الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: بالقصاص.
وصحح.
وإن تميزت جنايات من اثنين فأكثر على شخص واحد بلا تمالؤ منهم كقطع أحدهم بعد اليد ويبينها الآخر، فلا قصاص على واحد منهما في جميع اليد، ولذا قال فمن كل كفعله.
ومفهوم: (تميزت) لو لم تتميز مع التمالؤ أمكن أن يقال: هم بجملتهم فاعلون؛ لاستواء نسبة الفعل إليهم، ففي ديات المدونة: إن قطع جماعة يد رجل عمدًا فله قطع أيديهم كلهم كالقتل، والعين كذلك.
[ما يقتص وما لا يقتص من الجراح: ]
ثم شرع في ذكر ما يقتص منه من الجراح، وما لا يقتص منه، وهو ما قبل الهاشمة.
[أولًا - ما يقتص منه: ]
وبدأ بالأول، فقال:
[1]
واقتص من موضحة: بكسر الضاد، وذكر مع بيان حكمها موضعها اصطلاحًا، بقوله: وهي ما أوضحت -أي: أظهرت- عظم الرأس، وحد ذلك منتهى الجمجمة لا ما تحتها؛ لأنه من العنق وعظم الجبهة وعظم الخدين، وإن كان ما أظهر به من كل واحد منها كإبرة -أي: مغرزها- في موضع من الثلاثة المذكورة.
قال الشارح: الواو من الجبهة للتقسيم؛ إذ ليس المراد أنها لا تكون موضحة إلا بعد حصولها في المواضع الثلاثة، بل المراد أن كل موضع منها إذا حصلت فيه ضربة أوضحت شيئًا من عظمه سميت موضحة؛ ولذا عطف ابن شاس الجبهة بـ (أو)، وليس الأنف واللحي الأسفل من الرأس في جراحها؛ لأنهما عظمان منفردان، وليست المبالغة مختصة بالموضحة، بل كل مسمى ثبت فيه اسمه بهذا القدر، كان مما يقتص منه أو لا.
[2]
وسابقها -أي: سابق الموضحة- وهو ما يوجد قبلها، وهو ستة: ثلاثة متعلقة بالجلد، وثلاثة متعلقة باللحم، وبينها بقوله:[أ] من دامية، وتسمى أيضًا دامعة، بعين مهملة، وهي التي يسيل منها الدم كالدمع.
[ب] وحارصة: بحاء مهملة فألف وتحذف فصاد مهملة، وهي: التي شقت الجلد، أي: فرقت أجزاء، سواء وصلت نهايته أو لا، وجعلها في الشبهات مرادفة للدامية على قول.
[ج] وسمحاق كشطته، أي: أزالته عن محله، ويقال لتلك الجلدة: السمحاق، وهي: الحارصة.
وأشار للثلاثة المتعلقة باللحم بقوله:
[أ] وباضعة شقت اللحم، أي: بضعته.
[ب] ومتلاحمة غاصت فيه بتعدد، فأخذت يمينًا وشمالًا، ولم تقرب من العظم.
[ج] وملطأة بهاء في آخرها، وبإسقاطها، بكسر الميم وبالمد والقصر، قربت للعظم، وبقي بينها وبينه ستر رقيق كضربة السوط، فيها القصاص.
وقيل: كاللطمة.
وقول الشارح: (يعسر الفرق بينهما) أجاب البساطي بأنه قد يقال: السوط جارح، يحصل من الضرب به الجراح، بخلاف اللطم.
وقال بعضهم: المشهور أن ضرب العصا لا قود فيه.
[3]
ويقتص من جراح الجسد، وهي ما عدا جراح الرأس المعدودة أولًا، وسواء كانت من المذكورات الموضحة وما قبلها، أو من غيرها كهاشمة ونحوها، وإن كانت جراح الجسد منقلة، ويأتي تفسيرها، وحيث اقتص في هذه الأمور فيعتبر عند ابن القاسم بالمساحة، فتقاس طولًا وعرضًا وعمقًا، فقد تكون الجراحة نصف عضو المجني عليه، وهي جل عضو الجاني أو كله.