الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الفاكهاني: وليس لهم نظير، وفيهم كليات ستأتي.
وحجبها من الثلث للسدس ولد للميت ذكرًا أو أنثى، وإن سفل، فيدخل ولد الابن؛ لقوله تعالى:{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} ، وحجبها للسدس أيضًا أخوان أو أختان فأكثر مطلقًا ذكورًا أو إناثًا أو خناثًا أو مختلفين: أشقاء أو لأب أو لأم أو بعض وبعض، قال اللَّه تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} .
وإنما اقتصر المؤلف على الأخوين والأختين لأن الاثنين منهما بمنزلة الثلاثة، وهذا مذهب الجمهور، وأخذ ابن عباس رضي الله عنه بظاهر الآية فلم يحجبها بالاثنين، محتجًا على عثمان رضي الله عنه بأن الأخوين ليسا أخوة، فقال له عثمان رضي الله عنه: حجبها قومك يا غلام.
أي: إن قومه -وهم قريش- أقل الجمع عندهم اثنان، وقال ابن الأنباري: ليس كذلك؛ لأن أقل الجمع اثنان، بل لما استقر من قاعدة المواريث: أن حكم الابن مساو لحكم الثلاثة. انتهى.
فائدتان:
الأولى: اتفق على أن الأخوات من ولد الأم فصاعدا لهم الثلث مع عدم من يحجبهم، قال اللَّه تعالى:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (1)، وانعقد الإجماع على أن الآية في الأخوة
(1) قال السهيلي بعد كلامه عن معنى الكلالة ص 72: "وإذا ثبت هذا فالأخوة في هذه الآية هم الأخوة لأم بلا خلاف وقد روي أن بعض الصحابة كان يقرؤها وهو أبي وله أخ أو أخت لأم إما أنه قالها على التفسير وإما أنها كانت قراءة فنسخت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبقي حكمها كما قيل في قراءة عائشة وحفصة رضي الله عنهما والصلاة الوسطى وصلاة العصر.
وأما الكلالة المذكورة في آخر السورة وهي قوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} فهي الشقيقة أو التي للأب إن عدمت الشقيقة بلا خلاف أيضًا ففرض اللَّه سبحانه للإخوة للأم الثلث وإن كثروا وللواحد منهم السدس. =
للأم، والآية التي في آخر السورة في الأخوة للأب، ويتقدم الأشقاء على
= وقوله تعالى: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} يدل على تساوي الذكر والأنثى في الحظ لأن لفظ الشركة إذا أطلق فإنما يتضمن التساوي حتى يقيد بنصيب مخصوص لو أن رجلًا ابتاع سلعة فسأله رجل آخر أن يشركه فيها فقال له قد أشركتك فيها ثم قال بعد ذلك لم أرد نصفًا وإنما أردت ثلثًا أو ربعًا لم ينفعه ذلك إلا أن يقيد لفظه في حين الشركة وإنما أخذ الفقهاء هذا من قوله تعالى فهم شركاء في الثلث أي للذكر مثل حظ الأنثى.
ونكتة المسألة واللَّه أعلم أن الأخوة للأم إنما ورثوا الميت بالرحم وحرمة الأم وأن الأم تحب لولدها ما تحب لنفسها ويشق عليها أن يحرموا من أخيهم وقد ارتكضوا معه في رحم واحدة فأعطوا الثلث ولم يزادوا عليه لأن الأم التي بها ورثوا لا تزاد عن الثلث وكأن هذه الفريضة من باب الصلة والبر والصدقة فمن ثم سوي الذكر مع الأنثى كما لو وصى بصدقة أو صلة لأهل بيت لشركوا فيها على السواء ذكورهم وإناثهم ألا ترى أن الثلث مشروع في الوصية التي يبتغي فيها ثواب اللَّه العظيم قال النبي عليه السلام لسعد حين أراد أن يوصي بأكثر من الثلث الثلث والثلث كثير الحديث كأنه نظر عليه السلام إلى فرض اللَّه تعالى للأخوة بسبب الرحم وحرمة الأم وأنه لم يزدهم على الثلث وإن كثروا فكيف يزاد من هو أبعد منهم في حكم الوصية بل الثلث في حقهم كثير والقرآن والسنة نوران من مشكاة واحدة فينظر بعضه إلى بعض ولو كان من عند غير اللَّه لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا.
فصل في ميراث الأخوة مع الكلالة:
ومن العجائب أن الكلالة في هذه الآية لا يرث فيها الأخوة مع البنت وهو لم يقل فيها ليس له ولد كما قال في الآية الأخرى ألا ترى إلى قوله فيها إن امرؤ هلك ليس له ولد ثم ورثت فيها الأخوات مع البنت والبنت ولد وهذه التي لم يذكر فيها الولد لا يرث الأخوة مع ولد أصلًا لا ذكرًا ولا أنثى ويتعين الاعتناء بهذا السؤال والكشف عنه. والجواب فيه من وجهين أحدهما أن الأخت الشقيقة والتي للأب ليس لها مع البنت فرض معلوم وإنما يرثن بالتعصب فيكون معنى قوله فلها نصف ما ترك فلأخته النصف فريضة إذا لم يكن ولد ذكر ولا أنثى فإن كانت بنتًا فليس للأخت فريضة وإنما لها ما بقي والذي يبقى بعد البنت الواحدة نصف وبعد البنات ثلث وإن كان مع البنات من له فرض مسمى يحيط بالمال مع سهم البنات لم يكن للأخوة سهم فليس في توريث الأخوات مع البنت ما يعارض نص الآية على هذا.
والجواب الثاني وهو التحقيق أن فرض الأخوة للأم إنما شرط فيه عدم البنت والابن جميعا لقوله وإن كان رجل يورث ولم يقل في الكلالة الثانية يورث هذا اللفظ وقد قدمنا عند قوله وورثه أبواه أنه يقتضي الإحاطة بجميع المال ما لم يقيد بجزء =