الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولعل مراده بالأخ الجنس ليشمل الواحد والأكثر، واحترز بـ (يساويها) عما لو كان أسفل منها، فإن الحكم ليس كذلك، ولو كان أعلى درجة منها لحجبها، كما سيذكره، ثم قال: والجد أيضًا يعصمهن. انتهى.
ويحتمل أن (الجد) منصوب، و (الآخريين) عطف عليه، و (الأوليان) فاعل (عصب)، والمعنى: وعصب البنت وبنت الابن الأخت الشقيقة والأخت للأب والجد.
تنبيه:
ظاهر كلام المصنف: أن البنات هن اللاتي عصبن الأخوات، أي يصيرن يرثن بالتعصيب بعد أن كن يرثن بالفرض، وهو نص الحوفي، وخلاف ظاهر قول الرسالة:(والأخوات مع البنات كالعصبة لهم يرثن ما فضل عنهن ولا يربى لهن معهن) انتهى.
وهو مقتضى إطلاقهم أن الأخوات عصبن البنات، قال حلولو -
= قلنا لو قال منهم لكان لفظًا يخصص العموم تخصيصًا أقوى من تخصيص ذلك المعنى لأن دليل اللفظ أقوى من دليل المعنى لأنه ليس من لفظ إلا وهو متضمن لمعنى فصار أقوى من معنى دون لفظ كما في صناعة النحو العامل اللفظي أقوى من المعنوي فافهم هذا في صناعة الأصول.
واعلم أن خصوص أول الكلام لا يمنع من عموم آخره إذا كانت صيغته صيغة العموم مثل ما في هذا الموضع وهو قوله للذكر مثل حظ الأنثيين.
فصل في نصيب البنتين:
وقوله: (مثل حظ الأنثيين) بلام التعريف التي للجنس دل على أن الأنثيين قد استحقتا الثلثين إذ الأنثى الواحدة لها مع الذكر الثلث فإذا لم يكن ثم ذكر وكانت اثنتان فلهما الثلثان بهذا اللفظ القرآني فإذا ثبت هذا فمن ثم قال فإن كن نساء فوق اثنتين مبينًا لحكم الثلاث وما هو أكثر منهن مستغنيًا عن بيان حكم الاثنتين لأنه قد بينه بدلالة اللفظ كما تقدم.
وظن كثير من الناس أن توريث الثلثين للبنتين إنما هو بالقياس على الأختين وقال بعضهم إنما عرف ذلك بالنسبة الواردة وقال بعضهم إنما عرف من الفحوى لا من اللفظ لأن الواحدة إذا كان لها الثلث مع الذكر فأحرى أن يكون لها الثلث مع عدم الذكر، والذي عندي أن اللفظ مغن عن هذا وكاف شاف لما قدمناه والحمد للَّه".
رحمه اللَّه تعالى- والذي يظهر لي أن يصح الإطلاقان، لكن باعتبارين:
- إما كون البنات عصبن الأخوات فباعتبار كونهن انتقلن عن النصف إلى ما فضل، وهو ظاهر كما يفعله الأخ بالأخت.
- وإما كون الأخوات عصبن البنات فلأن لهن ما فضل عنهن، واللَّه أعلم. انتهى.
ولتعددهن -أي: تعدد كل من النساء الأربع صاحبات النصف- الثلثان، وتعدد كل زيادتها على واحدة، وأتى بنون الجمع ليخرج الزوج قال اللَّه تعالى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} (1).
(1) قال السهيلي ص 41: "فصل في مرجع الضمير في كن، وقوله تعالى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} .
قد يقال: لم كنى بضمير الجمع المؤنث ولم يتقدم ما يعود عليه في اللفظ؟
قلنا: لو تقدم ذكر جمع مؤنث في اللفظ لاستغنى أن يقول نساء ولقال فإن كن فوق اثنتين كما قال في الأخوات فإن كانتا اثنتين لأنه قد تقدم ذكر أخت ولم يتقدم هنا إلا ذكر الأولاد فقال الطبري حاكيًا عن الكوفيين بعود الضمير على المتروكات كأنه قال المتروكات واختار هذا القول وضعف قول من قال يعود على الولد لأن الولد يجمع المذكر والمؤنث والمذكر يغلب على المؤنث في الجمع، والذي اختاره عندي غير صحيح لأنه فيه عود الضمير على ما ليس في اللفظ وترك اللفظ الظاهر وإنما كان يلزم تغليب المؤنث على المذكر لو عاد الضمير على جملة الأولاد وإنما يعود على البعض وذلك البعض هم النساء والاسم المضمر هو الظاهر والمتكلم لا يريد سوى ذلك الاسم وعنه يخبر وحكمه يريد أن يبين فلذلك قال كن كما قال وإن كانت واحدة فجاء بضمير الواحدة التي يريد أن يبين حكمها وهي ولد كما أن النساء ولد وهذا بين، وقد حكى سيبويه من كانت أمك بالنصب فأنث الاسم الأول لأنه هو الأخير في المعنى وأعجب من هذا قولهم إنه قام زيد وإذا أخبروا عن المؤنث قالوا إنها قامت هند فأنثوا ليشاكل أول الكلام آخره وإن لم يكن الاسم الأول هو الثاني.
فإن قلت: إنما هو ضمير القصة!
قلنا: وإن كان ضمير القصة فقد اختاروه على ضمير الأمر في هذا الموضع للمشاكلة قال اللَّه سبحانه: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ} ولم يقل إنه وقال: {إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} ونحو من الأول قولهم بحسبك زيد فأدخلوا الباء على حسب وهم يريدون زيدًا لأنه هو ويعضد هذا قول الشاعر: =
وللثانية وهي بنت الابن واحدة فأكثر مع الأولى وهي بنت الصلب الواحدة السدس إن لم تكثر بنات الابن، بل وإن كثرن روى البخاري عن آدم بن أبي إياس، عن أبي قبيص، قال: سمعت هذيل ابن شرحبيل يقول: سئل أبو موسى الأشعري عن بنت وبنت ابن وأخت، فقال:
- للبنت النصف.
- وللأخت النصف.
وأتينا ابن مسعود فإنه سيتابعني، فسأل ابن مسعود، وأخبر بقول أبي موسى، فقال: لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين، لأقضين فيها بما قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقى فللأخت، فأتيا أبا موسى فأخبراه، فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم (1).
حجبها -أي: بنت الابن- عن السدس ابن فوقها، كبنت ابن ابن وابن ابن، وحجبها عنه أيضًا بنتان فوقها -أي: أقرب منها للميت- كبنت ابن ابن وبنتي ابن، فلا شيء لها؛ لأنها محجوبة بهما، إلا لابن معها في درجتها كابن ابن مع بنت ابن، أو ابن ابن مع بنتي ابن فمعصب مطلقًا، أي: سواء كان أخاها أو ابن عمها، فيأخذان ما فضل عن البنت:(للذكر مثل حظ الأنثيين)، أو كان الذكر أسفل منها بدرجة فمعصب لها إن لم يكن
= أليس عجيبا بأن الفتى
…
يصاب ببعض الذي في يديه
فأدخل الباء على اسم ليس وإنما موضعها الخبر؛ لأنه هو وقول الراجز:
عن الكريم وأبيك يعتمل
…
إن لم يجد يوما على من يتكل
وكان حقه أن يقول من يتكل عليه فأدخل الحرف على الأول لأنه هو الثاني وكذلك جاء بضمير جماعة المؤنث عائدًا على الأولاد لأنه لم يرد منهم إلا النساء والذي أضمر هو الذي أظهر ولا معنى لإنكار من أنكر".
(1)
أخرجه وعبد الرزاق (10/ 237، رقم 19032)، وأحمد (1/ 440، رقم 4195)، والبخاري (6/ 2477، رقم 6355)، وأبو داود (3/ 120، رقم 2890)، الطيالسي (1/ 49، رقم 375)، وسعيد بن منصور (1/ 59، رقم 29).