الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلِهَذَا التَّفْصِيلِ حُذِفَتْ عِنْدَ وَعَيْنٌ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ.
(كِتَابُ الْإِقْرَارِ)
هُوَ لُغَةً: الْإِثْبَاتُ مِنْ " قَرَّ " الشَّيْءُ ثَبَتَ وَشَرْعًا: إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَيْهِ وَيُسَمَّى اعْتِرَافًا أَيْضًا.
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135] وَفُسِّرَتْ شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْإِقْرَارِ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» . وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا الشَّهَادَةَ بِالْإِقْرَارِ؛ فَلَأَنْ يُقْبَلُ الْإِقْرَارُ أَوْلَى (أَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ (مُقِرٌّ وَمُقَرٌّ لَهُ وَمُقَرٌّ بِهِ وَصِيغَةٌ، وَشُرِطَ فِيهَا) أَيْ فِي الصِّيغَةِ (لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ) بِحَقٍّ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (كَ) قَوْلِهِ (لِزَيْدٍ: عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَذَا) وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي " عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي " مَا لَوْ حَذَفَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
التَّصْدِيقِ. اهـ. شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ فَإِنْ غَلَبَ جَازَ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا التَّفْصِيلِ) أَيْ: بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ: " لَكِنْ إلَخْ "، وَبِقَوْلِهِ:" فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْمُحْتَالِ ". (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، كَمَا فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: حُذِفَتْ " عِنْدَ "" وَعَيْنٍ " إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ " عِنْدَ " لِلْعَيْنِ وَالتَّفْصِيلِ الَّذِي فِي الْأَصْلِ يُنَاسِبُ الدَّيْنَ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ عِنْدَ وَالْعَيْنَ وَيَذْكُرَ أَحْكَامًا لَا تُنَاسِبُ إلَّا الدَّيْنَ. وَأَجَابَ عَنْهُ م ر بِأَنَّ عِنْدَهُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الدَّيْنِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ انْتَهَى؛ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ وَكَّلَنِي الْمُسْتَحِقُّ بِقَبْضِ مَا لَهُ عِنْدَك مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ وَصَدَّقَهُ مَنْ عِنْدَهُ ذَلِكَ فَلَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ.
[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]
. (دَرْسٌ) . (كِتَابُ الْإِقْرَارِ) مَصْدَرُ أَقَرَّ يُقِرُّ إقْرَارًا فَهُوَ مُقِرٌّ فَقَوْلُهُمْ: مَأْخُوذٌ مِنْ " قَرَّ " بِمَعْنَى " ثَبَتَ " فِيهِ تَجَوُّزٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ أَيْ يَقِرُّ قَرَارًا إذَا ثَبَتَ وَهُوَ يُشْبِهُ الْوَكَالَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَبْلَ إقْرَارِهِ مُتَصَرِّفٌ فِيمَا بِيَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَقَدْ عُزِلَ بِإِقْرَارِهِ فَلِذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَقِبَهَا بِرْمَاوِيٌّ فَالْمُقَرُّ لَهُ شَبِيهٌ بِالْمُوَكِّلِ وَالْمُقِرُّ شَبِيهٌ بِالْوَكِيلِ وَالْمُقَرُّ بِهِ شَبِيهٌ بِالْمُوَكِّلِ فِيهِ وَفِي الْمِصْبَاحِ قَرَّ الشَّيْءُ مِنْ بَابِ " ضَرَبَ " اسْتَقَرَّ بِالْمَكَانِ وَالِاسْمُ الْقَرَارُ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا) وَبَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ التَّبَايُنُ؛ لِأَنَّ إخْبَارَ الشَّخْصِ بِحَقٍّ إلَخْ غَيْرُ الْإِثْبَاتِ وَبَيْنَهُمَا التَّنَاسُبُ بِحَسَبِ الْأَوَّلِ ع ش. (قَوْلُهُ: إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَيْهِ) لِغَيْرِهِ وَعَكْسُهُ الدَّعْوَى وَلِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ الشَّهَادَةُ وَقَيَّدَ ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ بِالْأَمْرِ الْخَاصِّ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ إخْبَارًا عَنْ عَامٍّ بِأَنْ اقْتَضَى أَمْرًا عَامًّا لِكُلِّ أَحَدٍ فَإِنْ كَانَ عَنْ مَحْسُوسٍ فَرِوَايَةٌ أَوْ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَمَعَ إلْزَامِ حُكْمٍ وَإِلَّا فَفَتْوَى وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ فِي الرِّوَايَةِ إقْرَارًا بِمَشْيَخَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَدَعْوَى السَّمَاعِ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي الْإِفْتَاءِ وَالْحُكْمِ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُقَلَّدُ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُسْتَفْتَى وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ اصْطِلَاحٌ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَوْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ حَاصِلٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى) أَيْ: لُغَةً وَشَرْعًا وَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كُونُوا قَوَّامِينَ) أَيْ: مُوَاظِبِينَ عَلَى الْعَدْلِ مُجِدِّينَ فِي إقَامَتِهِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ بِالْحَقِّ أَيْ: تُقِيمُونَ شَهَادَتَكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ هُوَ خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ حَالٌ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِأَنْ تُقِرُّوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُبَيِّنُ الْحَقَّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ: اُغْدُ) أَمْرٌ مِنْ " غَدَا " وَفِي الْمِصْبَاحِ غَدَا غُدُوًّا مِنْ بَابِ " قَعَدَ " ذَهَبَ غُدْوَةً بِالضَّمِّ وَهِيَ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَجَمْعُ " الْغُدْوَةِ "" غُدًى " مِثْلُ: مُدْيَةٍ وَمُدًى هَذَا أَصْلُهُ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اُسْتُعْمِلَ فِي الذَّهَابِ وَالِانْطِلَاقِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ» أَيْ: انْطَلِقْ.
(قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ) أَيْ: عَلَى الْإِشْهَادِ بِالْإِقْرَارِ وَهُوَ قِيَاسٌ أَوْلَوِيٌّ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ أَيْ: فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ أَيْضًا، وَالْمُرَادُ بِجَوَازِهِ قَبُولُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا إلَخْ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْمَنْعَ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِجَوَازِهِ صِحَّتُهُ وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْلَى أَيْ: لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِالْإِقْرَارِ الصَّحِيحِ وَدَلَّ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَلِهَذَا يَبْدَأُ الْحَاكِمُ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ قَبْلَ السُّؤَالِ عَنْ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِيهَا لَفْظٌ) أَيْ: كَوْنُهَا لَفْظًا وَإِلَّا فَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ هُوَ ذَاتُ الصِّيغَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ شَرْطًا لَهَا؟ ع ش وَقَدْ يُقَالُ: الشَّرْطُ هُوَ قَوْلُهُ: يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ، اهـ وَإِنَّمَا قَدَّمَ شُرُوطَ الصِّيغَةِ اهْتِمَامًا بِهَا؛ لِأَنَّهَا سَابِقَةٌ عَلَى وَصْفِهِ بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُقِرًّا، وَالْمُقَرَّ بِهِ لَا يُوجَدَانِ إلَّا بَعْدَ الصِّيغَةِ وَأَخَّرَهَا الْأَصْلُ عَنْهُمَا لِتَقَدُّمِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْوُجُودِ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ فِي الْوُجُودِ وَمُتَقَدِّمَةٌ فِي الِاعْتِبَارِ {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: 148] . (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ) أَيْ: مِنْ أَنَّ الْكِتَابَةَ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا، وَإِشَارَةَ الْأَخْرَسِ صَرِيحَةٌ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ
فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مُعَيَّنًا، كَهَذَا الثَّوْبِ فَيَكُونُ إقْرَارًا (وَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي لِلدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَقْبَلُ التَّفْسِيرَ فِي عَلَيَّ الْوَدِيعَةِ وَمِثْلُ عَلَيَّ " قِبَلِي " كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَمَعِي أَوْ عِنْدِي لِلْعَيْنِ) فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَتَعْبِيرِي بِأَوْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ فِيهِمَا (وَجَوَابُ " لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ؟ أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ؟ بِبَلَى، أَوْ نَعَمْ، أَوْ صَدَقْتَ أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ نَحْوِهَا) كَأَبْرَأْتَنِي مِنْهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَحَدٍ فَإِنْ اُخْتُصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ كَانَتْ كِنَايَةً اط ف.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا) أَيْ: وَلَوْ قَالَ: فِيمَا أَحْتَسِبُ وَأَظُنُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَشْهَدُ فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مُعَيَّنًا) سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ غَائِبًا وَقَوْلُهُ: كَهَذَا الثَّوْبِ أَوْ الثَّوْبِ الْفُلَانِيِّ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: أَوْ الثَّوْبِ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي) وَلَوْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْعَيْنِ وَآخَرَ عَلَى الدَّيْنِ كَأَنْ قَالَ: عَلَيَّ وَمَعِي عَشْرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ وَبَعْضِهِ بِالدَّيْنِ س ل وَم ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ: عَلَيْهِ كَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ لَكِنَّهُ مُبْهَمٌ، فَيُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ مِقْدَارِ الْعَيْنِ وَمِقْدَارِ الدَّيْنِ وَإِلَّا، فَالْأَوَّلُ لِلدَّيْنِ وَالثَّانِي لِلْعَيْنِ، فَلَا يُحْتَاجُ فِي انْصِرَافِهِ إلَيْهِمَا إلَى رُجُوعٍ إلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ فَقَطْ أَنَّهُ يُقْبَلُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُ " عَلَيَّ بِالْعَيْنِ " بَلْ نَقَلَ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ " مَعِي وَعِنْدِي " بِمَا فِي الذِّمَّةِ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ " عَلَيَّ " أَوْ " فِي ذِمَّتِي ".
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: كَوْنُ " عَلَيَّ " أَوْ " فِي ذِمَّتِي " لِلدَّيْنِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَيْ: إذَا لَمْ يُفَسِّرْهُ بِعَيْنٍ فَإِنْ فَسَّرَ " عَلَيَّ " بِعَيْنٍ مَوْدُوعَةٍ عِنْدَهُ قُبِلَ، كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ " فِي ذِمَّتِي " فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الدَّيْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: لِمَا سَيَأْتِي إلَخْ. (قَوْلُهُ الْوَدِيعَةِ) أَيْ: وَبِالنَّجِسِ الَّذِي لَا يُقْتَنَى فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ شَيْءٌ انْتَهَى سم.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ: " عَلَيَّ قِبَلِي ") الرَّاجِحُ أَنَّ " قِبَلِي " لِلدَّيْنِ وَالْعَيْنِ شَوْبَرِيٌّ وَز ي. (قَوْلُهُ: فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ) فَإِنْ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ أَوْ فَسَّرَهُ بِالدَّيْنِ قُبِلَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: مَعِي أَوْ عِنْدِي، وَفِي حَالَةِ التَّلَفِ أَوْ الرَّدِّ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ وَلَا عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مَعَهُ أَوْ عِنْدَهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، تَأَمَّلْ وَالصَّوَابُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَا قَبْلَهُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدُ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَحَلَفَ مُقِرٌّ فِي قَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ مَعِي أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ أُخْرَى دَيْنًا، وَهُوَ الَّذِي أَرَدْتُهُ بِإِقْرَارِكَ وَحَلَفَ فِي دَعْوَاهُ تَلَفًا وَرَدًّا لَهُ كَائِنَيْنِ بَعْدَهُ أَيْ: بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِهِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ وَالْمَرْدُودَ لَا يَكُونَانِ عَلَيْهِ وَلَا مَعَهُ وَلَا عِنْدَهُ اهـ بِاخْتِصَارٍ وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ أَيْ: فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ لَا فِي أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي " بِأَوْ " فِي الْمَوْضِعَيْنِ) أَيْ: وَهُمَا قَوْلُهُ: وَعَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي، وَمَعِي أَوْ عِنْدِي أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ أَيْ: لِإِيهَامِ كَلَامِ الْأَصْلِ اشْتِرَاطَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَجَوَابُ " لِي عَلَيْك أَلْفٌ؟ ") أَوْ هَلْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ؟ أَوْ أَخْبِرْنِي بِأَنَّ لِي عَلَيْكَ أَلْفًا ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ) فَلَوْ حَذَفَ الْهَمْزَةَ وَقَالَ: لَيْسَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَإِنْ قَالَ: بَلَى، كَانَ مُقِرًّا لِأَنَّ " بَلَى " لِرَدِّ النَّفْيِ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ " نَعَمْ " لِتَقْرِيرِ النَّفْيِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ " نَعَمْ ") أَوْ مُرَادِفُهَا " كَجَيْرِ "" وَأَجَلْ "" وَإِي " ز ي وَفِي " نَعَمْ " وَجْهٌ أَيْ: إنَّهَا لَيْسَتْ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهَا فِي اللُّغَةِ تَصْدِيقٌ لِلنَّفْيِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ بِخِلَافِ " بَلَى " فَإِنَّهَا رَدٌّ لَهُ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَلِهَذَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي آيَةِ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] لَوْ قَالُوا: " نَعَمْ " كَفَرُوا وَرُدَّ هَذَا الْوَجْهُ بِأَنَّ الْأَقَارِيرَ وَنَحْوَهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ اللَّفْظِ، لَا عَلَى دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي " أَنْت طَالِقٌ أَنْ دَخَلْتِ الدَّارَ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ هُنَا عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ هُوَ عَدَمُ الْفَرْقِ؛ لِخَفَائِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النُّحَاةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ لُقِّنَ الْعَرَبِيُّ كَلِمَاتٍ عَرَبِيَّةٍ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعْرِفْ مَدْلُولَهَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ قَصْدُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَفْهَمُهُ الْعَامِّيُّ أَيْضًا وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي لَفْظٍ لَا يَعْرِفُهُ الْعَامِّيُّ أَيْضًا وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْعَامِّيَّ غَيْرَ الْمُخَالِطِ لَنَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ بِمَدْلُولِ أَكْثَرِ أَلْفَاظِ الْفُقَهَاءِ بِخِلَافِ الْمُخَالِطِ لَنَا لَا يُقْبَلُ فِي الْخَفِيِّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ مَعْنَاهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَأَبْرَأْتَنِي مِنْهُ أَوْ قَبَضْتَهُ)
أَوْ قَبَضْتَهُ (إقْرَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (كَجَوَابِ " اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْكَ " بِنَعَمْ أَوْ) بِقَوْلِهِ (اقْضِ غَدًا أَوْ أَمْهِلْنِي أَوْ حَتَّى أَفْتَحَ الْكِيسَ أَوْ أَجِدَ) أَيْ الْمِفْتَاحَ مَثَلًا (أَوْ نَحْوَهَا) كَابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ، أَوْ اُقْعُدْ حَتَّى تَأْخُذَهُ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِذَلِكَ (لَا) جَوَابُ ذَلِكَ (بِ " زِنْهُ " أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِكَ أَوْ أَنَا مُقِرٌّ أَوْ أُقِرُّ بِهِ أَوْ نَحْوِهَا) كَهِيَ صِحَاحٌ أَوْ رُومِيَّةٌ فَلَيْسَ إقْرَارًا بِالْأَلْفِ بَلْ مَا عَدَا الْخَامِسَ وَالسَّادِسَ لَيْسَ إقْرَارًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ، وَالْخَامِسُ مُحْتَمِلٌ لِلْإِقْرَارِ بِغَيْرِ الْأَلْفِ كَوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالسَّادِسُ لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ بَعْدُ بِخِلَافِ " لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ " فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَقَوْلِي: وَجَوَابٌ إلَخْ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.
(وَ) شَرْطٌ (فِي الْمُقِرِّ إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ وَاخْتِيَارٍ) وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ (فَلَا يَصِحُّ) إقْرَارٌ (مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَمُغْمًى عَلَيْهِ (وَمُكْرَهٍ) بِغَيْرِ حَقٍّ كَسَائِرِ عُقُودِهِمْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِخِلَافِ قَوْلِهِ: أَنْتَ أَقْرَرْتَ بِأَنَّكَ أَبْرَأْتَنِي فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ حَجّ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ حُذِفَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِاحْتِمَالِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّعْوَى وَهُوَ لَغْوٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ لِلْحَاكِمِ: قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي أَوْ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنِّي وَهُوَ حِيلَةٌ بِدَعْوَى الْبَرَاءَةِ مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ الِالْتِزَامِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَبَضْته) أَيْ: الْأَلْفَ وَفِي نُسْخَةٍ " أَوْ قَضَيْته " وَفِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: " أَوْ قَضَيْته " أَيْ: الْأَلْفَ فَلَوْ قَالَ: قَضَيْتَ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِهَا دُونَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، كَمَا لَوْ قَالَ: قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي أَوْ اسْتَوْفَى مِنِّي أَوْ " بِسْمِ اللَّهِ " كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: إقْرَارٌ) مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا قَرِينَةُ اسْتِهْزَاءٍ كَإِيرَادِ كَلَامِهِ بِنَحْوِ ضَحِكٍ وَهَزِّ رَأْسٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ عَلَى الرَّاجِحِ شَوْبَرِيٌّ وم ر أَيْ: خِلَافًا لِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ حَجّ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجّ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ دَعْوَى الْجَهْلِ مِنْ غَيْرِ الْمُخَالِطِ لِعَدَمِ فَهْمِ كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ح ل وَلَوْ قَالَ: " اُكْتُبُوا عَلَيَّ لِزَيْدٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ " لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ وَإِذَا قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي وَقَفْتُ جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصَارِفَهَا وَلَمْ يُحَدِّدْهَا صَارَتْ جَمِيعُ أَمْلَاكِهِ الَّتِي يَصِحُّ وَقْفُهَا وَقْفًا وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الشُّهُودِ بِحُدُودِهَا وَلَا سُكُوتُهُ عَنْهَا س ل وَم ر. (قَوْلُهُ: كَجَوَابٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْتَ: هَلَّا ضَمَّهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَجَعَلَ الْإِقْرَارَ مُنَصَّبًا عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ. قُلْتُ: إنَّمَا فَصَلَهُ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَأَيْضًا الْمَسْئُولُ بِهِ هُنَا غَيْرُ الْمَسْئُولِ بِهِ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ قَالَ: اقْضِ الْأَلْفَ وَهُنَاكَ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِنَعَمْ) فَلَوْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ كِنَايَةٌ؟ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَقْضِي غَدًا) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ضَمِيرًا وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ ضَمِيرٍ لِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ عَلَى السَّوَاءِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا مَا ذُكِرَ فِيهَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَعْدَ بِالْقَضَاءِ يَتَبَادَرُ مِنْهُ الِاعْتِرَافُ بِخِلَافِ أَبْرَأْتَنِي؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ احْتِمَالًا قَرِيبًا أَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ إبْرَائِهِ مِنْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِالْبَاطِلِ س ل. (قَوْلُهُ: أَوْ أَمْهِلْنِي) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: أَبْرَأْتنِي لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ لَفْظِ " مِنْهُ "، فَلْيُحَرَّرْ فَرْقٌ انْتَهَى شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِذَلِكَ) أَيْ: حَيْثُ خَلَا عَنْ قَرِينَةِ اسْتِهْزَاءٍ ح ل. (فَرْعٌ)
لَوْ قَالَ: إنْ شَهِدَ عَلَيَّ فُلَانٌ فَهُوَ صَادِقٌ كَانَ إقْرَارًا وَيَنْبَغِي وِفَاقًا لمر أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ لَا تُقْبَلُ كَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ، فَلْيُنْظَرْ. اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِكَ) أَوْ هِيَ صِحَاحٌ أَوْ مُكَسَّرَةٌ أَوْ كُلُّ مَا قُلْتَهُ عِنْدِي حَجّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ، كَانَ إقْرَارًا مَعَ احْتِمَالِ الْوَعْدِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّكِرَةَ تَعُمُّ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ، فَالْفِعْلُ الْمُضَارِعُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ، فِي قُوَّةِ النَّكِرَةِ فَيَعُمُّ عُمُومًا شُمُولِيًّا فِي حَيِّزِ النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ فَكَانَ إقْرَارًا فِيهِ دُونَ قَوْلِهِ: أَوْ أَقِرُّ بِهِ. وَاسْتَشْكَلَ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ وَقَاعِدَةُ الْبَابِ " الْأَخْذُ بِالْيَقِينِ ". وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ " لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ " أَنَّهُ إقْرَارٌ بِخِلَافِ " أَنَا أَقِرُّ بِهِ " س ل.
. (قَوْلُهُ: إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ إقْرَارٌ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) فَلَوْ ادَّعَى صِبًا أَمْكَنَ وَجُنُونًا عُهِدَ وَإِكْرَاهًا، عَلَيْهِ أَمَارَةٌ كَحَبْسٍ وَتَرْسِيمٍ أَيْ: مُلَازَمَةٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ يُحْتَاطُ لَهَا فَيُقْبَلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَإِنْ أَمْكَنَ مَا ذُكِرَ الظَّاهِرُ الثَّانِي ح ل لَكِنْ تُؤَخَّرُ يَمِينُ الصَّبِيِّ لِبُلُوغِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ؟ اهـ حَجّ وَفِي الْعُبَابِ وَمَنْ أُكْرِهَ لِيُصَدِّقَ فَأَقَرَّ لَزِمَهُ شَوْبَرِيٌّ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا أَقَرَّ بِمَالٍ مُبْهَمٍ وَطَلَبَ مِنْهُ الْحَاكِمُ تَفْسِيرَهُ فَهَذَا إكْرَاهٌ بِحَقٍّ ع ش، وَفِيهِ أَنَّهُ إكْرَاهٌ عَلَى التَّفْسِيرِ لَا عَلَى الْإِقْرَارِ وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر وَظَاهِرٌ أَنَّ الضَّرْبَ حَرَامٌ فِي الشِّقَّيْنِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ ضَرْبٌ؛ لِيُقِرَّ أَوْ لِيُصَدِّقَ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ حِلَّهُ إذَا ضُرِبَ لِيُصَدِّقَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الضَّرْبُ خَفِيفًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] جُعِلَ الْإِكْرَاهُ مُسْقِطًا لِحُكْمِ الْكُفْرِ فَبِالْأَوْلَى مَا سِوَاهُ كَأَنْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ
(فَإِنْ ادَّعَى) الصَّبِيُّ (بُلُوغًا بِإِمْنَاءٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاحْتِلَامِ (مُمْكِنٌ) بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ، كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ (صُدِّقَ) فِي ذَلِكَ (وَلَا يَحْلِفُ) عَلَيْهِ وَإِنْ فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومَةٍ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا حَاجَةَ إلَى يَمِينٍ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ يَمِينَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ، وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ فَبَلَغَ مَبْلَغًا يُقْطَعُ فِيهِ بِبُلُوغِهِ قَالَ الْإِمَامُ: فَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ. وَكَالْإِمْنَاءِ فِي ذَلِكَ الْحَيْضُ (أَوْ) ادَّعَاهُ (بِسِنٍّ، كُلِّفَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَمَّا مُكْرَهٌ عَلَى الصِّدْقِ كَأَنْ ضُرِبَ لِيُصَدِّقَ فِي قَضِيَّةٍ اُتُّهِمَ فِيهَا، فَيَصِحُّ حَالَ الضَّرْبِ وَبَعْدَهُ وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ إذْ الْمُكْرَهُ: مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهَذَا إنَّمَا ضُرِبَ لِيُصَدِّقَ أَيْ: يَقُولَ الصِّدْقَ بِأَنْ يَقُولَ: نَعَمْ عِنْدِي أَوْ يَقُولَ: لَيْسَ عِنْدِي وَلَمْ يَنْحَصِرْ الصِّدْقُ فِي الْإِقْرَارِ لَكِنْ يُكْرَهُ إلْزَامُهُ حَتَّى يُرَاجِعَ وَيُقِرَّ ثَانِيًا وَاسْتَشْكَلَ الْمُصَنِّفُ قَبُولَ إقْرَارِهِ حَالَ الضَّرْبِ بِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمُكْرَهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ، ثُمَّ قَالَ: وَقَبُولُ إقْرَارِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ فِيهِ نَظَرٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعَادَةُ الضَّرْبِ إنْ لَمْ يُقِرَّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الصَّوَابُ فِيمَا لَوْ ضُرِبَ لِيُقِرَّ بِالْحَقِّ وَيُرَادُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِمَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ أَنَّهُ إكْرَاهٌ سَوَاءٌ أَقَرَّ فِي حَالِ ضَرْبِهِ أَمْ بَعْدَهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ لَضُرِبَ ثَانِيًا وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ اهـ بِحُرُوفِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقُولَ: لَيْسَ عِنْدِي إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ أَتَمَّ وَلَمْ يَقُلْ: نَعَمْ عِنْدِي، وَلَا " لَيْسَ عِنْدِي " بَلْ سَكَتَ فَضُرِبَ؛ لِيَأْتِيَ بِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَيْ: عِنْدِي أَوْ لَيْسَ عِنْدِي، تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ أَيْضًا: سَوَاءٌ أَقَرَّ فِي حَالِ ضَرْبِهِ إلَخْ أَيْ: وَسَوَاءٌ كَانَ الضَّارِبُ لَهُ حَاكِمًا شَرْعِيًّا أَوْ سِيَاسِيًّا أَوْ غَيْرَهُمَا كَمَشَايِخِ الْعَرَبِ. اهـ. ع ش
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا إذَا كَانَ بِحَقٍّ فَصَحِيحٌ وَلَمْ يُوجَدْ لِلْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ مِثَالٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مَا قَالُوهُ فِي تَصْوِيرِهِ إمَّا غَيْرُ إكْرَاهٍ أَوْ إكْرَاهٌ عَلَى غَيْرِ الْإِقْرَارِ أَوْ عَلَيْهِ لَكِنْ بِلَا حَقٍّ اهـ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْإِكْرَاهِ مَعَ قَرِينَةٍ، وَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ الِاخْتِيَارِ إنْ لَمْ تَشْهَدْ بِتَقَدُّمِ إكْرَاهٍ عَلَيْهِ وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِ نَحْوِ: مَحْبُوسٍ وَذِي تَرْسِيمٍ؛ لِوُجُودِ أَمَارَةِ الْإِكْرَاهِ وَتَثْبُتُ الْأَمَارَةُ بِإِقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ وَبِالْبَيِّنَةِ بِهَا وَبِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالطَّوَاعِيَةِ فِي نَحْوِ بَيْعٍ، ثُمَّ ادَّعَى الْإِكْرَاهَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى الطَّوَاعِيَةِ وَكَالْمَكْرَهِ النَّائِمُ وَالسَّكْرَانُ غَيْرُ الْمُتَعَدِّي، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَإِقْرَارُهُ بِعُقُوبَةٍ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ مَقْبُولٌ وَبِالْمَالِ مَوْقُوفٌ، كَمَا قَالَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ سم: لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ طَائِعًا مُخْتَارًا وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِأَنَّهُ مُكْرَهٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ الِاخْتِيَارِ أَنَّهُ زَالَ الْإِكْرَاهُ، ثُمَّ أَقَرَّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ نَاقِلَةً وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى بُلُوغًا) مُرَادُهُ بِهَذَا تَحْقِيقِ قَوْلِهِ: إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ أَيْ: وَلَوْ بِدَعْوَاهُ فَظَهَرَ ارْتِبَاطُهُ بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَيْضًا مُتَضَمِّنٌ لِإِقْرَارِهِ بِالْبُلُوغِ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ هُنَا مُنَاسِبًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَلِهَذَا كَتَبَ ع ش مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى بُلُوغًا أَيْ: لِيَصِحَّ إقْرَارُهُ أَوْ لِيَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ.
(قَوْلُهُ: هُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاحْتِلَامِ) قَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَيْ: فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقِظَةٍ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ وَعَلَيْهِ فَلَا أَعَمِّيَّةَ إلَّا بِالنَّظَرِ لِمَعْنَاهُ لُغَةً، وَإِنَّهُ غَيْرُ مُسَاوٍ لِمَعْنَى الْإِمْنَاءِ عُرْفًا وَحِينَئِذٍ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ، تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: بِالِاحْتِلَامِ) ، وَكَذَا لَوْ أُطْلِقَ وَلَا يَجِبُ اسْتِفْصَالُهُ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَوْ يُنْدَبُ ق ل.
(قَوْلُهُ: تِسْعَ سِنِينَ) تَحْدِيدِيَّةً فِي الْإِمْنَاءِ وَتَقْرِيبِيَّةً فِي الْحَيْضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ) لَكِنْ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ أَنَّ وَلَدَ بَعْضِ الْمُرْتَزِقَةِ إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ أَوْ لِيَأْخُذَ السَّهْمَ كَأَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ لِيُسْهَمَ لَهُ حَلَفَ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا يُرِيدُ مُزَاحِمَةَ غَيْرِهِ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ) أَيْ: بِسَبَبِ دَعْوَى بُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ بِأَنْ اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ ادَّعَى بُطْلَانَ بَيْعِهِ بِصِبَاهُ فَادَّعَى هُوَ الْبُلُوغَ بِالْإِمْنَاءِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: صُدِّقَ، وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا يَحْلِفُ، وَقَوْلِهِ: فَلَا حَاجَةَ إلَى يَمِينٍ قَدْ يُقَالُ: يُحْتَاجُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا نَكَلَ فَيَحْلِفُ خَصْمُهُ وَأَيْضًا الْيَمِينَ تُقَوِّي صِدْقَهُ.
(قَوْلُهُ: لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ) أَيْ: بِقَبُولِ قَوْلِهِ أَوْ لَا أَيْ: وَقْتَ الْخُصُومَةِ بِلَا يَمِينٍ فَلَا نَنْقُضُهُ. اهـ. م ر وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ: لِانْتِهَاءِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ فِي زَمَنٍ يُقْطَعُ بِبُلُوغِهِ فِيهِ فَادَّعَى أَنَّ تَصَرُّفَهُ وَقَعَ فِي الصِّبَا حَلَفَ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَكَالْإِمْنَاءِ فِي ذَلِكَ الْحَيْضُ) فَلَوْ ادَّعَتْهُ صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ إلَّا إنْ عَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا عَلَى حَيْضِهَا فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهَا؛ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِتَحَقُّقِ الْعِصْمَةِ وَلِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِالزَّوْجِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَاهُ بِسِنٍّ)
وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا لِإِمْكَانِهَا (وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ مَرَّ حُكْمُهُمَا) أَيْ حُكْمُ إقْرَارِهِمَا فِي بَابَيْ الْحَجْرِ وَالْفَلَسِ.
(وَقُبِلَ إقْرَارُ رَقِيقٍ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ كَقَتْلٍ وَزِنًا وَسَرِقَةٍ؛ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِيهِ فَإِنَّ كُلَّ نَفْسٍ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِيلَامِ، وَيَضْمَنُ مَالَ السَّرِقَةِ فِي ذِمَّتِهِ تَالِفًا كَانَ أَوْ بَاقِيًا فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ سَيِّدِهِ، إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهَا وَلَوْ أَقَرَّ بِمُوجِبِ قَوَدٍ وَعَفَا عَنْهُ عَلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَلَوْ كَذَبَ سَيِّدُهُ (وَ) قُبِلَ إقْرَارُهُ (بِدَيْنِ جِنَايَةٍ) وَإِنْ أَوْجَبَتْ عُقُوبَةً كَجِنَايَةِ خَطَإٍ وَإِتْلَافِ مَالٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. (وَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ) أَيْ: دُونَ رَقَبَتِهِ (إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ سَيِّدُهُ) فِي ذَلِكَ بِأَنْ كَذَّبَهُ أَوْ سَكَتَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِكَذِبِهِ فَيُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَإِنْ صَدَّقَهُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْهَاءُ فِي ادَّعَاهُ وَلَوْ ادَّعَى بُلُوغًا وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى الِاحْتِلَامِ وَلَا يَحْتَجْ إلَى اسْتِفْسَارٍ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ: يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَوَافَقَهُ حَجّ وَقَالَ: فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ بِأَنْ مَاتَ لَغَا إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّبَا ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ غَرِيبًا غَيْرَ مَعْرُوفٍ لِسُهُولَةِ إقَامَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَلَا بُدَّ فِي بَيِّنَةِ السِّنِّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِهِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ نَعَمْ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْحَاكِمِ فِي مَذْهَبِهِ، كَمَا فِي نَظَائِرِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ، أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِسِنٍّ، فَتُقْبَلُ وَهِيَ رَجُلَانِ، نَعَمْ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِوِلَادَتِهِ يَوْمَ كَذَا قُبِلْنَ وَثَبَتَ بِهِنَّ السِّنُّ تَبَعًا فِيمَا يَظْهَرُ وَخَرَجَ بِالسِّنِّ وَالِاحْتِلَامِ مَا لَوْ ادَّعَاهُ وَأَطْلَقَ فَيُسْتَفْسَرُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّدْبِ إذْ الْأَوْجَهُ الْقَبُولُ مُطْلَقًا اهـ وَقَوْلُهُ: مُوَافِقٍ لِلْحَاكِمِ فِي مَذْهَبِهِ يَنْبَغِي، أَوْ حَنَفِيٌّ وَالْحَاكِمُ شَافِعِيٌّ؛ لِأَنَّ السِّنَّ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ أَكْثَرُ مِنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَالشَّاهِدُ الْفَقِيهُ الْحَنَفِيُّ سَوَاءٌ أَرَادَ السِّنَّ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَثْبُتُ الْمَطْلُوبُ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِهَا) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ فِي الْغَرِيبِ.
(قَوْلُهُ: وَالسَّفِيهُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا اسْتِثْنَاءُ صُوَرٍ مِنْ مَفْهُومِ هَذَا الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ: مَرَّ حُكْمُهُمَا، أَمَّا الْمُفْلِسُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِعَيْنٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ أَوْ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ أُسْنِدَ وُجُوبُهُ لِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَتَدْبِيرٍ وَطَلَاقٍ وَقِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ: " وَسَفِيهٌ " إلَخْ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ: إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ أَيْ: مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا مَضَى مِنْ صِحَّةِ إقْرَارِ السَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ دُونَ غَيْرِهَا ح ل بِزِيَادَةٍ.
. (قَوْلُهُ: وَقُبِلَ إقْرَارُ رَقِيقٍ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ) أَيْ: فَيُقْطَعُ وَيُقْتَلُ. (قَوْلُهُ: وَسَرِقَةٍ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ وَأَمَّا الْمَالُ فَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ، كَمَا يَأْتِي وَقَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّ شَرْطَ ثُبُوتِ الْقَطْعِ دَعْوَى الْمَالِكِ بِالْمَالِ وَإِثْبَاتِ أَخْذِهِ، وَالرَّقِيقُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ وَصَارَ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ. وَقَدْ يُجَابُ بِتَصَوُّرِ الْقَطْعِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ بَاقِيًا فَادَّعَى بِهِ الْمَالِكُ أَخْذَهُ بِبَيِّنَةٍ ع ن وَفِيهِ أَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ وَهُوَ إقْرَارُهُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ) رَاجِعٌ لِلْقَتْلِ، وَالِاحْتِرَازُ عَنْ الْإِيلَامِ رَاجِعٌ لِلزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَقَوْلُهُ: عَنْ الْإِيلَامِ أَيْ: إيلَامِ الْغَيْرِ لَهُ بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفِي نُسْخَةٍ " الْآلَامِ " أَيْ: أَسْبَابِهَا وَهِيَ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ: تَالِفًا كَانَ أَوْ بَاقِيًا فِي يَدِهِ) فِي كَوْنِهِ حِينَئِذٍ مَضْمُونًا فِي ذِمَّتِهِ تَسَمُّحٌ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: أَوْ بَاقِيًا فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ سَيِّدِهِ أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِهِمَا بِلَا تَصْدِيقِ السَّيِّدِ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَجَبَ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا بَلْ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا، لَكِنْ يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ فَإِنْ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ بِبَيِّنَةٍ اشْتَرَكَ فِي رَقَبَتِهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمَا.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهَا) أَيْ: السَّرِقَةِ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَكَانَ بَاقِيًا رَدَّهُ لِمَالِكِهِ وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ الرَّقِيقِ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ أَوْ فِي يَدِ السَّيِّدِ كَانَ ضَامِنًا س ل. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ بِمُوجِبِ قَوَدٍ إلَخْ) هَذَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ السَّابِقِ: كَقَتْلٍ الشَّامِلِ لِقَطْعِ الطَّرَفِ، وَالْمَعْنَى فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ عَفَا عَلَى نَحْوِ الْقَتْلِ عَلَى مَالِ الدَّاخِلِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: " عُقُوبَةً " كَاتِبُهُ اط ف. (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ ثَبَتَ تَبَعًا. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْجَبَتْ عُقُوبَةً)، كَمَا فِي إتْلَافِ الْمَالِ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ) لَا يُقَالُ: هَذَا وَجَبَ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ فَيَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّهَا إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِكَذِبِهِ) يُرَادُ بِهِ عَدَمُ التَّصْدِيقِ فَيَشْمَلُ السُّكُوتَ وَعَلَى هَذَا لَا أَعَمِّيَّةَ بَلْ الْمُسَاوَاةُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَدَّقَهُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ جَانِيًا وَلَا مَرْهُونًا شَرْحُ م ر وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَانِيًا أَوْ مَرْهُونًا لَمْ يُؤَثِّرْ تَصْدِيقُ السَّيِّدِ فَيُقَدَّمُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ
فَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ، وَقَدْرِ الدَّيْنِ وَإِذَا بِيعَ وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ لَا يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تُوجِبُ عُقُوبَةً.
(وَقُبِلَ) الْإِقْرَارُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى سَيِّدِهِ (بِدَيْنِ) مُعَامَلَةٍ (تِجَارَةٍ أَذِنَ لَهُ فِيهَا) وَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَمَا بِيَدِهِ، كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَتَعْبِيرِي بِتِجَارَةٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُعَامَلَةٍ وَخَرَجَ بِهَا إقْرَارُهُ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْقَرْضِ فَلَا يُقْبَلُ عَلَى السَّيِّدِ، وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ حَجْرِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ إضَافَةً إلَى حَالَ الْإِذْنِ لَمْ تُقْبَلْ إضَافَتُهُ؛ لِعَجْزِهِ عَنْ الْإِنْشَاءِ فَلَوْ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى دَيْنِ التِّجَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ كَنَظِيرِهِ فِي إقْرَارِ الْمُفْلِسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَمْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى سَيِّدِهِ، فَيَتَعَلَّقُ مَا أَقَرَّ بِهِ بِذِمَّتِهِ، فَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ أَوْ كَذَّبَهُ، هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ، أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا كَالْحُرِّ.
(وَ) قُبِلَ (إقْرَارُ مَرِيضٍ وَلَوْ لِوَارِثٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ انْفَكَّ الرَّهْنُ أَوْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ حَقِّهِ أَوْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الدَّيْنِ، ثُمَّ عَادَ لِمِلْكِ السَّيِّدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مُؤَاخَذَةً لِلسَّيِّدِ بِتَصْدِيقِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بِرَقَبَتِهِ) أَيْ: فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِذَا بِيعَ وَبَقِيَ شَيْءٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا يُتْبَعُ بِهِ) لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ حَرِّرْ
. (قَوْلُهُ: وَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ) أَيْ: مَا لَزِمَهُ بِنَحْوِ شِرَاءٍ صَحِيحٍ لَا فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُعَامَلَةٍ) لِصِدْقِ الْمُعَامَلَةِ بِالْقَرْضِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَرْضِ لِلتِّجَارَةِ ح ل وَقَالَ ع ش: وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ عُهْدَةُ الدَّيْنِ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ إلَّا إنْ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ تِجَارَةً بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مَثَلًا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهَا إلَخْ) حَاصِلُ الْمَخْرَجِ صُوَرٌ أَرْبَعٌ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ مَفْهُومُ الْإِضَافَةِ إلَى التِّجَارَةِ، وَالرَّابِعَةُ مَفْهُومُ الْإِذْنِ فِيهَا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَهِيَ مَفْهُومُ قَيْدٍ مُلَاحَظٍ زَائِدٍ عَلَى الْمَتْنِ أَيْ: وَأَقَرَّ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهَا مِنْ بَيْنِ مَفَاهِيمِ الْمَتْنِ إلَى مَا بَعْدَهَا.
(قَوْلُهُ: كَالْقَرْضِ) وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ إنْ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ أَوْ لِلتِّجَارَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ السَّيِّدَ مُنْكِرٌ وَالْقَرْضَ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ التِّجَارَةِ الَّتِي يَضْطَرُّ إلَيْهَا التَّاجِرُ فَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ عَلَى السَّيِّدِ شَرْحُ حَجّ م ر وَكَالْقَرْضِ الشِّرَاءُ الْفَاسِدُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ حَجْرِ السَّيِّدِ إلَخْ) وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْلِسِ بِأَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ حَقِّ السَّيِّدِ بِخِلَافِ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الْحَقِّ يَبْقَى بِذِمَّةِ الْمُفْلِسِ ح ل. (قَوْلُهُ: لَمْ تُقْبَلْ إضَافَتُهُ) أَيْ: وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ فَيَكُونَ فِي ذِمَّتِهِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: لِعَجْزِهِ عَنْ الْإِنْشَاءِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ فَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ أَيْ: مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ مَثَلًا: مَنْ مَلَكَ شَيْئًا يَجُوزُ أَنْ يُنْشِئَ مِلْكَهُ لِغَيْرِهِ كَبَيْعِهِ لَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ شَرْطَ الْمُقَرِّ بِهِ: أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ حِينَ يُقِرُّ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ طَرْدِ ذَلِكَ وَعَكْسِهِ، فَمِنْ الطَّرْدِ الْوَكِيلُ بِالتَّصَرُّفِ يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ وَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ وَمِنْ الْعَكْسِ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهَا وَلَا تَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَطْلَقَ) أَيْ قَبْلَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا فَائِدَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَ التَّصْرِيحِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ ح ل وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: بِدَيْنِ تِجَارَةٍ ع ش. (قَوْلُهُ: فَيَتَعَلَّقُ مَا أَقَرَّ بِهِ بِذِمَّتِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي أَوَّلُهَا قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهَا إقْرَارُهُ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: مَا أَقَرَّ بِهِ أَيْ: بَدَلَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُكَاتَبُ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فَاسِدَ الْكِتَابَةِ وَقَيَّدَهَا ع ش بِالصَّحِيحَةِ وَإِقْرَارُ الْمُبَعَّضِ يَتَبَعَّضُ؛ لِأَنَّهُ كَالرَّقِيقِ فِي بَعْضِهِ الرَّقِيقِ وَكَالْحُرِّ فِي بَعْضِهِ الْحُرِّ وَلَا يُكَلَّفُ دَفْعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرِّقِّ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ تَمَكَّنَ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الْمُؤَجَّلِ خِلَافًا لِحَجِّ وَالْمُصَنِّفِ ح ل وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر، أَمَّا مَا لَزِمَهُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ فَيُطَالَبُ بِهِ حَالًّا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ مِنْ أَنَّ الرَّقِيقَ لَوْ اشْتَرَى بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ، وَلَا يُطَالَبُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ لِكُلِّهِ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمَّا كَانَ رَقِيقًا وَقْتَ الْمُعَامَلَةِ اُسْتُصْحِبَ لِكَمَالِ الْحُرِّيَّةِ وَمَا هُنَا لَمَّا كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا قَوِيَ جَانِبُ تَعَلُّقِهِ بِهِ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَانِعٌ يُسْتَصْحَبُ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ أَمْ لَا ع ش وَسَوَاءٌ كَانَ بِدَيْنِ تِجَارَةٍ أَوْ لَا أَيْ: وَيُؤَدِّيهِ مِمَّا فِي يَدِهِ فَإِنْ عَجَزَ وَلَا مَالَ مَعَهُ فَدُيُونُ مُعَامَلَتِهِ يُؤَدِّيهَا بَعْدَ عِتْقِهِ وَأَرْشُ جِنَايَاتِهِ فِي رَقَبَتِهِ تُؤَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ س ل
. (قَوْلُهُ: وَقُبِلَ إقْرَارٍ مَرِيضٍ) أَيْ: مَرَضَ الْمَوْتِ وَلِلْوَارِثِ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْوَارِثُ وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ وَيُقَالُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ الْمَرِيضَةُ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا مِنْ الزَّوْجِ ح ل وشَرْحُ م ر وَلَا تَسْقُطُ الْيَمِينُ بِإِسْقَاطِ الْوَارِثِ س ل وَيُحْسَبُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا نَحْوُ هِبَةٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَطْلَقَهُ فَيُحْمَلُ عَلَى وُقُوعِهِ فِي الْمَرَضِ فَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَارِثٍ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَالِاعْتِبَارُ
بِدَيْنٍ وَعَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَذُوبُ وَيَتُوبُ فِيهَا الْعَاصِي فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقِرُّ إلَّا بِتَحْقِيقٍ (وَلَا يُقَدَّمُ) فِيمَا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ وَفِي مَرَضِهِ لِآخَرَ بِآخَرَ، أَوْ أَقَرَّ فِي أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ، وَأَقَرَّ وَارِثُهُ بِآخَرَ (إقْرَارُ صِحَّةٍ) عَلَى إقْرَارِ مَرَضٍ (وَلَا) إقْرَارُ (مُورِثٍ) عَلَى إقْرَارِ وَارِثٍ بَلْ يَتَسَاوَيَانِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ وَإِقْرَارُ وَارِثِهِ كَإِقْرَارِهِ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنَيْنِ.
(وَ) شَرْطٌ (فِي الْمُقَرِّ لَهُ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقٍ) لِلْمُقَرِّ بِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِدُونِهِ كَذِبٌ (فَلَا يَصِحُّ) إقْرَارٌ (لِدَابَّةٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ (فَإِنْ قَالَ:) عَلَيَّ (بِسَبَبِهَا لِفُلَانٍ) كَذَا (صَحَّ) حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ اكْتَرَاهَا، أَوْ اسْتَعْمَلَهَا تَعَدِّيًا وَتَعْبِيرِي بِفُلَانٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَالِكِهَا مَعَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْهُمَا صَحَّ، وَعُمِلَ بِبَيَانِهِ (كَ) صِحَّةِ الْإِقْرَارِ (لِحَمْلِ هِنْدَ وَإِنْ أَسْنَدَهُ لِجِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ) كَقَوْلِهِ: أَقْرَضَنِيهِ أَوْ بَاعَنِي بِهِ شَيْئًا، وَيَلْغُو الْإِسْنَادُ الْمَذْكُورُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَقَوَّاهُ السُّبْكِيُّ وَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ، وَاسْتَدْرَكَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَغْوٌ فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ، فَهُوَ لَغْوٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهْمٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِحَالِ الْمَوْتِ وَفِي قَوْلٍ: بِحَالِ الْإِقْرَارِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ، ثُمَّ أَبَانَهَا وَمَاتَ لَمْ يُعْمَلْ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عُمِلَ بِإِقْرَارِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِحِرْمَانِ بَاقِيهِمْ وَقَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَاخْتَارَ جَمْعٌ عَدَمَ قَبُولِهِ إنْ اُتُّهِمَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ، بَلْ قَدْ تَقْطَعُ الْقَرَائِنُ بِكَذِبِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَخْشَى اللَّهَ أَنْ يَقْضِيَ أَوْ يُفْتِيَ بِالصِّحَّةِ وَلَا يُشَكَّ فِيهِ إذَا عَلِمَ أَنَّ قَصْدَهُ الْحِرْمَانُ وَقَدْ صَرَّحَ جَمْعٌ بِالْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُهُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي إقْرَارِ الزَّوْجَةِ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ فِي أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ أَنْ يُعَيِّنَ كَأَنْ قَالَ الْمُورِثُ: هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ وَقَالَ الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِهِ: هَذَا لِعَمْرٍو فَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا قَالَ: هَذَا لِزَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا لِعَمْرٍو وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمُقَرِّ بِهِ لِزَيْدٍ، وَيَغْرَمُ لِعَمْرٍو قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ حَقِّهِ لِإِقْرَارِهِ بِهِ لِزَيْدٍ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ فَيُسَلَّمُ الْمُقَرُّ بِهِ لِمَنْ سَمَّاهُ الْمُورِثُ، وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُ لِلثَّانِي تَنْزِيلًا لِإِقْرَارِ الْوَارِثِ مَنْزِلَةَ إقْرَارِ الْمُورِثِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّا إنَّمَا غَرِمْنَا الْمُقَرَّ لِعَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ حَالَ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ بَيْنَ حَقِّهِ وَبَيْنَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَإِنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ بِهِ لِعَمْرٍو وَقَعَ فِي حَالَةِ كَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ لَيْسَ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّ الْمُورِثَ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ بِإِقْرَارِهِ لِلْأَوَّلِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُقِرِّ وَدِيعَةٌ مَثَلًا وَغُصِبَتْ فِي حَيَاةِ الْمُورِثِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ إعْطَاءُ بَدَلِهَا مِنْ التَّرِكَةِ ع ش عَلَى م ر هَذَا وَالْوَجْهُ عَدَمُ صِحَّةِ إقْرَارِ وَارِثِهِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَجْنَبِيٌّ لِخُرُوجِهَا بِإِقْرَارِ الْمُورِثِ إلَى مَنْ أَقَرَّ لَهُ وَلَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحِسِّ فِي يَدِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: الدَّارُ الَّتِي فِي تَرِكَةِ مُورِثِي لِزَيْدٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لِعَمْرٍو وَالْأَظْهَرُ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّ وَارِثُهُ) أَيْ: بَعْدَ مَوْتِهِ لَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَسْتَوِيَانِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ق ل.
. (قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقٍ) كَمَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ وَقَنْطَرَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ: بِدُونِهِ) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ الْأَهْلِيَّةِ التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ إقْرَارٌ لِدَابَّةٍ) أَيْ: مَمْلُوكَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُسَبَّلَةً، صَحَّ الْإِقْرَارُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَلَّةٍ وُقِفَتْ عَلَيْهَا أَوْ وَصِيَّةٍ م ر.
(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَالِكِهَا) أَيْ: لِشُمُولِهِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا وَالْمَوْقُوفَةَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَصِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِحَمْلِ هِنْدَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ قَالَ: لِحَمْلِ هِنْدَ كَذَا عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي بِإِرْثٍ مِنْ نَحْوِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِإِمْكَانِهِ وَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ وَلِيُّ الْحَمْلِ إذَا وَضَعَ، وَيُوضَعُ تَحْتَ يَدِهِ قَبْلَ وَضْعِهِ ع ش نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ حِينِ الِاسْتِحْقَاقِ مُطْلَقًا أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَهِيَ فِرَاشٌ لَمْ يَسْتَحِقَّ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ إنْ اسْتَحَقَّهُ بِوَصِيَّةٍ فَلَهُ الْكُلُّ أَوْ بِإِرْثٍ مِنْ الْأَبِ وَهُوَ ذَكَرٌ فَكَذَلِكَ أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ إنْ أَسْنَدَهُ إلَى وَصِيَّةٍ وَأَثْلَاثًا إنْ أَسْنَدَهُ إلَى إرْثٍ فَإِنْ اقْتَضَتْ جِهَةُ ذَلِكَ التَّسْوِيَةَ كَوَلَدَيْ أُمٍّ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الثُّلُثِ وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِرْثَ سَأَلْنَاهُ عَنْ الْجِهَةِ وَعَمِلْنَا بِمُقْتَضَاهَا فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالتَّسْوِيَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ وَإِذَا أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ وَانْفَصَلَ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِلشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ فَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُقِرَّ حِسْبَةً عَنْ جِهَةِ إقْرَارِهِ مِنْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لِيَصِلَ الْحَقُّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ بَطَلَ، وَالْإِقْرَارُ لِرِبَاطٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ كَالْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ س ل قَالَ ق ل: فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِرْثَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ سُئِلَ وَعُمِلَ بِتَفْسِيرِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ جُعِلَ سَوِيَّةً، كَمَا لَوْ كَانَ عَنْ نَحْوِ وَصِيَّةٍ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْنَدَهُ لِجِهَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بَاطِلٌ كَالْإِسْنَادِ فَالضَّمِيرُ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ رَاجِعٌ لِلْإِقْرَارِ فَالصَّوَابُ مَا فَهِمَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ رُجُوعِهِ لَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ) أَيْ: الْإِقْرَارَ لَغْوٌ. (قَوْلُهُ: وَهِمَ) بِفَتْحَتَيْنِ فَفِي الْمِصْبَاحِ وَهَمَ فِي الْحِسَابِ يَوْهَمُ وَهَمًا مِثْلُ غَلِطَ يَغْلَطُ غَلَطًا وَزْنًا وَمَعْنًى. اهـ. وَأَمَّا وَهَمَ بِمَعْنَى اعْتَقَدَ اعْتِقَادًا مَرْجُوحًا فَهُوَ مِنْ بَابِ وَعَدَ فَفِي الْمُخْتَارِ
بَلْ الضَّمِيرُ فِي فَهُوَ لِلْإِسْنَادِ بِقَرِينَةِ كَلَامِ الشَّرْحَيْنِ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَصَحِيحٌ.
(وَ) شُرِطَ فِيهِ أَيْضًا (عَدَمُ تَكْذِيبِهِ) لِلْمُقِرِّ فَلَوْ كَذَّبَهُ فِي إقْرَارِهِ لَهُ بِمَالٍ تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ يَدَهُ تُشْعِرُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا، وَسَقَطَ إقْرَارُهُ بِمُعَارَضَتِهِ الْإِنْكَارَ حَتَّى لَوْ رَجَعَ بَعْدَ التَّكْذِيبِ قَبْلَ رُجُوعِهِ سَوَاءٌ أَقَالَ: غَلِطْتُ فِي الْإِقْرَارِ أَمْ " تَعَمَّدْتُ الْكَذِبَ " وَلَوْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ التَّكْذِيبِ لَمْ يُقْبَلْ فَلَا يُعْطَى إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ وَشُرِطَ أَيْضًا كَوْنُ الْمُقَرِّ لَهُ مُعَيَّنًا تَعْيِينًا يُتَوَقَّعُ مَعَهُ طَلَبٌ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ كَالْأَصْلِ بِالتَّعْبِيرِ بِهِنْدَ، فَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ مَالٌ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ مَالٌ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مَثَلًا
[دَرْس](وَ) شُرِطَ (فِي الْمُقَرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ) مِلْكًا (لِلْمُقِرِّ) حِينَ يُقِرُّ (فَقَوْلُهُ: دَارِي أَوْ دَيْنِي) الَّذِي عَلَيْكَ (لِعَمْرٍو لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ لَهُ فَيُنَافِي الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ إذْ هُوَ إخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْوَعْدِ بِالْهِبَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَهَمَ فِي الشَّيْءِ مِنْ بَابِ وَعَدَ إذَا ذَهَبَ وَهْمُهُ إلَيْهِ وَهُوَ يُرِيدُ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ: بَلْ الضَّمِيرُ فِي " فَهُوَ " لِلْإِسْنَادِ إلَخْ) الصَّحِيحُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ لِلْإِقْرَارِ وَأَنَّهُ لَغْوٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ع ش
. (قَوْلُهُ: عَدَمُ تَكْذِيبِهِ) مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَهُوَ الْمُقَرُّ لَهُ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: لِلْمُقِرِّ وَمِثْلُهُ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ التَّكْذِيبِ وَإِرْثِهِ، كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَذَّبَهُ فِي إقْرَارِهِ لَهُ بِمَالٍ) مِثْلُ الْمَالِ الِاخْتِصَاصُ وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَرَدَّهُ لَا تُسْتَوْفَيْ مِنْهُ فَالتَّقْيِيدُ بِالْمَالِ إنَّمَا هُوَ لِقَوْلِهِ: تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ عَدَمُ التَّكْذِيبِ مُطْلَقًا، كَمَا مَرَّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) أَيْ: إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَا يُطَالَبُ بِهِ إنْ كَانَ دَيْنًا ح ل. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ إقْرَارُهُ بِمُعَارَضَتِهِ الْإِنْكَارَ) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى بِالْوَطْءِ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي نَزْعُهُ مِنْ يَدِهِ إلَّا إنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لُقَطَةٌ ح ل. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ رَجَعَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ بِالتَّكْذِيبِ بَطَلَ إقْرَارُهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: قُبِلَ رُجُوعُهُ) وَفَائِدَةُ قَبُولِ رُجُوعِهِ أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَقَبْلَ الرُّجُوعِ لَيْسَ لَهُ إلَّا ظَاهِرًا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَيَّنَ لِتَكْذِيبِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ إلَخْ) مَا لَمْ يَكُنْ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ: طَلَّقْتَنِي عَلَى هَذِهِ الْعَيْنِ فَقَالَ: لَمْ أُطَلِّقْ، ثُمَّ اعْتَرَفَ بِالطَّلَاقِ، فَإِنَّ الْعَيْنَ تَعُودُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ لِلْإِقْرَارِ انْتَهَى ز ي. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ: إلَّا إنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ فِيمَا يَظْهَرُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ: فَلِأَحَدِهِمْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ لَهُ وَلِلثَّانِي فَهَلْ يَأْخُذُهُ الثَّالِثُ لِتَعَيُّنِ الْإِقْرَارِ لَهُ أَوْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَ فِي التُّحْفَةِ الْأَوَّلَ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ح ل فَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: أَنَا الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ صُدِّقَ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ أَيْ: إنْ كَذَّبَهُ وَلَوْ قَالَ: عِنْدِي مَالٌ لَا أَعْرِفُ مَالِكَهُ نَزَعَهُ مِنْهُ وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ ضَائِعٍ وَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ مَا لَمْ يَدَّعِ أَوْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لُقَطَةٌ.
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَيْ: أَنْ لَا يَأْتِيَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ بِمَا فِي يَدِ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ مِلْكُ زَيْدٍ كَانَ غَيْرَ مُؤَاخَذٍ بِهِ الْآنَ ع ش وَحِينَئِذٍ، فَحَقُّ هَذَا الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ مِنْ شُرُوطِ الصِّيغَةِ أَيْ: مِنْ شُرُوطِ صَرَاحَتِهَا، كَمَا يُشِيرُ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ قَالَ الْبَغَوِيّ: إلَخْ.
(قَوْلُهُ: حِينَ يُقِرُّ) ظَرْفٌ لِلنَّفْيِ أَوْ ظَرْفٌ لِمِلْكًا أَيْ: الشَّرْطُ انْتِفَاءُ مِلْكِهِ فِي حَالَةِ الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ: دَارِي أَوْ دَيْنِي إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ: أَوْ دَيْنِي الَّذِي عَلَيْكَ) الْخِطَابُ لَيْسَ قَيْدًا، بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِفُلَانٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ لِعَمْرٍو فَإِنَّهُ إقْرَارٌ صَحِيحٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ الْإِضَافَةُ لِلْمُقِرِّ الَّتِي تُنَافِي الْإِقْرَارَ سم. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمُضَافُ مُشْتَقًّا وَلَا فِي حُكْمِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اقْتَضَتْ الِاخْتِصَاصَ بِالنَّظَرِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَبْدَأُ الِاشْتِقَاقِ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ قَوْلُهُ: دَارِي أَوْ دَيْنِي لِعَمْرٍو لَغْوًا لِأَنَّ الْمُضَافَ فِيهِ غَيْرُ مُشْتَقٍّ فَأَفَادَتْ الْإِضَافَةُ الِاخْتِصَاصَ مُطْلَقًا، وَمِنْ لَازِمِهِ الْمِلْكُ بِخِلَافِ مَسْكَنِي وَمَلْبُوسِي فَإِنَّ إضَافَتَهُ إنَّمَا تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى وَاللُّبْسُ لَا مُطْلَقًا لِاشْتِقَاقِهِ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر وَهَذَا التَّفْصِيلُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ قَالَ: مَسْكَنِي أَوْ مَلْبُوسِي إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُضَافَ إلَى الْمُقِرِّ تَارَةً يَكُونُ جَامِدًا وَتَارَةً يَكُونُ مُشْتَقًّا فَإِنْ كَانَ جَامِدًا، كَمَا فِي مِثَالِهِ اقْتَضَى عَدَمَ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَهُوَ يُفِيدُ الْمِلْكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُشْتَقًّا كَانَ إقْرَارًا كَمَسْكَنِي أَوْ مَلْبُوسِي إذْ هُوَ يَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ بِمَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ وَهُوَ السُّكْنَى وَاللُّبْسُ وَالِاخْتِصَاصُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمِلْكَ فَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِضَافَةَ أَيْ إضَافَةَ الْجَوَامِدِ. (قَوْلُهُ: فَيُنَافِي الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ) أَيْ: لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ إزَالَةً عَنْ مِلْكِهِ وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ عَلَى الْخَبَرِ أَيْ: تَقَدُّمِ ثُبُوتِ مَدْلُولِهِ فِي الْخَارِجِ ع ن. (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ إخْبَارٌ) أَيْ: لَا نَقْلُ مِلْكِ شَخْصٍ لِشَخْصٍ آخَرَ
قَالَ الْبَغَوِيّ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْإِقْرَارَ قُبِلَ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ: مَسْكَنِي أَوْ مَلْبُوسِي لِزَيْدٍ فَهُوَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْكُنُ أَوْ يَلْبَسُ مِلْكَ غَيْرِهِ (لَا) قَوْلُهُ (هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ) مِلْكًا (لِي إلَى أَنْ أَقْرَرْتُ) بِهِ فَلَيْسَ لَغْوًا اعْتِبَارًا بِأَوَّلِهِ، وَكَذَا لَوْ عَكَسَ فَقَالَ: هَذَا مِلْكِي هَذَا لِفُلَانٍ؛ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ، صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ " دَارِي الَّتِي هِيَ مِلْكِي لِفُلَانٍ "(وَأَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ وَلَوْ مَآلًا) لِيُسَلَّمَ بِالْإِقْرَارِ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ حَالًّا، ثُمَّ صَارَ بِهَا عَمَلًا بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِأَنْ يُسَلَّمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ (فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ شَخْصٍ) بِيَدِ غَيْرِهِ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
(قَوْلُهُ: قَالَ الْبَغَوِيّ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَلَوْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ فِي دَارِي لِزَيْدٍ إضَافَةَ سَكَنِي صَحَّ، كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِفْسَارَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْعَمَلِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ: الدَّيْنُ الَّذِي كُتِبَ بِاسْمِهِ عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو صَحَّ إذْ لَا مُنَافَاةَ أَيْضًا أَوْ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ قَالَ: وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ، وَكَذَا إنْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ انْتَقَلَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِذَلِكَ، كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا فَصَلَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ صَارَ لِزَيْدٍ فَلَا يَنْتَقِلُ بِالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَيْهِ إنَّمَا تَكُونُ بِالْحَوَالَةِ وَهِيَ تُبْطِلُ الرَّهْنَ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ لَهُ بَقِيَ الرَّهْنُ بِحَالِهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْإِقْرَارَ قُبِلَ) فَهُوَ كِنَايَةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَتُحْمَلُ الْإِضَافَةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى أَدْنَى مُلَابَسَةٍ. اهـ. اط ف وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الدَّارِ وَأَمَّا فِي الدَّيْنِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ دَيْنِي الَّذِي كُتِبَ بِاسْمِي. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَغْوًا إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِجُمْلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا تَضُرُّهُ وَالْأُخْرَى تَنْفَعُهُ عُمِلَ بِمَا يَضُرُّ مِنْهُمَا سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَإِنْ أَتَى بِجُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ فِيهَا مَا يَضُرُّهُ وَمَا يَنْفَعُهُ لَغَتْ إنْ قَدَّمَ النَّافِعَ كَقَوْلِهِ: دَارِي لِقَوْلِهِ: وَإِنْ قَدَّمَ الضَّارَّ عُمِلَ بِهِ نَحْوُ: لِفُلَانٍ دَارِي اهـ عَنَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِأَوَّلِهِ) يَعْنِي: إنَّ قَوْلَهُ: هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكًا لِي اشْتَمَلَ عَلَى جُمْلَتَيْنِ مُتَنَاقِضَتَيْنِ فَعُمِلَ بِأُولَاهُمَا وَأُلْغِيَتْ الْأُخْرَى فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ أَيْ: إلَى قُرْبِ " أَنْ أَقْرَرْت " بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ بَيْنَ " إلَى " وَمَدْخُولِهَا يُرِيدُ بِهِ تَصْحِيحَ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ صَحِيحَةً لَا مُلْغَاةً مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودِ إلْغَاؤُهَا وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ قَالَ: هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكًا لِي إلَى أَنْ أَقْرَرْتُ بِهِ فَأَوَّلُ كَلَامِهِ إقْرَارٌ وَآخِرُهُ لَغْوٌ قَالَ م ر: فَلْيُطْرَحْ آخِرُهُ فَقَطْ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَا وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْغَايَةُ أَيْ: قَوْلُهُ: إلَى أَنْ أَقْرَرْت دَاخِلَةً؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَكُونُ مُلْغَاةً إلَّا حِينَئِذٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِخُرُوجِهَا، وَقَوْلُهُ بَعْدَ إنْكَارٍ أَيْ: بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مِلْكًا لَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ. اهـ. ع ن.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ " دَارِي الَّتِي هِيَ مِلْكِي لِفُلَانٍ ") أَيْ: فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا لِلتَّنَاقُضِ الصَّرِيحِ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا: دَارِي لِزَيْدٍ لِاتِّحَادِ حُكْمَيْهِمَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَرَادَ الْإِقْرَارَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: دَارِي أَوْ دَيْنِي لِعَمْرٍو حَيْثُ صَحَّ مَعَ إرَادَةِ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَ " لِي سُكْنَاهَا بِأُجْرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا " لِصِحَّةِ الْإِضَافَةِ مَعَ ذَلِكَ فَصَحَّ إرَادَةُ الْإِقْرَارِ نَظَرًا لِذَلِكَ بِخِلَافِ هَذِهِ فَقَدْ صَرَّحَ فِيهَا بِالْمِلْكِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ هُنَا عِنْدَ إرَادَةِ الْإِقْرَارِ بِحَمْلِ الْمِلْكِ فِيهَا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ لَمْ يَبْعُدْ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ، وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ إرَادَةُ الْإِقْرَارِ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَتُهُ عَلَى الشَّارِحِ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إقْرَارٌ حَمْلًا لِقَوْلِهِ: دَارِي الَّتِي هِيَ مِلْكِي عَلَى الْمَجَازِ يَعْنِي الدَّارَ الَّتِي كَانَتْ مِلْكِي قَبْلُ هِيَ لِزَيْدٍ الْآنَ غَايَتُهُ أَنَّهُ أَضَافَهَا لِنَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ) أَيْ: حِسًّا أَوْ حُكْمًا فَدَخَلَ فِي الثَّانِي نَحْوُ الْمُعَارِ وَالْمُؤَجَّرِ حَالَةَ كَوْنِهِمَا تَحْتَ يَدِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُكْتَرِي شَرْحُ م ر وع ش فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ فِي يَدِهِ أَنَّهُ فِي تَصَرُّفِهِ فَلَا يُرَدُّ نَحْوُ الْغَاصِبِ رَشِيدِيٌّ وَهَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْأَعْيَانِ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا الشَّرْطُ. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ كَوْنِهِ بِيَدِهِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُسَلَّمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ) وَمَعْنَى كَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ يُسَلِّمُ الْمُقَرَّ لَهُ فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ الْحُرِّيَّةُ وَهِيَ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا تَسْلِيمَ نَفْسِهِ إلَيْهِ بِسَبَبِ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهِ فَكَأَنَّهُ أَعْطَى لَهُ الْحُرِّيَّةَ وَمَعْنَى كَوْنِ الْحُرِّيَّةِ بِيَدِ الْمُقِرِّ أَنَّ مَحَلَّهَا بِيَدِهِ أَوْ أَنَّهَا بِيَدِهِ حُكْمًا تَبَعًا لِمَحِلِّهَا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ شَخْصٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَأَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ وَلَوْ مَآلًا ع ش.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ: لِنَفْسِهِ فَلَوْ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِحُرِّيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ وَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ الشِّرَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ ح ل وَفِي شَرْحِ م ر التَّصْرِيحُ بِالصِّحَّةِ وَعِبَارَةُ ق ل، ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَيْ: لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ بِنَحْوِ وَكَالَةٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَظَاهِرُ ذَلِكَ جَوَازُ الْعَقْدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ رُبَّمَا يَجِبُ إنْ تَعَيَّنَ الْخَلَاصُ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، اهـ وَمِثْلُ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ مِلْكُهُ لَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ
حُكِمَ بِهَا) فَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ (وَكَانَ اشْتِرَاؤُهُ افْتِدَاءً) لَهُ (مِنْ جِهَتِهِ) ؛ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ الْمَانِعَةِ مِنْ شِرَائِهِ (وَبَيْعًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَلَهُ) لَا لِلْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ) أَيْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ، فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْخِيَارَيْنِ، وَسَوَاءٌ أَقَالَ فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ " هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ " أَمْ أَعْتَقَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَهِبَةٍ أَوْ وَصِيٍّ لَهُ بِهِ وَخَصَّ الشِّرَاءَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ حُكِمَ بِهَا) أَيْ: بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ خِيَارِ الْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ م ر وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي كُلٍّ مِنْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَأَمَّا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِهَا مِنْ حِينِ الْبَيْعِ وَإِذَا فَسَخَ الْبَائِعُ بِعَيْبٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ بِهَا وَنَقْضِ الْأَحْكَامِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَكَانَ اشْتِرَاؤُهُ افْتِدَاءً إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: الِاشْتِرَاءُ لَا يَأْتِي فِي جَانِبِ الْبَائِعِ فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالشِّرَاءِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْبَيْعِ ح ل أَيْ: لِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الِاشْتِرَاءَ يَكُونُ بَيْعًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ: افْتِدَاءً حَتَّى لَوْ بَانَ فِيهِ عَيْبٌ فَلَا أَرْشَ أَيْضًا، كَمَا فِي م ر وَفِي شَرْحِ م ر، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ مَغْصُوبٌ صَحَّ شِرَاؤُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ اسْتِنْقَاذَهُ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لِمَنْ يَطْلُبُ الشِّرَاءَ مِلْكًا لِنَفْسِهِ أَوْ مُسْتَنِيبِهِ انْتَهَى قَالَ ع ش: وَقَوْلُهُ صَحَّ شِرَاؤُهُ أَيْ: حُكِمَ بِصِحَّةِ شِرَائِهِ مِنْهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ مَغْصُوبٌ مِنْهُ إنْ عَرَّفَ، وَإِلَّا انْتَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ فَإِذَا عُلِمَ بِوَقْفِيَّتِهَا وَلَيْسَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يُكْتَبُ بِهَوَامِشِهَا مِنْ لَفْظِ وَقْفِهِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا كَانَ شِرَاؤُهَا افْتِدَاءً فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ حِفْظِهَا إنْ عَرَّفَ، وَإِلَّا سَلَّمَهَا لِمَنْ يَعْرِفُ الْمَصْلَحَةَ فَإِنْ عَرَّفَهَا هُوَ وَأَبْقَاهَا فِي يَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ حِفْظُهَا وَالْإِعَارَةُ مِنْهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ.
(قَوْلُهُ: لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ شِرَاءُ صُورِيٌّ وَالْقَصْدُ مِنْهُ الِافْتِدَاءُ لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالْحُرِّيَّةِ يُوجِبُ بُطْلَانَ الشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ: وَخِيَارُ الْعَيْبِ) أَيْ: عَيْبِ الثَّمَنِ فِيمَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، فَلَوْ رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ عَلَى الْمُشْتَرِي جَازَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ وَإِذَا اسْتَرَدَّ الْعَبْدَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ فَالْأَكْسَابُ الْحَاصِلَةُ قَبْلَ اسْتِرْدَادِهِ لَا جَائِزَ أَنْ تَكُونَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ، وَلَا جَائِزَ أَنْ تَكُونَ لِلْمُشْتَرِي لِدَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ وَإِنَّمَا يَكُونُ اشْتِرَاؤُهُ افْتِدَاءً وَلَا لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِدَعْوَى الْبَائِعِ وَلِعَوْدِهِ لِلْبَائِعِ بِالْفَسْخِ وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ مَا يَفْعَلُ فِيهَا، لَكِنْ فِي فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ وَمَا كَسْبُهُ مِنْ الْبَيْعِ إلَى الْفَسْخ لَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ بَلْ يُوقَفُ فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِنْ مَاتَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْفَيْءِ كَمَالِ مَنْ رُقَّ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْمَصْلَحَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر (فَرْعٌ)
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا أَيْ مَثَلًا فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَاهَا وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ تَبْطُلْ الْوَقْفِيَّةُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ مَأْخُوذٌ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ إذَا تَعَلَّقَ بِثَالِثٍ لَا الْتِفَاتَ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا اتَّفَقَا عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ وَلَا يَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ الثَّالِثُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ انْتَهَى ع ش.
(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْخِيَارَيْنِ) لِشُمُولِهِ خِيَارَ الْعَيْبِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ الْمُحَقِّقُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخِيَارَيْنِ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ، وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِهِمَا عَلَى خِيَارِ النَّقِيصَةِ وَالتَّرَوِّي الَّذِي سَبَّبَهُ الْمَجْلِسُ وَالشَّرْطُ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ عَامَّةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَانِعُ تَبَادُرُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ مَعَ نُدُورِ خِيَارِ الْعَيْبِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَقَالَ فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ: هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ) وَمِنْ هَذَا لَوْ مَاتَ الْمُدَّعِي حُرِّيَّتَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَمِيرَاثُهُ لِوَارِثِهِ الْخَاصِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ حُرِّيَّتَهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ الْبَائِعُ وَهَذَا إذَا كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَالْمَالُ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَاعْتِرَافُ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا وَلَكِنْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ قَبْلَ شِرَاءِ الْبَائِعِ لَهُ كَاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ لَكِنْ هُنَا يُورَثُ بِالْوَلَاءِ بِشَرْطِهِ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ تَرِكَتِهِ أَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ أَيْ: الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُقِرُّ وَالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ
وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ تَخْصِيصَ كَوْنِ ذَلِكَ بَيْعًا مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ بِالشِّقِّ الثَّانِي.
(وَيَصِحُّ) الْإِقْرَارُ (بِمَجْهُولٍ) كَشَيْءٍ، وَكَذَا فَيُطْلَبُ مِنْ الْمُقِرِّ تَفْسِيرُهُ (فَلَوْ)(قَالَ) لَهُ (عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ كَذَا قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ عِيَادَةٍ) لِمَرِيضٍ (وَرَدِّ سَلَامٍ وَنَجِسٍ لَا يُقْتَنَى) كَخِنْزِيرٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَالًا وَإِنْ لَمْ يُتَمَوَّلُ كَفَلْسٍ وَحَبَّةِ بُرٍّ أَمْ لَا، كَقَوَدٍ وَحَقِّ شُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَزَبْلٍ، لِصِدْقِ كُلٍّ مِنْهَا بِالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِهِ مُحْتَرَمًا فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ، أَمَّا تَفْسِيرُهُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُقْبَلُ؛ لِبُعْدِ فَهْمِهَا فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ؛ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا نَعَمْ يُقْبَلُ تَفْسِيرُ الْحَقِّ بِالْأَوَّلَيْنِ مِنْهَا وَخَرَجَ بِعَلَيَّ عِنْدِي، فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَجَسٍ لَا يُقْتَنَى لَا بِمَا قَبْلَهُ.
(وَلَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ وَإِنْ وَصَفَهُ بِنَحْوِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْبَائِعُ مِنْ الَّذِي أَعْتَقَهُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُقِرُّ أَقَلَّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِثَلَاثِينَ وَاشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ مُعْتِقِهِ بِعِشْرِينَ لَمْ يَأْخُذْ الْمُقِرُّ مِنْ تَرِكَتِهِ إلَّا عِشْرِينَ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي أَخَذَهَا غَرِيمُ غَرِيمِهِ وَهُوَ الْمُعْتِقُ وَالْبَاقِي يَأْخُذُهُ مِنْ مَالِ بَائِعِهِ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ انْتَهَى شَرْحُ م ر
وَقَوْلُهُ: وَاعْتِرَافُ الْمُشْتَرِي إلَخْ هَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: أَوْ غَيْرُهُ وَقَوْلُهُ: أَمْ أَعْتَقَهُ هُوَ أَيْ: الْبَائِعُ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَفِي هَذِهِ يُوقَفُ وَلَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ اعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِعِتْقِهِ وَالْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتِقْهُ فَإِنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ وَلَهُ تَرِكَةٌ وَرِثَهُ الْبَائِعُ، وَرَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي إنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِعِتْقِهِ فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إنْ كَانَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا كَاذِبٌ فِي حُرِّيَّتِهِ فَجَمِيعُ الْكَسْبِ لَهُ أَوْ صَادِقٌ، فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ إرْثًا بِالْوَلَاءِ وَقَدْ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الثَّمَنِ مِنْهُ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ وَقَدْ ظَفِرَ بِمَالِهِ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا فَلَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ مَا يَخُصُّهُ وَفِي الْبَاقِي مَا مَرَّ وَإِلَّا فَجَمِيعُ مِيرَاثِهِ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ انْتَهَى فَهُوَ يَدَّعِي أَنَّ الْبَائِعَ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ، ثُمَّ إنْ كَانَ قَالَ: هُوَ حُرٌّ فَشِرَاؤُهُ افْتِدَاءٌ وَإِنْ قَالَ: أَعْتَقَهُ الْبَائِعُ وَهُوَ يَسْتَرِقُّهُ ظُلْمًا فَافْتِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِ وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَمْ أَعْتَقَهُ هُوَ، الضَّمِيرُ الْمُنْفَصِلُ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى الْبَائِعِ، كَمَا عَلِمْتَ مِنْ الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: بِالشِّقِّ الثَّانِي) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَمْ أَعْتَقَهُ هُوَ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ الْإِقْرَارُ بِمَجْهُولٍ) أَيْ: إجْمَاعًا ابْتِدَاءً كَانَ أَوْ جَوَابًا لِدَعْوَى وَلَوْ عِنْدَ حَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ فَيَصِحُّ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا وَأَرَادَ بِالْمَجْهُولِ مَا يَعُمُّ الْمُبْهَمَ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ اط ف وَق ل. (قَوْلُهُ: قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ عِبَارَةِ إلَخْ)، وَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرَ هَذَا وَسَوَاءٌ أَقَالَ: عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي، وَكَذَا " فِي ذِمَّتِي " إلَّا فِي نَحْوِ الْكَلْبِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: كَخِنْزِيرٍ) أَيْ: إلَّا لِذِمِّيٍّ فَيُقْبَلُ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَكَذَا الْخَمْرَةُ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ الَّتِي لَمْ يَتَجَاهَرْ بِإِظْهَارِهَا وَالْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ) أَيْ: غَيْرَ الْعِبَادَةِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَالنَّجِسِ الَّذِي لَا يُقْتَنَى ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُتَمَوَّلْ) أَيْ: يَسُدَّ مَسَدًّا أَيْ: يَقَعْ مَوْقِعًا يَحْصُلُ بِهِ جَلْبُ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ فَكُلُّ مُتَمَوَّلٍ مَالِيٌّ وَلَا عَكْسَ ح ل. (قَوْلُهُ: كَفَلْسٍ) مِثَالٌ لِمَا قَبْلَ الْغَايَةِ وَقَوْلُهُ: وَحَبَّةِ مِثَالُ الْغَايَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَزِبْلٍ) بَلْ وَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ أَيْ: أَوْ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ وَقِشْرَةِ نَحْوِ لَوْزٍ اهـ (قَوْلُهُ: لِصِدْقِ كُلٍّ مِنْهَا بِالشَّيْءِ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ، وَالْأَصْلُ " لِصِدْقِ الشَّيْءِ بِكُلٍّ مِنْهَا "، كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر. (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِهِ مُحْتَرَمًا) فَلَا يُرَدُّ النَّجِسُ الَّذِي لَا يُقْتَنَى فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ يَصْدُقُ بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ. (قَوْلُهُ: فِي مَعْرِضٍ) الْمَعْرِضُ وِزَانُ مَسْجِدٍ مَوْضِعُ عَرْضِ الشَّيْءِ وَقُلْتُهُ فِي مَعْرِضِ كَذَا أَيْ: فِي مَوْضِعِ ظُهُورِهِ؛ لِأَنَّ اسْمُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ مِنْ بَابِ " ضَرَبَ " يَأْتِي عَلَى وَزْنِ مَفْعَلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر إنَّهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا) تَعْلِيلٌ لِلْعِلَّةِ، وَالْمَعْنَى إذْ لَا يُطَالَبُ بِهَا أَحَدٌ مَعَ أَنَّ شَرْطَ الْمُقَرَّ بِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَجُوزُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ يُقْبَلُ تَفْسِيرُ الْحَقِّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ صُورِيٌّ لِعَدَمِ دُخُولِ الْحَقِّ فِي الشَّيْءِ. وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ اسْتِشْكَالِ الرَّافِعِيِّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالشَّيْءِ مَعَ كَوْنِ الشَّيْءِ أَعَمَّ فَكَيْفَ يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَخَصِّ مَا لَا يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ الْأَعَمِّ؟ بِأَنَّ الشَّيْءَ الْأَعَمَّ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ لَا الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ أَيْ: لِأَنَّهُ صَارَ خَاصًّا بِقَرِينَةٍ عَلَى س ل فَهُوَ جَوَابٌ بِالْمَنْعِ أَيْ: مَنْعِ كَوْنِ الشَّيْءِ أَعَمَّ مِنْ الْحَقِّ بَلْ هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَهَلَّا قَالَ: وَخَرَجَ " بِشَيْءٍ " الْحَقُّ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِالْأَوَّلَيْنِ وَبِعَلَيَّ عِنْدِي فَيُقْبَلُ بِالْأَخِيرِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ. (قَوْلُهُ: فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَجِسٍ لَا يُقْتَنَى) قَدْ يُقَالُ: فِي قَبُولِ التَّفْسِيرِ بِمَا لَا يُقْتَنَى نَظَرٌ فَإِنَّ مَا لَا يُقْتَنَى لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ يَدٌ لِأَحَدٍ وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ عَلَى مَنْ أُخِذَ مِنْهُ، كَمَا ذَكَرَهُ سم عَنْ عَمِيرَةَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْغَصْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: اكْتَفَوْا هُنَا فِي الْإِقْرَارِ بِمَا يُشْعِرُ بِهِ اللَّفْظُ، وَلَوْ بِحَسَبِ اللُّغَةِ ع ش أَيْ: لِأَنَّهُ يَكُونُ
عِظَمٍ) كَقَوْلِهِ: مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ (قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا قَلَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يُتَمَوَّلْ كَحَبَّةِ بُرٍّ، وَيَكُونُ وَصْفُهُ بِالْعِظَمِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَيْثُ إثْمُ غَاصِبِهِ وَكُفْرُ مُسْتَحِلِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ (وَبِمُسْتَوْلَدَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا يُنْتَفَعُ بِهَا وَتُؤَجَّرُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُبَاعُ وَخَرَجَ بِمِنْهُ تَفْسِيرُ ذَلِكَ بِالنَّجِسِ وَإِنْ حَلَّ اقْتِنَاؤُهُ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ، فَلَا يُقْبَلُ؛ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَالِ.
(وَلَوْ قَالَ) لَهُ: عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي (شَيْءٌ شَيْءٌ أَوْ كَذَا كَذَا لَزِمَهُ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ (أَوْ) قَالَ (شَيْءٌ وَشَيْءٌ أَوْ كَذَا وَكَذَا فَشَيْئَانِ) يَلْزَمُهُ لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ (أَوْ) قَالَ (كَذَا دِرْهَمٌ بِرَفْعٍ) بَدَلًا أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ (أَوْ نَصْبٍ) تَمْيِيزًا (أَوْ جَرٍّ) لَحْنًا (أَوْ سُكُونٍ) وَقْفًا (أَوْ كَذَا كَذَا دِرْهَمٍ بِهَا) أَيْ: بِالْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ (أَوْ) قَالَ (كَذَا وَكَذَا دِرْهَمٍ بِلَا نَصْبٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عِنْدَهُ وَإِنْ وَجَبَ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ وَكَانَ الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِالثَّالِثِ فَانْظُرْ حِكْمَةَ الْعُدُولِ عَنْهُ. اهـ بَابِلِيٌّ اط ف.
. (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ: مَالٌ عَظِيمٌ) أَيْ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مِمَّا بِيَدِهِ أَوْ مِمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ أَوْ حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ عَلَى فُلَانٍ شَرْحُ م ر وَاسْتَشْكَلَ تَفْسِيرُ هَذِهِ بِمَا قَلَّ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إلْغَاءُ قَوْلِهِ: أَكْثَرُ. (قَوْلُهُ: أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ) هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ لِلصِّفَةِ أَيْ: الْأَصْلُ الَّذِي أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَيْ: الْقَاعِدَةُ الَّتِي يَتَفَرَّعُ مِنْهَا أَحْكَامُ الْإِقْرَارِ أَنْ أُلْزِمَ الْيَقِينَ وَقِيلَ: إنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَنْ أَلْزَمَهُ الْيَقِينَ) أَيْ:، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي أَعْنِي إذَا قَالَ: لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي ظَرْفٍ أَوْ خُفٌّ فِي ظَرْفٍ أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الظَّرْفُ وَالثَّوْبُ أَخْذًا بِالْيَقِينِ وَقَوْلُهُ: أَلْزَمَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ: وَأَطْرَحَ الشَّكَّ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا أَيْضًا، وَمُرَادُهُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ لَا مَا انْتَفَتْ عَنْهُ الِاحْتِمَالَاتُ الْعَشَرَةُ، كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ نَظَرَ فِي فُرُوعِ الْبَابِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ إقْرَارٌ يُعْمَلُ بِهِ إلَّا نَادِرًا وَالِاحْتِمَالَاتُ الْعَشَرَةُ هِيَ: عَدَمُ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازُ وَالْإِضْمَارُ وَالنَّقْلُ وَالتَّخْصِيصُ وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَالنَّاسِخُ وَعَدَمُ الْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ وَنَقْلُ اللُّغَةِ وَالنَّحْوُ وَالتَّصْرِيفُ. (قَوْلُهُ: وَأَطْرَحَ الشَّكَّ) عَطْفُ لَازِمٍ مَثَلًا إذَا قَالَ لَهُ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي عَشْرَةٍ وَأَطْلَقَ فَإِنَّ الْمُتَيَقَّنَ دِرْهَمٌ وَاحْتِمَالُ الْمَعِيَّةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ أَيْ: احْتِمَالُ كَوْنِ " فِي " بِمَعْنَى مَعَ حَتَّى يَلْزَمَهُ أَحَدَ عَشَرَ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ) أَيْ: لَا أُعَوِّلُ عَلَى الْغَالِبِ فَالْمُرَادُ بِالْغَلَبَةِ مَا غَلَبَ عَلَى النَّاسِ فِي عُرْفِهِمْ أَيْ: لَا أَبْنِي عَلَيْهَا الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ كَمَا قَالَهُ الْعَنَانِيُّ، كَمَا إذَا قَالَ لَهُ: عِنْدِي مَالٌ عَظِيمٌ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ مَالٌ لَهُ وَقْعٌ، فَقَبُولُ تَفْسِيرِهِ بِمَا قَلَّ فِيهِ عَدَمُ التَّعْوِيلِ عَلَى الْغَالِبِ.
(قَوْلُهُ: وَبِمُسْتَوْلَدَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى مَالًا؛ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهَا خِلَافَ الْمَوْقُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَالًا وَهَلْ مِثْلُ الْمُسْتَوْلَدَةِ الْمُكَاتَبَةُ أَوْ يُفَرَّقُ ح ل. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا تُسَمَّى مَالًا إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ: لِأَنَّهَا يُنْتَفَعُ بِهَا عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ هُوَ الْعِلَّةُ وَهُوَ " لِأَنَّهَا تُسَمَّى مَالًا " فَلَا يُرَدُّ الْمَوْقُوفُ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَيُؤَخَّرُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّفْسِيرُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَالًا وَعِبَارَةُ م ر وَلِأَنَّهَا تُسَمَّى مَالًا وَبِهِ فَارَقَتْ الْمَوْقُوفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّاهُ اهـ فَالْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ شَيْئَيْنِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَإِنَّمَا أَعَادَ فِيهَا الْبَاءَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَعَ تَرْكِهِ الِاحْتِيَاجَ إلَيْهَا مَعَ مَا قَلَّ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّفْسِيرُ لِلْمَالِ بِأَحَدِهِمَا لَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ لَيْسَتْ بِمَالٍ كَمَا يُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ فِي الْأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهَا مِنْهُ انْتَهَى، وَفِي ق ل وَيَصِحُّ تَفْسِيرُ الْمَالِ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ إنْ لَمْ يَقُلْ فِي ذِمَّتِي وَمِثْلُهَا الْمُكَاتَبَةُ وَغَيْرُهَا وَلَا يَصِحُّ بِالْمَوْقُوفِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَذَا كَذَا إلَخْ) هِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ، ثُمَّ نُقِلَتْ فَصَارَ يُكَنَّى بِهَا عَنْ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى " شَيْءٌ " وَلَيْسَتْ كِنَايَةً عَنْ الْعَدَدِ. وَالْحَاصِلُ مِنْ مَسَائِلِ كَذَا اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً؛ لِأَنَّهَا إمَّا مُفْرَدَةٌ أَوْ مُكَرَّرَةٌ أَوْ مَعْطُوفَةٌ وَالدِّرْهَمُ إمَّا أَنْ يُرْفَعَ أَوْ يُنْصَبَ أَوْ يُجَرَّ أَوْ يُسَكَّنَ. وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً وَالْوَاجِبُ فِي جَمِيعِهَا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ إلَّا فِي عَطْفِ " كَذَا " وَنَصْبِ تَمْيِيزِهَا فَيَجِبُ دِرْهَمَانِ انْتَهَى سم ز ي. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ شَيْءٌ) وَإِنْ زَادَ فِي التَّقْرِيرِ عَلَى مَرَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ، كَمَا هُوَ الْفَرْضُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ لِجَوَازِ تَعَدُّدِ التَّأْكِيدِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر وَع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الِاسْتِئْنَافَ لَزِمَهُ شَيْئَانِ ق ل. (قَوْلُهُ: أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ قَالَهُ الشَّيْخُ فِي حَوَاشِيهِ أَوْ مُبْتَدَأً مُؤَخَّرًا، وَلَهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، " وَكَذَا " حَالٌ وَقَالَ السَّيِّدُ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ: وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يَكُونَ " كَذَا " مُبْتَدَأً وَدِرْهَمٌ بَدَلًا مِنْهُ أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ عَلَيْهِ وَلَهُ خَبَرٌ وَعِنْدِي ظَرْفٌ لَهُ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ جَرٍّ لَحْنًا) أَيْ: عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَيَجُوزُ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّ تَمْيِيزَ " كَذَا " يَجِبُ نَصْبُهُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ ح ل
فَدِرْهَمٌ) يَلْزَمُهُ لِأَنَّ كَذَا مُبْهَمٌ وَقَدْ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَتَخْتَصُّ الثَّانِيَةُ بِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ، وَالدِّرْهَمُ فِي الثَّالِثَةِ لَا يَصْلُحُ لِلتَّمْيِيزِ (أَوْ بِهِ) أَيْ بِالنَّصْبِ بِأَنْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا (فَدِرْهَمَانِ) يَلْزَمَانِهِ؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ فِي الْمَعْنَى فَيَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ، وَمَسْأَلَةُ السُّكُونِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) قَالَ (أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ قَبْلَ تَفْسِيرِ الْأَلْفِ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ) كَأَلْفِ فَلْسٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ لِلزِّيَادَةِ لَا لِلتَّفْسِيرِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ فِضَّةً كَانَ الْأَلْفُ أَيْضًا فِضَّةً لِلْعَادَةِ، قَالَهُ الْقَاضِي بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ فَإِنَّ الْأَلْفَ مُبْهَمَةٌ؛ إذْ لَا يُقَالُ: أَلْفُ حِنْطَةٍ وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِرَفْعِهِمَا وَتَنْوِينِهِمَا أَوْ تَنْوِينِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ، فَلَهُ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِمَا لَا يَنْقُصُ قِيمَتَهُ عَنْ دِرْهَمٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَلْفٌ مِمَّا قِيمَةُ الْأَلْفِ مِنْهُ دِرْهَمٌ (أَوْ) قَالَ (خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ (أَوْ) قَالَ (الدَّرَاهِمُ الَّتِي أَقْرَرْت بِهَا نَاقِصَةُ الْوَزْنِ أَوْ مَغْشُوشَةٌ فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ الْبَلَدِ) الَّذِي أَقَرَّ فِيهِ (كَذَلِكَ) أَيْ نَاقِصَةَ الْوَزْنِ أَوْ مَغْشُوشَةً (أَوْ) لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ تَامَّةً أَوْ خَالِصَةً وَ (وَصَلَهُ) أَيْ: قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ بِالْإِقْرَارِ (قَبْلَ) قَوْلِهِ: فِيهِمَا وَإِنْ فَصَلَهُ عَنْهُ فِي الْأُولَى حَمْلًا عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ فِيهَا، وَكَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ فَسَّرَ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ سِكَّةِ الْبَلَدِ أَوْ بِجِنْسٍ رَدِيءٍ قُبِلَ وَيُخَالِفُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُعَامَلَةِ قَصْدُ مَا يُرَوَّجُ فِي الْبَلَدِ وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ (أَوْ) قَالَ: لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ فِي عَشْرَةٍ فَإِنْ أَرَادَ مَعِيَّةً) أَيْ مَعْنَاهُمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: فَدِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ) وَدَعْوَى أَنَّهُ فِي النَّصْبِ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا إذَا كَانَ نَحْوِيًّا؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ مُفْرَدٍ يُمَيَّزُ بِمُفْرَدٍ مَنْصُوبٍ مَمْنُوعَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِائَةٌ فِي الْجَرِّ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِمُفْرَدٍ مَجْرُورٍ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَقَوْلُ جَمْعٍ بِوُجُوبِ بَعْضِ دِرْهَمٍ فِي الْجَرِّ إذْ التَّقْدِيرُ " كَذَا مِنْ دِرْهَمٍ " مَرْدُودٌ وَإِنْ نُسِبَ لِلْأَكْثَرِينَ بِأَنَّ " كَذَا " إنَّمَا تَقَعُ عَلَى الْآحَادِ دُونَ كُسُورِهَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَالدِّرْهَمُ فِي الثَّانِيَةِ لَا يَصْلُحُ لِلتَّمْيِيزِ) بَلْ هُوَ خَبَرٌ عَنْ الدِّرْهَمَيْنِ فِي الرَّفْعِ أَيْ: هُمَا دِرْهَمٌ، أَوْ بَدَلٌ مِنْهُمَا، أَوْ بَيَانٌ لَهُمَا، وَأَمَّا الْجَرُّ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَظْهَر لَهُ مَعْنًى لَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عُرْفًا أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِجُمْلَةِ مَا سَبَقَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي السُّكُونِ انْتَهَى ح ل.
(قَوْلُهُ: فَيَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ) أَيْ: فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ فِي الْمَعْنَى، وَالْعَطْفُ يَمْنَعُ احْتِمَالَ التَّأْكِيدِ ح ل. (قَوْلُهُ: قُبِلَ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ) أَيْ: مِنْ الْمَالِ وَغَيْرِهِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِلْعَادَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: أَلْفٌ فِضَّةٌ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَجُرَّ " فِضَّةٌ " بِإِضَافَةِ دِرْهَمٍ إلَيْهَا وَيَبْقَى تَنْوِينُ " أَلْفٌ " وَإِلَّا فَالْوَجْهُ حِينَئِذٍ بَقَاءُ الْأَلْفِ عَلَى إبْهَامِهَا ح ل، وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يُعَلِّلْ بِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ فِي الْمَعْنَى؟ فَيَرْجِعَ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ، كَمَا عَلَّلَ فِيمَا سَبَقَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: عَلَّلَ بِمَا ذُكِرَ لِأَجْلِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِرَفْعِهِمَا وَتَنْوِينِهِمَا) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَهُمَا أَوْ خَفَضَهُمَا مُنَوَّنَيْنِ أَوْ رَفَعَ الْأَوَّلَ مُنَوَّنًا، وَنَصَبَ الدِّرْهَمَ أَوْ خَفَضَهُ أَوْ سَكَّنَهُ أَوْ نَصَبَ الْأَلْفَ مُنَوَّنًا وَرَفَعَ الدِّرْهَمَ أَوْ خَفَضَهُ أَوْ سَكَّنَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الْأَلْفَ أَوْ نَصَبَهُ أَوْ خَفَضَهُ وَلَمْ يُنَوِّنْهُ وَنَصَبَ الدِّرْهَمَ أَوْ رَفَعَهُ أَوْ خَفَضَهُ أَوْ سَكَّنَهُ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَوْ سَكَّنَ الْأَلْفَ وَأَتَى فِي الدِّرْهَمِ بِالْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ وَهُوَ إلَى الْأَوَّلِ أَقْرَبُ شَرْحُ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَنْوِينِ الْأَوَّلِ فَقَطْ) أَيْ: وَتَسْكِينِ الدِّرْهَمِ أَوْ رَفْعِهِ أَوْ جَرِّهِ بِلَا تَنْوِينٍ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا) فَلَوْ رَفَعَ الدِّرْهَمَ أَوْ خَفَضَهُ لَزِمَهُ مَا عَدَدُهُ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمٌ، كَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا كَوَالِدِهِ وَابْنُ حَجَرٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَوَصَلَهُ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ: أَيْ: قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ: نَاقِصَةَ الْوَزْنِ أَوْ مَغْشُوشَةً، فَلَوْ مَاتَ عَقِبَ إقْرَارِهِ هَلْ يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ؟ فَإِذَا قَالَ مَا ذُكِرَ يُقْبَلُ الظَّاهِرُ نَعَمْ ح ل بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: قُبِلَ قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا لَوْ كَانَتْ نَاقِصَةَ الْوَزْنِ إلَخْ، أَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ إلَخْ اط ف.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ فَصَلَهُ) أَيْ: قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ: عَنْ الْإِقْرَارِ وَقَوْلُهُ: فِي الْأُولَى أَيْ: وَهِيَ مَا لَوْ كَانَتْ نَاقِصَةَ الْوَزْنِ كَدَرَاهِمَ طَبَرِيَّةَ فَإِنَّهَا أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ، وَقِيلَ: يُرْجَعُ فِي النَّقْصِ إلَى بَيَانِهِ وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ أَيْ: وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَوَصَلَهُ. وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ دَرَاهِمَ الْبَلَدِ إنْ كَانَتْ خَالِصَةً أَوْ تَامَّةً وَفَسَّرَهَا بِالنَّاقِصَةِ أَوْ الْمَغْشُوشَةِ قُبِلَ تَفْسِيرِهِ بِذَلِكَ إنْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا بِالْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةَ الْوَزْنِ أَوْ مَغْشُوشَةً قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا بِالْإِقْرَارِ أَوْ مُنْفَصِلًا عَمَلًا بِعُرْفِ الْبَلَدِ اط ف.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِجِنْسٍ رَدِيءٍ) أَيْ: نَوْعٍ، وَقَوْلُهُ: قُبِلَ أَيْ: مُطْلَقًا شَرْحُ م ر أَيْ: وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا، وَفَارَقَ النَّاقِصُ بِأَنَّهُ يَرْفَعُ بَعْضَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِخِلَافِ هَذَا م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ مَعِيَّةً إلَخْ) اعْتَرَضَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ جَزْمًا؛ لِاحْتِمَالِ مَعَ دِرْهَمٍ لِي وَحِينَئِذٍ فَنِيَّةُ مَعَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ أَوْلَى، وَبِتَقْدِيرِ لُزُومِ أَحَدَ عَشَرَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ دِرْهَمٌ وَيُرْجَعَ فِي تَفْسِيرِ الْعَشَرَةِ إلَيْهِ. وَأَجَابَ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ الْمُقِرُّ مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لِلْمُقَرِّ لَهُ. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ قَصْدَ الْمَعِيَّةِ فِي قَوْلِهِ: لَهُ دِرْهَمٌ فِي عَشْرَةٍ بِمَثَابَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَالتَّقْدِيرُ: لَهُ دِرْهَمٌ وَعَشْرَةٌ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِهِمْ فِي جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو بِقَوْلِهِمْ: مَعَ عَمْرٍو بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ " مَعَ " فِيهِ لِمُجَرَّدِ الْمُصَاحَبَةِ، وَالْمُصَاحَبَةُ تَصْدُقُ بِمُصَاحَبَةِ دِرْهَمٍ لِدِرْهَمٍ غَيْرِهِ وَلَا يُقَدَّرُ فِيهَا عَطْفٌ بِرْمَاوِيٌّ وَهُوَ مُلَخَّصٌ