الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو وصل بعض الكلمات أو فصلها .. إلخ «1» .
كذلك كان الصحابة قد جردوا القرآن حين كتبوه في المصحف من كل زيادة ليست من النص القرآني، وكانوا يقولون:(جردوا القرآن ولا تخلطوه بشيء)«2» . فلم يكتبوا أسماء السور ولا ما يتعلق بكونها مكية أو مدنية، ولم يبينوا عدد آياتها، ولا كانوا يشيرون إلى رءوس الأجزاء «3» ، فكانوا ملتزمين بالقواعد الهجائية وأصول الرسم، وهذه الطريقة في الكتابة التي ارتضاها عثمان رضي الله عنه سماها العلماء ب (الرسم العثماني للمصحف) نسبة إليه «4» .
وقد اختلف علماء المسلمين في وجوب التمسك بالرسم القرآني المأثور- أو بالرسم العثماني- فمنهم من قال بأن هذا الرسم توقيفي. ويجب الأخذ به، ولا تجوز مخالفته. ومنهم من قال ليس توقيفيا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه اصطلاح ارتضاه عثمان رضي الله عنه، فيجب الالتزام به، ومنهم من قال: إن الرسم العثماني اصطلاحي، ولا مانع من مخالفته «5» .
وإليك تفصيل هذه الآراء الثلاثة:
الرأي الأول:
إنه توقيفي لا تجوز مخالفته، وذلك مذهب الجمهور «6». واستدلوا بأدلة منها:
(1) ينظر: دروس في علوم القرآن، د. غانم قدوري:91.
(2)
المحكم للداني: 10؛ والإتقان للسيوطي: 4/ 160؛ وينظر: محاضرات في علوم القرآن: د. غانم قدوري: 88.
(3)
دروس في علوم القرآن، د. غانم قدوري:91.
(4)
ينظر: رسم المصحف- دراسة لغوية وتاريخية، د. غانم قدوري: 197؛ ومباحث في علوم القرآن، د. مناع القطان:146.
(5)
ينظر: الجمع الصوتي الأول للقرآن، د. لبيب السعيد:296.
(6)
ينظر: مناهل العرفان للزرقاني: 1/ 377.
1 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له كتاب يكتبون الوحي وقد كتبوا القرآن فعلا بهذا الرسم وأقرهم الرسول على كتابتهم، ومضى عهده صلى الله عليه وسلم والقرآن على هذه الكتابة لم يحدث فيه تغيير ولا تبديل، بل ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يضع الدستور لكتاب الوحي في رسم القرآن وكتابته، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه وهو من كتبة الوحي:(ألق الدواة وحرف القلم وانصب الباء وفرق السين، ولا تعور الميم، وحسن الله، ومد الرحمن، وجود الرحيم، وضع قلمك على أذنك اليسرى فإنه أذكر لك)«1» .
وكما يقول صاحب كتاب (إتحاف فضلاء البشر): لم يكن ذلك من الصحابة كيف اتفق، بل عن أمر- عندهم- قد تحقق، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقر هذا الرسم «2» .
(والذي نعتقده في هذا الشأن هو أن الله الذي أكد حفظه لكتابه إذ يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9)«3» ، لم يكن ليدع الخطأ يقع في كتابه، أصل شريعته، وعماد دينه، ولا يلهم نبيه تصحيحه) «4» .
2 -
إن كتابة القرآن الكريم على الهيئة المعروفة حاليا هو (لأسرار لا تهتدي إليها العقول وهو سر من الأسرار خصها الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية، فلا يوجد شيء من هذا الرسم في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في غيرها من الكتب السماوية)«5» .
(1) ينظر: مناهل العرفان: 1/ 377.
(2)
ينظر: الجمع الصوتي الأول للقرآن: 296؛ وينظر: مناهل العرفان للزرقاني:
1/ 377.
(3)
سورة الحجر، الآية (9).
(4)
الجمع الصوتي الأول للقرآن: 296؛ وينظر: مباحث في علوم القرآن، د. مناع القطان:146.
(5)
الجمع الصوتي الأول للقرآن: 296.
(وكما أن نظم القرآن معجز، فرسمه معجز، وكيف تهتدي العقول إلى سر زيادة الألف في (مائة)«1» دون (فئة)«2» ، وإلى سر زيادة الياء في (بأييد)«3» ، و (بأييكم)
«4»
؟ أم كيف تتوصل إلى سر زيادة الألف في (سعوا) ب (الحج)«5» ، ونقصانها من (سعو) ب (سبأ)«6» ، وأم كيف تبلغ العقول إلى درجة حذف بعض أحرف من كلمات متشابهة دون بعض؟ .. إلخ) «7» .
ونقل العلامة ابن المبارك عن شيخه عبد العزيز الدباغ، إذ يقول في كتابه الإبريز: (رسم القرآن من أسرار الله المشاهدة وكمال الرفعة، قال ابن المبارك:
فقلت له: هل رسم الواو بدل الألف نحو (الصلاة، والزكاة، والحياة، ومشكاة) وزيادة الواو في (سأوريكم، وأولئك، .. ) وكالياء في نحو (هديهم، وبأييكم) فقال:
هذا كله صادر من النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أمر الكتاب من الصحابة أن يكتبوه على هذه الهيئة فما نقصوا ولا زادوا على ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أيضا الشيخ عبد العزيز الدباغ: (ما للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن ولا شعرة واحدة، وإنما هو توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أمرهم أن يكتبوه وعلى الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصها لأسرار لا تهتدي إليها العقول .. )«8» .
ثم جاء أبو بكر فكتب القرآن بهذا الرسم في صحف، وبإشراك الصحابة
(1) سورة الأنفال، من الآيتين (65، 66).
(2)
سورة البقرة، من الآية (249).
(3)
سورة الذاريات، من الآية (47).
(4)
سورة القلم، من الآية (6).
(5)
سورة الحج، من الآية (51).
(6)
سورة سبأ، من الآية (5).
(7)
ينظر: الجمع الصوتي الأول للقرآن: 297.
(8)
المصدر نفسه: 297؛ وينظر: مناهل العرفان: 1/ 382؛ ومباحث في علوم القرآن لمناع القطان: 146.