الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الحكومة في الجراح: ]
وفي الجراح التي ليس فيها شيء حكومة بنسبة نقصان الجناية، أي: ما نقصته الجناية، فيقوم المجني عليه على أنه عبد سالم بمائة مثلًا، وفي الجراحة بتسعين فقد نقصت الجراحة عشرة، وهي عشر المائة، فيعطى بنسبتها من الدية، وهو عشرها، إذا برئ؛ لأنه لو قوم قبل البرء لاحتمل أن تسري الجراحة للنفس، أو لما تحمله العاقلة من قيمته: متعلق بنسبة، أي: نسبة ما نقصته الجناية من القيمة كاملًا عبدًا فرضًا: مفعول مطلق، أي: يفرض عبدًا فرضًا، وإن لم يكن عبدًا حقيقة.
[قال الشارح: (من الدية) متعلق بـ (نقصان) و (عبدًا) حال، وما ذكره المصنف في الحكومة هو المعروف، وفي تفسير ابن مزين أن الحكومة باجتهاد الإمام ومن حضره.
عياض: وظاهره عند بعضهم أنه خلاف الأول. وإلى الخلاف في ذلك، أشار أبو عمران، وقال: هو الذمى، كنا نقول به قبل أن نرى القول الآخر. انتهى] (1).
ثم شبه في التقويم سالمًا ثم ناقصًا، فقال: كجنين البهيمة، أي: فلا شيء فيه، وعلى الجاني ما نقصته الجناية فيما بين القيمتين.
ثم استثنى من حكم الجراح ما ورد فيه تقدير من الشرع بقوله: إلا الجائفة والآمة فثلث من الدية في كل منهما، وإلا الموضحة فنصف عشر من الدية، وإلا المنقلة والهاشمة فعشر ونصفه من الدية في كل منهما، ولا يزاد على هذا التقدير.
وإن حصل البرء بشين -أي: معه- فيهن؛ لأن هذا المقدر هو الذي
(1) ما بين معكوفين ليس موجودا في "ن 3".
ورد في كتابه عليه الصلاة والسلام (1). . . . .
(1) يقول عبد الرحمن الفقيه: "بالنسبة لصحيفة عمرو بن حزم فقد تكلم عليها العلماء كثيرًا، ومن المعاصرين من أطال فيها النفس فمن المصنفات في ذلك كتاب لحمد بن إبراهيم العثمان أسماه (كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم رضي الله عنه) نشر مكتبة الإمام الذهبي ويقع في 80 صفحة وقد ذكر طرق الحديث والكلام على كل طريق.
وكذلك من المعاصرين أحمد بن عبد الرحمن الصويان في كتابه صحائف الصحابة من صفحة 92 إلى 132، وكذلك مشهور حسن سلمان في تخريجه للخلافيات للبيهقي في المجلد الأول من صفحة 497 إلى 508.
وبالنسبة لطرق الحديث فكلها ضعيفة ومرسلة ووجادات، ولكن العلماء تلقوه بالقبول وصححوه وعملوا به، وقد صححه الإمام أحمد كما في مسائل البغوي رقم (38).
وقال ابن الجوزي (قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه كتاب عمرو في الصدقات صحيح) كما في نصب الراية (2/ 341).
وصححه إسحاق ابن راهويه كما في الأوسط لابن المنذر (2/ 101).
وقال عباس الدوري كما في التاريخ (647) سمعت يحيى يقول حديث عمرو ابن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لهم كتابًا فقال له رجل هذا مسند قال لا ولكنه صالح).
وقال الإمام الشافعي في الرسالة ص 422 (لم يقبلوه حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم).
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي (لا أعلم في جميع الكتب أصح من كتاب عمرو بن حزم كان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يرجعون اليه) ميزان الإعتدال (2/ 202).
وقال الحاكم في المستدرك بعد روايته للحديث بطوله (1/ 397)(هذا حديث كبير مفسر في هذا الباب يشهد له أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وإمام العلماء في عصره محمد بن مسلم بن شهاب بالصحة).
وقال ابن عبد البر في التمهيد (17/ 338)(هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة).
والخلاصة: أن الحديث وإن كانت طرقه بمفردها ضعيفه إلا أن كثرة طرقه ووجاداته وتلقي العلماء له بالقبول وكون كل فقرة منه لها شواهد من أحاديث أخرى ورجوع الصحابة إلى ما فيه كما عند عبد الرزاق (17698) و (17706) وابن أبي شيبة (9/ 194) وابن حزم في المحلى (10/ 529) باسناد صحيح عن سعيد بن المسيب (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل في الإبهام خمسة عشرة وفي السبابة عشرًا وفي الوسطى عشرًا وفي البنصر تسعًا وفي الخنصر ستًا حتى وجدنا كتابًا عند آل حزم عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن الأصابع سواء فأخذ به) وسعيد وإن كان سماعه من عمر رضي الله عنه فيه كلام إلا أنه كان =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يرجع الناس إليه في فقه عمر وقد قال الإمام أحمد عندما قيل له سعيد بن المسيب عن عمر حجة قال هو عندنا حجة قد رأى عمر وسمع منه إذا لم يقبل من سعيد عن عمر فمن يقبل) كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 61)، فهذا كله يدل على قبول الحديث وصحته".
وساق له طرقًا أكتفي منها بثلاثة، وهي:
الطريق الأولى: من طريق الحكم بن موسى ثنا يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده.
أخرجه النسائي في السنن (8/ 57) وابن حبان في الصحيح (6559) والحاكم في المستدرك (1/ 359) والدارمي في المسند (في مواضع متعددة منها (2/ 188) والدارقطني في السنن (1/ 122 و 2/ 285) وأبو داود في المراسيل (259) والخطيب في التاريخ (8/ 228) وابن عدي في الكامل (3/ 1123) وابن أبي عاصم في الديات (42 و 48) والطبراني في الكبير كما في تهذيب الكمال (11/ 419) والبغوي في مسائل أحمد (73 و 99) وابن عبد البر في التمهيد (17/ 339) وهو في مسند الإمام أحمد كما أشار إليه غير واحد من الحفظ ولكنه ساقط من الطبعة الميمنية وكذلك لم يذكر في المستدرك لمسند الأنصار من طبعة مؤسسة الرسالة في (39/ 476 - 480) وممن عزاه لأحمد ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 410) وابن عدي في الكامل (3/ 1123) وغيرهم وهذا الإسناد فيه علة قادحة وهي أن الحكم بن موسى أخطأ في الإسناد وقال (سليمان بن داود) والصواب أنه (سليمان بن أرقم) وهو متروك وقد بين هذه العلل الإمام النسائي في السنن وصالح جزره وأبو زرعة الدمشقي وأبو داود وأبو حاتم وابن منده والذهبي والألباني وغيرهم.
فيكون هذا الطريق شديد الضعف.
الطريق الثاني: عن معمر بن راشد عن عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (17408 و 17457 و 17619 و 17679) وابن خزيمة في الصحيح (2269) وابن الجارود في المنتقى (784 و 786) والدارقطني في السنن (1/ 121) ويحيى بن آدم في الخراج ص 114 وابن زنجويه في الأموال (1457) والحاكم في المستدرك (1/ 395) وعثمان الدارمي في الرد على المريسي ص 131 والبيهقي في الخلافيات (295) وفي الكبرى (1/ 87) وابن المنذر في الأوسط وغيرهم قال الدارقطني بعد روايته للحديث (مرسل ورواته ثقات) وذلك أن محمد بن عمرو بن حزم جد عبد اللَّه ولد في السنة العاشرة من الهجرة ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي صغير.
الطريق الثالث: عن اسماعيل ابن عياش الشامي عن يحيى بن سعيد الأنصاري المدني عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، أخرجه الدارقطني في =
لعمرو بن حزم (1) حين وجهه إلى نجران، حيث أطلق فيه، ولم يقيد بشين ولا عدمه، مع أنه قد يشين.
ثم ذكر المؤلف شرط ذلك، فقال: إن كن -أي: الجراحات المذكورة غير الجائقة- برأس أو لحي أعلى، وإنما لم ينبه على محل الجائفة لوضوحه؛ إذ لا تكون إلا في البطن والظهر، وإلا بأن كن في غير الرأس واللحي فلا تقدير بثلث ولا غيره، بل يرجع في ذلك للاجتهاد.
والقيمة للعبد في جراحه كالدية للحر، فيعتبر فيها ما ينقص الجرح من قيمته بنسبة ما يجب فيها في حق الحر من ديته، ففي موضحته نصف عشر قيمته، وفسر باقيها على ما فيه، ونحوه في المدونة.
وتعدد الثلث الواجب بجائفة نفذت، وبلغت للجانب الآخر كوصولها من البطن للظهر أو من الجانب الأيسر للأيمن أو عكسه فيها على الأصح.
وقيل: فيها دية واحدة. والقولان في المدونة.
كتعدد الموضحة والمنقلة والآمة إن لم تتصل كل منهما، بل كانت منفصلة عن الأخرى، لم تبلغ غايتها، بأن يكون ما بين المواضح لم يبلغ العظم، وكذا ما بين المنقلات، وما بين المأمومات، لم يبلغ أم الدماغ.
وإلا بأن انفصلت واتسعت بحيث صارت جراحة واحدة كموضحة كشفت من قرنه إلى قرنه فلا يتعدد الواجب فيها حينئذ، وذكر قوله:(وإلا فلا) مع أنه مفهوم الشرط؛ ليرتب عليه قوله: وإن كان ذلك بفور في ضربات متعددة.
= السنن (3/ 209) وفي إسناده ضعف لأن رواية إسماعيل بن عياش عن غير أهل بلده فيها ضعف لكنه ضعف قابل للإنجبار".
(1)
هو: عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان الانصاري، أبو الضحاك، (000 - 53 هـ = 000 - 673 م): وال، من الصحابة. شهد الخندق وما بعدها. واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على نجران، وكتب له عهدًا مطولًا، فيه توجيه وتشريع. ينظر: الأعلام (5/ 76).