل السنة بالطعن في القرآن «5» ، على أن جمهور العلماء من أهل الفقه والحديث وخاصة علماء الحنفية، ذكروا أن هذا دعاء مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقنت به في الوتر، ولم يقل أحد منهم إنه كان سورة من القرآن «6» . وعلى فرض أن أبيا أثبتها في المصحف على أنها قرآن، فالرواية رواية آحاد لا يصح الاحتجاج بها في إثبات القرآن القطعي الثبوت «7» .
(1) المعجم الكبير للطبراني، رقم (860): 1/ 292؛ والإتقان: 1/ 143.
(2)
سورة آل عمران، من الآية (128).
(3)
الإتقان: 1/ 143.
(4)
المصدر نفسه: 2/ 55.
(5)
البيان في تفسير القرآن: 205.
(6)
فتح المنان في نسخ القرآن: 264؛ والمدخل لدراسة القرآن الكريم لمحمد أبي شهبة:
260.
(7)
فتح المنان في نسخ القرآن: 260.
ويجاب عن ذلك أيضا بأن ثبوت النسخ شيء، وثبوت نزول القرآن شيء آخر، فثبوت النسخ يكفي فيه الدليل الظني بخبر الواحد، أما ثبوت نزول القرآن فهو الذي يشترط فيه الدليل القطعي بالخبر المتواتر، والذي معنا ثبوت النسخ لا ثبوت القرآن، فيكفي فيه أخبار الآحاد «1» .
وكتابة أبي بن كعب لهذا الدعاء في مصحفه لا يدل على القرآنية، ونحن نعلم أن مصاحف الصحابة لم تكن قاصرة على المتواتر، بل كان بعضها مشتملا على المنسوخ تلاوة وعلى رواية الآحاد، وعلى بعض التفسيرات، وتأويلات وأدعية ومأثورات، ومن ذلك هذا الدعاء الذي يقنت به كثير من المسلمين في الوتر، كما أن القنوت في الصلاة لا يدل على القرآنية.
وذكر بعض العلماء أن أبيا رضي الله عنه كتبه في مصحفه، وسماه سورة الخلع والحفد لورود مادة هاتين الكلمتين فيه «2» ، ولهذا ورد عن مصحف أبي أن عدد سور القرآن مائة وست عشرة سورة «3» ، إلا أن الإمام السيوطي ذكرهما فيما نسخ تلاوته دون حكمه- كما مر- وقال في رواية أخرى: أخرج البيهقي من طريق سفيان الثوري عن ابن جريج عن عطاء بن عبيد بن عمير: (أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق، قال ابن جريج: حكمة البسملة أنهما سورتان في
(1) ينظر: مباحث في علوم القرآن لمناع القطان: 238.
(2)
ينظر: مناهل العرفان: 1/ 271.
(3)
البرهان للزركشي: 1/ 251؛ وذكر أن في مصحف أبي دعاء الاستفتاح والقنوت في آخره كالسورتين، وأن عدد سور القرآن عنده مائة وستة عشرة سورة، وقال: وكان مصحف عبد الله بن مسعود مائة واثنتا عشرة سورة، ولم يكن فيها المعوذتين لشبهة الرقية، كما سيأتي الحديث عن المعوذتين.