الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنكيت:
قول الشارح عن ابن شاس: (شرط القاتل أن يكون ملتزمًا للإسلام؛ فلا قصاص على حربي) فيه نظر؛ لأن الذي في عبارة ابن شاس: (ملتزمًا للأحكام؛ فلا قصاص على صبي ومجنون وحربي) انتهى.
فما حكاه عنه الشارح من كونه ملتزمًا للإسلام ليس كذلك، ثم هو
= كتابهم واتباعهم الرسل عليهم السلام فلم يجز أن يحلق بهم من لا كتاب له في هذه المكرمة.
هذه جملة اعتل بها أصحاب مالك وغيرهم ولا خلاف بين علماء المسلمين أن الجزية تؤخذ من المجوس لأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس أهل البحرين ومن مجوس هجر وفعله بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.
واختلف الفقهاء في مشركي العرب ومن لا كتاب له هل تؤخذ منهم الجزية أم لا؟
فقال مالك تقبل الجزية من جميع الكفار عربًا كانوا أو عجمًا لقوله اللَّه عز وجل: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].
قال وتقبل من المجوس بالسنة.
وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وأبي ثور، وأحمد، وداود، وإليه ذهب عبد اللَّه بن وهب.
وقال الأوزاعي ومالك وسعد بن عبد العزيز: إن الفرازنة ومن لا دين له من أجناس الرتك والهند وعبدة النيران والأوثان وكل جاحد ومكذب بدين اللَّه عز وجل يقاتلون حتى يسلموا أو يعطوا الجزية فإن بذلوا الجزية قبلت منهم وكانوا كالمجوس في تحريم مناكحهم وذبائحهم وسائر أمورهم.
قال أبو عبيد: كل عجمي تقبل منه الجزية، إن بذلها، ولا تقبل من العرب، إلا من كتابهم.
وحجة من رأى الجزية القياس على المجوس؛ لأنهم في معناهم في أن لا كتاب لهم وقد تقدمت حجة الشافعي ومن قال بقوله.
وفي قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" دليل على أنهم ليسوا أهل كتاب، وعلى ذلك جمهور العلماء".
فالعجب من التتائي كيف قال ذلك، وما مصدره فيه، ولعله لما رأى أن المذهب لا تأكل ذبائحهم، توهم أن الجزية لا تؤخذ منهم، فلو أخذت منهم، لكانوا مثل أهل الكتاب، ولو كانوا مثلهم لحلت ذبائحهم، وعلى كل فهذا احتمال، وكان ينبغي عليه البحث عن النص.
مشكل على ما تقرر في المذهب من أن القصاص ثابت بين أهل الذمة.
- وشرط الجاني أن لا يكون زائد حرية.
- أو لا زائد إسلام على المجني عليه؛ فلا يقتص لعبد من حر مع مساواتهما في الدين، ولا لكافر من مسلم، ولو تميز الكافر بالحرية، بل يشترط المساواة حين القتل (1)، فيقتص من عبد قتل مثله، ثم عتق القاتل، ومن ذمي قتل مثله، ثم أسلم بعد القتل؛ لمساواتهما حينئذ (2).
(1) قال في منح الجليل (9/ 6): "طفى: قوله: (حين القتل) الصواب إسقاطه كما فعل ابن الحاجب لاقتضائه أنه لا تشترط المساواة إلا حين القتل وليس كذلك، بل من حين الرمي إلى حصول القتل، إذ المعتبر فيه المساواة في الحالين أو يقول إلى حين القتل بالغاية كما فعل فيما بعد، وقول عج لو رماه فجرحه ثم أسلم بعد جرحه ثم نزى الجرح فمات فإنه يقتل به لأنه مكافئ له حين الموت وحين السبب الذي نشأ عنه الموت وهو الجرح وإن كان غير مكافئ عند الرمي لأنه لا تعتبر المساواة عنده لما علمت أن المعتبر هو السبب القريب للموت غير ظاهر.
ابن عرفة الشيخ ابن سحنون ابن القاسم إن أسلم نصراني بعد أن خرج فمات ففيه دية حر مسلم في مال الجاني حالة أشهب إنما عليه دية نصراني إنما النظر لوقت الضرب لا الموت.
وفي الجواهر ابن سحنون أصحابنا في مسلم قطع يد نصراني ثم أسلم ثم مات أنه لا قود على المسلم، فإن شاء أولياؤه أخذوا دية يد نصراني، وإن أحبوا أقسموا ولهم دية مسلم في مال الجاني حالة عند ابن القاسم وسحنون.
وقال أشهب دية نصراني، وقوله لأنه لا تعتبر المساواة عنده إلخ، فيه نظر، وكاد أن يخرج به عن كلام أهل المذهب اهـ كلام طفي".
(2)
قال القرطبي في تفسير {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} (2/ 244، وما بعدها): "فيه سبع عشرة مسألة:
الأولى: روى البخاري والنسائي والدارقطني عن ابن عباس قال: "كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية، فقال اللَّه لهذه الأمة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} فالعفو أن يقبل الدية في العمد {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} يتبع بالمعروف ويؤدي بإحسان {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} مما كتب على من كان قبلكم {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قتل بعد قبول الدية". هذا لفظ البخاري: حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو قال سمعت مجاهدًا قال سمعت ابن عباس يقول: وقال الشعبي في قوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} قال: أنزلت في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا فقالوا، نقبل بعبدنا فلان بن فلان، وبأمتنا فلانة بنت فلان، ونحوه عن قتادة.
الثانية: قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} "كتب" معناه فرض وأثبت، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:
كتب القتل والقتال علينا
…
وعلى الغانيات جر الذيول
وقد قيل: إن "كتب" هنا إخبار عما كتب في اللوح المحفوظ وسبق به القضاء. والقصاص مأخوذ من قص الأثر وهو اتباعه، ومنه القاص لأنه يتبع الآثار والأخبار. وقص الشعر اتباع أثره، فكأن القاتل سلك طريقًا من القتل فقص أثره فيها ومشى على سبيله في ذلك، ومنه {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64]. وقيل: القص القطع، يقال: قصصت ما بينهما. ومنه أخذ القصاص؛ لأنه يجرحه مثل جرحه أو يقتله به، يقال: أقص الحاكم فلانًا من فلان وأباءه به فأمثله فامتثل منه، أي اقتص منه.
الثالثة: صورة القصاص هو أن القاتل فرض عليه إذا أراد الولي القتل الاستسلام لأمر اللَّه والانقياد لقصاصه المشروع، وأن الولي فرض عليه الوقوف عند قاتل وليه وترك التعدي على غيره، كما كانت العرب تتعدى فتقتل غير القاتل، وهو معنى قوله عليه السلام:"إن من أعتى الناس على اللَّه يوم القيامة ثلاثة رجل قتل غير قاتله ورجل قتل في الحرم ورجل أخذ بذحول الجاهلية". قال الشعبي وقتادة وغيرهما: إن أهل الجاهلية كان فيهم بغي وطاعة للشيطان، فكان الحي إذا كان فيه عز ومنعة فقتل لهم عبد، قتله عبد قوم آخرين قالوا: لا نقتل به إلا حرًا، وإذا قتلت منهم امرأة قالوا: لا نقتل بها إلا رجلًا، وإذا قتل لهم وضيع قالوا: لا نقتل به إلا شريفًا، ويقولون:"القتل أوقى للقتل" بالواو والقاف، ويروي "أبقى" بالباء والقاف، ويروى "أنفى" بالنون والفاء، فنهاهم اللَّه عن البغي فقال:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} الآية، وقال {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]. وبين الكلامين في الفصاحة والجزل بون عظيم.
الرابعة: لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك؛ لأن اللَّه سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص، ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعًا أن يجتمعوا على القصاص، فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود. وليس القصاص بلازم إنما اللازم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ألا يتجاوز القصاص وغيره من الحدود إلى الاعتداء، فأما إذا وقع الرضا بدون القصاص من دية أو عفو فذلك مباح، على ما يأتي بيانه.
فإن قيل: فإن قوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} معناه فرض وألزم، فكيف يكون القصاص غير واجب؟ قيل له: معناه إذا أردتم، فأعلم أن القصاص هو الغاية عند التشاح. والقتلى جمع قتيل، لفظ مؤنث تأنيث الجماعة، وهو مما يدخل على الناس كرهًا، فلذلك جاء على هذا البناء كجرحى وزمنى وحمقى وصرعى وغرقى، وشبههن.
الخامسة: قوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} الآية. اختلف في تأويلها، فقالت طائفة: جاءت الآية مبينة لحكم النوع إذا قتل نوعه، فبينت حكم الحر إذا قتل حرًا، والعبد إذا قتل عبدًا، والأنثى إذا قتلت أنثى، ولم تتعرض لأحد النوعين إذا قتل الآخر، فالآية محكمة وفيها إجمال يبينه قوله تعالى:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم بسنته لما قتل اليهودي بالمرأة، قاله مجاهد، وذكره أبو عبيد عن ابن عباس. وروي عن ابن عباس أيضًا أنها منسوخة بآية "المائدة" وهو قول أهل العراق.
السادسة: قال الكوفيون والثوري: يقتل الحر بالعبد، والمسلم بالذمي، واحتجوا بقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} فعم، وقوله:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]، قالوا: والذمي مع المسلم متساويان في الحرمة التي تكفي في القصاص وهي حرمة الدم الثابتة على التأبيد، فإن الذمي محقون الدم على التأبيد، والمسلم كذلك، وكلاهما قد صار من أهل دار الإسلام، والذي يحقق ذلك أن المسلم يقطع بسرقة مال الذمي، وهذا يدل على أن مال الذمي قد ساوى مال المسلم، فدل على مساواته لدمه إذ المال إنما يحرم بحرمة مالكه. واتفق أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن أبي ليلى على أن الحر يقتل بالعبد كما يقتل العبد به، وهو قول داود، وروي ذلك عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما، وبه قال سعيد بن المسيب وقتادة وإبراهيم النخعي والحكم بن عيينة. والجمهور من العلماء لا يقتلون الحر بالعبد، للتنويع والتقسيم في الآية. وقال أبو ثور: لما اتفق جميعهم على أنه لا قصاص بين العبيد والأحرار فيما دون النفوس كانت النفوس أحرى بذلك، ومن فرق منهم بين ذلك فقد ناقض. وأيضًا فالإجماع فيمن قتل عبدًا خطأ أنه ليس عليه إلا القيمة، فكما لم يشبه الحر في الخطأ لم يشبهه في العمد. وأيضًا فإن العبد سلعة من السلع يباع ويشترى، ويتصرف فيه الحر كيف شاء، فلا مساواة بينه وبين الحر ولا مقاومة.
قلت: هذا الإجماع صحيح، وأما قوله أولًا:"ولما اتفق جميعهم -إلى قوله- فقد ناقض" فقد قال ابن أبي ليلى وداود بالقصاص بين الأحرار والعبيد في النفس وفي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= جميع الأعضاء، واستدل داود بقوله عليه السلام:"المسلمون تتكافأ دماؤهم" فلم يفرق بين حر وعبد. وسيأتي بيانه في "النساء" إن شاء اللَّه تعالى.
السابعة: والجمهور أيضًا على أنه لا يقتل مسلم بكافر، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يقتل مسلم بكافر" أخرجه البخاري عن علي بن أبي طالب. ولا يصح لهم ما رووه من حديث ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم خيبر مسلمًا بكافر؛ لأنه منقطع، ومن حديث ابن البيلماني وهو ضعيف عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا. قال الدارقطني:"لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث. والصواب عن ربيعة عن ابن البيلماني مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وابن البيلماني ضعيف الحديث لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث، فكيف بما يرسله".
قلت: فلا يصح في الباب إلا حديث البخاري، وهو يخصص عموم قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} الآية، وعموم قوله:{النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45].
الثامنة: روي عن علي بن أبي طالب والحسن بن أبي الحسن البصري أن الآية نزلت مبينة حكم المذكورين، ليدل ذلك على الفرق بينهم وبين أن يقتل حر عبدًا أو عبد حرًا، أو ذكر أنثى أو أنثى ذكرًا، وقالا: إذا قتل رجل امرأة فإن أراد أولياؤها قتلوا صاحبهم ووفوا أولياءه نصف الدية، وإن أرادوا استحيوه وأخذوا منه دية المرأة. وإذا قتلت امرأة رجلًا فإن أراد أولياؤه قتلها قتلوها وأخذوا نصف الدية، وإلا أخذوا دية صاحبهم واستحيوها. روى هذا الشعبي عن علي، ولا يصح؛ لأن الشعبي لم يلق عليًا. وقد روى الحكم عن علي وعبد اللَّه قالا: إذا قتل الرجل المرأة متعمدًا فهو بها قود، وهذا يعارض رواية الشعبي عن علي. وأجمع العلماء على أن الأعور والأشل إذا قتل رجلًا سالم الأعضاء أنه ليس لوليه أن يقتل الأعور، ويأخذ منه نصف الدية من أجل أنه قتل ذا عينين وهو أعور، وقتل ذا يدين وهو أشل، فهذا يدل على أن النفس مكافئة للنفس، ويكافئ الطفل فيها الكبير.
ويقال لقائل ذلك: إن كان الرجل لا تكافئه المرأة ولا تدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤهم" فلم قتلت الرجل بها وهي لا تكافئه ثم تأخذ نصف الدية، والعلماء قد أجمعوا أن الدية لا تجتمع مع القصاص، وأن الدية إذا قبلت حرم الدم وارتفع القصاص، فليس قولك هذا بأصل ولا قياس، قاله أبو عمر رضي الله عنه. وإذا قتل الحر العبد، فإن أراد سيد العبد قتل وأعطى دية الحر إلا قيمة العبد، وإن شاء استحيا وأخذ قيمة العبد، هذا مذكور عن، علي والحسن، وقد أنكر ذلك عنهم أيضًا.
التاسعة: وأجمع العلماء على قتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل، والجمهور لا يرون =
ثم استثنى من قوله: (غير زائد حرية أو إسلام)، فقال: إلا لغيلة: بكسر الغين المعجمة والمثناة التحتية، وهي القتل لأخذ المال، فلا يشترط
= الرجوع بشيء. وفرقة ترى الإتباع بفضل الديات.
قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والثوري وأبو ثور: وكذلك القصاص بينهما فيما دون النفس. وقال حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة: لا قصاص بينهما فيما دون النفس وإنما هو في النفس بالنفس، وهما محجوجان بإلحاق ما دون النفس بالنفس على طريق الأحرى والأولى، على ما تقدم.
العاشرة: قال ابن العربي: ولقد بلغت الجهالة بأقوام إلى أن قالوا: يقتل الحر بعبد نفسه، ورووا في ذلك حديثا عن الحسن عن سمرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل عبده قتلناه" وهو حديث ضعيف.
ودليلنا قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] والولي ههنا السيد، فكيف يجعل له سلطان على نفسه".
وقد اتفق الجميع على أن السيد لو قتل عبده خطأ أنه لا تؤخذ منه قيمته لبيت المال، وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلًا قتل عبده متعمدا فجلده النبي صلى الله عليه وسلم "ونفاه سنة ومحا سهمه من المسلمين ولم يقده به".
فإن قيل: فإذا قتل الرجل زوجته لم لم تقولوا: ينصب النكاح شبهة في درء القصاص عن الزوج، إذ النكاح ضرب من الرق، وقد قال ذلك الليث بن سعد.
قلنا: النكاح ينعقد لها عليه، كما ينعقد له عليها، بدليل أنه لا يتزوج أختها ولا أربعًا سواها، وتطالبه في حق الوطء بما يطالبها، ولكن له عليها فضل القوامة التي جعل اللَّه له عليها بما أنفق من ماله، أي بما وجب عليه من صداق ونفقة، فلو أورث شبهة لأورثها في الجانبين.
قلت: هذا الحديث الذي ضعفه ابن العربي وهو صحيح، أخرجه النسائي وأبو داود، وتتميم متنه:"ومن جدعه جدعناه ومن أخصاه أخصيناه".
وقال البخاري عن علي بن المديني: سماع الحسن من سمرة صحيح، وأخذ بهذا الحديث.
وقال البخاري: وأنا أذهب إليه، فلو لم يصح الحديث لما ذهب إليه هذان الإمامان، وحسبك بهما. ويقتل الحر بعبد نفسه، قاله النخعي والثوري في أحد قوليه.
وقد قيل: إن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة، واللَّه أعلم.
واختلفوا في القصاص بين العبيد فيما دون النفس، هذا قول عمر بن عبد العزيز وسالم بن عبد اللَّه والزهري وقران ومالك والشافعي وأبو ثور.
وقال الشعبي والنخعي والثوري وأبو حنيفة: لا قصاص بينهم إلا في النفس.
قال ابن المنذر: الأول أصح.