الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتعالى: وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ
…
«1» ، وقوله سبحانه وتعالى:
* ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها
…
«2» .
ومن أدلة وقوع النسخ من السنة النبوية، ما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:(قال عمر رضي الله عنه: أقرأنا أبي وأقضانا علي، وإنا لندع من قول أبي، وذلك أن أبيا يقول: لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى* ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها)«3» .
أما أنواع النسخ في القرآن، فقد ذكر العلماء المثبتون للنسخ أن النسخ في القرآن على ثلاثة أنواع:
الأول: نسخ التلاوة والحكم معا.
الثاني: نسخ الحكم مع بقاء التلاوة.
الثالث: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم «4» .
وسنبدأ الآن بدراسة بعض الروايات في كتب أهل السنة يساء فهمها.
واتخذت مطعنا على أهل السنة بتحريف القرآن:
الرواية الأولى:
روي عن ابن عبّاس عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (إنّ الله بعث محمّدا صلى الله عليه وسلم بالحقّ وأنزل عليه الكتاب، فكان ممّا أنزل إليه آية الرّجم، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) سورة النحل، من الآية (101).
(2)
سورة البقرة، من الآية (106).
(3)
صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب قوله تعالى:* ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها
…
، رقم (4211): 2/ 1628.
(4)
الإتقان للسيوطي: 2/ 46؛ وينظر: معترك الأقران في إعجاز القرآن: 1/ 86؛ وفتح المنان في نسخ القرآن: 215؛ وفي علوم القرآن دراسات ومحاضرات، د. محمد عبد السلام كفافي والأستاذ عبد الله الشريف:117.
ورجمنا بعده، ثمّ قال: كنّا نقرأ: (لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم)، أو (إنّ كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم)«1» .
وفي رواية الحاكم من طريق كثير بن الصلت قال: (كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان المصحف، فمرا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، فقال عمر: لما نزلت أتيت النبي فقلت: أكتبها، فكأنه كره ذلك، فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم)«2» .
إن آية الرجم (الشيخ والشيخة إذا زنيا) هي آية نسخت تلاوتها، (قال ابن حجر: السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها، قلت- أي الإمام السيوطي-: وخطر لي في ذلك نكتة حسنة، وهو أن سبب التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقيا لأنه أثقل الأحكام وأشدها وأغلظ الحدود، وفيه الإشارة إلى ندب الستر) «3» .
وأورد آية الرجم الإمام الباقلاني بلفظ قريب من الرواية الأولى، وقال:
(روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق،
(1) صحيح البخاري، كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، رقم (6442): 6/ 2503؛ وصحيح مسلم، كتاب الحدود، باب رجم الثيب في الزنا، رقم (1691): 3/ 1317.
(2)
ينظر: المستدرك على الصحيحين في الحديث لأبي عبد الله الحاكم، رقم (8068):
4/ 400؛ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه؛ وصحيح ابن حبان، ذكر الأمر بالرجم للمحصنين إذا زنيا قصد التنكيل بهما، رقم (4429): 10/ 274؛ ومسند الإمام أحمد، مسند أبي بن كعب رضي الله عنه، رقم (21245): 5/ 132؛ وأوردها الإمام السيوطي في الإتقان: 2/ 56.
(3)
ينظر: الإتقان: 2/ 56.
وأنزل عليه الكتاب، وكان فيما أنزل الله آيتا الرجم، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، وأن آية الرجم في كتاب الله حق، (والشيخ والشيخة فارجموهما البتة جزاء بما قضيا من الشهوة نكالا من الله والله عزيز حكيم)، قالوا- أي الرافضة-: وهذا تصريح بنقص القرآن.
وهذا الحديث بأن يكون حجة عليهم أولى؛ لأنه آية الرجم لما كانت قرآنا منزلا لم يذهب حفظها على عمر ولا على غيره، وإن كانت منسوخة التلاوة باقية الحكم، والدليل على أنها منسوخة أن جميع الرواة وكل من تكلم في الناسخ والمنسوخ ذكروا نسخها، وذلك حجة قاطعة، ويدل على ذلك أيضا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الملأ من الصحابة: لولا أن يقال زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله لأثبتها، فلو كانت ثابتة التلاوة لم يقل هذا) «1» .
وإن قيل: كيف يقع النسخ إلى غير بدل، وقد قال تعالى:* ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها «2» ، وهذا إخبار لا يدخله خلف؟
فالجواب أن تقول: كل ما ثبت الآن في القرآن ولم ينسخ فهو بدل مما قد نسخت تلاوته، فكل ما نسخه الله من القرآن مما لا نعلمه الآن فقد أبدله بما علمناه وتواتر إلينا لفظه ومعناه «3» .
إذن إن آية الرجم (الشيخ والشيخة إذا زنيا)، هي آية نسخت تلاوتها وبقي حكمها، وقد ذكرها الإمام السيوطي في الضرب الثالث- في تقسيماته للنسخ- (ما نسخ تلاوته دون حكمه)«4» ، أما ما ذكره الخوئي باتهامه أهل السنة
(1) نكت الانتصار لأبي بكر الباقلاني: 96.
(2)
سورة البقرة، من الآية (106).
(3)
ينظر: الإتقان للسيوطي: 2/ 56.
(4)
الإتقان: 2/ 52؛ وينظر: مدخل لدراسة القرآن الكريم، محمد أبو شهبة:271.
بحذف آية الرجم ولأنهم يقولون بنسخ التلاوة، فهو مردود «1» ، وبدليل ما أوردناه من أدلة على جواز نسخ التلاوة، وكذلك فقد اعترف بهذا النسخ واستدل بهذه الآية كبار علماء الشيعة منهم:
1 -
أبو علي الفضل الطبرسي، إذ قال: النسخ في القرآن على ضروب، ومنها ما يرتفع اللفظ ويثبت الحكم كآية الرجم «2» .
2 -
أبو محمد الطوسي الملقب بشيخ الطائفة، إذ قال: النسخ في القرآن من أقسام ثلاثة: منها ما نسخ لفظه دون حكمه كآية الرجم، وهي قوله:(والشيخ والشيخة إذا زنيا)«3» .
3 -
كمال الدين عبد الرحمن العتائقي الحلي، إذ قال: المنسوخ على ثلاثة ضروب: منها ما نسخ خطه وبقي حكمه، فما روي منه:(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله)«4» .
4 -
محمد باقر المجلسي، صحح رواية آية الرجم التي بالكافي، وقال: وعدت هذه الآية مما نسخت تلاوتها دون حكمها «5» .
فهذه الآية (الشيخ والشيخة إذا زنيا
…
) غير موجودة في المصحف
(1) ينظر: البيان في تفسير القرآن: 205؛ وقد وقفت أيضا على مخطوطة تبدأ من ص: 1 وتنتهي ص: 54 فيها روايات كثيرة وقسم منها مكرر في ثنايا المخطوطة، وصاحبها لم يعنونها ولم يكشف عن نفسه، يتهم فيها أهل السنة بتحريف القرآن، وهذه المخطوطة في خزانة مكتبة الأخ عمار الجعفري- زميلي في مرحلة الدكتوراة- وهي نسخة مصورة على نسخة الدكتور عبد الحكيم الأنيس.
(2)
ينظر: مجمع البيان في تفسير القرآن: 1/ 406.
(3)
التبيان في تفسير القرآن: 1/ 13.
(4)
الناسخ والمنسوخ للحلي: 35.
(5)
مرآة العقول: 23/ 267؛ وينظر: الشيعة الاثنا عشرية وتحريف القرآن، محمد عبد الرحمن السيف:98.