الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو (أولوا)«1» .
وقال الإمام أحمد بن حنبل: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في الواو أو الألف أو الياء أو غير ذلك «2» .
وقال البيهقي في شعب الإيمان: (من كتب مصحفا ينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيه ولا يغير مما كتبوه شيئا فإنهم كانوا أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة، فلا ينبغي أن يظن بأنفسنا استدراكا عليهم)«3» .
الرأي الثالث:
وقال بعض العلماء: إن الرسم العثماني اصطلاحي ولا مانع من مخالفته إذا اصطلح الناس على أمر خاص للإملاء، وأصبح شائعا بينهم. قال القاضي أبو بكر الباقلاني في كتابه (الانتصار): وأما الكتابة فلم يفرض الله على الأمة فيها شيئا، إذ لم يؤخذ على كتاب القرآن وخطاط المصاحف رسم بعينه دون غيره أوجبه عليهم، وترك ما عداه، إذ وجوب ذلك لا يدرك إلا بالسمع والتوقيف. وليس في نصوص الكتاب ولا مفهومه أن رسم القرآن وضبطه لا يجوز إلا على وجه مخصوص وحد محدود لا يجوز تجاوزه. ولا نص في السنة ما يوجب ذلك، ويدل عليه، ولا في إجماع الأمة ما يوجب ذلك، ولا دلت عليه القياسات الشرعية، بل السنة دلت على جواز رسمه بأي وجه سهل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر برسمه ولم يبين لهم وجها معينا، ولا نهى أحد عن
(1) البرهان في علوم القرآن للزركشي: 1/ 379؛ والإتقان للسيوطي: 2/ 368؛ وينظر: مناهل العرفان: 1/ 379؛ ومباحث في علوم القرآن، د. مناع القطان: 147؛ ورسم المصحف، د. غانم: 198 - 199.
(2)
البرهان للزركشي: 1/ 379؛ والمناهل للزرقاني: 1/ 379.
(3)
مناهل العرفان: 1/ 380؛ والبرهان للزركشي: 1/ 379؛ والإتقان: 2/ 368؛ والجمع الصوتي الأول للقرآن: 299.
كتابته، ولذلك اختلفت خطوط المصاحف، فمنهم من كان يكتب الكلمة على مخرج اللفظ، ومنهم من كان يزيد وينقص لعلمه بأن ذلك اصطلاح، وأن الناس لا يخفى عليهم الحال .. وأن الخطوط إنما هي علامات ورسوم تجري مجرى الإشارات والرموز، فكل رسم دال على الكلمة معيد لوجه قراءتها تجب صحته وتصويب الكاتب به على أي صورة كانت .. وبالجملة، فكل من ادعى أنه يجب على الناس رسم مخصوص وجب عليه أن يقيم الحجة على دعواه. وأنى له ذلك) «1» .
ويميل الزركشي إلى ما يفهم من كلام العز بن عبد السلام من أنه يجوز بل يجب كتابة المصحف الآن لعامة الناس على الاصطلاحات المعروفة الشائعة عندهم، ولا تجوز كتابته لهم بالرسم العثماني الأول لئلا يوقع في تغيير الجهال، ولكن يجب في الوقت نفسه المحافظة على الرسم العثماني كأثر من الآثار النفيسة الموروثة عن سلفنا الصالح، فلا يهمل مراعاة لجهل الجاهلين، بل يبقى في أيدي العارفين الذين لا تخلو منهم الأرض «2» .
وقال الزركشي معقبا على قول الإمام مالك عند ما سئل: (هل يكتب المصحف على ما أحدث الناس من الهجاء؟ فقال: لا، إلا على الكتبة الأولى)، قال- أي الزركشي-: (وهذا كان في الصدر الأول والعلم حي غض، وأما الآن فقد يخشى الإلباس، ولهذا قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة، لئلا يوقع في تغيير من الجهال، ولكن لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه، لئلا يؤدي إلى درس العلم،
(1) ينظر: مباحث في علوم القرآن، د. مناع القطان: 148 - 149، نقلا عن كتاب الانتصار للباقلاني.
(2)
ينظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي: 1/ 379؛ وينظر: مناهل العرفان: 1/ 385.
وشيء أحكمته القدماء لا يترك مراعاته لجهل الجاهلين، ولن تخلو الأرض من قائم الله بحجة) «1» .
وانطلاقا من هذا الرأي يدعو بعض الناس اليوم إلى كتابة القرآن الكريم وفق القواعد الإملائية الشائعة المصطلح عليها، حتى تسهل قراءته على القارئين من طلاب المدارس،
ولا يشعر الطالب في أثناء قراءته للقرآن باختلاف رسمه عن الرسم الإملائي الاصطلاحي في المصحف «2» .
والذي أراه أن الرأي الثاني هو الرأي الراجح، وأنه يجب كتابة القرآن بالرسم العثماني المعهود في المصاحف، والذي ارتضاه عثمان لنفسه بجمع من الصحابة رضي الله عنهم، وتلقته الأمة بالقبول، فيجب الالتزام والأخذ به، ولا تجوز مخالفته، والله أعلم.
(1) البرهان للزركشي: 1/ 379.
(2)
ينظر: مباحث في علوم القرآن لمناع القطان: 149.