الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم فعل وضع النصف، ولا يمنع من وجوب التعليق على صفة ممكنة الكتابة، ورق كله إن عجز، وللمكاتب بلا إذن من سيده بيع واشتراء ومشاركة ومفاوضة؛ لما في كل منها من تنمية المال المؤدي لخلاصه من الرق.
وفي بعض النسخ: (ومفاوضة) وفي بعضها: (ومعاوضة)، والتي قررناه عليها أحسن منهما للاستغناء عنهما بالبيع والمشاركة.
وله مكاتبته لرقيقه لابتغاء الفضل، وإلا لم يجز، كما في المدونة.
تذييل:
لو عجز بعد كتابته لرقيقه أخذ السيد الأعلى من المكاتب الأسفل، وعتق إن وفي، وولاؤه للسيد الأعلي، وإن عتق السيد الأدنى بعد عجزه لم يرجع إليه الولاء.
وعليه استخلاف عاقد لأمته؛ لأنه لا يباشر ذلك لشائبة الرق، وربما أشعر استخلافه في الأمة بأن له تزويج عبده بغير إذن سيده، وهو كذلك إذا كان نظرًا عند ابن القاسم.
وقال أشهب: لا يزوجه إلا بإذنه.
وله إسلامها في جنايتها أو فداؤها إن جنت بالنظر، راجع لجميع ما قدمه.
وله سفر بغير إذنه، إذا كان لا يحل فيه نجم من كتابته، وليس له منعه منه، ولو كان صانعًا، خلافًا للخمي في منع الصانع من السفر.
وله إقرار بشيء في رقبته كقتل عمد، ولهم أن يقتصوا، فإن لم يقتصوا فلا شيء لهم في ماله ولا في رقبته إن عجز، كذا في جنياتها.
وله إسقاط شفعته، قال الشارح: يريد إذا كان نظرًا.
[ما لا يجوز فعله للمكاتب: ]
ولما بين ما يجوز للمكاتب فعله شرع في بيان ما لا يجوز له فعله من
التبرعات، فقال: لا عتق بغير إذن سيده، فإن فعل رده.
ولما كان لا فرق بين عتق القريب والأجنبي بالغ بقوله: وإن قريبًا، ولفظ المدونة: لا ينبغي للمكاتب أن يشتري ولده أو أباه إلا بإذن سيده، ولا يبيعهم في عجزه، فإن عجز وعجزوا رقوا كلهم للسيد، وإن ابتاعهم بغير إذن لم يفسخ بيعهم، ولا يدخلون في كتابته، ولا يبيعهم، إلا أن يخشى عجزًا.
وليس له هبة من ماله ولا صدقة، وللسيد رد ذلك، وليس له تزويج، ظاهره: وإن رأى ذلك نظرًا؛ لأنه يعيبه إن عجز، ونحوه في المدونة، فإن تزوج بغير إذنه فإن أجازه جاز، وإن رده فسخ وترك لها ثلاثة دراهم.
وربما أشعر قوله: (تزويج) بجواز تسريه، وهو كذلك؛ إذ لا يعيبه ذلك كالنكاح.
وليس له إقرار بجناية خطأ، قال الشارح: لعله لمن يتهم عليه.
وليس له سفر بعد إلا بإذن عند ابن القاسم، وله تعجيز نفسه إن اتفقا هو وسيده على ذلك، ولم يظهر له مال فيرق بسبب جواز التعجيز إذا لم يكن له مال ظاهر دون إذن السلطان، ويمضي على المشهور.
المتيطي: وبه الحكم، وعليه العمل.
وبالغ على رقه بقوله ولو ظهر له مال صامت أخفاه، أو طرأ له، ولا يرجع عما كان رضي به، أو العكس، ونحوه في المدونة.
ومفهوم (اتفقا) أنهما لو اختلفا فطلب السيد تعجيزه وأبي هو أو العكس فليس تعجيز نفسه دون السلطان.
كأن عجز عن شيء مما كتب عليه عند المحل؛ لأن عجزه عن البعض كالجميع.
أو غاب عند المحل ولا مال له، ثم قدم، فإن ذلك تعجيز.
وحذف (عند المحل) من التي قبلها؛ لدلالة هذا عليه.
وفسخ الحاكم كتابته حينئذ، وتلوم لمن يرجوه قبل الفسخ باجتهاده، ولا يتلوم لغيره ألبتة، كالقطاعة يتلوم فيها لمن يرجوه لا لغيره، والتلوم ثابت ولو شرط السيد على المكاتب عند عقد الكتابة خلافه -أي: خلاف التلوم- كشرطه إن عجز على نجم من نجومه فهو رقيق، وإن لم يؤد نجومه، ولا يعجزه إلا السلطان بعد اجتهاده له في التلوم.
وقبض الحاكم الكتابة إن غاب سيده، ولا وكيل له، ويخرج حرًا.
ثم بالغ على ذلك بقوله: وإن أراد المكاتب تعجيلها قبل محلها، وفسخت إن مات المكاتب وإن عن مال فيه وفاء بما عليه بموته قبل حصول حريته، ولذلك يأخذ السيد ماله بالرق، إلا الولد أو غيره كأجنبي دخل معه في الكتابة بشرط أو غيره عائد على الأجنبي.
والولد إما مع الشرط في الأجنبي، كما لو كانت أمته حاملًا لم يدخل حملها إلا بالشرط كما في المدونة، وفي العتبية يدخل، علم به أم لا، وإما بغير شرط، بل بمقتضي العقد، فكحدوث الولد بعد الكتابة، وأما دخول غير الولد بالشرط فواضح، وبمقتضى العقد كشراء المكاتب من يعتق عليه، فتؤدى حالة مما مات عنه، ولا يفسخ، ويعتق جميعه هو ومن معه في الكتابة.
وإذا فضل مما تركه شيء عن قدر الكتابة ورثه من معه فيها فقط دون من ليس معه فيها، فلا يرثه: حرًا كان أو عبدًا، وفي كتابة أخرى ولدًا أو غيره ممن يعتق عليه من آبائه وأبنائه وأخوته وأخواته على المشهور، فيتخرج الزوجة المكاتبة معه كما في المدونة، وإن مات المكاتب ولم يترك وفاء بالكتابة بأن لم يترك شيئًا أصلًا، وقوي ولده الذي معه في الكتابة على السعي على أدائها سعوا، وأدوها نجوما، وإن ترك شيئًا لا يوفي بها ترك متروكه للولد إن أمن وقوي على السعي.
ومفهوم الشروط: إن لم يؤمن ولم يقو لم يدفع له شيء، وهو كذلك، ثم إن كان معه في الكتابة أم ولد للمكاتب لها أمانة وقويت على السعي دفع لها ذلك تؤديه على النجوم.
وإلى هذا أشار بقوله: كأم ولده، فإن لم يكن لها قوة، ولا هي مأمونة، أخذه السيد، فإن كان فيه ما يؤدي من النجوم إلى أن يبلغ الولد السعي لم يعجز الولد، وإن لم يكن فيه ما يؤدي إلى أن يبلغ السعي، وكان في ثمن أم ولد ما يؤدي إلى أن يبلغ السعي بيعت، ولم يعجز الولد، وإن كان لا يوفي بجميع ذلك كان الولد رقيقًا، حكاه اللخمي.
وإن وجد العوض الذي قبضه السيد عن الكتابة أو عن بعضها معيبا رده، ورجع عليه بمثله إن كان له مال، ولا يرجع قنا.
وقال بعض شراح هذا الكتاب: نحوه في المدونة، وزاد فيها: إن قدر، وإلا كان دينًا، ولا يرد العتق، ومثله للمصنف؛ لأن الكتابة إنما تكون بغير المعين، والأعواض غير العينة إذا اطلع فيها على عيب قضي بمثلها.
أو استحق العوض الذي دفعه المكاتب وقد كان كوتب عليه موصوفًا في ذمة المكاتب رجع السيد بقيمته إن كان له مال، وإلا رد مكاتبًا كما كان لا قنا، فنائب فاعل (استحق):(العوض في الكتابة). قال في التوضيح: إنما فرضها في المدونة وغيرها في القطاعة، ثم حكاه فيها عن أشهب، وابن نافع عن مالك.
ثم أفاد حكم هاتين المسألتين، وهما: إذا وجد العوض معيبًا أو استحق وهو موصوف بتشبيههما بقوله: كمعين من عبد أو ثياب أو غيرهما كاتبه عليه، ثم استحق، فإنه إن لم يكن للمكاتب ملك في المعين حقيقة ولا شبهة، بل غر سيده به، كما لو كان مودعًا عنده مثلًا فاستحق، فإنه يرجع مكاتبًا.
قال ابن رشد: اتفاقًا.
وإن لم يغر، بل كان مملوكًا له بشبهه، واستحق فإنه يرجع مكاتبا كما كان، إن لم يكن له مال، فإن كان له مال مضى عتقه، وأخذ منه قيمة المعين، ولا يرجع قنا، فقوله:(إن لم يكن له مال) راجع للمسائل الثلاث؛ ففي الأولى كما ذكرناه عن المدونة، وفي الثانية كما قال ابن نافع، والتشبيه في أنه لا يرجع قنا، وهذا التقرير منزل على ما في توضيحه لمن تأمله، وبه
يندفع قول الشارح: (إنه أجمل في الجواب عن المسألة الأولى بالمثل والثانية القيمة)، وقول البساطي:(وبالجمة فإن كلامه غير مقيد).
وقال بعض من تكلم على هذا المحل: إن هذه المسألة من مشكلات هذا المختصر.
قال: وقد كتب لي بعض الثقات كلام ابن مرزوق، ثم ذكره، وفيه طول واعتراض، فتركته لذلك.
ثم حكي عنه أنه رأى في بعض النسخ ما صورته: وإن وجد العوض معيبًا فمثله، أو استحق موصوفًا فقيمته، كمعين وإن بشبهة، وإن لم يكن له مال أتبع به دينًا.
قال: وهذا أقرب للاستقامة وموافقة النقل. انتهى. وإذا تأملت ما ذكره عن هذه النسخة رأيته موافقًا لما قررناه، وباللَّه تعالى التوفيق.
ومضت كتابة كافر نصراني أو غيره لمسلم ابتاعه كذلك، أو أسلم عنده، وهو أحد قولي مالك؛ لأنها نوع من العته، وله أيضًا يبطل.
وحيث مضت بيعت من مسلم، فإن عجز رق لمشتريه، وإن أدي عتق، وكان ولاؤه للمسلمين دون مسلمي ولد سيده، ولا يرجع لمعتقه إن أسلم، كأن كانت الكافر عبدًا كافرًا، ثم أسلم العبد، فإن كتابته تمضي اتفاقًا، إن بقي السيد على إلزام نفسه الكتابة، ولو طلب الرجوع عنها فظاهر المدونة منعه من ذلك، وإذا مضت فإنها تباع لمسلم.
وبيع معه -أي: مع كتابة المسلم- من دخل معه في عقده، فإن عجز رق لمشتريها، وإن أدعى عتق، وكان ولاؤه له، لثبوته له حين عقدها هو على دينه.
وكفّر المكاتب بالصوم إن وجبت عليه كفارة فيها صوم، ولا يطعم، ولا يعتق؛ لمنعه من إخراجه المال بغير عوض.
واشتراط السيد وطء المكاتبة عند العقد أو بعده ما دامت مكاتبة، وكذا المعتق لأجل.
واستثناء حملها بأن يقول: حملها أو ما تلده زمن كتابتها رق لي لغو، وهو مذهب المدونة.
أو يشترط أن ما يولد لها من أمتها يكون له لغو، أو ما يولد لمكاتبه من أمته بعد الكتابة يكون رقًا له: ذكرًا كان المولود أو أنثى لغو، وهو مذهب المدونة.
أو اشتراط قليل كخدمة عليه للسيد إن وفى كتابته لغو، أي: يلغي الشرط في المسائل الخمس، وتبقى الكتابة على حالها، فـ (لغو) محذوف من المسائل الأربع قبله؛ لدلالة هذا عليه.
ومفهوم كلامه: لو كاتبه على مال وخدمة كثيرة لزمته.
وإن عجز المكاتب عن شيء مما كوتب عليه رق، وأعاد هذه ليرتب عليها قوله: أو عجز عن دفع أرش جناية منه على أجنبي رق ولا ينجم عليه الأرش، ويخير سيده بين إسلامه فيها أو فدائه بأرشها، وإن لم يعجز لم يرق، وإن جاوزت جناية قيمة رقبته، أو كانت دية فأكثر، ويبقى على كتابته.
ثم بالغ على عجزه عن الجناية بقوله: وإن كانت على سيده ولم يعجل الأرش رق كالقن إذا جني، يخير سيده، وأدب السيد أو وطىء مكاتبته، إلا أن يجهل فلا أدب ولا حد عليهما وإن طاوعته، للشبهة، بلا مهر، ولا يلزمه ما نقصها إن طاوعته ولو بكرًا، وعليه نقص لمكرهة، وقيده ابن يونس بالبكر، وأما وطء الأجنبي فعليه ما نقصها بكل حال؛ إذ قد تعجز فترجع للسيد معيبة، وهي بعد وطء السيد لها طائعة أو مكرهة على كتابتها.
وإن حملت خيرت عند مالك في البقاء على كتابتها على السيد، وتصير مستولدة ومكاتبة، ونفقتها في زمن كتابتها على السيد على الأرجح، ثم إن أدت نجومها عتقت، وإلا عتقت بموت السيد.
وبين انتقالها إلى أمومة الولد إلا الضعفاء معها أو أقوياء لم يرضوا، فلا خيار لها في المسألتين.
وإن كان معها أقوياء رضوا حط عنهم حصتها إن اختارت الأمومة من المكتابة وكانت أم ولد، وإن قتل المكاتب وجبت قيمته فالقيمة للسيد، لا لورثته؛ لأنه عبد ما بقي عليه درهم.
واختلف في كيفية تقويمه: هل يقوم قنا، وهو مذهب المدونة عند جماعة؛ لأن الكتابة بطلت بقتله، بخلاف الجناية عليه فيما دون النفس فالأرش على أنه مكانه؛ لأن الكتابة لم تعطل لبقاء ذاته، أو يقوم مكاتبًا، وهو مذهب المدونة عند أبي عمران تأويلان، وهما روايتان عن مالك.
وإن اشترى المكاتب من أي قريبًا يعتق على سيده كأبيه مثلًا صح شراؤه، ولا يعتق على سيده؛ لأنه أحرز نفسه وماله، وعتق على سيده إن عجز، ورُقّ، والقول للسيد إن اختلف مع رقيقه في الكتابة بأن قال له: كاتبتني، وأنكر؛ لأن الأصل عدمها.
وكذا القول للسيد إن اختلفا في الأداء لجميع الكتابة أو بعضها؛ إذ الأصل عمارة الذمة مما عقدا عليه، إلا القدر والأجل والجنس فالقول للعبد في كل من الثلاثة إن اختلفا.
وإن أعانه جماعة بشيء يؤدي منه كتابته ففعل وفضلت فضلة فإن لم يقصدوا الصدقة عليه بما أعانوا به رجعوا بالفضلة إن شاءوا، وتحاصوا، وحللوه منها، ورجعوا على السيد أيضًا بما قبضه في الوجه الذي يكون لهم فيه الفضلة، إن عجز المكاتب، وإلا بأن قصدوا الصدقة عليه فلا رجوع لهم بالفضلة، ولا إن عجز، وعاد قنا.
وإن أوصى مريض لعبده بمكاتبة فكتابه المثل على قدر قوته وأدائه إن حملها، أي: حمل الكتابة أو رقبته الثلث، وإن لم يحملهما خير الوارث بين إجازة كتابة أو عتق محمل الثلث بتلا كما في بين إجازة كاتبته أو عتق محمل الثلث بتلاء كما في المدونة، وإن أوصى له مريض لمكاتبة بنجم معين من أولى نجومها أو وسطها أو آخرها قوم ذلك النجم وسائر النجوم بالنقد بقدر أجلها.
فإن حمل الثلث قيمته -أي: النجوم- جازت وصيته، وعتق منه ما
كان بقدره، ويضع النجم بعينه، وإلا يحمل الثلث قيمته فعلى الوارث الإجازة للوصية له، أو عتق محمل الثلث من المكاتب، ويحظ عنه من كل نجم بقدر ما يعتق منه، لا من النجم المعين خاصة؛ لأن الوصية قد حالت عن وجهها لما لم يجزها الورثة.
وحذف تخيير الوارث من التي قبلها لدلالة هذا عليه.
وإن أوصى لرجل مثلًا بمكاتبة، فقال: اعطوا فلانًا المكاتب لزيد، أو أوصى له بما عليه من نجوم الكتابة، أو أوصى بعتقه زاد في المدونة أو بوضع ما عليه جازت وصيته إن حمل الثلث أقل الأمرين قيمة كتابته أو قيمة الرقبة على أنه مكاتب في خراجه وأدائه، قال في المدونة: جعل في الثلث أقل منهما.
أو إذا قال شخص لعبده: أنت حر على أن عليك ألفًا، ولم يقيد بالساعة ولا باليوم بل أطلق، أو قال له: أنت حر وعليك ألف لزم العتق معجلًا، ولزم المال للعبد معجلًا في المسألتين إن كان موسرًا، أو دينًا إن كان معسرًا، وهو قول مالك وأشهب.
وخير العبد في الالتزام في المال، ولا يعتق إلا بأدائه، والرد ويبقى قنا في قول السيد: أنت حر على أن تدفع إليّ ألفا مثلًا، وهو قول مالك وابن القاسم في المدونة.
أو: حر على أن تؤدي إليّ كذا، فلا يعتق إلا بالأداء اتفاقًا، وله الرد، ويبقى قنا.
أو: حر إن أعطيت ألفا أو نحوه، كـ: متى ما جئت، أو إن جئت، أو إذا ما جئت، أو متى ما، فالعبد مخير، لا يلزمه العتق إلا برضاه، ودفع المال، اللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
* * *