الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[صفة الجاني: ]
ثم وصف الجاني بقوله:
- غير حربي، فلا يقتص منه، ولو أسلم بعد الجناية، سواء كان ممن تقبل منه الجزية كالنصراني واليهودي، أو لا كالمجوسي (1).
(1) هذا الإطلاق فيه نظر؛ إذ الجزية تقبل من المجوس غير العرب على قول ابن وهب، وعلى قول ابن القاسم تؤخذ من كل مجوسي عربيًا كان أو أعجميًا، فما ذكره ليس معروفًا في المذهب، قال القرطبي في جامعه (8/ 110، وما بعدها): "الثانية: وقد اختلف العلماء فيمن تؤخذ منه الجزية، قال الشافعي رحمه الله: لا تقبل الجزية إلا من أهل الكتاب خاصة عربًا كانوا أو عجمًا لهذه الآية، فإنهم هم الذين خصوا بالذكر فتوجه الحكم إليهم دون من سواهم لقوله عز وجل:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]. ولم يقل: حتى يعطوا الجزية كما قال في أهل الكتاب. وقال: وتقبل من المجوس بالسنة، وبه قال أحمد وأبو ثور. وهو مذهب الثوري وأبي حنيفة وأصحابه.
وقال الأوزاعي: تؤخذ الجزية من كل عابد وثن أو نار أو جاحد أو مكذب. وكذلك مذهب مالك، فإنه رأى الجزية تؤخذ من جميع أجناس الشرك والجحد، عربيًا أو عجميًا، تغلبيًا أو قرشيًا، كائنًا من كان، إلا المرتد.
وقال ابن القاسم وأشهب وسحنون: تؤخذ الجزية من مجوس العرب والأمم كلها. وأما عبدة الأوثان من العرب فلم يستن اللَّه فيهم جزية، ولا يبقى على الأرض منهم أحد، وإنما لهم القتال أو الإسلام. ويوجد لابن القاسم: أن الجزية تؤخذ منهم، كما يقول مالك. وذلك في التفريع لابن الجلاب وهو احتمال لا نص. وقال ابن وهب: لا تقبل الجزية من مجوس العرب وتقبل من غيرهم. قال: لأنه ليس في العرب مجوسي إلا وجميعهم أسلم، فمن وجد منهم بخلاف الإسلام فهو مرتد يقتل بكل حال إن لم يسلم ولا تقبل منهم جزية. وقال ابن الجهم: تقبل الجزية من كل من دان بغير الإسلام إلا ما أجمع عليه من كفار قريش. وذكر في تعليل ذلك أنه إكرام لهم عن الذلة والصغار، لمكانهم من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وقال غيره: إنما ذلك لأن جميعهم أسلم يوم فتح مكة. واللَّه أعلم.
الثالثة: وأما المجوس فقال ابن المنذر: لا أعلم خلافًا أن الجزية تؤخذ منهم. وفي الموطأ: مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر أمر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم. فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب". قال أبو عمر: يعني في الجزية خاصة. وفي قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" دليل على أنهم ليسوا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أهل كتاب. وعلى هذا جمهور الفقهاء. وقد روي عن الشافعي أنهم كانوا أهل كتاب فبدلوا. وأظنه ذهب في ذلك إلى شيء روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من وجه فيه ضعف، يدور على أبي سعيد البقال، ذكره عبد الرزاق وغيره. قال ابن عطية: وروي أنه قد كان بعث في المجوس نبي اسمه زرادشت. واللَّه أعلم".
وادعى ابن عبد البر الإجماع على أخذها منهم، فقال في الاستذكار (3/ 241، وما بعدها): "572 - ذكر فيه مالك أنه بلغه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين.
وأن عمر أخذها من مجوس فارس.
وأن عثمان أخذها من البربر.
هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جماعة رواته وكذلك معمر عن ابن شهاب ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد ورواه بن وهب عن يونس عنه بن شهاب عن سعيد بن المسيب وقد ذكرناها بأسانيدها في التمهيد.
573 -
وذكر مالك عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال ما أدري كيف أصنع في أمرهم فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد لسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب".
وهذا الحديث قد رواه أبو علي الحنفي عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده وهو أيضًا منقطع والصحيح عن مالك ما في الموطأ.
وفي حديث جعفر من الفقه أن الخبر العالم قد يجهل ما يجد عند من هو دونه في العلم.
وفيه انقياد العالم إلى العلم حيث كان.
وفيه إيجاب العمل بخبر الواحد.
وأما قوله سنوا فيهم سنة أهل الكتاب فهو من الكلام الخارج مخرج العموم والمراد منه الخصوص لأنه إنما أراد سنوا بهم سنة أهل الكتاب في الجزية لا في نكاح نسائهم ولا في أكل ذبائحهم.
وهذا لا خلاف فيه بين العلماء إلا شيء يروى عن سعيد بن المسيب أنه لم ير بذبح المجوس لشاة المسلم إذا أمره المسلم بذبحا بأسًا والناس على خلافه.
والمعنى عند طائفة من الفقهاء في ذلك أن أخذ الجزية صغار لهم وذلة لكفرهم وقد ساووا أهل الكتاب في الكفر بل هم أشد كفرًا فوجب أن يجروا مجراهم في الذل والصغار لأن الجزية لم تؤخذ من الكتابيين رفقًا بهم وإنما منهم تقوية للمسلمين وذلًا للكافرين.
وليس نكاح نسائهم ولا أكل ذبائحهم من هذا الباب لأن ذلك مكرمة بالكتابيين لموضع =